أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 27th July,2000العدد:10164الطبعةالاولـيالخميس 25 ,ربيع الثاني 1421

الثقافية

الإبداع والتجريب ,, هل تبرر الوسيلة الوسيلة
محمد العثيم
أثار بعض أهل المسرح الكثير من النقاش حول الأحاديث التي سقتها في هذه الزاوية الشهر الماضي التي استندت بها على مفاهيم وما تعلمته من المسرح الحديث والحقيقة ان دخلت في أمور المسرح الحديث من باب الصراع ثم قدمت أحاديث حول العروض من الجانب النظري وجوانب الماهية وكيف تغيرت ,, وعدت للحديث عن الخشبة التي تحول دورها من وسيلة لرفع الممثلين الى ان صار فراغها كتلة لنحت مقولة فنية مكتملة لا يتقدم فيها عنصر على عنصر, كتبت في هذه الأطر النظرية لم أقل إني اكتب المسرح الحديث فالمسرح الحديث مسارح وعالم نظري وعملي وفن مطلق متسع لذلك لم استغرب النقاش الحاد والمثير الذي كان يدور مع بعض المختصين وغير المختصين الذين يأخذ بعضهم الحماس الى الرغبة في رد مقالي مكتوبا في جدل حول الصحيح والخطأ مع ان الفن فن وغير الفن لا يكون فنا حتى وهو في وعاء الفن مثل الماء في وعاء العسل وهذه هي القاعدة النهائية التي يحتكم لها كل الفنانين .
الإثارة التي احاطت الموضوع جاءت بكاملها ان الأحاديث الستة الماضية كانت تدور في عالم اسئلة معلقة حول المسرح الحديث وبالذات ما يعرف بالنخبوي والتجريبي لأن العمل في هذين الإطارين مثل محاولة العبور من النور الى منطقة معتمة يثير من الأسئلة ما هو اكبر من واقع العبور بين النور والظلام وهنا نكون تحت تأثير قوة وضغط السؤال حول براعة الإبداع وبراعة التظليل واحيانا براعة (الدجل الفني الذي لا تكشفه الا عين ماهرة مثل الدجل الذي يعرفه الناس في تهويمات ما ينسب للأدب الحديث من قبل بعض الشباب الذين يتجاوزون المعنى في اللفظ ويقيمون مملكة للقصة والشعر في فراغ مادي ونصي لا يوجد الا في اذهانهم.
وهذا الرد حول جدل المسرح الحديث يجعلني ادخل مدخل النص المبدع طريقا للعمل الإبداعي,, ومدخلي يدور حول النص المكتوب الذي مهما تجاوزناه الى ماهية المعنى والمسرح فإنه يبقى مثار سؤال يختصر الكثير من الجدل باعتبار كل المجربين الذين وردت اسماؤهم في تاريخ الفن كتبوا تجاربهم نصا يمكن إعادته او اعداده وتكراره,, الفرق انهم انطلقوا من خشبة التمثيل وكتبوا نصهم عليها بدل الانطلاق من نص مكتوب اولا ولد في ذهن كاتب,, هذا الجانب، ومن جانب آخر يجادل البعض في هذه المسألة متناسيا ان الأمر قبل ذلك يجب ان يكون فكرة ومن الفكرة يوجد عالم والفكرة تقعد على الفراغ في نص ما بشكل ما .
هذه واحدة من نقاط الجدل البيزنطي وأذكر ان المرحوم الدكتور علي الراعي قال حول بعض مسرحيات المهرجان التجريبي الدولي السنوي بالقاهرة : المسألة ليست تجريبا او إبداعا المسألة جوهر المسرح وكيف الوصول اليه واحسب ان الجوهر كامن في خامة النص الأولى.
أوردت كل هذا لأصل الى عنواني لهذا اليوم حول مفارقة الإبداع والتجريب ايهما يقود للآخر,, والغريب ان كثيرين في السنوات الماضية تعاقبوا الدوران حول المسميين للخروج من مشكلة مفهوم التجريب وضرورته في المسرح العربي؟.
وكانت مفاهيم التجريب للبعض بدون معنى وصار أي إبداع نخبوي يسمى تجريبا ثم عاد الجميع ليقولوا اننا لا نجرب ولكننا نبدع.
والحقيقة ان أي تجريب لا تكون غايته ومساره ابداعا او خدمة ابداع لا قيمة له فما هي الفائدة من ان اعرف ان حركة اليدين مع الضوء تعني جملة تطلع الشمس اذا لم اكن معنيا بهذا الظهور وهي ام المشكلات لمجربينا الذين قد يخطر ببالهم ان (الوسيلة تبرر الوسيلة) وبالفعل فنحن في مشكلة الدوران في حلقات مفرغة من المفاهيم التي نقلد بها آخرين خصوصا اذا ما قطعنا نصا من سياقه العام وقررنا تطبيق تجربة من فلان او علان على علاتها,, او اخذنا التأثير الذي عرضته فرقة اجنبية وقفت الثقافة واللغة عائقا بيننا وبين استيعاب مفاهيمها,.
ثم قررنا تكراره بحسب ما وصلنا او تداعت افكارنا حوله.
قال احد النقاد غاضبا في ندوة مسرح عربي كثر فيها الجدل حول التجريب والنص وهو يسخر انتم يا اخوتي تطلبون تأسيس الإذاعة اداة لتبث طنينها دون كلام او مضمون,, وتقولون نحن نجرب للتجريب,,لاتنسوا ان المسألة تختلف عن المتمذهبين في مقولات الفن للفن فأنتم تتصورون ان ازميلكم نحت وفرشتكم لوحة وتكتفون بالوسيلة عن الغاية .
لذلك فحتى في المجال الإبداعي اذا كانت هناك فكرة فلا بد ان يكون هناك نص يحملها ويحسن ان يكون هناك من يعيد كتابة العمل المعروض نصا لأن كثيرا من معطيات الرؤية ومفردات السينوجرافيا تحتاج الى مراجعة هائلة لإعادة كتابتها فما بالك اذا ما دخل للمعطيات اثناء العرض تداخلات مع الجمهور الذي أشرنا له مرارا بأنه الطرف الرابع في اللعبة.
Othaimm @hotmail.com

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved