أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 5th July,2000العدد:10142الطبعةالاولـيالاربعاء 3 ,ربيع الثاني 1421

الاخيــرة

قدوة الرجال
المجتمع النظيف من يقدم التضحيات على مستوى الأفراد والجماعات، والإيثار سمة رجولية، تقمع الأثرة وتطفئ الجشع، وتخلق الألفة والمحبة في المجتمع وقد أثنى القرآن الكريم على المؤثرين على أنفسهم في المأكل والمشرب والملبس وما فيما هو مثل ذلك مع ما يعانونه من خصاصة, وفي الحديث (الصدقة برهان) لأنها ممارسة فعلية لانفاق المال وتحويل ملكيته الى الآخر بالطوع والاختيار, فهو يبرهن عن إيمان الشخص وتعاليه فوق الشهوات وقمعه لتحكيم الغرائز, فحب التملك غريزة، والخوف والشح يقويان التعلق بالمال, والشيطان هو الذي يخوف اولياءه ويعدهم بالفقر, والله حين يناشد الإقراض فإنما يريد الحد من الجشع والبخل والاثرة، ويحث على إشاعة التكافل الاجتماعي وخلق البناء المرصوص والجسم الواحد، ذلك على مستوى الاموال, والمال تنفقه فيخلف الله عليك, والصدقة لا تنقص المال بل تزده, ولكن عندما يكون الانفاق من نوع آخر، هنا تكون الرجولة، وتكون الشهامة، ويكون الإيثار الحقيقي, والطب الحديث حين تقدم في زراعة الاعضاء اصبح الأمر بيد الأصحاء والقادرين الذين يضحون بأعز ما يملكون لأغلى من يحبون, ان يدخل الانسان في موت دماغي، ثم يقوم أولياؤه بالتبرع بما صلح من اعضائه، فذلك لون من الإيثار والإحسان، ولكنه دون ان يمارس إنسان صحيح شحيح يستقبل الحياة بشباب وحيوية التنازل عن عضو من اعضائه, أن يتبرع شاب بجزء من جسمه، ويعرض نفسه للتدخل الجراحي في مغامرة محفوفة بالمخاطر فأمر في غاية الأهمية وغاية الايثار وأكمل البر والصلة ويزيد الإعجاب والإكبار حين ينقذ الشاب حياة والده الذي تقطعت به الاسباب، إن هذا الإنسان يبلغ ذروة المثالية وقمة الرجولة وغاية الانسانية، إنه اجتياز القنطرة والوصول الى ذروة الإنسانية، ورجل بهذه المبادرة يكون بحق قدوة للرجال, وذلك ما فعله الاستاذ الدكتور عمر بن عبدالعزيز المسند عندما تبرع لوالده الشيخ عبدالعزيز المسند بإحدى كليتيه, لقد تعرض الشيخ لفشل كلوي، وبقدر الصدمة التي آلمتنا عند سماع الحدث, كانت السعادة والابتهاج حين تمت عملية التبرع والزراعة بنجاح، وخرج الابن والاب الى بيتهما بصحة جيدة, ان تبرع الابن البار لوالده تبرع لكل المحبين للشيخ, فقد نهض بمهمة جماعية، وناب عن محبي الشيخ وما اكثرهم, وعودة الشيخ الى الحياة من جديد سليما معافى أمل يتطلع اليه الذين عرفوا الشيخ وخالطوه وعمهم نفعه من خلال إسهاماته المتعددة وسعيه الدؤوب في حاجات الناس، وحل مشاكلهم وفك اسرهم ومناصحتهم، وتقديم المشورة لهم.
لقد كان حفظه الله سباقا الى كل خير، ومن ثم استقبل الجميع نجاح العملية بالابتهاج، ولا سيما انها تمت بطريقة ملفتة للنظر مثيرة للمشاعر, إن ما فعله الابن البار المثالي متوقع من مثله فهو سليل اسرة كريمة وخريج منزل محافظ يفيض بعبق العلم والايمان، وكيف لا يؤثر والده على نفسه، والشيخ ليس ابا لابنائه الصليبة، وإنما هو أب لآلاف الشباب والشابات، بما يتمتع به من دماثة خلق وإحساس أبوي ازاء الجميع وبذل العلم والجاه والمال في سبيل الوطن والمواطنين.
لقد عرفت الشيخ عبدالعزيز المسند عن قرب، وعرفت فيه خصالا تحببه الى العامة والخاصة، فهو ابن بريدة البار، وهو عضو مجلس ادارة نادي القصيم الأدبي ببريدة، وهو الفاعل في مواقع كثيرة وجمعيات متعددة ولجان متنوعة، وهو الرجل الاجتماعي المتفاعل مع حاجات المجتمع, والساعي على الأرملة واليتيم والمسكين, نسأل الله له الشفاء العاجل والعودة الكريمة الى مواقعه التي تحن الى مثله, وأجزل الله المثوبة للابن البار الدكتور عمر الذي انقذ حياة والده، وجعل ذلك في ميزان حسناته، واسبغ عليه الصحة والعافية، وأمد في عمره، وجعله قدوة لشباب الأمة ليكون الإيثار دأبهم والتضحية سبيلهم، وليس بمستغرب على مجتمع إسلامي نظيف أن يكون عمر واحدا من آلاف الشباب البررة.
د, حسن بن فهد الهويمل

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved