أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 11th July,2000العدد:10148الطبعةالاولـيالثلاثاء 9 ,ربيع الثاني 1421

الاقتصادية

ليس هناك آلية لتفعيل القرارات المدروسة لتحمي الأيدي الوطنية
هل نحن بحاجة إلى وزارة للقوى العاملة؟
يوجد تشتت في الجهات الحكومية المسؤولة عن توظيف الكوادر السعودية
المتتبع لسوق العمل في المملكة يجد أن هناك كماً هائلاً من الأعمال المتوفرة، وعلى وجه الخصوص في القطاع الخاص الذي ينعم برفاهيةٍ ورخاء ونماء قل ما يوجد في اي بلد في العالم من غير مبالغة, وعلى الرغم من ذلك الكم الهائل من الأعمال إلا أن حظ السعوديين فيها قليل جداً مقارنة بالوافدين الذين يشغلون غالبية تلك الأعمال التي تناسب السعوديين وذلك للأسباب التالية ومن أهمها:
1 وجود الكم الهائل من العمالة السائبة في السوق سواء كانت نظامية أو غير نظامية، ترتب على ذلك رخص أجورهم لدى أرباب العمل.
2 تخوف أرباب العمل في القطاع الخاص من السعوديين لكونهم بعد معرفتهم بالعمل أن يستقيلوا أو يفتحوا أعمالا منافسة للأعمال التي كانوا يؤدونها سابقاً, وبالتالي ذلك التخوف دفع أرباب العمل إلى التركيز الأكثر على الأجانب مرتبطين بهم في إقامتهم وجوازاتهم وغيرها ولا يمكن أن يستقلوا بأعمال أو ينافسوا كفلاءهم.
3 يعتقد أرباب العمل في القطاع الخاص أن السعوديين لا يؤدون الاعمال بنفس القدرة التي يقوم بها العمالة الوافدة وبمعنى آخر ان السعوديين لا يمكنهم القيام بأية اعمال يكلفون بها مثل ما يقوم بها الاجانب.
4 يعتقد أرباب العمل في القطاع الخاص ان السعوديين لا يستمرون في الاعمال التي يكلفون بها على الرغم من تدريبهم وتأهيلهم والصرف عليهم فعندما يجدون اعمالا اخرى مغرية يتركون تلك الاعمال السابقة وفي بعض الاحيان ينقطعون عن الاعمال من غير اشعار أرباب الاعمال مما يخلق فراغاً وإرباكاً للاعمال التي كانوا يقومون بها وهذا راجع الى عدم وجود ضمانات وعقود وحماية لأرباب العمل والعاملين السعوديين في نفس الوقت، إضافة انه لا يوجد حد ادنى للاجر سواء كان على اساس الساعة او اليوم او الاسبوع او الشهر او السنة.
5 والسبب الآخر والمهم ايضاً وهو بيت القصيد هنا هو تشتت الجهات الحكومية المعنية والمسؤولة عن توظيف القوى العاملة السعودية.
فالمتتبعُ للجهات الحكومية المعنية بتوظيف او تأهيل او تدريب القوى العاملة يجد انها متشعبة ومتعددة وبالتالي جهودها مبعثرة ومشتتة، حيث يلاحظ ان هناك عدة جهات حكومية ملقى عليها مسؤولية تدريب وتأهيل وتوظيف القوى العاملة الى جانب جهات اخرى قد تكون لها مسؤولية ولكنها غير مباشرة.
فهناك الديوان العام للخدمة المدنية سابقاً (وزارة الخدمة المدنية حالياً) وهذه الوزارة معنية بتوظيف المواطنين، وعلى وجه الخصوص، في قطاعات الدولة، إلى جانب مجلس الخدمة المدنية، وألحق في هذه الوزارة مؤخراً معهد الادارة العامة الذي تلقى عليه بالدرجة الاولى تدريب موظفي الدولة وايضاً منحهم دبلومات في مجال الادارة وغيرها، وايضا دخلت من اعمال ذلك المعهد وضع برامج للقطاع الخاص، اي بمعنى آخر انه يدرب المواطنين سواء كانوا في قطاعات الدولة او القطاع الخاص ويمنحهم شهادات تدريبية متخصصة الى جانب شهادات الدبلوم في تخصصات مختلفة.
ثم هناك وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وبمعنى آخر فهي وزارتان في وزارة واحدة (وزارة العمل والشؤون الاجتماعية)، ويتبع لهذه الوزارة، الشق الأول من المسمى، المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني، وهذه المؤسسة تعني بتعليم وتدريب وتأهيل الراغبين في المجالات المهنية والفنية التي يحتاجها المجتمع، وهي تخدم القطاعين العام والخاص ولكن بتركيز اكثر على القطاع الخاص.
ويتبع هذه الوزارة ايضا المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية (وهي شبيهة بمصلحة معاشات التقاعد)، وكذلك، بطبيعة الحال، مكاتب فرعية، يطلق عليها مكاتب العمل لتوظيف الراغبين السعوديين في العمل في القطاع الخاص.
ثم هناك جهة أخرى تنسق مع مكاتب العمل وهي إدارة الاستقدام بوزارة الداخلية، ثم هناك مجلس للقوى العاملة يرأسه سمو وزير الداخلية.
ولنبدأ أولاً: بوزارة الخدمة المدنية التي تقلص دورها بشكل كبير في السنوات الأخيرة، نظراً لاستقرار الوظائف الحكومية في كل جهاز حكومي، وعدم استحداث وظائف جديدة باستثناء وظائف المعلمين والمعلمات الذين اساسا يعينون مسبقا ومؤقتا من قبل وزارة المعارف والرئاسة العامة لتعليم البنات على ما يسمى بالبند (105) ثم بعد ذلك يتم تصحيح اوضاعهم في حالة توفر شواغر في ميزانية الدولة من قبل وزارة المعارف والرئاسة العامة لتعليم البنات، إلى جانب انه ليس هناك وظائف الا قليلة جداً يعلن عنها من قبل وزارة الخدمة المدنية ما بين الحين والآخر وهو ما نلاحظه من إعلان تلك الوزارة في وسائل الاعلام للوظائف المحدودة.
ثانياً: وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وهي بهذا المسمى معنية بتوظيف القوى العاملة في القطاع الخاص وتعليمهم وتدريبهم وتأهيلهم مهنياً وفنياً بالمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني التابعة لها, ثم هناك المؤسسة العامة للتأمينات والتي تقوم بتحصيل التأمينات الاجتماعية للعاملين في القطاع الخاص، الى جانب انها وزارة للشؤون الاجتماعية وهو جانب لا يعنينا في هذا الموضوع, وبالتالي فان وزارة العمل والشؤون الاجتماعية يرأسها وزير وهناك محافظان مرتبطان بالوزير كل منهما بالمرتبة الممتازة، وكلاهما في خدمة القوى العاملة وليس الشؤون الاجتماعية.
ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية محملة باعباء ومسؤوليات كثيرة ومتشعبة لا يمكن لها بأي حال من الاحوال خدمة قطاع القوى العاملة وقطاع الشؤون الاجتماعية مجتمعة.
فمكاتب العمل الموجودة في مختلف مناطق المملكة لا تؤدي الدور المطلوب المناط بها نظراً لتشتت اعمال الوزارة في القطاعين السابقين مما يصعب عليها التركيز على القوى العاملة وعلى الشؤون الاجتماعية في نفس الوقت كما اسلفنا.
ثم يأتي بعد ذلك ادارة الاستقدام بفروعها المختلفة والتي تتبع لوزارة الداخلية ولكنها ايضا لها دور كبير تلعبه في مجال القوى العاملة الوطنية فكلما تبحبحت في استقدام الايدي العاملة الاجنبية انعكس سلباً على القوى العاملة الوطنية، سواء اتى هذا الاستقدام للعمالة الوافدة من افراد او مؤسسات او بتوصية من مكاتب العمل لاستقدام الايدي العاملة الوافدة للمؤسسات والشركات.
ثم نأتي بعد ذلك لمجلس القوى العاملة، والحق يقال انه يبذل جهوداً مشكورةً ومتميزة من اجل جعل الاعمال المتوفرة في السوق مقصورا على الايدي العاملة الوطنية ولكن تبقى استراتيجياته وتخطيطاته المدروسة اقل فعالية، لأنه ليس هناك آلية لتفعيل تلك القرارات المدروسة والتي تساعد وتحمي الايدي العاملة الوطنية.
وانطلاقاً مما سبق، نجد ان هناك تشعباً وتشتتاً للجهود المبذولة من قبل اكثر من قطاع من قطاعات الدولة تخدم القوى العاملة الوطنية, فبنظرة بسيطة جداً نجد ان القوى العاملة الوطنية سواء في القطاع الحكومي او الخاص يقوم بخدمتها مسؤولون على النحو التالي:
ان هناك اثنين بمرتبة وزير اي ان هناك وزارة ونصف وزارة تخدم القوى العاملة (وزارة الخدمة المدنية، ونصف وزارة العمل والشؤون الاجتماعية) وان هناك اربعة مسؤولين بالمرتبة الممتازة لهذه (الوزارة ونصف الوزارة) هم:
نائب لوزارة الخدمة المدنية بالمرتبة الممتازة.
وآخر مدير عام لمعهد الإدارة المرتبط بوزارة الخدمة المدنية بالمرتبة الممتازة.
وهناك محافظ المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني بالمرتبة الممتازة وهذه المؤسسة تخدم القوى العاملة.
وهناك محافظ المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بالمرتبة الممتازة والتي تخدم ايضاً القوى العاملة.
ونخلص بنتيجة وهي ان اجابة السؤال السابق، هل نحن بحاجة الى وزارة للقوى العاملة؟
نقول نعم، فالجهود مشتتة ما بين ثلاث وزارات ومجلس القوى العاملة، وهي وزارة الداخلية ممثلة بادارة الاستقدام، ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية ممثلة بمكاتب العمل والمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني، والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية, ووزارة الخدمة المدنية ممثلة بمكاتب التوظيف ومجلس الخدمة المدنية ومعهد الادارة العامة المرتبط بها، الى جانب مجلس القوى العاملة.
ومن ها فان المقترح هو ضم تلك الجهات المبعثرة والتي تخدم القوى العاملة ووضعها تحت مظلة وزارة واحدة, هي وزارة للقوى العاملة للاعتبارات التالية:
ان الدولة ايدها الله تنظر الى المواطن على انه محور التنمية ولابد من الاهتمام به وتعليمه وتدريبه وتأهيله لكي يأخذ مكانه في المجتمع وفرصته في العيش الكريم.
ان ضم وزارة الخدمة المدنية مع ما يرتبط بها من معهد الادارة ومجلس الخدمة المدنية وغيرهما مع وزارة العمل، التي يقترح فصلها، وتسميتها بعد الفصل وزارة الشؤون الاجتماعية، وضم المؤسسات التابعة لها، وكذلك مكاتب العمل، وادارة الاستقدام بوزارة الداخلية لان اعمال تلك الجهات الحكومية مرتبطة مع بعضها البعض ولا يمكن فصلها او تجزأتها، سوف يوحد الجهود المبذولة لخدمة القوى العاملة الوطنية, ويكثف الجهود في سبيل توظيف الايدي العاملة السعودية، ومتابعتهم، وسهولة الاشراف عليهم، وتذليل العقبات والصعوبات التي تعترضهم.
ان ضم تلك الجهات المعنية والمبعثرة في وزارة واحدة سوف يؤدي الى ترشيد وتحديد المسؤوليات فليس هناك احداث لوظائف، فوزارة الخدمة المدنية قائمة كل ما في الموضوع تغيير المسمى الى القوى العاملة وضم ما يتبع لوزارة العمل الى وزارة الخدمة المدنية، وعند ذلك سوف يصبح معهد الادارة العامة جهازاً عليما وتدريبياً لموظفي الدولة ولموظفي القطاع الخاص، وسوف تكون المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني الجهاز العلمي والتدريبي في مجال التأهيل المهني والتعليم الفني وايضا للقطاعين العام والخاص.
سوف يؤدي ضم تلك القطاعات وتوحيدها في وزارة واحدة الى اختصار الوزراء المعنيين بالقوى العاملة الى وزير واحد بدلا من وزير ونصف وزير في السابق.
كما سيؤدي الى اختصار شاغلي المراتب الممتازة الى اثنين بدلاً من الاربعة الموجودين الآن، لأن وزارة القوى العاملة المقترحة سوف يكون لها بطبيعة الحال وزير ونائبان بالمرتبة الممتازة احدهم للخدمة المدنية ونائب آخر وليسمى للقوى العاملة فالنائب للخدمة المدنية سوف يرتبط به الى جانب ما يتعلق بالوظائف الحكومية معهد الادارة، والنائب للقوى العاملة سوف يرتبط به الى جانب مكاتب العمل للتوظيف والتعليم الفني والتدريب المهني والتأمينات الاجتماعية.
إن توحيد تلك الجهود سوف يفعّل دور وزارة الخدمة المدنية، ويخفف العبء عن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية المثقلة بالاعباء الجسيمة.
يكون مجلس القوى العاملة بعد ضمه مع مجلس الخدمة المدنية هو المهيمن على هذه الوزارة، يضع استراتيجية هذه الوزارة ويرسم الخطط ويضع الآليات المناسبة والمدروسة لتفعيل دورها.

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved