أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 22nd July,2000العدد:10159الطبعةالاولـيالسبت 20 ,ربيع الثاني 1421

المخيم الكشفي العربي

سَريَةُ الهَوَى إِلى الطَّائف رَحيقُ كَرمٍ ، وَمَاءُ وَردٍ ، وعِشقُ جَمَالٍ ، وهَتفٌ جَنَادريُّ لِعُكاظ
حَمَّاد السّالمي
مقدمة
هذه قصيدة من (53 بيتاً) هي أحدث ما قيل في الطائف وفي عكاظ (التاريخ والسوق) من شعر , قالها الشاعر الذي غنى للجمال وتغنى به فخص الطائف بهذه الأبيات العذبة ، وخص جريدة الجزيرة وملحقها الإعلامي هذا بأروع ما قيل من شعره.
يقول الشاعر الدكتور بهاء بن حسين عِزِّي صاحب هذه الدرة الثمينة في عشق الطائف وجمال حبه ، ذاكراً علاقته الشخصية بالطائف ، والدوافع النفسية والحسية التي أبدعت هذه الصور الجميلة عن مصيف المملكة الأول: أنا لي في مدينة الطائف ذكريات سعيدة وكثيرة ، قرَّت في وجداني وكياني منذ زياراتي الأولى لها عندما قاربت سِنَّ العشرين , ثم بعد أن أعرستُ فيها بعد أن أكملت سنَّ العشرين.
ولطالما سحرني في هذه المدينة الحبيبة السناءُ الذي تَلمِسُهُ في نفوس أهلها وتراها على وجوهِهِم ، وتتذوق حلاوتَه فيهم خُلُقاً وخَلقاً ، وكم أعجبني اعتزازَهم بجبال السَّرَوات ، التي لا تفوقها ، حسب رأيي ومشاهداتي ، كثيرٌ من الجبال في الدنيا في الجمال والروعة، فهي تتميز بِرِقَّةِ النسيم ، وبهاء المنظر ، وبراءة المتنزَّهات ، وشذا الورود الطائفية الشهيرة ، وطَعمِ الثِّمارِ المُتميّز، وهي إلهامٌ متدفقٌ للشعرِ والشعراءِ ولكلِّ صاحب خيال خَصيبٍ وذَوقٍ رفيع.
وفوق كلِّ ذلك فهيَ ذاتُ الجِوارِ السعيدِ لمكّة المكرّمة والمدينة المُنوَّرة.
* شعر الدكتور: بهاء بن حسين عِزِّي
سَريَةُ الهَوَى إلى الطّائف (رَحيقُ كَرمٍ ، وماءُ وَردٍ ، وَعِشقُ جِمالٍ ، وَهَتفٌ جَنَادرِيٌّ لعُكاظ)


ساقِني مِن رَحيقِ كَرمِ الجِنانِ
وَاروِني مِن ماءِ الورُوُدِ الحِسانِ
ثُمَّ زِدني ، فَإنَّ ذَا الغُلَّةِ الشَّو
قَ شَديدٌ مُستَصرِخٌ فِي كِيَاني (1)
طائِفيَّ الهَوَى يَهِيمُ لَدَى الصُّب
حِ نَسِيماً وَفي اللَّيَالي يُعَانِي
جَدَّ يَسرِي وَجَازَ أَعلَى سَراةٍ
مِن جِبَالِ الهَدَى إلى غَزوانِ (2)
فَاستَفَاقَت ، تَزيدُ مِن نَشوَةِ السَّا
رِي وُرُودٌ بِبَاكِرِ الرَّيَعَانِ (3)
وَاشرَأبَّت لَهُ الظِّبَا رَانِيَاتٍ
مُغرَماتٍ وَشَاهِداتِ عِيَانِ (4)
وَبَدا الطَّيرُ مِنَ أَكِنَّتِهِ يَص
حُو وَيَشدُو لِرَوعَةِ السَّرَيَانِ
وَنُسُورُ الشَّفَا مَعَ المَوكِبِ الهَا
نِي حُمَاةٌ لِذلِكَ المِهرَجَان (5)
يَا لِهذا السَّاري جَفاهُ كَرَى الجَف
نِ وَمَسراهُ قُرَّةُ الأَجفانِ
عَبقَرِيٍّ حَوَاهُ قَلبٌ كَتُومٌ
جَدَّ يُخفِيهِ مِن فُضُولِ اللِّسانِ
وَلَكَتمُ الهَوَى الجِهادُ لَدَى الذِّك
رَى ,, فَهَل كَشفُهُ مِنَ الهَيَمَانِ ؟
إنَّ في الحُبِّ مَا نَصُونُ مِنَ القِي
لِ فَيَحتَازُهُ سِجلُّ الزَّمَانِ
ذلِكَ السَّاكِتُ الجَهُورُ الذي يُس
عِفُ بِالسَّكتِ أَو بِرَمزِ البَيَانِ
أيُّها الطّائِفُ الذي قَد سَقَاني
مَاءَ وَردٍ مِن مُزنِهِ الهَتَّانِ
قَد سَقَى وَردَةً فَأَهدَتهُ عِطراً
فَغَدَا مِنهُ عَاطِرَ الهَطَلانِ
تَتَرَوَّى بِهِ قُلُوبُ اللَّهَافَى
وَالخَلِيِّيِنَ ,, إِذ هُما مِثلانِ
أسرفَت فيهِ غُلَّتِي وَتَمَادَي
تُ لأُروَى ، فَمَا الرَّوَاءُ كَفَانِي
فَسَقَانِي النَّدَى بِوُديَانِ وُجٍّ
وَثَقِيفٍ وَمِن غَدِيرِ الحَنَانِ (6)
جِئتُ والغِيدُ تَستَقِي مِنهُ جَذلَى
والبَراعِيمُ مِثلُها ذاتُ شَانِ (7)
قُلتُ بِاللّهِ رَوِّها ثُمَّ غِثنِي
غَيرَ نَاسٍ مَشَقَّةَ الظَّمآنِ
فَانتَشَى الغِيدُ وَاحتَفَلنَ بِزَهرٍ
وَتَبَرَّجنَ بِالثِّمارِ الرِّزَانِ
وَإذا بِالنَّدَى المُغِيثِ حَفِيلٌ
بِنُهُودِ التُّفَّاحِ وَالرُّمَّانِ
وَحَفِيلٌ بِكُلِّ بُرعُمِ وَردٍ
فَوقَ غُصنٍ يَشِبُّ لِلإفتَانِ
قُلتُ رَوَّيتَ وَانتَشَينَ فَغِثني
فَتَهَيَّا ، وَخِلتُهُ قَد نَسَانِي (8)
فَسَقَاني الرَّحيقَ مِن عَرشِ كَرمٍ
يَنتَشِي مِنهُ مُدنَفٌ وَمُعَانِي
مِن قِطَافٍ أَلِفنَ رَشفَةَ طَيرٍ
يَتَحَرَّى العَتِيقَ فِي الرَّشَفَانِ
يَا لَها رَشفَةً تُطِيرُ صَوَاباً
ثُمَّ تَرتَدُّهُ مَعَ الرَّجَحَانِ
شَاهِدي أَنتَ والجِبالُ وَكَرمٌ
وَقَريضٌ سَكَبتُهُ مِن جَنَاني
وَفُؤادٌ يَهتَزُّ مِن بَأسِ خفقٍ
مِنهُ تُصدِي الجِبَالُ لِلخَفَقَانِ
فَارقُبِ الخَفقَ لِلسُّرَى نَحوَ غَزوا
نَ وَكَيفَ الهَدَى يَشُدُّ عِنَانِي
وَاستمِع لِلصَّدَى يَثورُ بِهَذا
وَيُرائي الصَّدَى الذي في الثَّاني
يُروِيَانِ الفُؤادَ مِن غَيرَةِ الحُب
بِ وَرَبِّي فَلَستُ بِالرَّيَّانِ (9)
وَلَعَمرِي فَعِشقُ أَهلِكَ مِن طَب
عِي وَفِيكَ الغَرَامُ مِن إدمَانِي
أَيُّها الطّائفُ الفَصيحُ البَيَانِ
وَنَدِيُّ الفِصاحِ في كُلِّ آنِ
أيُّها الطَّائفُ الذي سَادَ شِعراً
وَسَمَا فِي عُكاظَ بِالِميزانِ (10)
بِجَلالِ الفُصحَى ,, فَمَن غَيرُها أَو
فَى بِعَهدِ النَّبِيِّ وَالقُرآنِ ؟
وَأَنَارَ الطَّريقَ فِي لُجَّةِ الجَه
لِ عُلُوماً ، فَهَل وَنَت فِي رِهَانِ ؟
لَيتَ شِعري ، فَهَل عُكاظُكَ مَعنِي
يٌ ِبِميزانِهِ الرَّهِيفِ السِّنَانِ
لَيتَ شِعري ، فَهَل عُكاظُكَ مُشتَا
قٌ لِصَفقِ التُّجَّارِ بِالذُّهبَانِ (11)
وَلِذَوَّاقَةٍ يَلُوذُ بِهِ الشِّع
رُ فَيَصفُو مِنَ الوَنَى في المَعَانِي (12)
وَيُبَاهِي الدُّنيَا بِمُعجِزَةِ الجَر
سِ وَآيِ الإبداعِ وَالأَوزانِ (13)
عَبقَرِيُّ الإتقَانِ لِلشَّاعِرِ الفَح
لِ وَوَحيُ الأَنغَامِ لِلفَنَّانِ
فَلَكُ المُبدِعِ المُحَلِّقِ لِلخُل
دِ العَسِيرُ المَنَالِ لِلمُتَوَانِي
فَهوَ ، جَهراً ، يُحَاوِرُ الحِسَّ وَالذَّو
قَ بِأَصداءِ هَمسَةِ الوِجدانِ (14)
وَبِهَمسٍ ، إِذَا الفَصَاحَةُ في الهَم
سِ وَرَمزٍ ، إن شِئتَ لِلتَّرجُمَانِ
ذلِك الشِّعرُ قِمَّةُ الذَّوقِ في النَّف
سِ وَقَامُوسُ هَاجِسِ الإنسَانِ (15)
ما تَوَانَى المِيزانُ فِيهِ وَكُنَّا
فِي عُكَاظٍ نَعَافُ هذا التَوَانِي
وَاجتَوَينَا بِذَوقِنَا كُلَّ غَثٍّ
ثُمَّ صُغنَا الإبداعَ بَالعِقيَانِ (16)
وَإذا بَالدُّنيَا تَصُوغُ كَمَا صُغ
نَا وَتَشتَدُّ فِي مَدَى الإتقَانِ
يَا حَفِيًّا بِشِعرِ قَيسٍ لِلَيلَى
وَطِعَانِ الفُرسانِ لِلفُرسانِ
وَبِشِعرٍنَصُولُ فِيهِ بِصارُو
خٍ كَمَا صَالَ عَنتَرٌ بَالحِصانِ
يَا عُكاظاً ! والهَتفُ مِن عُمقِ نَجدٍ ،
أَنَا ذُو التَّاجِ صُنوُ عَرشِ البَيَان (17)
إِيتِ لِلشِّعرِ ، بِالجِبَالِ وَبِالوَر
دِ وَصَفقِ التُّجَّارِ ذَا صَولَجَانِ

جدة - 20/10/1420ه - 27/1/2000م
قائمة المفردات
(1) ذُو الغُلَّة : الشديدُ الظَّمأ ، والغُلَّةُ ,, الظمأ الشديد.
(2) سَراة : السَّراةُ مِن كلِّ شَيءٍ أعلاه ، والجمع سَرَوات ، ولذلك قيل جبالُ السَّرَوات, الهَدا أو الهَدى أو الهَدأ : المصيف الجبلي الرائع الذي يقع غرب الطائف بين مكة والطائف.
غَزوان : الجبل العظيم الذي تقع على صدره مدينة الطائف.
(3) باكِر الرَّيَعَانّ: بُلُوغُ النَّماء مُبَكِّرَاً قبل وقته, (4) إشرَأبَّ له : مَدَّ عُنُقَه لينظر إليه, راني مِن رنا إليه : مَن يُديم النظر مع سكون الطرف, شٍاهِدُ عِيَان : مَن يَشهدُ الحادثَة عِياناً أي يراها بنفسه.
(5) الشَّفا: جُزءٌجميلٌ من مرتفعات جبال السّروات جنوب غرب الطائف ويبعد عنه (30) كيلاً تقريباً, (6) وُجٌّ: وادٍ شهير يخترقُ الطائف من غربها إلى شرقها وشمالها, وادي ثقيف : وادي الطائف كُلّه وَوُج , وتسكنه جنوبَه قبيلةُ ثقيف.
غديرُ الحنان : رمزٌ لِغدير البنات المُتنزه المعروف في وادي لِيَّة بالطائف الشهير برمانه وفواكهه, (7) الغِيد: جَمعُ كلمة غادَة ، وهي الشّجرةُ الغضّةُ ، والمرأةُ الناعمةُ اللينةُ البَيِّنةُ الغَيَد.
(8) تَهيَّا : تَهيَّأ, نَسَاني: تَرَكني ، نَسَا عَملَه ، تَرَكه.
(9) الرّيان : من شَرِبَ وارتَوَى, (10) عكاظ: السّوق العربي الشّهير الذي كان يقام في منطقة السيل الكبير شرقي الطائف، وكانت تتاجر فيه القبائل العربية وتتفاخر في موسم سنوي ، وللشعراء دور بارز في ذلك ، وكان يقام في العصر الجاهلي سنوياً واستمر كذلك إلى الثلث الأول للقرن الثاني الهجري ، وأهمل منذ العهد العباسي, الميزان : المقصود بها موازين الشعر العربي الصحيحة, (11) الصَّفق: صفق البيع أي أمضاه وأنفذه.
والذُهبان: جمع كلمة الذهب ، وهو المعدن الثمين الأصفر اللماع المعروف, (12) الذَّوَّاقة : هو المطبوع على تذوق الشعر أو الفن ,, ناقدٌ ذواقةٌ ، أي ناقد له ذوق راقٍ سليم, (13) ,,, معجزة الجرس وآي الإبداع والأوزان : كلّها صفةٌ للشعر العربي.
والجرسُ هو النّغمُ الذي يسحر المُتذوِّقَ للشّعر ، والأوزانُ هي موازينُ الشِّعر الأصيلة, (14) الجهرُ : العلانيّةُ
الحسُّ : قُوّةٌ في النفس تدرك المحسوسات.
الذّوقُ: قُوةٌّ معنويةٌ يقوم بها الأثرُ الأدبيُّ أو الفنيُّ ، وهو القوةُ التي يدرك بها طَعمَ الأشياءِ عامةً ، وهو أيضاً الطّبعُ.
الوِجدان : النفسُ وقواها الباطنة, (15) الهاجسُ: ما يشغل البالَ أو الفكرَ, _(16) إجتوى : كَرِهَ.
العِقيان : الذّهبُ الخالصُ ، إشارةً للمُعلّقات التي كانت تكتب بماء الذهب, (17) ,,, أنا ذُو التّاجِ صنو عرش البيان : المقصود به مهرجان الجنادرية السنوي المتألق الذي يقام في منطقة الجنادرية القريبة من مدينة الرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية وله مكانته في جميع أنحاء العالم، وتقام الآن في مناطق المملكة المختلفة مهرجانات سنوية شبيهة الأغراض.
والصُّنوُ : كلٌّ من النخلتين الخارجيتين من أصلٍ واحد.

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved