أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 1st July,2000العدد:10138الطبعةالاولـيالسبت 29 ,ربيع الاول 1421

منوعـات

يارا
من بغاها كلها خلالها كلها
عبدالله بن بخيت
ما فيه داعي للتباكي على ما يجري في القنوات الفضائية فالعالم مع الأسف الشديد تغير ولا يمكن إيقاف تغيره, من يعرف الآن متى يذهب الطفل السعودي للنوم, هناك أطفال يذهبون للنوم الساعة السابعة وهناك من يذهب الساعة التاسعة وهناك من يذهب الساعة الثانية عشرة, لا أحد يعرف متى تتناول الأسرة السعودية طعام الغذاء أو العشاء فكل بيت له ظروفه الخاصة التي تملي عليه عاداته, هناك من يعمل فترة الصباح فقط، وهناك من يعمل فترتين, كما أن هناك بيوتا تضم أمهات عاملات يمارسن عادات تختلف عن البيوت التي لا تتوفر إلا على ربات بيوت فقط, هناك من يأكل بيده ويصر على ذلك، وهناك ناس لا يمكن ان تأكل إلا بملعقة، وإذا نظرت لطريقة الاحتفال سواء في العيد أو في الزواجات أو احتفالات النجاح، فلكل بيت وكل أسرة طريقة وأسلوب يختلف عن البيت الآخر, وقد ظهرت في المجتمع وظائف تفرض انظمة عمل متباينة ومختلفة, عندما تشاهد الرجال والنساء في الشارع ترى ان هناك اختلافات كبيرة في التصرف وفي ردود الأفعال، واختلافاً في استخدام التعابير والألفاظ, هناك فوضى أسرية ضخمة لا يمكن تجاهلها أبداً، فمن الواضح ان هناك بحثا عمليا عن صياغة جديدة للحياة تتناسب مع الظروف الجديدة.
لم يعد غريبا أن نشاهد في التلفزيون مشهدا عنيفا أو نسمع ألفاظا قبيحة في تمثيلية, أو أن نشاهد بعض الطقوس العجيبة الغريبة المنافية للمبادىء,, اختلاجات كبيرة تلقى في افئدتنا بشكل فوضوي وبجرعات تسد الحلق,, وما زال الناس مع الأسف تتفرج وتتمنى ان يكون كل شيء على ما يرام ولكننا نتحدث في وسائل الإعلام عن الآخر وعن مشاكل الآخر وكأن الآخر لم يصلنا بعد ولم نصبح جزءاً منه.
وبمقارنة بسيطة بين القنوات الأجنبية والقنوات العربية في الطرح الاخلاقي أظن أنه ستفوز القنوات الاجنبية بجائزة الاخلاق الحميدة, فمعظم المشاهد المنافية للاخلاق الكريمة والألفاظ المنافية لابسط قواعد التهذيب تأتي من القنوات العربية, وهذا لم يأت من نقص في الأخلاق، ولا أحمل أصحاب القنوات الفضائية العربية المسؤولية, فالقضية هي سباق نحو كسب المشاهد (بيع وشراء), والأخلاق آخر شيء يمكن أن نجده في سوق تجارية تنتظمها الفوضى, فالأمة العربية متداخلة ومتصلة بقوة عبر اللغة وعبر كثير من العادات، ولكنها تنفصل وتختلف في مسألة القوانين والأنظمة وهي بخلاف تجمعات الشعوب الأخرى (مجموعة الشعوب الأوروبية) مثلا,, فأمتنا هي الأمة الوحيدة التي لا تتوفر على شرط اساسي في العمل والتجارة يعرف باتفاق المبادئ أو أخلاقيات العمل,, وهي أعراف وليست قوانين مفروضة, ويعود السبب في ذلك أن كثيراً من بيده أمر سن القوانين وضبط المجتمع في عالمنا لا يريد أن يعمل وفقا للظروف الموضوعية القائمة، ولا يريد أن يقبل بالأمر الواقع، ويحسن ما يستطيع تحسينه، وهو ما يعرف بالتنازل المتبادل، وهي عملية تشبه إطفاء حرائق الغابات الكبيرة, فإذا أراد رجال الإطفاء محاصرة حريق في غابة يضطرون إلى إحراق مساحة أمتار تحيط بالحريق الأساسي حتى إذا وصلت النار لهذه المنطقة لا تجد ما تأكله فتخمد، أي القبول بحريق صغير يحمي من تلف الغابة كلها وهو ما يعرف في الأعراف بالتنازل )Compromise( والمثل الشعبي عندنا يقول: من بغاها كلها خلالها كلها.
ولكن من يتعظ؟.
لمراسلة الكاتب: yara4me@yahoo.com

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved