أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 11th July,2000العدد:10148الطبعةالاولـيالثلاثاء 9 ,ربيع الثاني 1421

الاقتصادية

شيء من المنطق
د , مفرج بن سعد الحقباني *
مصيبة,, في بيتنا خريج
اتصلت بأحد الأخوة الكرام هاتفيا لاطمئن على صحته اثر الوعكة الصحية التي تعرض لها خلال الفترة الاخيرة ودار بيني وبينه بعد ان انتهينا من كلمات الترحيب ورد الترحيب الحوار التالي:
قال بصوت متأثر جدا: يا ابا سعد,, أنا في مصيبة.
قلت: سلامات ماذا دهاك؟.
قال: لقد تخرج ابني رائد من الثانوية.
قلت: مبروك يا أبا رائد.
فقال: مبروك على ماذا؟ لقد تخرج ابني من القسم الشرعي بمعدل 80% فهل سأجد له قبولا في إحدى الجامعات السعودية؟ ثم ان وجدت فهل سأجد القبول في التخصص المرغوب والمطلوب الذي يستطيع بعد التخرج منه الحصول على فرصة عمل كريمة؟.
يا ابا سعد ألا تعلم بأنني اعيش معاناة طويلة مع ابنتي التي تخرجت من جامعة الإمام قبل اكثر من عامين تخصص شريعة ولم تستطع حتى الآن الحصول على عمل؟ لقد ذهبت الى كل المنافذ وطرقت كل باب ولم اجد لها فرصة عمل، حتى المدارس الاهلية لم ترض ان تعطي ابنتي الفرصة على الرغم من انها تعج بالمدرسات الاجنبيات، فهل تريد مني ان اقنع ابني بالدراسة في اي تخصص بغض النظر عن مستقبله في سوق العمل؟ انني بذلك اخدع نفسي واخدع ابني واقوده الى المصير المظلم، انني يا ابا سعد متخوف جدا من بقائه كأخته في البيت ان لم يجد قبولا في إحدى الجامعات ومتخوف اكثر من بقائه في البيت بعد التخرج من الجامعة، فماذا تريدني ان افعل؟.
فقلت له: اذا كان الامر كذلك فلماذا لا ينخرط في العمل من الآن؟ لماذا لا يتجه الى اسواق الخضار التي تم تطهيرها من السيطرة الاجنبية واصبحت مخصصة بالكامل لابناء الوطن؟.
فقال: استحلفك بالله يا ابا سعد هل ترضى بأن يتوقف طموح ابني عند هذا الحد؟ ثم لنفترض جدلا انني قبلت بذلك فكيف اقنعه هو بالقبول؟ ثم انت تعلم يا اخي انني لا امتلك رأس المال الكافي الذي يمكنني من دعمه ومساندته؟.
وبعد ان حاولت تهدئته وطمأنته انهيت الحوار وانا اشعر بهول موقفه كأب وبهول موقف الكثير من الاسر السعودية التي تعاني الامرين في هذه الايام نتيجة لتخرج ابنائها من الجامعات او الثانويات العامة، انهيت الحوار وانا اتساءل عن حجم وطبيعة المشكلة في الوقت الحاضر وعن حجمها في المستقبل خاصة وانها مشكلة تراكمية تضاعفت مع مرور الوقت وتزداد صعوبة وتعقيدا سنة بعد اخرى, انهيت الحوار وانا اتساءل عن الاجراءات التي اتخذت من العام الماضي وحتى الآن، وهل فعلا هنالك توجه حقيقي ووطني لحل المشكلة قبل ان تفرض علينا نتائجها السلبية؟.
يا سادة ان المشكلة الحقيقية لا تكمن في عجز الجامعات عن قبول الأعداد الهائلة من الخريجين ولا تكمن في بقاء الأعداد الهائلة من الجامعيين بدون عمل، ولكنها تكمن في سوق العمل ذاته الذي يعج بالكثير من المشاكل الخطيرة والتي عجزنا عن تصويرها ووضعها في حجمها الطبيعي، يا سادة اننا نحتاج في الوقت الحاضر الى ضرورة حماية عنصر العمل السعودي من الحرب العلنية التي تشنها عليه العمالة الوافدة وذلك من خلال وضع التدابير اللازمة التي تكفل الحد من الاستقدام الغير مقنن وتخفف من حدة المنافسة المفروضة على عنصر العمل السعودي، وحتى يمكن تصوير منطقية الحماية المنشودة اطرح السؤال التالي: ماذا لو تم فتح الاسواق السعودية أمام المنتجين الاجانب لاقامة مشاريعهم على الارض السعودية دون قيد او شرط واعطوا كافة المميزات التي تمنح للمنتج السعودي فهل سيبقى منتج سعودي واحد في السوق السعودية على الرغم من الاخير قد اخذ فرصته في الماضي واكتسب الخبرة اللازمة للمنافسة ام انه يحتاج الى ستار جمركي وغير جمركي يحميه من المنافسة الخارجية؟,, واتساءل عن الحال التي سيكون عليها التاجر السعودي لو تم الغاء الحواجز الجمركية وغير الجمركية أمام المصدرين الاجانب فهل سيبقى تاجر واحد في السوق؟,, فإذا كانت الاجابة واضحة فإن من الواجب ان نحمي شباب الوطن من الضغوط النفسية التي تسببها له المنافسة الغير عادلة التي تفرضها عليه سياسة الاستقدام المفتوح ونحمي الاسرة السعودية من الضغوط النفسية التي يسببها بقاء ابنائها خارج اسوار الجامعة او خارج سوق العمل السعودي، فمتى تتحق الحماية اللازمة ومتى تبدأ اجراءات التصحيح العملية؟,, نتمنى ان يكون ذلك في القريب العاجل.
* أستاذ الاقتصاد المشارك بكلية الملك فهد الأمنية

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved