أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 21st July,2000العدد:10185الطبعةالاولـيالجمعة 19 ,ربيع الثاني 1421

شرفات

الناقد السوداني معاوية البلاّل لـ الجزيرة
الأدب السوداني ليس الطيب صالح فقط
اكتسب الناقد السوداني معاوية البلال تميزه عن غيره من النقاد السودانيين باهتمامه الخاص بكتابات المبدعين من جنوب السودان المكتوبة باللغة الانجليزية، الى جانب نقده لكل مجالات الابداع الثقافي السوداني خاصة القصة القصيرة, ومن أهم اصداراته الشكل والمأساة دراسات في القصة القصيرة السودانية و الكتابة في منتصف الدائرة .
حول الحركة النقدية في السودان وتطورها ومشواره النقدي، وما يميز المبدعين في جنوب السودان وعن ازمة النشر داخل السودان ودور المراكز الثقافية في المنافي لحل هذه الاشكالية كان حوار الجزيرة:
* متى عرف السودان مناهج النقد الحديثة ,,, ؟
الحركة النقدية السودانية بدأت منذ أوائل العشرينيات مع بداية نشوء الحركة الثقافية الأدبية الحديثة في السودان ومن معالمها البارزة كتابات الناقد الشاعر حمزة الملك طمبل ففي ديوانه الشعري كتب مقدمة بعنوان الأدب السوداني وما ينبغي أن يكون عليه وفي هذه المقدمة وضع إطار ما يعرف اليوم بمصطلح الشعر السوداني ومن قبله لم يكن هناك مثل هذا السؤال ويعتبر هو اب الابداع السوداني.
كذلك التيجاني يوسف بشير في نفس الفترة طرح رؤاه النقدية حول الشعر السوداني وحاول تطبيق اطروحات الشاعر حمزة الملك طمبل، والركيزة الثانية للنقد السوداني كانت محاولات معاوية محمد نور في فترة الثلاثينيات وقد قام بانفتاح اوسع وأسس المفاهيم النقدية التي تساعد على تطور شكل الأدب السوداني بوجه خاص والعربي بوجه عام بل يمكن ان نقول على مستوى الثقافة العربية هو أول من أسس ما يعرف اليوم بمناهج النقد الحديثة المنهج الظاهري .
وكان سائداً في الوطن العربي حينذاك مناهج النقد التقليدية، وفي نفس الفترة ظهر نقاد سودانيون آخرون من خلال مجلة الفجر منهم محمود حمدي وعرفات محمد عبدالله ومحمد احمد المحجوب الذي قدم رؤى مختلفة في كتابة اتجاهات الفكر السوداني او نحو الغد عام 1948 ، والنقاد أمين محمد مدني وعبدالله الطيب ومحمد محمد علي في فترة الاربعينيات والخمسينيات وفي الستينيات ظهر محمود محمد مدني وعلي المك وحامد حمداي وعبد الهادي صديق وحمد عثمان ابو ساق وهذه الفترة افرزت اهم معالم النقد السوداني من خلال عون الشريف قاسم واحمد الزين صغيرون من خلال مجلة الخرطوم التي كانت تصدر في ذلك الوقت، وفي نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات ظهر نقاد تسنموا المناهج النقدية الواقعية امثال حسن عبدالوهاب ومجذوب عيدروس واحمد عبدالمكرم وعبداللطيف علي الفكي ويوسف نور عوض وهم اول من تعاملوا بالمناهج النقدية الحديثة مثل البنائية وغيرها.
وفي منتصف الثمانينيات بدأ جيلنا ومعي صلاح الزين واحمد طه واسامة الخواض, فهذه هي محطات حركة النقد في السودان وبالتأكيد هي محطات ثرية جداً.
الشعر السوداني
* هل النقد السوداني عندما بدأ كان شاملاً لجميع مناحي الأدب أم ركز على الشعر فقط؟
هذه ملاحظة صحيحة لان الشعر السوداني ارتبط بمناحي الحياة السودانية والسياسية لذا كان اكثر كثافة من القصة والرواية رغم وجود القصة من بداية الثلاثينيات وبشكل متطور جداً، ولكن اهتمام النقاد كان اكثر بالقصيدة الشعرية ويرجع ذلك الى مجمل الجذور الفكرية والثقافية السودانية وعلاقتها بالاشكال السياسي بالاضافة الى ان اغلب هؤلاء النقاد لديهم علاقة بالشعر ملامح النقد التي تتعامل مع القصة القصيرة والرواية خاصة الناقد مختار عجوبة في كتابه القصة القصيرة في السودان وكتابات عبدالوهاب حسن الخليفة ولكن ايضا اهتماماتها لم تكن بالشكل الكافي فكانت أكثر كثافة بعد منتصف الثمانينيات وهذا يرجع لارتباط هذه الفترة بتطور القصة السودانية شكلا وموضوعا ولانهيار حالة الشعر في السودان وركوده في الوطن العربي كله وحدث بروز طاغٍ جدا للفنون السردية عامة وهذا مرتبط بتطورات العصر الحديث وبتكنولوجيا الإعلام وظهرت القصيدة النثرية وزاد الاهتمام بهذا الجانب في السودان وبلغت ذروتها في مرحلة التسعينيات وهي مرحلة الأزمة الشاملة التي يعيشها الانسان السوداني باعتبارها كائنا لغويا كثيف التركيز لجماع التحولات الاجتماعية والثقافية فقد انجزت خطابا نوعيا يبتكر القيمة الجمالية والمعرفية وبذلك صارت القصة وفية كل الوفاء لهذا الانسان الذي صنعها بطباعه فصارت معادلة الموضوعي وهو بداخلها وفي عمق مكوناتها التي تتحرك وتتفاعل باحزانه واحلامه.
ووصل الشكل القصصي السوداني كمنتوج معرفي وجمالي لأعلى مرتبة يعبر فيه عن ازمة الوجود السوداني وظهرت الكتابات النقدية ولي كتابان في هذا الجانب الاول الشكل والماسأة في القصة القصيرة السودانية والثاني الكتابة في منتصف الدائرة واتناول فيهما ما انجز في الكتابة السودانية منذ العشرينيات وحتى الآن.
* كل هذا الثراء في القصة السودانية ولا نعرف إلا القليل منه؟
هذا صحيح فمشكلة الأدب والاديب السوداني هي النشر ويوجد كم هائل من النصوص المدفونة في الادراج وهناك كتاب سودانيون معروفون قدموا أعمالا رائعة من قبل ولم يستطيعوا نشر باقي اعمالهم وكذلك اشكالية النشر ساهمت في عزل السودان والادب السوداني عن محيط الوطن العربي والعالم ولم يعرف من السودان غير الطيب صالح الذي وجد فرصته في نشر اعماله في منتصف الستينيات، وحقيقة السودان اصبح يظهر كمنطقة صمت وهو خصب ومعطاء.
فالسودان التي اعطت للعالم الطيب صالح كفيلة باعطائها آخرين لا تقل اعمالهم شكلا ومضمونا عن اعمال الطيب صالح.
ونحن كنقاد سودانيين نعتقد ان الطيب صالح تراث لنا ويوجد حاليا اجيال بعده اكثر ثراء واكثر تعبيرا عن واقع وطموحات الانسان السوداني ولكن هذا الابداع مازال في دائرة الصمت وهناك من لهم مصالح لعدم كشف هذا الابداع واظهاره والان نحن بصدد اختراق هذا الحاجز.
كتابة الجنوب وأزمة النشر
* يشهد لك بانك اول من تطرق لنقد قصص المبدعين من جنوب السودان او كما تطلق عليهم كتابات الجنوب فلماذا تأخر الاهتمام بهذا الجانب؟
السودان بلد ابداع حقيقي ونحن تحدثنا عن القصة السودانية التي كتبت باللغة العربية في شماله وكذلك في جنوبه كتبت القصة القصيرة باللغة الانجليزية ويرجع ذلك للاستعمار.
وفي جنوب السودان بدأ الكتّاب من أوخر الخمسينيات خاصة يكوب جل اكول ويعتبر من رواد القصة القصيرة في السودان وله قصة شهيرة بعنوان عودة العاصفة واستخدم فيها كافة تقنيات الكتابة الحديثة وتطورت القصة في جنوب السودان في منتصف السبعينيات من خلال مجلة سودان ناو كتب فيها عبدالله كيري والان اجنس ولاكود جونسون واهم كاتبين في الكتابة القصصية الجنوبية هما تعبان الولونج وجانسون ميانا .
والكتابة القصصية في جنوب السودان تعبر عن عوالم البيئة الاستوائية وتعبر ايضا عن ازمات الانسان السوداني هناك من حرب الى مجاعة بالاضافة الى انها تقف على ارضية الميثولوجيا والاساطير وتعكس تراث وثقافة الجنوب وهي الان تدرس في جنوب افريقيا.
* ما هو دوركم كناقد في حل اشكالية النشر في السودان؟
معظم الادب السوداني له مساحات في المجلات والصحف ولكن اين الكتب! انها ازمة حقيقية تتطلب جهود المبدعين ويحاول المبدعون السودانيون الان ان يعتمدوا على انفسهم وعلى بعض المؤسسات التي يمكن ان تقف معهم وهذه صرخة اقدمها وادعو الجميع خصوصا المبدعين العرب بان يلتفتوا الى الخزان او المستودع الادبي الخصب الثري الموجود الان تحت رماد ازمات تتالت ومازالت على الوجود السوداني.
* ما رأيك في المراكز الثقافية التي ظهرت في بلاد المهجر؟
كثير من هذه المراكز قامت في المنفى وبدأت تقوم بدور جيد ولكن الأزمة كبيرة ولا تستطيع هذه المراكز وحدها حلها وبالتأكيد مركز الدراسات السودانية استطاع ان يقدم الكثير من الكتب بعناوين مختلفة وبشكل متطور في المضمون وفي الشكل ونرجو ان يواصل دكتور حيدر ابراهيم مدير المركز جهوده وكذلك الدار العالمية للنشر بادارة الشيخ عووضة ومركز الدراسات النوبية والتوثيق الذي استطاع ان يعيد انتاج التراث النوبي بشكل متميز وبجهد واضح يقف خلفه عدد من المفكرين والفنانين والإعلاميين وهو بالتأكيد ركيزة أساسية للاشعاع الثقافي في المستقبل.

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved