أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 20th July,2000العدد:10157الطبعةالاولـيالخميس 18 ,ربيع الثاني 1421

عزيزتـي الجزيرة

الوسائل والغايات في العلوم
العلوم الإنسانية تنقسم قسمين: علوم مقصودة بالذات، وعلوم غير مقصودة وانما هي آلات ووسائل الى العلوم المقصودة, فالعلوم المقصودة كالعلوم الشرعية من الحديث والتفسير والفقه.
والعلوم التي هي آلات ووسائل كعلوم اللغة من نحو وصرف وبلاغة وادب، وعلوم الفلسفة والمنطق، وأصول الفقه، والحساب، وما نحوها؛ فهذه العلوم ليست مقصودة في ذاتها وتعلمها، وانما هي وسائل تقود الى معرفة الغايات التي هي علوم الشرع والدين، ولهذا فان التوسع والتعمق فيها يؤدي الى الانصراف عن الغاية ويخرج بها عن المقصود اذ المقصود منها أنها آلة للعلوم المقصودة لذاتها، ولهذا ينبغي ان ينظر فيها على انها آلة وليست غاية، واذا نظر هذه النظر فانه لا توسّع فيها المسائل، وانما يقتصر في بادىء الامر على ما يفيد ويقود الى ذلك الخير, يقول ابن خلدون فاذا قطعوا العمر في تحصيل الوسائل فمتى يظفرون بالمقاصد؟ فلهذا يجب على المعلمين لهذه العلوم الآلية الا يستبحروا في شأنها ولا يستكثروا من مسائلها، وينبهوا المتعلم على الغرض منها ويقفوا به عنده, فمن ترعت به همته بعد ذلك الى شيء من التوغل، ورأى من نفسه قياما بذلك وكفاية به فليختر لنفسه ما شاء من المراقي صعبا او سهلا واقول: هل ننظر في تعليمنا النظامي الى الوسائل والغايات في العلوم التي نتعلمها ونعلمها؟! وهل مناهجنا تراعي ذلك عند وضعها وتقديمها للمتعلمين وهل يستحضر المعلمون هذه الاصول المهمة في اذهانهم عند عرض دروسهم على متعلميهم.
ان التعليم له اصوله وقواعده، واذا ضبطت هذه الاصول والقواعد افاد ذلك خيرا كبيرا، ولايصاب التعليم الا في فقده لهذه الاصول وعدم مراعاتها.
نعم, قد تتحول بعض العلوم غير المقصودة في ذاتها الى غايات لكن ذلك يكون لمدة محدودة، ينبغي ان يتجاوزها الانسان الى الغاية منها وذلك مثل أن يتعلم غير العربي العربية فإنها تكون مقصودة لذاتها عنده، غير انه اذا ادركها واتمها ينبغي ان ينتقل الى الغاية منها، وقد تستغرق هذه العلوم منه مدة طويلة، وقد تتحول عنده الى متعة في البحث والدراسة، ولهذا نجد ان حملة العلم في الاسلام وبخاصة علوم العربية، وعلوم الآلة اكثرهم العجم ولهذا يقول ابن خلدون من الغريب الواقع ان حملة العلم في الملة الاسلامية اكثرهم العجم، وليس في العرب حملة علم، لا في العلوم الشرعية ولا في العلوم العقلية، الا في القليل النادر، وان كان منهم العربي، في نسبة، فهو اعجمي في لغته ومرباه ومشيخته مع ان الملة عربية وصاحب شريعتها عربي؛ والسبب في ذلك ان الملة في اولها لم يكن فيها علم ولا صناعة لمقتضى احوال السذاجة والبداوة؛ وانما احكام الشريعة التي هي اوامر الله ونواهيه كان الرجال ينقلونها في صدورهم، وقد عرفوا مأخذها من الكتاب والسنة، بما تلقوه من صاحب الشرع واصحابه، والقوم يومئذ عرب لم يعرفوا امر التعليم والتأليف والتدوين ولا دفعوا اليه ولا دعتهم اليه حاجة , وان هذا الرأي لجدير بالبحث والمناقشة والافادة منه، والوقوف عنده.
د, مهدي بن علي القرني
أستاذ اللغة العربية المساعد بكلية المعلمين في بيشة


أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved