أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 29th July,2000العدد:10166الطبعةالاولـيالسبت 27 ,ربيع الثاني 1421

الثقافية

سياسة الأبواب المفتوحة بالمملكة نموذج للديمقراطية المباشرة
خالد المعينا *
منذ عهد الملك المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود طيب الله ثراه والمملكة العربية السعودية تنتهج نمطاً متميزاً من العلاقة بين الحاكم والمحكوم أصبحت مع مرور الأيام بمثابة السدى واللحمة لنسيج المجتمع السعودي الواحد، قلما نجد لها شبيهاً في الوقت الحاضر في أي نظام آخر فتواصل الراعي بالرعية في النظام السعودي بشكل مباشر ودائم هو الهدف الذي تسعى لتحقيقه النظريات والمناهج السياسية المختلفة المنادية بالديمقراطية شرقاً وغرباً، فالشخص في ظل الوضعية السعودية يتمتع بكامل حقوقه دون أن يتنازل عنها لمن ينوب عنه عند أولياء الأمر، وهذه في حد ذاتها ميزة كبيرة ولا سيما وان العديد من التجارب التي أقرت نظام نيابي ما لبث نواب الشعب فيها أن تحول بعضهم إلى حراس لرغباتهم الشخصية وقوامين على منافعهم الذاتية وبالتالي فقد المواطن العادي تواصلاً جيداً مع مسؤوليه، نعم للأسف هذا واقع أخذ يتعمق مع الأيام في كثير من التجارب، لكن في المملكة العربية السعودية التي حباها الله بنظام يقوم على الاسلام، وولاة أمر لا يغلقون أبوابهم أمام أي شخص من مواطنيهم تميزت بتجربتها التي توافقت مع طبيعة الشعب السعودي وقيمه وموروثه وعاداته.
وسياسة الأبواب المفتوحة التي اتبعها المسؤولون بمملكتنا الحبيبة مكنت المواطنين أياً كانت منزلتهم أو مستوياتهم المادية أو الثقافية من مقابلة أي مسؤول في النظام بيسر وسهولة بمن فيهم الملك أو ولي عهده أو النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء أو وزير الداخلية أو أمراء المناطق والوزراء والمسؤولين كلاً في موقعه.
وشدني في هذا المقام كتاب أكاديمي صدر حديثاً للأمير فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز آل سعود تناول فيه بالوثائق والرصد والتحليل والتسجيل هذا الجانب المهم في العلاقة بين الحاكم والمحكوم في مملكتنا الحبيبة، وجاء الكتاب الذي صدر عن دار المعراج الدولية للنشر تحت عنوان المجالس المفتوحة والمفهوم الإسلامي للحكم في سياسة المملكة العربية السعودية ليناقش بموضوعية شديدة بعيداً عن التشنج اثر هذا التوجه في العلاقة بين الحكام والمحكومين في إثراء وتقوية بنيان الحكم بالسعودية، كما تناول الكتاب بشيء من الإفاضة المعتمدة على استقراء آراء شرائح مختلفة من المجتمع السعودي كيف ان هذا التوجه خلق جسور تواصل وجو من الثقة والتفاهم الحقيقي لدى الحكام والمواطنين.
ومع أن هذا المنهج في الحكم السعودي ليس جديداً على مجتمع الجزيرة العربية التي اتسمت طبيعة مجتمعاتها عبر التاريخ بالنظام القبلي، إلا أن الكتاب أورد في أكثر من موضع كيف ان سياسة المجالس المفتوحة في العصر السعودي وجدت هوى وقبولاً لدى المجتمع السعودي المعاصر لارتباط هذا التوجه بجذورهم وتقاليدهم وقيمهم، حيث اعتاد الحكام السعوديون منذ عهد الملك عبدالعزيز على لقاء المواطنين في لقاءات مفتوحة ليناقشوا ويعالجوا مشاكلهم وهمومهم وشؤون حياتهم المختلفة.
وتكمن أهمية هذا الكتاب الذي تصدَّره تقديم لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض في أنه يعد تسجيلاً أميناً لهذا الجانب المهم في حياة السعوديين عامة من حكام ومحكومين بشكل علمي ومنهجي اتسم بالحياد والموضوعية بحيث تجعل منه مرجعاً أساسياً متميزاً لهذا الجانب الذي يتناول علاقة الحاكم بالمواطنين في السعودية ولا سيما وان قرب المؤلف من صناعة القرار وكونه أحد أفراد الأسرة الحاكمة التي تتولى أمانة القيادة للشعب السعودي اتاحت له نقل الصورة بموضوعية وبشكل مكتمل غير منقوص, وقد وصف صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض سياسة الأبواب المفتوحة في اللقاء الذي أجراه المؤلف معه وأورده ضمن صفحات الكتاب في اطار اظهار فعالية المجلس المفتوح هذه المجالس بالديمقراطية المباشرة وهو وصف دقيق وواقعي، خصوصاً وان هذا التوجه جعل المواطن سيد نفسه دون وسيط أو وكيل أو من ينوب عنه وعرض همومه ومشاكله بشكل مباشر.
ولإكمال الفائدة العلمية من الكتاب لم يغفل المؤلف تناول الجانب التاريخي لهذه المجالس المفتوحة وتأصيلها من خلال تتبع نشأتها وبيان استمراريتها في المجتمعات التي نمت بالجزيرة العربية في مختلف عصورها.
والكتاب الذي جاء في 257 صفحة من القطع المتوسط يقدم لنا ظاهرة سياسية لم يتطرق إليها باحث من قبل، وهذه الظاهرة هي ظاهرة المجالس المفتوحة التي تعتمدها القيادة السياسية في المملكة العربية السعودية، والتي تمثل صورة المشاركة الشعبية في صناعة القرار، وتفاعل القيادة مع القضايا التي يعيشها المواطن ووقاية من الظلم الذي قد يقع على أبناء الشعب السعودي.
ومن ثم فإن هذا الاصدار الذي يأتي مع نهاية ألفية ودخول ألفية جديدة لا يقرر واقعاً سياسياً فحسب بل يسعى إلى بلورة نظرية سياسية تكون منهجاً يمكن أن يحتذى به ليس فقط في الدول العربية والإسلامية فحسب بل في كافة المجتمعات البشرية ولا سيما وان كثيراً من التجارب التي وضعت ذهبت مع من وضعها أو بعدهم بقليل لسبب حيوي ومهم انها باعدت بين الحكام والمحكومين ولم تفلح في إيجاد جسور تواصل قوية مثلما هو الحال في النظام السعودي.
* رئيس تحرير جريدة عرب نيوز

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved