أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 27th July,2000العدد:10164الطبعةالاولـيالخميس 25 ,ربيع الثاني 1421

مقـالات

(كيفية تأصيل العلم في نقل الروايات والآثار,, وما هو سبب أصل الخلل عند الصوفية)
صالح بن سعد اللحيدان
جاء في الصحيح المسند من حديث النبي صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه، قال الإمام البخاري: حدثنا الحميدي (1) حدثنا سفيان (2) حدثنا عمرو بن دينار قال: أخبرني سعيد بن جُبير قال: قلت لابن عباس: إن لوقاً البكالي يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس هو موسى صاحب بني إسرائيل، فقال ابن عباس: كذب عدو الله، حدثنا أُبي بن كعب (3) أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن موسى قام خطيباً في بني إسرائيل فُسئل أي الناس أعلم؟
فقال: أنا, فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه، فأوحى الله إليه ان لي عبداً بمجمع البحرين هو أعلم منك.
قال موسى: يا رب فكيف لي به؟
قال تأخذ معك حوتاً فتجعله في مكتل فحيثما فقدت الحوت فهو ثَمّ.
فأخذ حوتاً فجعله في مكتل، ثم انطلق وانطلق معه فتاه يوشع بن نون، حتى إذا أتيا الصخرة وضعا رؤوسهما فناما، واضطرب الحوت في المكتل، فخرج منه فسقط في البحر، واتخذ سبيله في البحر سربا، وأمسك الله عن الحوت جريّة الماء فصار عليه مثل الطاق فلما استيقظ نسي صاحبه أن ينجده بالحوت، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما.
وتمامه عند ابن كثير (4): (حتى إذا كان من الغد قال موسى لفتاه: (آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصباً), (5)
قال: ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الذي أمره الله به.
فقال له فتاه: (قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيهُ إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجباً).
قال: فكان للحوت سرباً ولموسى ولفتاه عجباً، فقال له موسى: (ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا).
قال: فرجعا يقصان آثارهما (6) حتى انتهيا إلى الصخرة، فإذا رجل مسجى بثوب فسلم عليه موسى فقال الخضر: وأنى بأرضك السلام,,؟
قال: أنا موسى.
قال: موسى بني إسرائيل,,؟
قال: نعم، أتيتك لتعلمني مما عُلمتَ رُشداً، (قال إنك لن تستطيع معي صبرا)، يا موسى إني على علم من علم الله علمنيه الله لا تعلمه أنت، وأنت على علم من علم الله علمكه الله لا أعلمه فقال موسى: (ستجدني إن شاء الله صابراً ولا أعصي لك أمراً)، فقال له الخضر (فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكراً) (فانطلقا) يمشيان على ساحل البحر فمرت بهما سفينة فكلموهم أن يحملوهما، فعرفوا الخضر فحملوهم بغير نول فلما ركبا في السفينة لم يُفاجأ إلا والخضر قد قلع لوحاً من ألواح السفينة بالقدّوم، فقال له موسى: قوم حملونا بغير نول عمدت إلى سفينتهم فخرقتها: (لتغرق أهلها لقد جئت شيئاً إمرا).
(قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا).
(قال: لا تؤاخذني بما نسيت ولا تُرهقني من أمري عُسرا).
قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فكانت الأولى من موسى نسياناً .
قال: وجاء عصفور فوقع على حرف السفينة فنقر في البحر نقرة.
فقال له الخضر: ما علمي وعلمك من علم الله إلا مثل ما أنقص هذا العصفور بمنقاره من هذا البحر.
ثم خرجا من السفينة، فبينما هما يمشيان على الساحل إذ أبصر الخضر غلاماً يلعب مع الغلمان، فأخذ الخضر رأسه بيده فاقتلعه بيده فقتله، فقال له موسى: (أقتلت نفساً زكية بغير نفس لقد جئت شيئاً نُكراً .
(قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبراً).
قال: وهذه أشد من الأولى.
(قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عُذرا).
فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يُضيفوهما فوجدا فيها جداراً يُريد أن ينقض (قال مائل)، (فأقامه) بيده فقال موسى: قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يُضيفونا, (لو شئت لاتخذت عليه أجراً).
(قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك) إلى قوله ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبراً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وددننا أن موسى كان صبر حتى يقص الله علينا من خبرهما .
قال سعيد بن جبير (7) فكان ابن عباس يقرأ: (وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا) وكان يقرأ: (وأما الغلام فكان كافراً وكان أبواه مؤمنين).
ثم رواه البخاري (8) أيضاً عن قُتيبة عن سفيان ابن عُيينة بإسناد نحوه وفيه: (فخرج موسى ومعه فتاه يوشع بن نون ومعهما الحوت حتى انتهيا إلى الصخرة فنزلا عندها.
قال: فوضع موسى رأسه فنام.
قال سفيان، وفي حديث غير عمرو.
قال: وفي أصل الصخرة عين يُقال لها الحياة، لا يُصيب من مائها شيء إلا حيي، فأصاب الحوت من ماء تلك العين، قال: فتحرك وانسل من المكتل فدخل البحر فلما استيقظ (قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا,),,.
وقال البخاري حدثنا إبراهيم بن موسى، حدثنا هشام بن يوسف، أن ابن جريج أخبرهم، قال: أخبرني يعلى بن مسلم، وعمرو بن دينار عن سعيد بن جبير يزيد أحدهما على صاحبه، وغيرهما قد سمعته يحدثه عن سعيد بن جبير قال: إنا لعند ابن عباس في بيته إذ قال: سلوني،
فقلتُ: أي أبا عباس - جعلني الله فداك - بالكوفة رجل قاص يُقال له (نوف) يزعم أنه ليس بموسى بني إسرائيل.
أما عمرو فقال لي: قال: كذب عدو الله، وأما يعلى فقال لي: قال ابن عباس: حدثني أُبي بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: موسى رسول الله قال ذكر الناس يوماً حتى إذا فاضت العيون، ورقت القلوب ولى، فأدركه رجل، فقال له: أي رسول الله: هل في الأرض أحد أعلم منك,,؟
قال: لا.
فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إلى الله .
وقد رواه عبدالرزاق (9) عن معمر (10) عن أبي إسحاق (11) عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: خطب موسى بني إسرائيل.
فقال: ما أحد أعلم بالله وبأمره مني.
فأمر أن يلقى هذا الرجل، فذكره نحو ما تقدم (12) وأشار ابن كثير ما بين ص 424 حتى ص 426 أشار إلى ما يلي:
وقوله (تعالى) وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة قال: السُّهيلي وهما: أصرم وصريم أبناء كاشح وكان تحته كنز لهما قيل كان: ذهباً قاله عكرمة، وقيل: علماً قاله ابن عباس، والأشبه أنه كان: لوحاً من ذهب مكتوباً فيه: علم (13).
قال البزار حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، حدثنا بشر بن المنذر، حدثنا الحارث بن عبدالله اليحصبي عن عياش بن عباس الغساني عن ابن حجيرة عن أبي ذر رفعه قال: (إن الكنز الذي ذكره الله في كتابه لوح من الذهب مُصمت مكتوب وعجبت لمن أيقن بالقدر كيف نصب؟ وعجبت لمن ذكر النار لم ضحك؟ وعجبت لمن ذكر الموت كيف غفل؟ لا إله إلا الله محمد رسول الله, (14) وهكذا روي عن الحسن البصري، وعمر مولى غفرة وجعفر الصادق نحو هذا (15).
وقوله تعالى (وكان أبوهما صالحاً) قيل إنه كان الأب السابع، وقيل العاشر، وعلى كل تقدير: فيه دلالة على أن الرجل الصالح يُحفظ في ذريته والله المستعان (16).
وقوله تعالى (رحمة من ربك) دليل على أنه كان نبياً (17)، وأنه ما فعل شيئاً من تلقاء نفسه بل بأمر ربه فهو نبي.
وقيل: رسول.
وقيل: ولي.
وأغرب من هذا من قال: إنه كان ملكاً.
قلتُ: وقد أغرب جداً من قال: هو ابن فرعون وقيل ابن ضحاك الذي ملك الدنيا ألف سنة، قال ابن جرير: والذي عليه جمهور اهل الكتاب أنه كان في زمن أفريدون.
ويقال: إنه كان على مقدمة ذي القرنين الذي قيل إنه كان افريدون، وذو الفرس هو الذي كان في زمن الخليل.
وزعموا أنه شرب من ماء الحياة فخلد وهو باقٍ إلى الآن.
وقيل: إنه من ولد بعض من آمن بإبراهيم، وهاجر معه من أرض بابل.
وقيل: اسمه ملكان.
وقيل: أرميا بن خلقيا.
وقيل: كان نبياً في زمن سباسب بن بهراسب.
قال ابن جرير: وقد كانت بين افريدون وبين سباسب دهور طويلة لا يجهلها أحد من أهل العلم بالأنساب.
قال ابن جرير: والصحيح أنه كان في زمن أفريدون واستمر حياً إلى أن أدركه موسى صلى الله عليه وسلم وكانت نبوة موسى في زمن منوشهر الذي هو من ولد أبرج بن أفريدون أحد ملوك الفرس وكان إليه الملك بعد جده أفريدون وكان عادلاً وهو أول من خندق الخنادق، وأول من جعل في كل قرية دهقاناً، وكانت مدة ملكه قريبة من مائة وخمسين سنة.
ويُقال: إنه كان من سلالة إسحاق بن إبراهيم).
وقد قال الله تعالى: (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة، ثم جاءكم رسول مُصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه، قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري, قالوا: أقررنا, قال: فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين) (18) فأخذ الله ميثاق كل نبي على أن يؤمن بمن يجيء بعده من الأنبياء وينصره، واستلزم ذلك الإيمان وأخذ الميثاق لمحمد صلى الله عليه وسلم لأنه خاتم الأنبياء, فحق على كل نبي أدركه أن يؤمن به وينصره, فلو كان الخضر حياً في زمانه لما وسعه إلا اتباعه والاجتماع به والقيام بنصره ولكان من جملة من تحت لوائه يوم بدر كما كان تحتها جبريل وسادات الملائكة.
وقصارى الخضر عليه السلام أن يكون نبياً وهو الحق أو رسولاً كما قيل (19) أو ملكاً فيما ذكر.
ولم يُنقل في حديث حسن، بل ولا ضعيف يُعتمد أنه جاء يوماً واحداً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا اجتمع به، وما ذكر من حديث التعزية فيه وإن كان الحاكم قد رواه فاسناده: ضعيف.
قال ابن لحيدان هذا مجمل ما نقله وحرر بعضه الإمام ابن كثير، ولنا ثلاث مسائل:
الأولى: أن الخضر لم يعمر، بل هو ميت وهذا هو الصحيح الدال عليه النص ودلالة العقل السليم, قال تعالى (وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد).
الثانية: أنه نبي لنفسه بوحي خاص بموجب تعليم موسى عليه السلام، وليس هو برسول.
الثالثة: أن الصوفية الشاذلية والرفاعية والنقشبندية، والقادرية، والحسينية يتصورون حياته فيتلاعب بهم الشيطان حتى يصدقوا أنفسهم أنهم يرونه، بل ويرون الحسين، وزينب، والبدوي والرفاعي.
بل ويذوبون في الصوفية من/ هز وضرب وحنين وأنين/ ويسكرون من قوة الانفعال وقد يموت بعضهم أو يسقط ويرتعد ويهذي.
وأصل الخلل عندهم:
1, سوء التربية.
2, طلب المال.
3, حب الزعامة على العوام.
4, حب الزعامة على الجهال.
5, تشجيع النصارى لهم لصرفهم عن حقيقة وروح الإسلام الصحيح.
6, تقمص السيادة والإمامة.
7, التهرب من تكاليف الشريعة.
8, العصبية الجاهلة.
9, تركهم على ما هم عليه.
فالصوفية الوثنية والقبورية والمبتدعة يلتقون بموجب الجهل بحقيقة دعوة الرسل ولهذا يتهربون من صحيح الآثار، وهم إذا وصل الصحيح إليهم أولوه بما يوافق صوفيتهم.
من أجل ذلك يرون الخضر ويكلمهم، ويكلمونه، وما هو إلا التخيل الباطني الكاذب.
وقد يذكرون لك أنهم في ليلة أو بعض ليلة يحجون ويعتمرون ويطوفون ويسعون، بل ويرون النبي صلى الله عليه وسلم، بل قد نقل إليّ أن بعضاً من طلاب العلم يذهبون مذاهب بعض الصوفية خاصة في الموالد وقصد زيارة القبور.
وهذا سببه بعض ما تقدم، وقد قال سبحانه (أفمن زُين له سوء عمله فرآه حسناً,,, الآية,,) وقال سبحانه (أفرأيت من اتخذ إلاهَهُ هواه).
وفي (تلبيس إبليس) لابن الجوزي أمور عجيبة من حيل الشيطان وحيل إبليس.
وفي جملة ما أحرره هنا تنبيه مهم لعامة العلماء وكتبة التاريخ والأدب والفلسفة أن يتقوا الله جل وتعالى، يتقوه بنقل الصحيح من كتب ثقات أهل السنة عند نظر أو بحث القصص والأخبار والروايات فيكون عملهم هذا شاهداً لهم بالأمانة والنزاهة والفهم الصائب السديد فيكسبون الأجر ويبعدون أنفسهم عن ذم الخليقة العاقلة.
التنبيهات والحواشي .
(1) عبدالله بن الزبير القرشي/ من أجل شيوخ البخاري.
(2) هو ابن عُيينه.
(3) الصحابي الجليل.
(4) قصص الأنبياء/ ص 420/ 424.
(5) النصب: التعب.
(6) يدل هذا على أن موسى/ عليه السلام/ هو أول من قص الأثر.
(7) من أجل تلاميذ ابن عباس ومن خيار التابعين (ثقة,, ثبت).
(8) بسند آخر: صحيح.
(9) مُحدث وإمام أهل اليمن (في المصنف) بهذا السند.
(10) معمر بن راشد/ له أوهام.
(11) قلتُ فيه عنعنة/ السبيعي/ وهو: مُدلس.
(12) ذكره الإمام عبدالرزاق نحو ما ذكره الإمام البخاري.
قلت: هُناك فرق بين السندين.
(13) لم يصح سند أي من هذا حسب علمي.
(14) قلت لم يصح سنده هذا.
(15) كذلك/ ومع أن ابن كثير إمام في الجرح والتعديل في الجملة فلست أعلم سبباً لسكوته.
(16) لم يرد نص صحيح/ قلت والأقرب أنه الوالد مباشرة.
(17) الخضر.
(18) سورة آل عمران آية 81.
(19) لم يثبت بنص خاص.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved