أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 20th July,2000العدد:10157الطبعةالاولـيالخميس 18 ,ربيع الثاني 1421

الثقافية

أجنحة الكلام
الكتابة بين هم الذات,, وهاجس الموضوع,,!
ريمة مبارك
قد يبدو عارضاً ذلك السؤال المعاد دائماً: لماذا يكتب الكتاب؟، وحقيقة فإن الناس غير ملومين إن ملوا إعادة السؤال أو أضجرتهم نمطية الإجابة، فكثير من الكتاب غالباً ما يجدونها فرصة مواتية لتقديم الاستعراضات التي قد يرون فيها شكلاً من التعويض عما عجزت كتاباتهم عن تأكيده إن مهارة حقيقية وإن ادعاء وتظاهراً مناسبة يلبسون فيها مسوح الفلاسفة أصحاب الرؤى والمناهج، أويدعون الألم والتعاسة، وقدراً من سوء الحظ خصهم وحدهم بعذابات التجربة ومرارة المعاناة ينسبون إلى أنفسهم شجاعة المواقف وبطولات الصمود، وعناداً لايقبل مساومة أو درجة من التغاضي,.
على اننا لسنا معنيين هنا بفضح جنوح الإجابات ، فربما كانت المبالغة أحياناً حقاً مشروعاً لكاتب، ولكننا نود لو توقفنا قليلاً عند السؤال، فقد تدفعنا أهمية نكتشفها فيه إلى جدية نحرص عليها في الإجابة,.
أغلب الظن أن أهم نظريات فلسفة الجمال ، وابرز المدارس النقدية قد انطلقت في صياغة ركائزها وتعميق اسسها من محاولة الإجابة على السؤال البسيط: لماذا يكتب الكتاب؟ بل إن محوراً اساسياً من محاور البحث الثلاثة في تعريف الفن لدى فلاسفة الجمال (الماهية والمهمة والأداة)، أعني البحث في مهمة الفن، قد قصر مجال الدراسة امامه على ما يمكن أن تفضي به إجابة هذا السؤال البسيط، ومن ثم فالقائلون بضرورة الوظيفة الاجتماعية للفن، والرافعون شعار الفن من اجل الفن، كلاهما كان يتأمل في السبب الذي يدفع بالكاتب إلى الكتابة، هؤلاء يرون أن الكاتب داعية يحمل رسالة للإصلاح، وأنه وحده الحامل لكل عذابات البشر واحلامهم،لآلام المضيعين وشكوى المطحونين، ولأفراح البسطاء ومرضاة القنوعين، وأولئك يرون أنه ممتلىء دائماً بهواجس التجويد والتجديد وابتكار أشكال التعبير وأساليب الكتابة،وانه هنا دوره المرتقب ومهمته الواجبة، إعلاءً لماهية الفن عبر السمو بمهمته,.
وعلىصعيد النقد كما على صعيد الفلسفة قد نتميز ببساطة أن الذين شددوا على ضرورة دراسة العمل الإبداعي في ضوء ظرفه الاجتماعي يؤسسون دعواهم على مسلمة بديهية بأن الكاتب يكتب تحت وطأة ظرفه وإلحاحه في المطالبة بالتعبير عنه، كذلك فإن اصحاب مناهج التحليل النفسي، إذا كانوا قد قصروا عوامل الحض والتحريض على الكتابة على معاناة المبدع، فبوسعنا إضافة جملة تكميلية والتي هي شكل من اشكال الاستجابة للضغوط الاجتماعية لنعقد مصالحة بين الفريقين، علىحين أن الذين وجهوا جهدهم النقدي إلى اللغة بنية وأسلوباً، فيما يبدو إرجاعاً لدافع الكتابة إلى هموم الشكل وهواجس الأسلوب في ظل شعار الفن للفن ، قد لايغيب عنهم في ذات الوقت أن اللغة مثلما هي أداة للفن، هي أداة اجتماعية للتواصل، وهي الجسر الذي يلتقي عليه المبدع والمتلقي لاقتسام فرحة الألم في العمل الفني وبهجة المعاناة في الإمساك بعمقه ومداه، ومن هنا تكون الدعوة بشعار الفن للفن مردودة إلى وظيفة اجتماعية بشكل من الاشكال فيما قد يسهم في تحديد الدافع الذي يزج بالكاتب إلى الكتابة,.
هذه بعض أمثلة لما افضت إليه الإجابة على السؤال البسيط ليس لنا نصيب منها بكل الصراحة،وقد لايكون من المطروح بصراحة أشد، وهو أمر طبيعي، فمعظم كتابنا في العالم العربي ليسوا مشغولين بالدرجة الواجبة بالتعبير عن مرحلة هامة من التحول نمر بها ولاءً لوظيفة اجتماعية للفن، وليسوا مهمومين بالقدر اللازم من الوعي بقضايا الشكل عملاً بشعار الفن للفن في اشد درجات فهمه سطحية، وإنما تأتي هذه الهموم،والهواجس عرضاً في غمار مخيف من الانصراف عن الموضوع، والانشغال بالذات المفردة لإثبات وجودها قسراً أو عنوة أو بالقتال، أو بالتظاهر والادعاء، بهذا تنبئنا الإجابات التي تصادفنا كلما طرح السؤال، ومن قبلها تنبئنا الأعمال ذاتها,,!

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved