أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 8th July,2000العدد:10145الطبعةالاولـيالسبت 6 ,ربيع الثاني 1421

الثقافية

تطور صناعة نشر وطباعة الكتب في المملكة العربية السعودية بعد توحيدها على يد الملك عبدالعزيز
عبدالعزيز بن محمد الزير *
على الرغم من التطور الكبير الذي تشهده صناعة النشر في العالم والمتمثلة في ظهور أوعية معلومات غير تقليدية مثل المصغرات الفيلمية، وأشرطة الحاسب الآلي والليزرات والوسائل السمعية البصرية، وما أصبح لها من تأثير في العادات القرائية لدى جمهور القراء أو المستفيدين في العالم المتقدم، لا يزال الكتاب يحظى بالنصيب الأكبر من الاهتمام في هذه الصناعة.
ففي المملكة العربية السعودية وخصوصا منطقة الحجاز نجد أنها شهدت أول بداية للطباعة فيها, ولا يعني بالطباعة هنا النشر اذ ان النشر بدأ قبل ذلك في مختلف مناطق المملكة حيث أنشئت أول مطبعة في مكة المكرمة المطبعة الميرية عام 1883م, (1) لتصبح المطبعة الثانية في شبه الجزيرة العربية بعد مطبعة صنعاء وسميت مطبعة ولاية الحجاز وبأسماء أخرى مختلفة، الا أنها عرفت واشتهرت بالمطبعة الميرية ، علما بأن علماء مكة كانوا يطبعون كتبهم ومؤلفاتهم قبل إنشائها في مصر, وقد أنشئت تلك المطبعة على يد والي الحجاز نوري باشا، وصرفت جل اهتمامها لطباعة الكتب ونشرها وبخاصة مؤلفات علماء الحرمين, حيث يذكر أن من الكتب التي نشرتها:
أ كتاب الايضاح في المناسك على مذهب الامام الشافعي.
ب كتاب أدعية الحج والعمرة لقطب الدين النهروالي.
ج كتاب المسلك المتقسط في المنسك المتوسط وهو شرح على لباب المناسك للشيخ السندي.
د كتاب التبيان في أقسام القرآن لابن القيم.
ه كتاب جواهر القرآن للإمام الغزالي.
و كتاب متشابه القرآن للامام السيوطي.
ز كتاب المنح الفكرية لشرح المقدمة الجرية للملا علي القاري.
ح كتاب رياض الصالحين على كلام سيد المرسلين للامام النووي.
ط كتاب الحصن الحصين الطب النبوي للامام الذهبي.
ي كتاب تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد في النحو لابن مالك,, ك كتاب خلاصة الوفاء بأخبار مدينة المصطفى للسمهودي , 2 , كما طبعت فيها صحيفة ولاية الحجاز , بعد هذه المطبعة توالى وبشكل مضطرد إنشاء العديد من المطابع التي كان لها إسهام واضح في طباعة ونشر الكثير من الكتب والصحف التي كانت تنشر في ذلك الوقت نذكر منها:
مطبعة شمس الحقيقة، التي تأسست بمكة المكرمة عام 1327ه، وطبعت فيها جريدة شمس الحقيقة .
مطبعة الترقي الماجدية، التي أسسها محمد ماجد كردي بمكة المكرمة عام 1327 ه 1909م وتعد أول مطبعة تنشأ من أموال أهلية، اذ أنها وبحق تعد اللبنة الأولى في صناعة النشر الأهلية بالمنطقة 3 وتعد أيضا معلما بارزا من معالم الطباعة في ذلك العهد، وكانت معظم ما طبعته رسائل صغيرة وفتاوي خاصة لعلماء الحرمين وبعض الأجوبة والشروح والمجاميع,,, كما أن مؤلفي هذه الكتب معظمهم من علماء الحرم المكي المعاصرين الذين يقومون بالتدريس في حلقاته من المفتين السابقين في هذه البلاد، او من رجال القرنين الثاني عشر والثالث عشر الهجريين 4 .
مطبعة الإصلاح الأهلية بجدة، التي تأسست في جدة عام 1327ه، وكان من أهدافها طباعة جريدة الإصلاح الحجازي التي صدر عددها الأول في 26 / 4/1327ه, وعلى الرغم من أنها لم تدم طويلا إلا أنها طبعت العديد من الكتب مثل كتاب:أنوار الشروق في أحكام الصندوق لمحمد علي بن حسين مالكي، وكتابالترغيب والترهيب لحسين مطر 5 .
المطبعة العلمية في المدينة المنورة، التي تأسست عام 1328 ه, والتي يمتلكها كامل الخجا شيخ تجار المدينة وأشرف عليها عبدالقادر شلبي، اذ أن لها الأولوية في طباعة بعض كتب علماء المدينة ونزلائها ورسائلهم 6 .
وهناك مطبعة يدوية أخرى أنشأها أحمد الفيض أبادي,,, وسميت مطبعة طيبة الفيحاء وقدمت اسهامات طيبة في نشر الكتب الدينية من مؤلفات علماء المسجد النبوي 7 .
مطبعة الحجاز، التي تأسست 1961م بالمدينة المنورة لطباعة جريدة الحجاز 8 .
إضافة إلى غيرها من المطابع التي أسهمت في رقي الحياة العلمية والثقافية في المملكة العربية السعودية فيما بعد التي من أشهرها مطبعة أم القرى التي صدرت عنها الجريدة الرسمية أم القرى إلى جانب إصدارها للتقاويم والمطبوعات الحكومية، والتي تغير اسمها إلى مطبعة الحكومة عام 1359ه.
من هنا نجد ومن خلال الاستعراض السابق لحركة الطباعة والنشر التي ظهرت في الحجاز أنها كانت متأخرة مقارنة بالدول المجاورة نظرا لوجود عدة أسباب رئيسية وقاهرة أدت الى هذا التأخر منها: 1 هيمنة السلطة التركية وعزلها العالم العربي عن بقية العالم, 2 تجاهل الحكومات الغربية المنطقة بسبب عدم وجود مصالح لها في المنطقة في تلك الفترة قبل توحيد الجزيرة العربية , 3 تفشي الأمية.
ولكن بعد توحيد الملك عبدالعزيز للجزيرة العربية بدأت الأوضاع بفضل من الله عز وجل تتبدل إلى الأفضل نتيجة للمساهمات التي وضعتها الحكومة من أجل نشر هذه الصناعة والتي بدأت بالتشجيع الدائم والمستمر للكتاب والمؤلفين والدعاة، وتقديم الإعانات المادية والمعنوية للمطابع من لدن المغفور له الملك عبدالعزيز ودعمه الكلي والجزئي لطباعة العديد من الكتب وخصوصا ما يتعلق بأمور الدين والتاريخ واللغة العربية، فمن المعروف عن الملك عبدالعزيز رحمه الله حبه للعلم وإجلاله للعلماء وتقريبهم منه, وكشاهد على ذلك ماذكره عبدالعزيز الرفاعي في كتابهعناية الملك عبدالعزيز بنشر الكتب أنه كان للملك عبدالعزيز يرحمه الله مجلس خاص للاطلاع والمعرفة، وكثيرا ما تكون هناك مناقشات وحوارات,,, يثيرها الملك بنفسه ويشترك فيها بعض الحاضرين,, لذلك لا نعجب إذا اتجه إلى طبع نفائس من كتب التراث، أو من كتب العلم المهمة أو ما يتصل بالدعوة، أو الكتب الأدبية أو الشعرية ، التي كان يرى تشجيع أصحابها بنشرها على حسابه 9 .
والمملكة العربية السعودية بوصفها بلدا ناميا، لا تتعدى صناعة النشر فيها عن النمط السائد في بقية الدول النامية، والتي يسود الكتاب فيها بالدرجة الأولى ثم الدورية، لأن بقية أشكال أوعية المعلومات لا تزال قليلة الرواج والاستخدام بين القراء مما يحد من التوجه نحو العناية بنشرها 10 .
ولقد وجدت ظروف مناسبة أدت الى ظهور حركة التأليف المطبوع في المملكة بشكل جيد عزاها عباس طاشكندي في دراسته عن صناعة الكتاب السعودي الى خمسة عوامل رئيسية هي 11 :
العامل الأول: ما يرتبط بالتراث الديني: وهو وجود الحرمين الشريفين، اللذين كان لهما الأثر الكبير في انتقال التأليف من مراحله المخطوطة والمدونة إلى الأنماط السائدة اليوم, والكتاب المخطوط وان ظل الأداة التي تداول المعرفة عن طريقه لقرون عديدة من الزمن، إلا أن مضمونه واخراجه في الأشكال المختلفة استمر في الإتقان، وعدد نسخه استمر في الازدياد في هذه البلاد حتى بداية ظهور الطباعة والمطابع, فعلى الرغم من عصور التقهقر التي مرت على أجزاء العالم العربية الا أن حيوية الحرمين الشريفين وعمق تأثيرهما الديني، خاصة فيما يتعلق بقضية التعليم جعلهما في الحقيقة من المؤثرات الرئيسية في وجود الأنماط التي تسجل عليها المعرفة سواء بشكلها المخطوط أو المطبوع, فالحرمان الشريفان من أهم المراكز العلمية، لوجود العديد من العلماء والباحثين بهما حيث يأتي هؤلاء العلماء من مختلف البلدان فيسهمون بجهودهم العلمية والتعليمية في اثراء حركة النشر بتأليف الأعمال الجادة أو تحقيقها أو ترجمتها.
العامل الثاني: ما يرتبط بالدعوة السلفية: وذلك أثر الجهود الدعوية التي نتجت عن دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب لمحاربة البدع والخرافات التي كانت سائدة في ذلك الوقت، وكان لتلك الدعوة الأثر الكبير في إثراء حركة التأليف والنشر لعدد كبير من المؤلفات والرسائل التي تشرح مضمون الدعوة لعامة الناس.
العامل الثالث: ما يرتبط بالطباعة والمطابع: هو اهتمام حكومة المملكة العربية السعودية بالمطابع ، بتقديم المنح لاقامتها واعطاء القروض، ودعمها عن طريق منع استيراد المواد المطبوعة، التي يمكن طباعتها محليا، إضافة إلى فتحها المجال لاستقدام الخبراء والفنيين في مجال النشر.
العامل الرابع: ما يرتبط بالتعليم وأثر التوسع التعليمي: فبعد تطور الحركة التعليمية في المملكة العربية السعودية نشرت أعمال ومؤلفات كثيرة ألفها وأعدها مجموعة من الكتاب والمؤلفين والباحثين المتخصصين، وكان لذلك النشر أثر كبير في اثراء الحركة الثقافية في البلاد، اما عن طريق تأليف ونشر الكتب العامة، أو المتخصصة أو عن طريق تأليف الكتب المدرسية لمختلف المواد والمراحل, كما كان لانتشار الجامعات أثر كبير في ظهور نوع مميز من التأليف هو التأليف الجامعي، سواء ماكان منه مقررا للتدريس، أو في مجال البحوث الجامعية, كذلك فان الجامعات قد استقطبت كثيرا من الباحثين والمتخصصين من السعوديين وغيرهم في عدد من الندوات والمؤتمرات وحلقات البحث، حيث قدموا فيها البحوث والدراسات العلمية ووجد معظمها طريقه إلى النشر.
العامل الخامس: تشجيع التأليف والمؤلفين، إما عن طريق الأفراد وذلك بدفع تكاليف المؤلفات ونشرها وتوزيعها مجانا لطلاب العلم ومحبي المعرفة، كما فعل المغفور له الملك عبدالعزيز آل سعود عند تبني نشر العديد من الأعمال على نفقته الخاصة، أو عن طريق الدولة، حيث تبنت حكومة المملكة العربية السعودية عدة قرارات تهدف جميعها إلى تشجيع التأليف والنشر، وذلك عن طريق شراء الكميات التشجيعية من المؤلفات السعودية من لدن الأجهزة المعنية بالعلم والثقافة، إضافة إلى الموافقة على إقامة النوادي الأدبية والثقافية ودعمها ماديا ومعنويا، إلى جانب الاهتمام بتطوير الصحافة السعودية وظهور المكتبات وانتشارها في مختلف مدن المملكة, وقد سبق هذا إرسال البعثات الدراسية إلى الأقطار العربية المجاورة، وذلك عقب إنشاء مدرسة تحضير البعثات في مكة المكرمة عام 1355ه
ولقد أدت هذه الظروف مجتمعة إلى إيجاد المناخ المناسب لظهور حركة التأليف الحديث في المملكة وازدهار حركة النشر التجاري بين ربوعها.
الهوامش
1 ميخائيل، موريس أبو السعد, الكتاب تحريره ونشره, الرياض: مكتبة الملك فهد الوطنية 1416 ه = 1995م, ص 14, السلسلة الثانية، 25 .
2 الضبيب، أحمد محمد, بواكير الطباعة والمطبوعات في بلاد الحرمين الشريفين/ أحمد محمد الضبيب.
الرياض : مكتبة الملك فهد الوطنية، 1408 ه ص 8 9, السلسلة الأولى، 2 .
3 موريس، أبو السعد مرجع سابق , ص 21.
4 الضبيب، أحمد محمد مرجع سابق, ص 9.
5 الضبيب، أحمد محمد مرجع سابق, ص10 11.
6 الضبيب ، أحمد محمد , مرجع سابق, ص11.
7 الضبيعان، سعد, صناعة الكتاب في المملكة العربية السعودية / سعد الضبيعان، ترجمة جعفر التاي, عالم الكتب، مج 8، ع41408ه , ص 488.
8 ساعاتي، يحيى محمود, النشر في المملكة العربية السعودية: مدخل لدراسة / يحيى محمود ساعاتي.
الرياض: مكتبة الملك فهد الوطنية، 1408ه = 1987م, ص 12.
9 الرفاعي، عبدالعزيز أحمد, عناية الملك عبدالعزيز بنشر الكتب/ عبدالعزيز أحمد الرفاعي , الرياض: مكتبة الملك فهد الوطنية ، 1408ه ص9.
10 ساعاتي، يحيى محمود, النشر في المملكة العربية السعودية / يحيى محمود ساعاتي الرياض:
مكتبة الملك فهد الوطنية، 1408ه = 1987م, ص9.
11 طاشكندي عباس صالح, صناعة الكتاب السعودي: دراسة تحليلية / تأليف عباس صالح طاشكندي, الرياض: مكتبة الملك فهد الوطنية، 1413 ه = 1992م.
* مجلس التعاون الخليجي

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved