أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 23rd July,2000العدد:10160الطبعةالاولـيالأحد 21 ,ربيع الثاني 1421

مقـالات

10 دقائق مرورية فقط!
سلمان بن محمد العُمري
تعتبر بلادنا العزيزة من البلاد المكتظة بسياراتها، وبالتأكيد بنواتج سيارتها، من تلوث في البيئة وحوادث مرورية بما فيها من اصابات خطيرة واعاقات مروعة ووفيات تزداد ولا تنقص مخلفة دماراً في بعض الاسر واضطرابات لا تحمد عقباها.
لقد استدعى هذا الكم الهائل والمتجدد من السيارات ووسائل المرور وجود جهاز طويل عريض يهتم باشكاليات ومسائل تلك الحركة التي لا تهدأ ليل نهار في شوارعنا، وقد كان لذلك الجهاز اعمال يشكر عليها ولا نستطيع الا ان نقف امامها باجلال كونها بعثت الطمأنينة في النفوس رغم ابواق السيارات، واحلت الراحة رغم المشاق، وحاولت بفضل الله تقديم كل ما يمكن لخدمة مجتمعنا الطيب وضيوفه الكرام، وكانت الصورة المتكونة في المخيلة سواء لدينا او عند زوارنا بمنتهى الايجابية حول عمل انظمة المرور لدينا سواء الكادر البشري وهو الاهم او نوعية الخدمات او وسائل الخدمات من طرق ومرافق وغير ذلك كونت بمجملها صورة بمنتهى الايجابية لمرفق خدمي في بلادنا الغالية.
ولكن من وقت لآخر يوجد من قد يسيء وغالباً بدون قصد لهذه الصورة المشرقة، ولكن كان على الدوام من يسهر للحفاظ على الاشراقة، فعندما برزت الكروش هب من حبذ همته لصدها واعادتها للمظهر الحضاري امامنا وامام الآخرين، وعندما ظهرت اهمية حزام الامام كانت الحملات من اجل تطبيق ذلك، رغم التقاعس الذي نشهده احياناً سواء من قبل السائقين، او من قبل من يفترض ان يطبقوا ذلك، وعندما ازدادت نسب التلوث في اجوائنا كان التشديد على اجراء الفحص الدوري والتدقيق عليه من اجل الحفاظ على بيئة نقية نظيفة، وعندما سيطر العامل الاجنبي على قيادة السيارات العمومية هبت الامة من اجل تحفيز الشباب لتجربة العمل في قيادة سيارات الاجرة ووسائل النقل العام.
ما دفعني لكتابة هذه السطور بعض الذين يسيئون للصورة الحضارية للمرور لدينا اما بسبب السلوكية البيروقراطية وإما بسبب اللامبالاة او حتى الاهمال احياناً.
لي صديق طيب جلست معه ذات يوم وكان يضحك اكثر مما اعتدت ان اراه عليه، حتى اصابني بالعدوى وصرت اضحك معه ، وسألته لماذا؟ فقال لي كم: من الوقت يحتاج تجديد استمارة السيارة؟ اجبته بسرعة: ليس اكثر من 10 دقائق، فقال لي: هل انت متأكد، فقلت جازماً طبعاً.
فضحك اكثر، وقال لي استمارتي تنتهي بعد شهر اذ يمكن ان اجددها بعد 29 يوماً، فقلت له لابل يمكنك ان تجددها في آخر يوم فالامر بسيط، فضحك اكثر، وقال لي ولكن بدأت منذ البارحة ولا اعرف ان كنت سأنتهي اليوم، استغربت ما ذكر، والح علي الفضول ان استفسر منه ماذا حصل، وخصوصاً ان الرجل يعشق وطننا مثل وطنه حتى لا نقول اكثر.
لقد ذهب الى مرور المربع وعندما اتى دوره قال له الشخص المسؤول لقد تم نقل الملكية على الاستمارة ولكن ربما يكون الموظف قد نسي ان ينقلها في الكمبيوتر ولازالت على اسم المالك القديم، ما العمل اذاً؟ عليك ان تذهب الى مرور الروضة وعندما وصل دوره قال له الشخص المسؤول هناك ان الشخص الذي نسي ان ينقل الملكية على الكمبيوتر سيأتي الساعة 2,15 وكانت الساعة وقتها قد تجاوزت الحادية عشر صباحاً، فسأله الا يوجد حل لهذه المشكلة قبل هذا الوقت، فقال له اذاً ذهبت الى مركز المعلومات والوثائق واتيت بورقة مبايعة فسيتم الامر، وذهب للمبنى الآخر وقالوا له ان السيارة لا تزال على اسم المالك القديم، فعاد الى المبنى الاول وقال له الشخص المسؤول عليك ان تأتي بعد الثانية ظهراً وسجل اسم المسؤول الذي يجب مراجعته على الاوراق، عاد الطبيب في الوقت المحدد وجلس بانتظار من يجب ان يصحح خطأ يده، وفي الساعة 3,15 اطل ذلك المنتظر، وعندما شرحت له القضية اخذها بمنتهى البساطة وكأن تعطيل يوم عمل لا يقدم ولا يؤخر، وقال ولكن يجب ان تأتي غداً لان الختم مقفول عليه ولا يوجد ختم الآن,,!!
في اليوم التالي ذهب الطبيب صباحاً في الوقت المحدد، وعندما سأل العاملين في قسم مرور الروضة عن الاستمارة التي من المفترض ان تكون قد انتهت وختمت، لم توجد الاستمارة، وهنا وبعد ان يئس الطبيب من الحل قرر ان يراجع رئيس قسم المرور هناك، واستقبله الرئيس في مكتبه ورحب به، وللحق نقول كما يروي الطبيب انه تمنى لو انه راجعه منذ البارحة ليحل له المشكلة، وحاول بجدية واهتمام ان ينهي الموضوع، ولكن يبدو ان الاستمارة كانت بعيدة عن متناول اليد!!
فيما بعد اتى موظف وقال للطبيب ارجع بعد الظهر، ولكن الطبيب لديه التزامات اخرى ولم يعد بوسعه التغيب عن الدوام اكثر، ولاتزال الاستمارة بعهدة الاخ صالح!!
لم اتمالك نفسي وبدأت اضحك مع صديقي ساحباً العشر دقائق التي كنت قد تفوهت بها جازماً، وكتبت ما استطعت عسى ان تصل ضحكتنا من يهمه الامر.
ان الوظيفة احبتي ليست ميزة او رفاهية او تكريم او تعال، وانما هي شرف لمن يتمتع بها، شرف لان يخدم وطنه وامته من خلالها، وان يساهم على قدره برسم اللوحة الايجابية الكبيرة للوطن في اعيننا واعين الجميع، وخصوصاً واننا نعيش في كنف مجتمع طيب الاعراف وفي ظلال دين حنيف يشتمل على كل ما يصلح حال البشر.
ان الوقت هام في عالم اليوم، وكلمة اذهب وعد فيما بعد سهلة، ولكنها تعني الكثير، ويجب الا تكرر كثيراً على لسان اي موظف، ان الخطأ وارد وأي انسان يمكن ان يخطئ او ينسى، ولكن لا يعني هذا ان يكون تصحيح الخطأ على حساب الضحية.
حبنا لوطننا واهل وطننا وصورة وطننا هي التي دفعتني لكتابة تلك السطور والله ولي التوفيق.
ALOMARI 1420 @ yahoo com.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved