أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 13th July,2000العدد:10150الطبعةالاولـيالخميس 11 ,ربيع الثاني 1421

الاقتصادية

في الاقتصاد
اقتصاديات العالم الإسلامي المتواضعة
د, سامي بن صلاح الغمري
يتمتع العالم الإسلامي بقدرات وامكانات مادية وبشرية ضخمة تؤهله من وضعه في مكان مناسب بين الأمم وتمكنه بكل يسر من التعامل مع التطورات الاقتصادية العالمية، فمجموع دول العالم الإسلامي أكثر من 50 دولة تعتمد في اقتصادياتها على النشاط الزراعي وقطاع الخدمات والانتاج الصناعي، فيه تتفاوت النسب المئوية الموزعة على نوعية النشاط الاقتصادي الغالب على سكانه, فمعظم دول العالم الإسلامي (القارة الهندية) يرتبط السكان بالقطاع الزراعي المكثف تزيد فيها النسبة عن 85%، بينما يبقى القليل من دول يمثل النشاط الصناعي نسبة 30% مقاربة بالنسبة المئوية في العالم الصناعي الغربي، وبلغ الناتج المحلي للعالم الإسلامي مايقارب 820 مليار دولار مايعادل 15% من ناتج الولايات المتحدة الامريكية (6 آلاف مليار دولار), كما أن عدد السكان يقارب من المليار ونصف المليار نسمة يشغلون أقطارا شهدت حضارات عريقة محتفظة بمواقع جغرافية استراتيجية في العالم القديم آسيا وأفريقيا, ورغم أن سكان الولايات المتحدة الامريكية لايزيد عن 300 مليون نسمة فإن ارتفاع الناتج المحلي أعلاه لها مرجعه إلى استخدام الميكنة والتصنيع وارتفاع انتاجية العامل فيها مقارنة بالعالم الإسلامي مؤدية إلى أن نسبة الواردات إلى الصادرات فيه تصل 180% إلى 800% تشغل المكونات الرئيسية للصادرات المواد والخامات الأولية, وهي بذلك سمة من سمات العالم النامي التي تعتمد معظمها على تصدير خامة واحدة في اقتصادها وتأخذ النصيب الأكبر من صادراتها, ويترتب على ذلك الاعتماد المتزايد على العالم الصناعي الغربي في استيراد سلعة الاستهلاكية المتضاعفة الاثمان من ناحية ومن ناحية أخرى زيادة التبعية التكنولوجية والتقنية له, وقد يرجح سبب تراجع الاقتصاديات الإسلامية رغم امكاناته المتاحة إلى عدد من العوامل لعل من أهمها:
- تفكك الدول الإسلامية في تعاملها مع الانفتاح والتغير الاقتصادي فمعظم الدول تتصف بالانفراد فهي ذات اقتصاديات غير مترابطة في تكتلات اقتصادية وذات دخل منخفض، إضافة إلى ذلك تتصف بضعف الهيكل الانتاجي الصناعي التقني المعاصر بها, ظهر منها الانتاج بصور تقليدية قديمة محلية غير قادرة على ايجاد نصيب من السوق العالمي, كما ظهر الانتاج الصناعي بحاجة ملحة إلى تحديثه وتطويره لمواكبة التطورات التقنية المتسارعة في بقية العالم.
- الافتقار إلى وجود أنظمة التكامل الاقتصادي بين الدول الإسلامية لكي تؤثر بشكل أفضل في التعامل مع العولمة التي غالبا ما تنصب خيراتها في ميزان القوي الغربية, فالاتفاقيات التجارية أقل ما يتوقع منه عند مقارنة مثلا بسوق مجموعة الدول الأوروبية المشتركة من حيث العمالة والزراعة والسلع والخدمات والعملات (اليورو).
- ان العالم الإسلامي رغم مايملكه من مساحة جغرافية هي أكبر من مساحة الولايات المتحدة الأمريكية بثلاثة أضعاف وفيه من الهبات المعدنية والثروات بأنواعها إلا أن عدم تفعيل هذه الموارد التي قد تجعل منه كيانا اقتصاديا عملاقا عالميا له مكانته الرفيعة بين الأمم، أدى إلى اتساع الفجوة بينه وبين العالم المتقدم.
- غاب على بعض شعوب العالم الإسلامي (المستعمرة سابقاً) ان تقابل التيارات المعاصرة بحرص أكبر سواء في التعامل مع الثقافات أو مع السلع المستوردة أو حتى الشك والتردد بقبولها.
وهنا فإن الأقدر على التفكير والاستطلاع في كل مايدور في عقلية غيره هو بالتأكيد الكاسب مادياً ومعنوياً يكون فيها بعيداً عن مواقع الفتن ومتاعبها، ويتعين على العالم الإسلامي أن يركز بكثافة على تنمية الوعي الديني والثقافي العام في كل ركن من أركان دياره ولايكون جل اهتمامه منصباً على النواحي المادية الملموسة, فتربية الأحداث لابد أن تقترن بمنهج وأسلوب تعدهم اعدادا يتماشى مع الشخصية الإسلامية المميزة, والمفترض أن يكون التعامل بين الدول الإسلامية ثقافياً في المرحلة القادمة تعاملاً مركزاً على النظر في مدى امكانية التأثير أو التأثر بالثقافات العالمية وتقييم كل مرحلة تقييماً جيداً تمكنه من القيام بدور فعال قياساً بالعالم الغربي مثلاً وبحيث يأتي جني الثمار على نحو ما توقع منه.
ولايعتقد أن أسباب انخفاض مستوى فعالية العالم الإسلامي ومشاركته العالمية ترجع إلى شح في الموارد الطبيعية، فقد حباه الله بالكثير منها, ولايظن أن العالم الإسلامي يفتقر إلى عقول قادرة على التعلم والتعليم والإبداع والابتكار في مختلف المجالات أو أنه عالم يتصف بقلة في الأيدي العاملة القادرة على العطاء والعمل وأن الأمر كله يرجع إلى أن العالم الإسلامي لم يوظف كل قدراته وامكاناته الضخمة التوظيف الأمثل والتعاون المتكامل لتحقيق الهدف المنشود له أجمع, ذلك لأنه لم يعد في الوقت الحاضر مكان للانعزالية الاقتصادية أو الانفرادية الذاتية, فالتعاون والتكامل الاقتصادي هو المدخل الحقيقي لعصر التغيرات الحضارية المتسارعة وهو المطلب لمقابلة المستجدات المستقبلية.
وفي حين استمرار حال العالم الإسلامي في تفككه وبقائه كما هو دون الأخذ بالأسباب أسباب التطور والنمو فلاشك سوف تستمر الفجوة الاقتصادية والحضارية بينه وبين العالم الغربي, وسيجد نفسه خلال العقود القليلة القادمة بفوارق حضارية كبيرة شاملة معظم المجالات التكنولوجية والعلمية والمالية, فالوقت يمضي بسرعة ولابد للأمة الإسلامية أن تحزم أمرها, فعليها أن تضع في مقدمة أولويات عملها النظر إلى المستقبل ومسائله في ضوء رسم استراتيجيات علمية وواقعية يناط بها إعادة النظر بالهيكل الاقتصادي العام لمحاور منها:
- توحيد القوانين المنظمة للاستثمار والجهات التي يتعامل معها المستثمر, فينبغي تحديث القوانين والاجراءات الاقتصادية والمالية التي يمكن أن تفعل الموارد المكتنزة فيه ورفع أيضاً جدوى استثمار الموارد البشرية والطبيعية وصولا بها إلى الارتقاء بالمستوى المعيشي والمادي إلى حالة متقدمة من التطوير الكمي والنوعي لسكان العالم الإسلامي.
- توجيه الاستثمارات المحلية والخارجية إلى المجالات الانتاجية غير التقليدية الطويلة المدى والتي لاتهدف إلى الربح السريع دون أن تساهم في زيادة المقدرة الانتاجية الحقيقية, وهذه المشروعات تحتاج إلى قدر كبير من الشفافية عن فرص الاستثمار ومجالاته واثمان السلع والخدمات وأفضل الطرق التي تعين وتشجع المستثمر على إقامة مشروعه في احد بلاد العالم الإسلامي الكبير.
- توفير ودعم الجهاز المصرف وسوق المال والغرف التجارية حتى تنهض بكفاءة واقتدار بخدمة وإدارة التدفقات الرأسمالية المتوقعة في حال التغير.
- التخفيف من القيود المفروضة على النقد الأجنبي (دول أفريقيا مثلاً) ضمانا لاعادة تحويل الأرباح مما يساعد علي توفير البنية الملائمة للشركات الأجنبية خاصة عند إقرار المزايا والحوافز والضمانات الجاذبة للتوطن الصناعي, وقد يكون ربط حوافظ الاستثمار بالتوزيع الجغرافي في العالم الإسلامي دافعاً جيداً لتوازن تنموي يتم فيه التركيز على المناطق النائية التي كانت بعيدة في نصيبها التنموي العام عن المدن الرئيسية.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved