أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 18th July,2000العدد:10155الطبعةالاولـيالثلاثاء 16 ,ربيع الثاني 1421

مقـالات

بوح
الفشل
إبراهيم الناصر الحميدان
يبدو لي أنه من الطبيعي أن ينتهي حصاد الإنسان الى حقيقتين لا ثالث لهما فإما أن يكون النجاح أو الفشل وذلك يعني بصريح العبارة انه حاول وجاهد فكان هذا نصيبه النهائي, ومن الطبيعي أن يواجه الإنسان في طريقه معوقات كثيرة من المفروض ان يتحداها أو هي تتحداه ولا بد في النهاية من أن يتغلب أحدهما على الآخر لسبب او لآخر خارج إرادة الإنسان والمبدع بالذات أول من يرفع عصا الكفاح المتواصل وإلا لما اتصف بهذه الصفة, أعني صفة المبدع الخلاق .
كما أن الحصاد ليس في متناول كل مبدع حيث إن نسبة النجاح ليست ذات معيار واحد لذا فإن كل واحد يواجه ما كتب له باقتناع لأنها إرادة الله, وهكذا فانه من الظلم أن يوصم فرد ما ولا سيما المبدع بصفة الفاشل في بعض الأمور الشخصية مثل الزواج أو الحب وسواهما لأن البحث عن النجاح يخلق مع الإنسان ويواجه هذا المصير منذ نعومة أظفاره لتبدأ قصة كفاحه مع الواقع لذا فانه معرض لوجهي النتيجة التي يسعى الى افضلها وأكثرها إشراقا حيث من المستحيل ان يسعى الإنسان السويُّ نعم السويُّ المكتمل النضج والتفكير الى البحث عن الفشل, هذه الكلمات المخلصة والمتواضعة أهديها الى أحد كبار الكتاب الذي وقع في فخ الخطأ عندما نعت زميلاً له مات بالمرض بأنه فشل في الحب والزواج لأن هذا المصير حدث بالرغم منه، أي انه مقدر عليه وإلا فليقدم أي مبرر أوقع صاحبنا في الخطأ برغبته الكاملة فكلنا أحببنا, والقليل من نجح حتى النهاية, فالملل والرتابة قد يكونان سببا في فشل الحياة الزوجية ولكن هل من السهولة اكتشافه لمعالجته قبل حدوث الكارثة, وحتى العباقرة وكبار المفكرين توجد في حياتهم اخفاقات شخصية لم يكتشفوها إلا بعد فوات الأوان.
لذا فإن بعضهم أنهى حياته بالانتحار إشفاقا على سمعته, فالفشل إنما هو لعوامل تفوقت على إرادتنا وانتصرت عليها فلماذا كان فلان من الناس بعكس اشقائه تاجراً ناجحاً يشار إليه بالبنان لا تفسير لذلك أكثر من أنها إرادة الله, وذلك العامل البسيط في متجر معروف هل كان يتوقع ان يصبح أكثر نجاحاً من رئيسه فيتفوق عليه في الإدارة وهو الأميُّ ليكون شخصية مرموقة, وصديقنا الكاتب الذي انتقد زميله هل كانت المواهب التي منحها الله له من حصاده الشخصي ام خلقت معه وبأمر ربه؟ وهل أستطيع اتهامه بأنه فشل في أن يكون رئيس تحرير للجريدة التي يكتب فيها او يصبح وزيراً او اخفق في الحصول على جائزة نوبل العالمية للأدب؟
أيها الأصدقاء، لنكن أكثر تواضعاً وبُعد نظر فلا نخلط الأوراق التي بين أيدينا حتى نظهر للآخرين بأننا نتفوق عليهم وعياً وإدراكاً لأن في ذلك اتهاماً بانحدار قدراتهم لحساب ذكائنا الوهمي, فالنجاح هو الصيغة المرادفة للحياة والاستسلام للوجه القاتم هو من صفة الضعفاء والمبدعون ليسوا من الضعفاء وإلا لما نالوا هذه الصفة ونجاح المجتمعات إنما يقوم على اكتاف محاولات المبدعين وسعيهم الدؤوب نحو الرقي ومواجهة الصعاب مهما كانت ورحم الله موتانا الذين حاولوا فأخفقوا لأن النجاح ليس دائماً هو نهاية كل محاولة ولكن الاستمرار في المحاولة هو النجاح.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved