أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 19th July,2000العدد:10156الطبعةالاولـيالاربعاء 17 ,ربيع الثاني 1421

مقـالات

منعطفات
وش وزنك اليوم؟
د. فهد سعود اليحيا
لعل أكثر عبارات السلام والتحية الدارجة بيننا بعد إفشاء السلام هي: وش لونك؟ وش لون الأهل والعيال؟,,, إلخ وعليها تنويعات مثل :كيف أصبحت؟ وش لونك اليوم؟ حتى وإن لم يكن المرء عليل الصحة، أو لايتوقع أن تتغير حاله من يوم إلى آخر, وقد يستملح البعض في الإجابة فيقول : وش لوني اليوم؟!,, لوني أسمر زي أمس! , واستخدام اللون في هذه العبارات آتٍ من كون اللون في اللغة يعني أيضاً الحال، والهيئة، والصنف، وكذلك بالمعنى المعروف، لأن تغير لون المرء عما هو مألوف يدل عادةً على اعتلال الجسد أو النفس.
ولكن الناس لدينا، وخصوصاً افراد الطبقات المتوسطة والعليا مهووسون بحكاية الوزن والرشاقة, إن لم يكن كل افرادها فهي على الأقل ظاهرة بدأت في التزايد والانتشار ولو استمر, وبات من الطبيعي والمتوقع أن يأتي بعد السلام والتحيات تقويم وزن الشخص وإبداء الملاحظات حول جسمه : ماشاء الله محافظ على وزنك! أو ماشاء الله! يا بختك,, نقصت كم كيلو؟! أو أوه,,! انتبه يا فلان ترا وزنك زايد شوي , أو التعليق على اوزان آخرين حاضرين أوغائبين وما طرأ عليها من زيادة أو نقصان, ولو استمر الحال كذلك سيأتي يوم وسنقول فيه وش وزنك اليوم؟ بدلاً من وش لونك اليوم؟
بالطبع ما يعنيني ويؤرقني في هذا الموضوع هو الجانب المرضي لهذا الموضوع وأخشى على صحة المجتمع منه فمن ملاحظاتي العيادية أرى تزايداً مضطرداً في حالات القهم العصابي (Anorexia Nervosa) وحالات النهم العصابي (Bulemia Nevosa) أو هما الأنوريكسيا و البوليميا ولعل البوليما أقرب إلا أذهان غير المختصين حيث اصيبت به ديانا زوجة تشالرز ولي العهد البريطاني وامتلأت الصحف بأخبار مرضها حيث ألمت بها البوليميا وهي في خضم أزمتها الزوجية.
ولاتعرف أسباب هذين المرضين ولكن من المؤكد أن الاهتمام بالجسم المياس والوزن المثالي يُسهل من الإصابة به وقد عقد في بريطانيا في يونيو الماضي مؤتمر حول هذا الموضوع إذ بدأت معدلات البوليميا والأنوريكسيا في الزيادة هناك, فالموضة ومسابقات الجمال والدعايةلوسائل الريجيم والمحافظة على الجسم المتناسق والوزن الخفيض ملء السمع والبصر.
وفي أسبانيا تقوم عدة جمعيات أهلية ومؤسسات وطنية بحملة ضخمة لإقناع الحكومة بسن قوانين تحد من هذا السعار فقد عزّ على الأهالي أن تسقط فتياتهن ضحية لهذين المرضين, ومما يقال أن جسم مارلين مونرو الذي كان يعد مثالياً في الستينيات أضحى الان نوعاً من زيادة الوزن والترهل ولابد للفتاة أن تكون هزيلة نحيلة مسلوعة ليكون جسمها مثالياً.
واضطرابات الأكل والطعام دائماً ما تخفي وراءها رفضاً للذات لدى المصاب بها فعدم قبوله لشكل جسمه يرمز إلى قدم قبوله بنفسه وشخصه كما هما, وأيضاً تخفي وراءها عادةً اضطراباً في العلاقات الأسرية وعملية التنشئة, حيث يتم التركيز على المظهر أو على صورة مثالية غير واقعية يحملها الأبوان لطفلهما وليس على قبول الطفل كما هو ومساعدته على تحقيق ذاته.
وأعتقد جازماً أننا مهيأون لتفاقم حالات الأنوريكسيا والبوليميا لأننا من ناحية نتبع آخر خطوط الموضة وتمتلئ القنوات الفضائية بإعلان عن أجهزة تافهة ومنتجات سخيفة لتنقيص الوزن والحفاظ على رشاقة الجسم, ومن ناحية أخرى تمتلئ البيوت بأساليب التربية القمعية والمثاليات غير العقلانية كي يشب الطفل رجلاً ما شاء الله وكي تغدو الطفلة حرمة ما في مثلها.
نحن,, والكلب!
قبل أيام معدودة حملت بعض الصحف خبراً فحواه أن جونتر الرابع اشترى بيت المغنية مادونا بسبعة ملايين ونصف مليون دولار عداً ونقداً, وتبلغ ثروة جونتر الرابع حالياً 200 مليون دولار, وجونتر الرابع ورث ثروته أو جزءاً كبيراً منها من أبيه جونتر الثالث الذي كان قد ورث بدوره مبلغاً قدره 65 دولار من كوننتيسة ألمانية.
بقي أن نعرف ان جونتر هذا هو كلب ابن كلب وليس من صنف البشر, وتدير أملاكه شركة اسمها جونتر كوربوريشن , انتهى الخبر.
ومن المؤكد أن أفكاراً عدة دارت برؤوس كثيرين ممن قرأوا هذا الخبر بيد أن أمراً واحداً استوقفني, وهو أن هذا الجونتر سعيد الحظ بلاشك ليس لأن والده جونتر الثالث 65 مليون دولار، فنمت الثروة وأورثها له وهي تبلغ الآن 200 مليون دولار,ولكنه سعيد الحظ لأنه ليس في إحدى دول العالم الثالث والدول العربية من الخليج الحائر إلى المحيط الفاتر منها بلا فخر, ببساطة لاختلاف العقلية أولاً وثانياً لوجود الأنظمة الدقيقة والرقابة العالية.
تخيلوا لو أن حكاية جونتر حدثت في إحدى دول العالم الثالث، ماذا سيحدث؟ أنا اتصور التالي: سيتقاسم الأوصياء الثروة ليشتري فلان بيتاً في لبنان وآخر في لندن وسيشتري الثاني مزرعة في الثمامة أو المزاحمية وفيلا في درة العروس ويقيم الثالث مشروعه الخاص ويتفسح الرابع حول العالم في اجنحة فنادق الدرجة الاولى، ولن يرى جونتر الرابع النور لأن جونتر الثالث سيقضي نحبه إثر مرض غامض الم به او في حادثة مؤلمة وفي كلا الحالتين هي من تدبير الأوصياء, ولن تتعدى الثروة الباقية مليونين أو ثلاثة لان جونتر كان مسرفاً في طلباته وكان متعجلاً في استثماراته فتعود تلك الاموال القليلة الى الجهة التي تحددها وصية الكونتيسة ويتمتع الأوصياء بما حصلوا عليه , ماناقص إلا الكلاب,, كلب ابن كلب .
أما حظ الجونترات الغربيين فهو عال لأنهم وجدوا في المانيا فنظام المراقبة الدقيق لايسمح للاوصياء بالتلاعب لأن الظلم من شيم النفوس ولابد من علة لعفافها فكانت العلة في هذا النظام, حتى شول الرئيس السابق علىمدى اكثر من عشرة سنوات يخضع للتدقيق في شوية فلوس لتمويل إحدى حملاته الانتخابية, وثانياً لان عقلية الاوصياء تختلف عن عقليات منسوبي العالم الثالث فليست المسألة كلب أوقطة أو عجوزاً حيزبون ولكن المسألة أنهم جميعاً في قارب واحد ومن مصلحتهم ان تكبر شركة جونتر وان تزيد الثروة بدلاً من تفتيتها وإضاعتها, وكل واحد سيصبح سعيداً ويمسي مبسوطاً ويتمتع جونتر بأنواع فاخرة من العظام المجلوبة من مطعم مكسيم ويتمتع الأوصياء بالرواتب والمكافآت.
أنا لا أحسد جونتر على ثروته ولكني أحسده على فريق العمل الذي يتولى شئونه والذي عمل مضاعفة ثروته اكثر من مرتين خلال بضعة سنوات.
فاكس:4782781
fahads@ suhuf.net.s

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved