أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 14th July,2000العدد:10151الطبعةالاولـيالجمعة 12 ,ربيع الثاني 1421

شرفات

الأديبة نجوى شعبان ترفع المرآة كي نرى حقيقتنا
تسيد المرأة حالياً وتسيد الرجل سابقاً يفتح دائرة شريرة
تعمل نجوى شعبان بالصحافة الثقافية، تتابع وتعلق وتنقد وفي زحام العمل تبحث عن هوية اخرى لها,, عن قصة تكتبها وتتواصل بها مع قارىء آخر,, فيبقى الادب بالنسبة لها طقسا وهوية واستكشافا للذات,, ومع نجاح روايتها الاولى الغر وحصولها على احدى الجوائز العربية بدا لها ان الاختيار بين الادب والصحافة يكاد ان يكون محسوما، ومع ذلك لاتزال نجوى شعبان تجمع بين ضرتين: الصحافة والكتابة الادبية.
رواية وجائزة
*نالت روايتك الاولى الغر جائزة الشارقة للابداع النسائي,, فهل تضعين ككاتبة مواصفات تجعل النص مطابقا للجوائز؟
لا,, بالطبع,, لاني اكتب الرواية تحديدا لان لي وجهة نظر في العالم، وفي تجليات الحياة من خلال التاريخ والتناقضات داخل الشخصية الواحدة، فضلا عن التباين بين المصالح والاهواء في عالم رجراج غائم الملامح,, وفي روايتي الغر تعرضت بالانتقاد للعقلية العربية والنظام الابوي وبالرغم من ذلك فقد فازت بالجائزة, رغم انني تعرضت ايضا لتجربة الايمان الحقيقي الى جانب ايراد شخصيات هي من قبيل الاقليات في العالم العربي كشخصية الارمني والكردي, ولاحقا في روايتي الحالية تحت الطبع اعرف مسبقا أن ماستقوله بعض الشخصيات في الرواية قد لايجد قبولا لانه يرفع المرآة في وجوهنا حتى نرى انفسنا علىحقيقتها وليست صورتنا الواهمة عن انفسنا او ان تستحوذ علينا صورتنا التي يرسمها لنا الآخرون الغرب تحديدا فشخصياتي تدعو ليس من وجهة نظري كمؤلفة، لاني قادرة على استبطان عوالم الشخصيات الاخرى تدعونا هذه الشخصيات الى الا ندفن رؤوسنا في الرمال, ومؤخرا وصلت الى يقين أن اكف عن أن اقول او اعمل ما يرضي الآخرين، ولست في حاجة الى اقنعة حتى اكون انا نفسي.
مصادر الإبداع
* اعتمدت في رصد هذه الفترة التاريخية على مصادر علمية متعددة,, ربما مشاهدات وقراءات اخرى,, كيف كان ذلك؟ وكيف اذبت المعلومة داخل النص ,,,؟
بطبيعتي كانسانة انني ذات ولع كبير بالمعرفة اهمها الانثربولوجيا او علم الاناسة كما يسمونها، وهو فرع من العلم يقتضي قراءة التاريخ والجغرافيا، وتطور الخيال البشري بما انتجه من اساطير وديانات وضعية، لان كل ذلك يسري فينا مسرى الدم في عروقنا، مثل الوعي واللاوعي الجمعي , واذا اخترت شخصية من الماضي فلابد من ان اتلبسها وتتلبسني، حتى اكون صادقة، حتى في حركات يديها اللاشعورية، او تمتمات البركة التي تدعو بها الرجل، فلا توجد شخصية مكتوبة اساسا دون أن تكون جغرافية بيئتها تشكل جزءا من تكوينها، وكذلك في التاريخ الحكم من قبل الاجانب او الفاتحين، فضلا عن الفلكلور,, كل ذلك يصنع رقات في تفكير الشخصية وسيكلوجيتها وروحانيتها,حتى استحضر روح المكان سافرت الى الصحراء الشرقية وزرت المناطق التي وردت في الرواية، كما سافرت الى مناطق في سوريا ولبنان، وقد استعضت بالطبيعة التي رأيتها في الولايات المتحدة الغابات تحديدا في مشاهد تدور داخل الغابات في دول اروبية,, بجانب قراءاتي في الطبيعة والمحميات الطبيعية مثل الشعاب المرجانية في البحر الاحمر والحياة البرية والحيوانية في العالم, كما انني مدينة بالشكر للجمعية المصرية التاريخية والجمعية الجغرافية المصرية والى مجلة ناشيونال جيوجرافيك وهي مجلة جغرافية دولية.
*الملاحظة الثانية بجانب كم المعلومات أن الفصل الاول يبدو مستقلا كرواية صغيرة على حين تأتي بقية الفصول اشبه بالبورتريهات الشخصيات او الصور القلمية؟
الفصل الاول الذي اعود به الى الربع الاخير من القرن التاسع عشر، حينما اصدر الخديوي اسماعيل قانونا بابطال تجارة الرق وتهريب جارية من غرب السودان، نراها تمشي بحذاء النيل في رحلة ايزيسية حتى تستقر في دمياط وتؤسس لعائلة لها اهتياج المرح رغم سوداويتهما رؤيوية وان كانت خشنة الطابع,, فالجارية صافيا هي تأسيس للعائلة التي يتبدى خبلها وعدم تكيفها مع واقع مخاتل في النصف الاخير من القرن العشرين, لان كل شخصية من نسل صافيا لها علاقة روحية رؤيوية مع الجدة التي تظهر كطيف متكرر في احاديث الرواية, فالفصل الاول الذي يدور عن صافيا هو تأسيس لبقية الفصول التي وصفتها بأنها بورتريهات، فثمة ترابط بين فصول الرواية وليس هناك ادنى انفصال, حيث ان قدر صافيا الجارية سيكون قدر كل من تسمي صافيا على اسمها، فمثلا صافيا فيه المعاصرة رغم استقرارها المادي الا انها ضائعة ومشوشة وبحاجة إلى رجل وحنان خرافيين, اما صافيا الاولى فرغم بساطتها الروحية والعقلية المتماهية مع الطبيعة فقد كانت عبدة في الحقيقة بما تحمله من سيكولوجية عبدة، لكن رغم ذلك كانت محلقة وماتت على يقين خاص بها.
مفهوم النسوية
*الاحتفاء بروايتك الاولى هل يدل على ان كتابة المرأة اصبحت فاعلة وليست مجرد ديكور ثقافي؟
ما انجزته الكاتبات على مدى نصف قرن جعلهن ظاهرة في حد ذاتها، والظاهرة تسبق التنظير دائما، وكون أن هناك جوائز تخصص للمرأة المبدعة هو نتيجة لزخم بمعنى كثرة وغنى الكتابة النسوية أي الناتجة عن المرأة وليس بمفهوم النسوية ولكن لا يزال الابداع في الوطن العربي يهاجم سواء كتبته امرأة ام رجل,, بجانب ان المثقفين مهمشون في الحياة العربية، فهم يستخدمون في احيان كثيرة كقربان يضحى به عن آثام المجتمع, فاذا كان ثمة اضطهاد فهو واقع على الكاتب والكاتبة معا.
* بدا من اجابتك السابقة ان لك رأيا مخالفا للسائد في مفهوم النسوية كتيار مابعد حداثي في الفن والادب؟
انا لست نسوية بالمعنى المتداول حاليا، فلا اقف في موقع تحد ضد الرجل او مطالبته بتعويض عن آلاف السنين من تهميش المرأة، ففي كتابتي ادعو الى شراكة ناضجة بين الجنسين، لان تسيد المرأة حاليا مقابل تسيد الرجل سابقا يدخلنا في دائرة شريرة، وهو ما يحدث حاليا، وهو الامر الذي من شأنه ان اصبحت العلاقة بين الرجل والمرأة اكثر تعقيدا وصبيانية عما كان عليه الامر في الماضي، الذي لم يكن بالضرورة عادلا الا ان الادوار بين الرجل والمرأة كانت واضحة, فلا انظر الى الرجل باعتباره خصما بل اطمع في حوار عقلاني وانساني بيننا فيثري الواقع والكتابة ايضا.
* اصدرت قبل روايتك مجموعة قصصية بعنوان (جدائل التيه),, هل كان ذلك بمثابة تمرين على كتابة الرواية؟
اعتبر مجموعتي الاولى جدائل التية بمثابة تدريبات للكتابة لاكتشف أن لدي نفسا اطول، وحسا بالكتابة/ المشروع,, الذي يضم احداثا تتوازى وشخصيات ذوات خلفيات متباينة للغاية، وما يضيفه واقعهم عليهم من ردود فعل وتبني توجهات معينة حيالها وحيال الحياة بشكل عام.
سلبية الصحافة
*الهم الصحفي باعتبارك صحفية نشطة ومترجمة تتابع الخبر الثقافي اينما كان,, الا يؤثر ذلك على التفرغ للكتابة الادبية ,,, ؟
افادتني الصحافة حيث بدأت عملي كمترجمة في القسم السياسي، في الاطلاع على الاحداث التي تجري في العالم وعلى تنافرها الايدلوجي,.
ولان الصحافة تتحدث عن العالم كله، فالصحفي الحق يتعين عليه أن يكون موسوعي المعرفة،ولانني اعمل في وكالة انباء فانني بالضرورة مطلعة على ماتبثه وكالات الانباء الاخرى في العالم بأسره.
اضافة الى اتقاني للغتين اجنبيتين قد دفعني الى ان اقرأ اصول الاعمال العمدة في مجالات السياسة والسيكلوجيا والفن التشكيلي والادب حيث تخصصت فيه كمحررة ثقافية.
فهي علاقة صحية كونت شخصيتي لكن العلاقة السلبية أن الصحافة لاتحب شريكا وكذلك الادب، فالرواية تتطلب وقتا وجهدا ومعايشة ذهنية ونفسية، ولذلك اضطر الى حل وسط، وهو العمل نصف الوقت بنصف الاجر، مضحية بالجانب المادي الى حد كبير كي اجد وقتا للكتابة,, ووقتا للابداع,, ولو استطعت في المستقبل لتفرغت تماما للكتابة.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved