أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 12th July,2000العدد:10149الطبعةالاولـيالاربعاء 10 ,ربيع الثاني 1421

عزيزتـي الجزيرة

لا أحفل بما في بطن الشاعر
أنا ابن بجدتها ,, فماذا أردتني كاتباً؟
عزيزتي الجزيرة
تحية طيبة وبعد
فما أكثر ما اكتب تعقيبات وما أكثر ما يرد عليّ من عقبت عليهم وانا ما أرد على من عقب حبا في ترك الجدل، وايثارا للسكوت عن قوة لا عن ضعف، وتحكيما للقارئ مطبقا على نفسي ما قال المتنبي:


أنام ملء جفوني عن شواردها
ويسهر الخلق جراها ويختصم

إلا ان الاخ الاستاذ الشاعر احمد جمال الدين احمد زودها حبتين وخطأني في كل ما قلت عند نقدي لقصيدته (الحب الكبير) مستغفلا فطنة القارئ، مستغلا سكوتي ولكن رأيت ان,, لا بد مما ليس منه بد وحتى لا أكون في موقع ابي فراس عندما قال:


تغابيت عن قوم فظنوا غباوة
بمفرق اغبانا حصى وتراب

وهذه ملاحظاتي على ملاحظاته
1 برُّ الأم: قال ان البر هو الطاعة وبنى على مقدمة خطأ نتائج صحيحة او خاطئة لا يهم لان الأساس خطأ.
فقد تضع مقدمتين خاطئتين لتخرج بنتيجة صحيحة وهذه يعرفها أهل المنطق الارسطي مثل: كل إنسان حصان (مقدمة خاطئة) وكل حصان عاقل (مقدمة خاطئة) والنتيجة الصحيحة: كل إنسان عاقل، هذا إذا كان السامع مغفلا وسلم بالمقدمة الخطأ.
والبر كلمة جامعة لكل خير، ولا تقتضي الطاعة فقط، فالبر: الخير كما في المعجم الوسيط (اقرب مرجع تحت يدي) فالابن يبر أمه وأباه حتى لو كانا كافرين دون ان يطيعهما, قال الله تعالى: وان جاهداك على ان تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا,, وأما ان حب الأم لفظ طفولي فما يحتاج الى نقاش وقد كتبت لك اوضح شاهد: بتحب بابا ولا ماما .
2 الشعر والشهادة الجامعية:
أما إذا لم ينفع التلميح فلا بد من التصريح فأنا من باب طلب المستحيل تمنيت ان لو كان الشاعر يحمل شهادة كتب فيها:
تشهد جامعة كذا ان الاستاذ أحمد جمال الدين شاعر بتقدير,.
3 قال الشاعر الاستاذ احمد تعليقا على قولي: وما اعرف أي ذرا ارتقى فوقها ولاؤه الخ : هذا تعبير استعاري حيث شبهت حبي للوالدة الكريمة بالمرتقي فوق كل شيء,, الخ ويقول: وفي لفظة الذرا استعارة تصريحية, وهذا يدل على جهل عجيب شديد بالاستعارة:


فان كنت لا تدري فتلك مصيبة
وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم

الاستعارة ياسيدي تشبيه حذف احد طرفيه، ومجاز علاقته المشابهة فما وجه الشبه بين الحب والارتقاء؟ تقول: هجم الأسد على الجيش تقصد القائد ووجه الشبه الشجاعة, قال أبو ذؤيب الهذلي:


وإذا المنية انشبت اظفارها
ألفيت كل تميمة لا تنفع

فشبه المنية بالوحش للافتراس والقتل, هذه استعارة فما وجه الشبه بين الحب والمرتقي؟
4 قال الشاعر: قد صار حبك في الفؤاد مكبرا.
قال عن صار: وانما هي صار التامة بمعنى استقر، وتكتفي بمرفوعها.
واقول له: يا شاعرنا
هل ينفع ان تقول: (قد صار حبك) فقط وهل يستقيم المعنى دون قولك مكبرا؟ يا أخي اقرأ بيتك على طلاب الابتدائية واسألهم: ماذا صار حبك؟ وسيجيبون معا: مكبرا.
5 قال الشاعر عن الباء في قوله دمعا بعيني قد جرى انها للاستعانة، مثل كتبت بالقلم: وأقول له:
أولا: احذر لا تفقأ العين بالقلم.
ثانيا: جرى الدمع بالعين هذا ليس للاستعانة وانما للظرفية فالعين مكان جري الدموع, قال تعالى: لقد نصركم الله ببدر , (انظر المعجم الوسيط)
6 قوله عن تعليقي على البيت الثالث والركاكة التي فيه وهو: (اولست في مهدي صغيرا تسهرين إلخ واشهد الله انني جلست مليا احاول معرفة وجه اعتراض الاستاذ نزار,,)
اقول لك يا أخي: الركاكة تكون ضعفا في التركيب والأسلوب مثل قولك اولست في مهدي صغيرا تسهرين,, الخ ثم: من الصغير انت أم المهد؟
اما وجود أولا بدون ثانيا وثالثا (كما اخذت علي) فهذا يسمى سوء التقسيم وليس الركاكة: وهو لا ينطبق على حالتي, قال الشاعر يهجو بني حنيفة:


صارت حنيفة اثلاثاً فثلثهم
من العبيد وثلث من موالينا

فصار الحنفي إذا سئل: من أي ثلث هو، يقول: انا من الثلث الملغى ذكره.
اما النصائح الطبية فللمداعبة والفائدة والاستعراض.
7 تعليقه على قولي: وهذه نقلة عجيبة من الرضاع والطفولة الى المراهقة والشباب .
وأنا انقل البيتين الرابع والخامس دون تعليق.


(4) فيجف دمعي بالحنان يحفني
ويبيت طرفك ساهرا يأبى الكرى

دموع وطفولة وسهر .


(5) اولست رمزا للهداية والتقى
وبدون نصحك قد اعود القهقرى

(النصح لمن للطفل أم للمميز على الأقل؟)
أما العَود بمعنى الصيرورة الذي خطأتني فيه مع اني وجدت لك فيه مخرجا من الماضي السيئ: فقد قال تعالى في سورة ابراهيم الآية 13:
وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من ارضنا او لتعودن في ملتنا .
فهل كان الرسل في ملتهم ليعودوا إليها؟ ام العَود هنا بمعنى الصيرورة؟؟ هذه واحدة, والأخرى: قولك: عاد الرجل شيخا فهل لعاد معنى هنا غير الصيرورة وهل كان شيخا قبل الشيخوخة ليعود وانظر المعجم الوسيط مادة عاد,, قال الشاعر:


وكم من عائب قولا صحيحا
وآفته من الفهم السقيم

8 البيت السادس اسير بمعنى الآسر او المأسور هذا فيه فائدة صرفية لغوية ولهذا ذكرته.
9 البيت السابع يقول الشاعر عنه: فيه مقابلة بلاغية ,
واقرؤوا البلاغة التي عجز عنها السكاكي في المفتاح:


فالكون من دون ابتسامك مظلم
وإذا بسمت ارى الوجود منورا

الا يشبه قول القائل


كأننا والماء من حولنا
قوم جلوس حولهم ماءُ

10 البيئة الفلاحية مع الاحترام كناية عن,.


قالت الضفدع قولا:
فسّرته الحكماءُ
في فمي ماء وهل ين
طق من في فيه ماءُ

ثم اعيدك الى مسرحية الا خمسة لتسمع ما قالت ماري منيب.
11 البيت التاسع: يقول الشاعر: مرجع الضمير واضح لا يحتاج الى تنويه, قلت: هذا في نظرك ولكن إذا كان الاسم في بيت والضمير في بيت آخر الا يستحق التنويه؟


12 اماه ابقاك الا له عزيزة
محبوبة مرفوعة بين الورى

ياأخي ما للسيدة الوالدة وحب الورى والناس جميعا لها، وما المناسبة؟
ثم انك قلت عن مرفوعة بعد ان قلتُ لك أنا: لعلك تقصد: مرفوعة الرأس قلت نعم وهذا مجاز مرسل علاقته الكلية.
وأقول لك هذا ليس مجازاً مرسلاً لان المجاز المرسل استعمال لفظ في غير ما وضع له مع قرينة تمنع ارادة المعنى الأصلي، لكن مرفوعة الرأس يمكن ان ترفع المقصودة رأسها حقيقة (بالمعنى الأصلي) وهذه هي الكناية: فالكناية استعمال لفظ في غير ما وضع له مع امكانية ارادة المعنى الأصلي,.
وقولك مرفوعة ان كنت تقصد مرفوعة الرأس كما قلتُ انا لا أنت هو كناية عن صفة: عن الفخر والاعتداد بالنفس والعفة والبعد عن الدنايا,,, الخ.
أخيراً ياسيدي الشاعر طوّل بالك علينا ام ان الحقيقة تجرح، والنقد مرفوض، وكنتَ تود مني ان اقول لك: ما شاء الله، هذا هو الشعر املؤوا فمه لآلئ وذهبا، انت اشعر الانس والجن,, وساعتها ترضى ولا تخطّئني في شيء, واقول لك لا مدحا لنفسي وانما استشهاداً فحسب ما قاله الحطيئة.


انا ابن بجدتها علماً وتجربة
سلني بسعد تجدني اعلم الناس

فقد درست الشعر دواوين ودرست النقد القديم والحديث (إلا الحداثة الحديثة جدا) وانا اسير في قراءتي للشعر على مذهب الظاهرية وما علي بالمعنى الذي في بطن الشاعر,شاكرا للشاعر دفاعه (وان كان لم يجد فتيلا) ولالجزيرة الصحيفة الكبيرة وصفحة عزيزتي الجزيرة القديرة والقراء الكرام والسلام ختام.
نزار رفيق بشير
الرياض

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved