أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 30th June,2000العدد:10137الطبعةالاولـيالجمعة 28 ,ربيع الاول 1421

أفاق اسلامية

الأمين العام للمجلس الإسلامي في بريطانيا لـ الجزيرة
الدعوة عمل شاق مضنٍ ابتلي به الأنبياء والرسل
* حوار: سَلمان العُمري
أكد فضيلة الأمين العام للمجلس الاسلامي في بريطانيا ورئيس مسجد ومدرسة التوحيد في لندن الدكتور صهيب بن حسين عبدالغفار انه لولا المعوقات والتحديات أمام كل داعية الى الله تعالى لما كانت هناك توصيات تلو التوصيات عن الصبر والمصابرة في القرآن، مشيرا الى ان الدعوة الى الله عمل شاق مضن، فلذلك ابتلي الأنبياء والرسل وهم اشرف خلق الله بما لم يبتل به من دونهم من الصديقين والشهداء والصالحين.
وأوضح د, صهيب عبدالغفار في حديث لالجزيرة ان العامل في هذا المجال يجب ان يكون صدره واسعا رحبا حتى يصمد أمام الطعنات والهجوم والانتقادات والمعارضة التي يجدها من خصومه من الاصدقاء والأعداء، كما يجب عليه ان يدرس واقع الحياة التي يعيشها وواقع المسلمين وغيرهم من حوله حتى يخطط لمواجهة الأحداث والتصدي للعقبات.
وحول المعوقات الخارجية التي تقف سدا منيعا في وجه الدعاة في العصر الحاضر أشار د, صهيب الى ان الجو الاباحي المحيط بالمسلمين من كل جانب يأتي في مقدمتها حيث ان الشيطان كما عرف عنه في كل عصر ودهر يضل الانسان من طريق الشبهات والشهوات فلذلك جاءت آيات القرآن ترد عقليا على جميع الشكوك التي يثيرها الشيطان واعوانه كما تحذر الانسان من اتباع الشهوات التي تلعب بلب الانسان فتدعه حيران أسيرا للنزعات فتزل قدمه بعد ثبوتها ولا حول ولا قوة الا بالله.
وقال رئيس مسجد ومدرسة التوحيد في لندن: وقد اشتدت وطأة اتباع الشهوات في هذا العصر من جراء وحي الشيطان على شاشة التليفزيون والفيديو وبطريق الاختلاط المحرم في حرم الجامعات والنوادي والأسواق ودور الجنس الرخيص والمجلات الخليعة والأفلام الداعرة والموسيقى الماجنة، وانه لا بد من المحافظة على الشباب المسلم بكافة الطرق التي تثبت قدمه على الاسلام من إحداث مجتمع مسلم مترابط وذكر الله المتواصل ومراقبته في السر والعلن وليس أدعى الى ذلك من ترابط الشباب بعضهم مع بعض في حلقات العلم ومدارسة القرآن ومشاركتهم في الألعاب الرياضية والأنشطة الاجتماعية الخاضعة لآداب الاسلام بدون مجون وخنا او رقص وغناء والله المستعان.
ويرد د, صهيب عبدالغفار ان من معوقات الدعوة أيضا تشويه الاسلام من قبل منسوبيه ويقول في هذا الصدد: ان مما ابتليت به هذه الأمة هو ما جناه عليها أصحابها المنتسبون الى الاسلام من المتفرنجين والمتغربين الذين يريدون نسخة معدلة من الاسلام بحيث يوافق أهواءهم وشهواتهم، فهناك من ينادي بإباحة الربا بحجة ان النظام الاقتصادي الحالي المتأسس على الفوائد ليس هو المقصود بالربا المحرم في القرآن، وهناك من يفتي بإباحة بيع الخمر وتقديمه للزبائن غير المسلمين في المطاعم بحجة ان المحرم هو شربه فقط وهناك من يواصل الليل بالنهار لاثبات ان الغناء الذي تصحبه المزامير جائز لأن فلانا وفلانا من الأئمة افتى بجوازه، كما ان هناك نداءات من وقت لآخر تدعو الى سفور المرأة وجواز اختلاطها بالرجال بدون ان تكون هناك ضرورة ملحة، وكل هذه العناصر لا تنفك تدعو الى افكار باسم الاسلام وتحمل دعاة الاسلام مسؤولية تأخر الأمة المسلمة وتخاذلها, فالحذر الحذر من مكائدهم وخزعبلاتهم فانهم أخطر على الشباب المسلم من الكفار الصرحاء في كفرهم وعنادهم.
ويواصل الامين العام للمجلس الاسلامي في بريطانيا ذكره لمعوقات الدعوة ومنها النزاعات الطائفية داخل المساجد فيقول: من الاسف الشديد ان المسلمين المهاجرين الى هذه البلاد قد حملوا معهم جميع عصبياتهم وخلافاتهم المذهبية حتى عرفت المساجد بانتماء روادها الى مذهب معين او طريقة صوفية متميزة بحيث لا تكاد تتحدث عن صريح القرآن والصحة المطهرة الا وناصبوك العداء واقفلوا في وجهك الأبواب وضيقوا عليك الحياة، ان هؤلاء الجهلة من الناس قد قلبوا المساجد الى ساحات للمعارك الداميات مما ينفر النشء المسلم عن الاسلام واهله ويجعله يؤم النوادي والملاهي فيكون عونا للشيطان بل عميلا من عملائه وقد لاحظنا في الفترة الاخيرة عدم اتفاق أئمة هذه البلاد على اليوم الذي يعيّدون فيه حتى أقيمت للمسلمين صلاة العيد لثلاثة أيام متواصلة في بلد واحد، ووقع اللوم كله على أئمة المسلمين وقادتهم فلابد من معالجة الوضع وتخفيف حدة الفرقة والا ضاع الشباب.
ومن المعوقات أيضا ان الاسلام اصبح اليوم بين انصار السنة ومروجي البدعة والخرافة وعن ذلك يقول فضيلته: لا ريب ان الله لا يريد من العقيدة والطاعات الا ما كان صوابا وخالصا لوجهه الكريم وقد جعل هذه الحياة مرحلة ابتلاء لدعاة الخير والشر على السواء ولو كانت المذاهب كلها على اختلاف مناهجها وطرقها وعباداتها مقبولة لدى الله تعالى لما كانت هناك ضرورة للدعوة ولا للجهاد ولا للصبر والمصابرة والمرابطة، ومن الملموس المشاهد ان من يتسمون بأسماء مسلمة يحملون في صفوفهم نماذج مختلفة متباينة من ابتداع وتشيع وطرق شتى باسم الصوفية الاشتراكية والشيوعية ودعوة الى متنبىء وما الى ذلك من عقائد وعبادات ما انزل الله بها من سلطان فلابد لحماة الدعوة الى القرآن والسنة من التصدي للأفكار الزائفة وتقديم صور مشرقة صافية للاسلام الذي ندين الله به وعليه نحيا ونموت.
المعوقات المادية
وينتقل د, صهيب بعد ذلك الى جانب من أهم المعوقات في سبيل الدعوة حيث قال: ان الله جعل الأموال قياما للناس بحيث لا تقوم لأية دعوة قائمة اذا كان اصحابها يبخلون عليها بما تحتاج اليه من اموال وعدة وعتاد، فالرسول صلى الله عليه وسلم استعان بأموال زوجته السيدة خديجة رضي الله عنها ابان دعوته كما ناصره صاحبه ووزيره ابوبكر وصهره عثمان رضي الله عنهما في المراحل التالية من الدعوة وكان يحرض اصحابه على الانفاق في سبيل الله والتضحية بالغالي والرخيص كلما كانت هناك غزوة وجهاد.
والدعوة اليوم في حاجة الى دعم مادي كما كانت في العصور الماضية وخاصة في هذا العصر الذي يلجأ فيه دعاة الكفر والالحاد الى استغلال الطرق الفنية لبث زيغهم وضلالهم وذلك بالدعم المادي الكبير الذي يجدونه من الدول المناصرة لكفرهم وأهوائهم.
وأضاف بقوله: ان اغنياء المسلمين ولله الحمد ما يضنون بأموالهم في تعمير المساجد وزخرفتها وصيانتها غير ان الدعوة في اوسع نطاقها لا تزال في حاجة الى دعم سخي من قبل الحكومات المسلمة التي حباها الله بالثروات والخيرات حتى يتمكن المسلمون من مواجهة الكفر والطغيان بنفس الاسلحة التي يستعملونها من مجالات واسعة الانتشار واذاعات تذيع برامجها عبر البحار وتلفزيونات تبث دعايتها عبر الاقمار الصناعية وجامعات يجد الشباب والشابات من ذوي الدخل المحدود سبيلا الى ابوابها بدون معاناة فيتخرجون منها مسلحين للقيام بهذه الدعوة خير قيام.
ثم قال: ولو ألقينا نظرة عابرة على الاعداد الضخمة الهائلة لجميع الارساليات التنصيرية في العالم مع كل اساطيلها وابواقها وامكانياتها وقارناها بدعاة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها لوجدنا البون شاسعا والفرق هائلا بالرغم من الامكانيات المادية الجبارة التي تتمتع بها الدول الاسلامية في هذا الزمان والله المستعان.
وظيفة الدعوة
ثم تحدث الدكتور صهيب عبدالغفار عن وظيفة الدعوة الى الله، مبينا انها من اشرف الوظائف واعلاها حيث اختار الله لهذه الوظيفة اشرف الخلق وأصلحهم في كل عصر مضى وهم الانبياء والرسل، ولما صارت هذه الوظيفة امانة في اعناق الامة المسلمة بعد ختم النبوة بالرسول صلى الله عليه وسلم وجب على الدعاة الى الله التحلي بالخلق الفاضل الرفيع الذي يؤهلهم لهذا المنصب بالاضافة الى المؤهلات العلمية التي لا غنى عنها لمن سلك هذه السبيل وحذا حذو الانبياء في مجال الدعوة والارشاد.
وأشار في هذا الصدد الى ان من اوجب الواجبات للدعاة ان يحتكوا بعامة الناس بغية الوعظ والارشاد خلال اوقات الصلوات وسائر المناسبات التي يجتمع فيها الناس في اروقة المساجد او المراكز وقد لوحظ ان كثيرا من الدعاة الى الله اشغلتهم الوظائف الادارية الى حد يمنعهم من الاختلاط بالناس والرد على اسئلتهم ومحاورتهم فيما يخصهم من عويصات الحياة فلذلك من المستحسن ان تهتم الجمعيات الاسلامية الكبرى بتفريغ الدعاة لعمل الدعوة والارشاد والتدريس والكتابة عن الموضوعات الاسلامية في حين تترك الامور الادارية للمؤهلين بأمور الادارة خاصة حتى يؤدي كل شخص دوره في نطاق عمله فتثمر الدعوة ثمارها حسب الطاقات والاوقات التي استهلكت فيها.
ودعا فضيلته المراكز الاسلامية الكبيرة في كل مدينة يتواجد فيها المسلمون الى عقد محاضرات منتظمة يدعى إليها غير المسلمين وقد يكون من الاجدى والانفع اذا تولى هذا العمل كل مسجد وذلك بتخصيص قاعة للاجتماعات غير قاعة الصلاة ويحرص اصحاب المسجد كل الحرص على ايصال الدعوة الى جميع المنازل المجاورة للمسجد ليعلم الجميع عن موعد المحاضرة فيقبل إليها من كانت عنده رغبة صادقة في معرفة الحق وينصرف عنها من شغلته الشواغل وقد يوفقه الله في يوم من الايام ان يستجيب لنداء المسجد فيلبي الطلب ويعرف من الاسلام ما كان به جاهلا في السابق.
واختتم فضيلة الامين العام للمجلس الاسلامي في بريطانيا حديثه بقوله: ان المهم هو ان يقوم المسلمون بإقامة الحجة على من يجاورونهم من غير المسلمين والتوفيق بيد الله، وسيتحقق قول المصطفى صلى الله عليه وسلم ليبلغن هذا الامر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر الا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز او بذل ذليل عزا يعز الله به الاسلام وذلا يذل به الكفر .

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved