أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 1st July,2000العدد:10138الطبعةالاولـيالسبت 29 ,ربيع الاول 1421

محليــات

لما هو آتٍ
المعارف تعتقل السلوك
(2)
د, خيرية إبراهيم السقاف
وضبط السلوك يبدأ من حيث تبدأ المواجهة,.
فالإنسان لا يستطيع أن يسلك، ويرى الآخر نمط سلوكه إلا متى ما أتيح لهذا السلوك أن يظهر,,.
لذلك، فإن السلوك الشخصي، الخفي، بين الإنسان ونفسه لا تبدأ المحاكمة الإلهيّة له وِفقَ ضوابطَ التشريع إلا متى بلغ الإنسان رشده وأصبح مُكَلَّفاً,,, أي استوى له جزء يسير من الإدراك العقلي بحيث تحمل نفسه,, تخاطراً ، أو تفكيراً، أو عزماً، ويُمَثِّل سلوكه قصده ، لذلك يُحَاسَبُ أول ما يُحَاسَبُ عن نيته، ومن ثم تطبيق هذه النية فعلاً.
بعد أن يكون قد استوى له من أمر سلوكه جزآه الباطني والحركي الخارجي، وقبل ذلك لا يؤاخذ حتى لو أدَّى سلوكه إلى الإيذاء الشخصي له إذ يكون سلوكه حركة غير مقصودة بنيَّة، وغير مُخَطَّطَة بِوَعيٍ,, فما قبل التكليف هناك مسؤول آخر عنه يكون الضابط لسلوكه الحركي، الموجه لسلوكه القصدي ، ويتمثَّل هذا المسؤول عن هذا الإنسان في الوالدين: الأب، والأم، ومن ثم البيت بِمَن فيه.
ولأن المدرسة الآن هي البيت شبه الأساس للإنسان منذ نعومة أظفاره، ولها فيه من التأثير بحكم الزَّمَنِيَّة التي يقضيها فيها بأكثر مما يقضي منها مع والديه، فإن المسؤولية تَنتَقِلُ مباشرة لتضع المعلم في موازاة للأب والأم، بمثل ما تضع بقية أفراد المدرسة في موازاة مع أفراد الأسرة في تَحَمُّل مسؤولية سلوك الإنسان وتَعَهُّدِه منذ نشأته.
لكن,,.
المأزق الذي يواجه هذا الإنسان الدارس ,,, هو أن أباه واحِدٌ وأمه واحدة,,, وبذلك لا يختلف عليه أنموذج التوجيه، والقدوة، والمبدأ، والمنطق، في تربيته في البيت ، أما في المدرسة فالمعلم ليس شخصاً واحداً,,, هو أكثر من شخص في السنة الدراسية الواحدة، وهو أكثر من شخص في كُلِّ سنة تَمُرُّ به,,,، وإذا افترضنا أن الدارس يَمُرُّ عليه معلمون بِعَدَدِ مقررات الدراسة معلم العربية ، والرياضيات ، والعلوم ، والتربية البدنية والاجتماعيات ، والمواد الدينية ، والتربية الفنية ، ونحوها، وافترضنا أن عدد معلميه ستة إلى سبعة وهكذا,,, فإن القدوة ، والمربي، والموجه ليس شخصاً واحداً,,, لكن المأزق يَنفَكُّ إذا ما أخضعنا قاعدة الأساس لكل سلوك، لعمومية أطرية مُوَحَّدة مُتَعَارَف عليها,, فالصدق مثلا قيمة، والسلوك المؤدي إلى هذه القيمة مُتَعَارفٌ عليه وواضح، ولا يخفى على إنسان تَكَوَّنت لديه قيمة الصدق منذ الصغر، مع تربية إيمانيَّة راسخة لذلك إن صدق المعلمون كلُّهم تمثلت القدوة أمام هذا الصغير الذي لا يجد تفاوتاً في قيمة أمامه بين والديه اللذين بلا شك يَنشُدان هذه القيمة في أسس تربية ابنهم,, ومن ثم فإن السبيل إلى الصدق سلوك لا يختلف عليه اثنان,, وإن قِسنَا بقية القيم والسلوك المؤدي إليها واتفق أن تمثلها كُلُّ معلم، وكُلُّ أب وكلُّ أم فإن القيم لا ريب ستكون أسس تربية قويمة ينشأ عليها الإنسان في البيت وفي المدرسة.
من هنا، فإن تعميم معالي الأخ المربي القدير الدكتور الرشيد، قد أثار من المواجع ما إن ناقشناه في أسئلة آتية، فإننا نريد التعاون معه على تحقِيقِ أهدافه العليا والجميلة، والمطلوبة في هذا الوقت الذي فسد بالإنسان، وهو يُوسِمُ الزمان بفساده، وينسى أن فساد الزمان هو فساد أبنائه,,, نعيب زماننا والعيب فينا .
والأسئلة هي:
ألق شباكك على المعلمين في المدارس،
واعتقل المديرين، والمشرفين، والموجهين، معهم,, ذلك لأنك ستجد أن الصغار والمراهقين في المدارس لا يجدون القدوة الصالحة إلا نادراً.
فهل كل المدارس ينضبط فيها السلوك وِفقَ ضوابط تعامل مقابل من هؤلاء؟
وهل جميع المعلمين مِمَّن يَتَمَثّلُون القيم في سلوكهم.
هل هم: من ذوي الصدور الرحبة، والوجوه الباشة، والقدرة على استيعاب المواقف،
وتحمُّل المسؤولية عند الطوارئ، واحتضان أي موقف من أي دارس دون محاباة، أو دون تنصُّل، أو دون عدم مبالاة؟؟ هل هم جميعهم صادقون، باذلون، واعون، صابرون، فاهمون، متجاوزون، هادئون، غير شرسين، غير بذيئين، غير قاسين، هل هُم جميعهم عادلون؟,,,, هل جميعهم على معرفة بطبيعة الفروق الفردية، وخصائص النمو، وسمات المراحل العُمرية، والمشكلات التي تَنجُمُ عن تفاوُت مُؤَثِّرات المراحل العمرية على الإنسان مع مراعاة الفوارق الاجتماعية والصحيّة والنفسيّة والماديّة على التلاميذ؟ تلك التي تَنجُمُ عنها غالبية ظواهر السلوك، ومن ثم هل هُم جميعهم قادرون على مواجهة هذا المتطلب المهم والعظيم الذي طرحه هذا الوزير المثقف التربوي بين أيديهم؟!
إنك يا معالي الأخ قد رميت الطعم في المدارس,,.
وما عليك إلا أن تَرمِيَ شباكك لتتصيد كل عنصر غير قادر على تقديم هذا الطعم للدارسين من الناشئة، وتحمل شباكك بصيدها الى عرض البحر، ومن ثم تزود المدارس بكل عنصر بشري مسؤول ويمثل في سلوكه وشخصيَّته القواعد المتعارف عليها في السلوك القويم كي يُؤَدِّيَ إلى تحقيق مسؤوليَّته كما يجب مع الإنسان بين يديه كي نجد الزمان وقد جمل بأبنائه

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved