أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 23rd July,2000العدد:10160الطبعةالاولـيالأحد 21 ,ربيع الثاني 1421

تحقيقات

مسؤولو التعليم الجامعي وعمداء الكليات بعد أن ضاقت سوق العمل بخريجي الأقسام الأدبية
إلغاء التخصصات النظرية مرفوض والحل في تقنين أعداد طلابها
* الدمام تحقيق : ظافر الدوسري
يرى البعض في الوقت الحاضر امكانية الغاء التخصصات النظرية في جامعاتنا وكلياتنا والتركيز على التخصصات العلمية التي تحقق متطلبات سوق العمل ومواءمة بين مخرجات التعليم وحاجات سوق العمل ايضا.
ولاشك ان هذه المواضيع في طليعة الموضوعات التي تحظى باهتمام الجميع ليس في وزارة التعليم العالي والمجالس العليا للجامعات والكليات فقط وانما على كافة مستويات قطاعات المجتمع.
فماذا عن هذا الموضوع ؟
وكيف يُنظر لامكانية تطبيق مثل ذلك المقترح هذا ما سنتعرف عليه من خلال السطور التالية:
حول ذلك شاركنا عدد من ذوي الاختصاص في هذا المجال, حيث تحدث في البداية مدير جامعة الملك فيصل الدكتور يوسف بن محمد الجندان قائلا:
الحديث عن الغاء تخصص قد يبدو سهلا كما يراه البعض خطوة عملية عند التخطيط لمواءمة مخرجات التعليم العالي لحاجة سوق العمل, غير ان الواقع اشد تعقيدا مما يتصور البعض, قد نتفق من ناحية المبدأ على قلة الطلب على خريجي بعض التخصصات النظرية وضرورة الحد من التوسيع في هذه التخصصات وعند اصدار هذا الحكم يجب ان نتوخى الدقة ونربط هذه الظاهرة بمرحلة زمنية قد تتغير في القريب ان عاجلا أو آجلا.
فالحكم بالغاء تخصصات نظرية في مرحلة يزداد فيها عدد خريجي هذه التخصصات يعتبر حكما انفعاليا لايراعي الظروف الآتية وعلاقتها بالظروف المستقبلية.
وهناك عنصر آخر يجب ألا يهمش عند مناقشة الغاء التخصصات النظرية او حتى تقليصها ان اتفقنا على حل وسط تقبل به شريحة اكبر من اطراف المناقشة، وهذا العنصر هو ان خريجي الثانوية العامة من البنين والبنات تحمل نسبة عالية منهم قد تفوق 50% من حملة شهادة الثانوية العامة التي لا تؤهلهم للدراسات الجامعية في التخصصات العلمية او العملية بشكل عام.
أقنعوهم أولاً
واضاف قائلا: وفي الحديث مع احد مديري التعليم صور لي اخي الفاضل الجهد الجهيد الذي يبذله مع اولياء الامور في مرحلة مبكرة لاقناعهم بتوجيه ابنائهم للتخصص العلمي في المرحلة الثانوية وكيف المقاومة المستميتة التي تواجهه من قبل اولياء الامور واصرارهم على التخصص النظري, من هنا يتضح ان الموضوع يجب ان يبدأ بمرحلة مبكرة كما يجب ألا يتم الحل بقرار بل الافضل هو القيام بحملة اعلامية مقنعة للمجتمع توضح الفرق بين هذا التخصص وذاك واهمية الاختيار في وقت مبكر ومردود الخيار الجيد على الفرد والمجتمع على حد سواء, وحتى نبلغ تلك المرحلة أي مرحلة القناعة الذاتية لدى الافراد على مؤسسات التعليم العالي استيعاب ابنائنا من حملة شهادة الثانوية العامة في العلوم النظرية حسب طاقتها الحالية, ويستفاد في نفس الوقت من هذه المرحلة الانتقالية في التوسع في التخصصات العلمية للتهيئة لاستقبال اعداد اكبر عاما بعد عام, وهذا ما تأخذ به حاليا الجامعات بالمملكة ايمانا منها بان الحل الانفعالي بالغاء التخصصات سوف لا يخدم القضية، هذا الى جانب المسؤولية امام ابنائنا خريجي الثانوية العامة ممن لم يحسنوا الاختيار وكلمة الغاء التي وردت في الاستبيان تدفع القارىء او حتى المشارك في المناقشة الى تصور مجتمع يستغني عن العلوم النظرية وهذا امر غير واقعي بل مرفوض لعدة اسباب لاداعي الى الدخول في تفصيلها الا ان الطرح سيكون اسعد حظا لو تناول الاهتمام بالجانبين والسعي من اجل تحفيز الالتحاق بالتخصصات العلمية وترك الخيار للافراد وميولهم الخاصة مع عدم الالتزام بالتعليم الجامعي في التخصصات النظرية الا للمتفوقين ومن ينظر اليهم بالقدرة على احداث التوازن في المجتمع بما يتمتعون به من مستوى عالٍ, وهذه النقطة تذكرني بالاعداد الكبيرة التي تراجع الجامعة من حملة شهادة الثانوية العامة تخصص ادبي وبمستوى ضعيف للغاية وتلح على القبول, من هنا تأتي اهمية اختيار العينات التي تكفل سد حاجة المجتمع المستقبلية وبأعلى المستويات.
دعامة للتخصصات العلمية
أما عميد الكلية التقنية بالدمام د, عيسى بن حسن الانصاري فيشير الى ان التخصصات النظرية هي دعامة التخصصات العلمية لكن العملية تحتاج الى تقنين حيث يقول:من الصعب جدا ان نقول بأن التخصصات النظرية لا ضرورة لها وينبغي إلغاؤها, في اعتقادي ان هذه الفرضية لن تثبت حجتها, التخصصات النظرية في نظري هي دعامة التخصصات العلمية أو الهندسية لا أعتقد بأنه سيجيء اليوم الذي نستغني فيه عن هذه التخصصات وسيظل سوق العمل بحاجة الى مثل هذه التخصصات ولكن لا بأس ان نقنن من هذه التخصصات وهذا هو المطلوب بمعنى ان يكون هناك مرونة في هذه التخصصات من حيث اعتماد تخصص جديد والغاء تخصص قائم, وايضا لا ينبغي ان نسلم بان التخصص اذا افتتح لا يتم إلغاؤه الا باجراءات تأخذ مدة طويلة, واذا كان هناك من ينادي بالتركيز على التخصصات التطبيقية فهذا لا بأس اذ انه مقبول ولكن لا اوافق ان يكون على حساب التخصصات النظرية, نأخذ مثلا بسيطا تخصصات العلوم الادارية كالتسويق والادارة والسكرتارية وغيرها أليست هي المطلوبة هذا اليوم أليس سوق العمل مليئا بهذه الوظائف، أضف الى ان كافة مجالات العمل بالمصانع بحاجة الى هذه التخصصات في حين نجد ان كل مصنع بحاجة الى تخصص هندسي أو اكثر,وان كان المقصود هنا من التخصصات النظرية التاريخ والجغرافيا وما شابههما, فهنا نعم انا اتفق بأن تقنن مثل هذه التخصصات بما يلبي الاحتياجات العددية للتنمية.
التقنين هو الحل
* ويؤكد الاستاذ خليفة بن سباع الخالدي مدير كلية الجبيل الصناعية ماذكره د, عيسى الانصاري حول تقنين هذه التخصصات بما يلبي الاحتياجات العددية للتنمية حيث يقول:
ان فكرة الغاء التخصصات النظرية أو ما يسمى منها بالادبية أو الادارية أو بالعلوم الانسانية وما شابه ذلك من جامعاتنا وكلياتنا السعودية، لهي فكرة غير منطقية ولن تتحقق طالما ان هناك انسانا يتذوق الادب والفنون المختلفة وآخر تواقا الى معرفة تاريخه وجغرافية وطنه، وطالما ان هناك مجتمعات وأفرادا يتعايشون مع بعضهم البعض يؤثرون ويتأثرون بما يحيط بهم.
ولكن ان يتم تقديم تلك التخصصات الدراسية وفق دراسة من شأنها تقنين هذا الكم الكبير من هذه التخصصات وربط تقديمها واعداد الملتحقين بها من الطلاب بحاجات سوق العمل الفعلية، فهذا هو المنطق وهذا هو الرأي الصائب من وجهة نظري.
كما ان التركيز من قبل جامعاتنا وكلياتنا على تقديم التخصصات العلمية وخاصة ما يتصل منها بالتقانة ونقلها والتعامل معها، لهو لسان حالنا وحاجة مجتمعنا وبلادنا في هذا الوقت الذي تتنوع فيه العلوم وتتسارع فيه خطى التطورات التقنية.
ان ما يقدم من تخصصات وما يتم تخريجه من طلاب يجب ان يكون موائما لحاجات سوق العمل في القطاعات الاقتصادية المختلفة والخطط التنموية لبلادنا، وأن يلبي تلك الحاجات والخطط.
كما ان للكليات التقنية والصناعية والتخصصية الاخرى دورا كبيرا في تلبية احتياجات بلادنا من العمالة الفنية والتقنية الماهرة حيث ان هذه الفئة من القوى البشرية العاملة تشكل نسبة كبيرة من احتياجات بلادنا وهي الشريحة الاكبر التي تكثر فيها الايدي الاجنبية الوافدة.
أين الإستراتيجيات
ومن جهته يرى الدكتور احمد بن حسن المصيلحي عميد كلية العلوم الصحية للبنين بالدمام ان القضية بحاجة الى استراتيجيات موضوعة بعناية فائقة ودقة متناهية وفق خطط مدروسة ومناهج مرحلية لتحقيق اهداف وغايات اسمى حيث تحدث قائلا:
بادىء ذي بدء
مما لاشك فيه ان الواقع الاكاديمي والنهج العلمي الذي نعيشه اليوم لم يكن هكذا على مر العصور والازمان، وان الاحاطة الكاملة بالنهج التربوي والتطور الفكري والتجربة البشرية في مجال العلم والعمل والعلوم الانسانية والتطبيقية بعيدة المنال ويصعب حصرها في هذه العجالة كما ونشهد ان للعملية التربوية والاستراتيجية التعليمية رجالا نذروا انفسهم لهذا المجال وحملوا على عواتقهم محمل الجد والاجتهاد مسئولية التخطيط وصياغة الاهداف ضمن خطط شاملة قصيرة المدى وبعيدة المدى بكل صدق وامانة واخلاص وليسعد ابناء هذا الوطن الشامخ بالرفاهية والوئام.
وما طرحتموه من الغاء التخصصات النظرية في جامعاتنا والتركيز على التخصصات العلمية لتحقيق متطلبات سوق العمل لهو موضوع شائك وليس بالبساطة كما يبدو لأول وهلة.
ويقينا ان ولاة الأمر الكرام في هذا الوطن المعطاء يولون هذا الامر جل اهتمامهم، وكذلك الحال لدى جهات الاختصاص في وزارة التعليم العالي والمجالس العليا للجامعات والكليات وعلى رأسهم مجلس القوى العاملة.
ولكن اذا ما اردت ان ادلو بدلوي وابدي رأيي الشخصي المتواضع في مثل هذا الموضوع فهذا يتطلب الالمام بامور شتى بعضها بدهي والاخر استراتيجي.
ولكي نجد بصيصا من الاجابة حول هذه القضية فيجب ان نضع في الاعتبار بعض اهداف وغايات التعليم العالي المبنية على العوامل الفكرية والاجتماعية والاقتصادية متمثلة في رؤى بعض الثوابت.
ومنها التأصيل الاسلامي وتنمية العقيدة، والدفاع عن الدين والملك والوطن وتحقيق الامن والاستقرار، والابداع الادبي في التأليف لخدمة الاسلام والمسلمين، والتعمق في تاريخ العلوم الانسانية وحضاراتها، والانتشار الادبي والثقافي والاجتماعي والفني،واخذ المبادرة في مجال اللغويات والترجمة والاعلام، وتحقيق التنمية الذاتية المتناسقة، والتخفيف من الاعتماد على اقتصاد وصادرات البترول، وخصخصة الاقتصاد والتجارة الدولية الحرة، وتحقيق معدلات نمو مطردة.
وتنمية الموارد البشرية وتأهيلها تأهيلا عاليا في شتى القطاعات، ومواكبة وتوطين التقنية الحديثة والعلوم التطبيقية.
وكل ما ذكرته وغيره نجد انفسنا مازلنا في امس الحاجة اليه والتوسع فيه وتجديده وهي استراتيجيات موضوعة بعناية فائقة ودقة متناهية وفق خطط مدروسية ومناهج مرحلية لتحقيق اهداف وغايات اسمى.
ولكي نحاول الاجابة على مثل هذا السؤال تلزمنا وقفة تأمل ومصارحة نستعيد معها ذاكرة الماضي القريب لنقف على ما ابدعنا فيه وعلى ما اخفقنا فيه ولنقيّم رسالة جامعاتنا تقييما منهجيا وموضوعيا وبالتأكيد سنجد انفسنا قفزنا قفزة هائلة ورائعة محطمين بها أرقاما قياسية في عمر الدول والشعوب وما ذاك إلا لاننا توكلنا على الله واستنرنا بهدي رسوله ثم بارشادات وتوجيهات ورؤى ولاة الامر في حكومتنا الرشيدة ثم اخذنا بالاسباب في سياق متجانس من علوم اسلامية ولغوية وانسانية نظرية الى علوم تطبيقية وتقنية علمية الامر الذي اهلنا لنتبوأ مركزا مرموقا بين الامم في سنين قليلة وقصيرة.
ومازلنا نسأل انفسنا هل حققنا ما نصبو اليه، ومازال السؤال كبيرا والاجابة تتطلب دقة وروية ذلك لان للجامعات دورا رياديا وهاما واساسيا في تقدم الدول ورقي الشعوب.
وجامعاتنا اليوم ليست هي جامعات الامس سواء كانت في الكم او الكيف وكذلك الحال بالنسبة للكليات والتخصصات, ونجد جامعاتنا اليوم تسعى بنظرة ثاقبة مستقبلية مستقرئة حاجة الامة في مستقبلها على ضوء معطيات ماضيها لوضع اهم السياسات التربوية والتعليمية والتأهيلية دون المساس بالهيكل العام للجامعة او التعليم الجامعي.
وأما ان تُلغى التخصصات النظرية في الجامعات كما طرح السؤال فلا اعتقد بان هذا هو الحال الامثل لمشكلتنا في سوق العمل ولكن ارى معتمدا على ما طرحته سابقا ان تظل الكليات النظرية مشرعة الابواب وان ينظر في اعادة تأهيل اعضاء هيئة التدريس بكل كلية لتطوير هذه الكليات حسب مقتضيات الحال وفقا للمصلحة العامة للوطن والمواطن.
وكذلك ان يتم تطوير وتأهيل الكليات العلمية لمواكبة حاجة سوق العمل وفق خطط مدروسة مرحلية ومحدودة.
وليكن معلوما للجميع ان الجامعات والكليات مهما طورت واهلت فلن تستوعب كل الناجحين في امتحانات الثانوية العامة، ولابد من فاقد تربوي مع هذا التوسع في التعليم العام، الامر الذي يتطلب مشاركة الجامعات والكليات في التخطيط له باسلوب حضاري حديث مبني على الاحصاء وتملك المعلومة الدقيقة, ولنا في تجارب بعض الدول عبرة من مرونة في هذا المجال بحيث ننطلق من حيث توقف الاخرون.
واخيرا اشكر لكم اتاحتكم هذه الفرصة لي للمساهمة برأيي المتواضع في قضية تشغل بال الكثيرين من الحادبين على مصلحة الوطن والمواطن.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved