أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 6th July,2000العدد:10143الطبعةالاولـيالخميس 4 ,ربيع الثاني 1421

الثقافية

هكذا
بين الكاتب والجماهير بقية
فهد العتيق
* في مجال الكتابة والفن أيضا تسود الآن نغمة عربية قديمة متجددة وهي في جوهرها تعبر عن واقع ربما اليأس أو الخيبة أو الاحباط الذي يشعر به الكاتب أو الفنان العربي، فهم الآن يسوقون لعبارة محتواها انهم يريدون ازالة التجهم من وجه الانسان العربي وذلك عن طريق ليس عملية جراحية ولكن بمقالات وكتابات وأعمال درامية هزلية وساخرة ومسلية خالية من الجدة في الطرح، ومن الموضوعية ومن الأفكار المنيرة، لأنه كما يقولون شبع الناس أو القراء من الكتابات والمقالات الجادة، بمعنى يهرب مثلا بعض الأدباء الى المقالة الاجتماعية بحثا عن القارىء وبحثا عن ردود فعل لكتاباتهم ثم بعد ذلك يحاولون الهرب من المقالة الاجتماعية الجادة الى نوع من المقالات الهزلية من أجل الاثارة وبحثا عن المزيد من القراء، والسؤال: ألا يكفينا هزلية كثير من قنوات الفضاء التي لا تفرق مثل بعض الكتَّاب بين الترفيهي والهابط حتى تفتح الصحف العربية بابا آخر لهذا النوع من الكتابات تحت شعار رفع التجهم عن وجوه القراء، السؤال الآخر وهو ضمن حزمة أسئلة طويلة وعريضة عن موضوع الكتابات الصحفية بالذات: هل مساحة الحرية الضيقة الممنوحة للكاتب العربي هي التي تجعله يهرب من الكتابة الجادة الى الكتابة الهزلية الاجتماعية الاستعراضية المسطحة، أم ان هذا الكاتب لم يجد صدى من القراء لأفكاره الجادة فهرب الى عالم القراء الواسع للمقالة الاجتماعية والفنية والرياضية وراح يخاطبهم بما يريدون من تعليقات ساخرة ونكات لا تمت لعالم الابداع الحقيقي بأية صلة، ثم راح يردد بينه وبين نفسه المقولة العربية الفنية المعروفة الجمهور عايز كده من اجل ان يبرر لنفسه هذا الهرب الحقيقي من الواقع ومن القضايا الجادة التي تحتاج منه الى صبر وجلد ومثابرة واحتشاد حقيقي وابداع الى عالم الاثارة والتسلية الذي لا يحتاج منه الى أي مجهود في الكتابة، بل بامكانه ان يحرر مقالة صحفية يوميا بهذا الشكل الفاقد لأقل شروط الكتابة الحقيقية، فهناك فرق بين المقالة الساخرة من التناقضات الاجتماعية مثلا والمقالة الساخرة من قضايا الناس والفرق هنا في مستوى وعي وثقافة كتَّاب هذه المقالات!؟
للأسف لا زالت بعض أو كثير من الصحف العربية والمحلية تبحث عن الاثارة في مادتها الصحفية من اجل التسويق ومن أجل المزيد من القراء وفي النهاية من أجل المال، وهذا على حساب مبادىء ثقافية كبيرة هي جزء من رسالة الصحافة.
كيف لكاتب أن يلهث وراء رغبات بعض القراء المتواضعة فنيا وأدبيا وثقافيا لكي يُتهم في النهاية من قبل نفس القراء الجادين بأنه يساهم في تخريب الذوق وتسطيح الثقافة وتغييب الوعي عندما يركز في جوهر كتاباته على أفكار هزيلة لا معنى لها الا في قاموسه الذي يرفع شعار الترفيه والتسلية، هل هذه هي الشهرة التي يبحث عنها، ثم يواصل موقفه ويحاول النيل من الكتابات الجادة ليتهمها بالتجهم و,,, الى آخره.
طبعا هنا من حق القارىء الجاد الذي يشتري المطبوعة ان يسأل عن دور المؤسسات الثقافية والصحفية العربية في الارتقاء بثقافة ووعي القراء خصوصا وهو يراها في الغالب تقدم الاثارة على الجدية والهزيل على الحقيقي, هل يمكن ان تركن الصحف والمجلات العربية الى فئة من القراء تبحث عن كل ما هو مثير وغير جاد مقابل رسالة هامة للصحافة بأن تكون منبرا للرأي الجاد والمفكر والمبدع الذي يضيف شيئا مهما وجديدا يحاول قراءة الواقع بكل صدق واخلاص وأمانة.
لهذا يتكرر الطلب من صحافتنا العربية ان تستكتب أقلاما على مستوى طموح القارىء العربي الجاد والمثقف وليس سواه، لأنه حتى الكتابات الاجتماعية الساخرة تحتاج الى كاتب مثقف وفنان ومبدع وليس الى كاتب يحول رسالة الكتابة والصحافة الى تسلية فقط.
إشارة:
** جوائز البابطين والعويس وسعاد الصباح الأدبية العربية التي تقدم للمبدعين العرب من كتاب القصة والرواية والقصيدة تعبر عن الفجوة الواضحة بين المؤسسات الثقافية الرسمية العربية وبين الأدباء والأديبات العرب الذين يمكن اعتبارهم الجنود المجهولين في هذا العالم العربي الجميل، لأنهم يبدعون بصمت ولا ينتظرون مقابل جهودهم وأفكارهم وكتبهم التي يطبعونها في الغالب على حسابهم ويوزعونها بأنفسهم، الا حين تتفضل مؤسسة خاصة بجائزة تقدر وتثمن هذا الابداع، وفوز قصيدة الزميل والصديق الشاعر محمد الثبيتي بجائزة البابطين كأفضل قصيدة عربية لا تعيد للأدب الحديث ثقة القراء به فقط ولكنها تعيد للأدباء بعض حقهم، وهنا لا نطالب فقط بمؤسسة محلية تتبنى مثل هذه الجائزة لكننا نطالب أيضا بعض المؤسسات الثقافية الرسمية مثل جمعية الثقافة والفنون أو ادارة الأندية الأدبية المحلية بتشكيل لجنة عربية وتأسيس جائزة للابداع العربي وهذا أقل ما يمكن ان نقوم به تجاه الابداع الأدبي العربي الجاد وتجاه هذا المبدع الذي يحتاج الى ان نوصل صوته الأدبي للقارىء العربي في كل مكان ونحفظ له جزءا من حقوقه المهدرة.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved