أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 12th July,2000العدد:10149الطبعةالاولـيالاربعاء 10 ,ربيع الثاني 1421

مقـالات

لا وقت للصمت
مَن نكون ,,, ؟!
فوزية الجار الله
أعود أحياناً إلى قراءة مقال نُشر منذ عام أو ثلاثة أعوام، وخاصة فيما يتعلّق بالتطور التكنولوجي والحضاري فأجده غير صالح اطلاقاً للحديث عنه اليوم وأنه أصبح من العهد القديم!
يبدو ذلك واضحاً بشكل مذهل,, وهو نتيجة حتمية للتطور الهائل الذي عمَّ العالم بأجمعه في السنوات الأخيرة,, ذلك التطور في كافة المجالات العلمية والتكنولوجية وفي نظام المعلومات,, أصبح الإنسان أكثر تفتحاً ووعياً وأكثر معرفة وأصبح أشد إحساساً بكل ما يدور حوله بدءاً بأعماق الإنسان وليس انتهاء بهذا الكون الشاسع وبكل ما يحمله من جزر ومدن وكواكب ونجوم ومجرات,, هذا التغيّر الشامل والسريع كان من الطبيعي أن يترك أثراً على كل فرد منّا,, يتنوّع هذا الإحساس, ابتداء من إحساسه العميق بمدى ضآلته أمام قدرة الخالق الذي قدّر كل شيء وحسب لكل ذرة حساباً منذ بدء الخليقة وحتى انتهائها,, وانتهاء بتحكيم عقله والتعامل مع ما حوله بوعي وانفتاح.
ورغم ذلك هناك فئة من الناس حين تعاشرهم أو تسمع بهم تعجب كثيراً وتتساءل عن تكوينهم النفسي المتحجِّر الذي يبدو كأنما ما زال يعيش في عصر ولّى ورحل,,ولا يعلم شيئاً عن عصرنا هذا!
إنهم فئة أولئك المهووسون بالسطحيات والشكليات والرغبة في أن يكون لهم أهمية بين الناس بأي طريقة كان ذلك,,!
هذه الرغبة الجامحة هي التي تدفع أحد الناس مثلاً إلى أن يحمل دائماً حقيبة يد صغيرة,, مخصصة للوثائق والمستندات الهامة لكنه لا يضع فيها شيئا سوى بعض الساندوتشات,.
إلا أنه يصر في كل وقت أن يراه الناس حاملاً تلك الحقيبة لأنه من المهم أن يجعلهم يتوهمون أنه من الأشخاص ذوي الشأن في الحياة وبالتالي ينال إعجابهم!
حدثتني إحدى الأخوات عن مديرة لها تستميت في سبيل أن تبدو دائماً في مظهر مهيب,, ولذا فهي ترسم خطواتها تماماً وتضبط حركاتها وسكناتها كي تبدو دائماً في وضع مرسوم (يا أرض انهدِّي ما عليك قدِّي),,
وقد أدركت الزميلة ذلك ولذا فقد كانت على خلاف دائم معها,, وذات مرة أرادت أن تجرب شيئاً آخر ,, دلفت إلى غرفة مكتبها ,, ووقفت أمامها تحدثها عن إحدى مشكلات العمل,, وأثناء حديثها قالت:
طبعاً ونحن لا نشك إطلاقاً أنك حين تضعين يدك في أي أمر فهذا يعني نجاحه,, وأننا لن ننجح ,.
ولن نكون إلا بحسن رعايتك حفظك الله!
تقول محدثتي: لاحظت انتشاءها بالكلمات فقد مدّت يديها بحركة لا شعورية وأخذت تصلح ياقة ثوبها وتجعلها أكثر بروزاً كما هو ذلك الريش الملون الذين يزيِّن عنق الطاووس!
لم تكن حالة تلك السيدة المديرة سوى نموذج واحد لكثير من البشر الذين يعتقدون أنهم الأذكياء الوحيدون ,, وأنهم وحدهم يحملون المفاتيح لكل المشكلات ,, وهم لا يعلمون بأن ثمة غشاوة مظلمة تغطي أعينهم عن رؤية حقائق هامة جداً في هذه الحياة ,, أولها حقيقة أنفسهم!
يبدو الحديث في هذا المجال ذو شجون,, ولا بد لي من عودة إليه.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved