أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 30th July,2000العدد:10167الطبعةالاولـيالأحد 28 ,ربيع الثاني 1421

الاقتصادية

إنسان وقانون
محكمة ليست محكمة
محمد الدويٍّش
في 14/9/1401ه أصدر مجلس الوزراء قراره رقم 167 بانشاء محاكم متخصصة تفصل في المنازعات التجارية والعمالية والمرورية طبقا للانظمة والتعليمات التي اصدرها ولي الامر بما لا يتعارض مع نص من الكتاب والسنة او الاجماع وان يتم اختيار القضاة من القضاة العاملين في المحاكم على ان تتولى محكمة التمييز في الرياض ومكة المكرمة تمييز الاحكام الصادرة من تلك المحاكم.
غير ان بعض الظروف اجلت تنفيذ هذا القرار بل ان هيئة حسم المنازعات التجارية نقلت إلى ديوان المظالم بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 241 وتاريخ 26/10/1407ه وبقيت بقية اللجان القضائية على ما هي عليه!!
لقد كانت المملكة سباقة إلى الاخذ بالقضاء المتخصص حيث القضاء الاداري المتمثل بديوان المظالم والقضاء التجاري المتمثل بعدد من اللجان مثل هيئة حسم المنازعات التجارية وهيئة حسم منازعات الشركات ولجان الاوراق التجارية ولجان الحكم في الغش التجاري وغيرها.
والقضاء العالي المتمثل بلجان تسوية الخلافات العمالية.
ولكن وباستثناء ديوان المظالم فإن هذه اللجان لم تأخذ مسمى المحاكم قط ولم يتمتع اعضاؤها بالصفة القضائية رغم انها مازالت صلاحيات قضائية حاسمة فهي محاكم من حيث العمل ولكنها ليست كذلك لدى الناس والنظام.
وكم مرة قال احد المتخاصمين امامها: أريد الشرع حولوني للشرع يقصد المحكمة العامة.
وحين يقول له احد الاعضاء، ان ولي الامر اصدر انظمة تعنى بالمصالح المستجدة والمتطورة ليس فيها والحمد لله ما يخالف نصا شرعيا ثابتا او اجماعا لا خلاف عليه يرد بقوله: ولكنكم لستم قضاة ولجنتكم ليست محكمة!!
إن الخلل القائم في هذه المنظومة القضائية انها ليست محاكما وان اعضاءها ليسوا قضاة وهي خارج المظلة الادارية لوزارة العدل, ولذلك جاء التوجه الآن وضمن استحقاقات الانضمام لمنظمة التجارة العالمية بتفعيل قرار مجلس الوزراء الصادر عام 1401ه وذلك بانشاء محاكم متخصصة تابعة لوزارة العدل بدلا من هذه اللجان المتشتتة.
وإذا ما حدث هذا فإن جميع الاحكام الصادرة في المملكة ستكون احكاما قضائية يصدرها قضاة ومرجعها النهائي التمييز وهذه خطوة هامة ضمن خطوات التوجه السعودي نحو المجتمع المدني, وقد سبق هذه الخطوة قرار بتدريس الانظمة في كليات الشريعة حتى يكون القاضي ملما بها قادراً على تطبيقها, غير ان الاخذ بالقاضي المتخصص يبقى هو الضمان الاهم لنجاح هذا التوجه، فنحن قد نحرج القضاة إذا ما طلبنا من كل قاضٍ ان يطبق كل الانظمة بدقة وبراعة حتى لو كان قد درسها، فالتطبيق الدقيق البارع لا ينتج الا عن تفرغ تام او شبه تام للعمل بهذا النظام او ذاك عملا قضائيا يوميا متلاحقا ومتشابكا.
وفي هذا الصدد فإنه ليس من المتصور الاستغناء عن هذه الخبرات التي وفرتها التجربة الطويلة في القضاء المتخصص سواء في المجال التجاري او العمالي.
ان اللجان المتخصصة قد قدمت للمملكة الخبرة الكافية والتي سوف تحتاج إليها المحاكم المتخصصة على الاقل في البداية وريثما تخرج كليات الشريعة القضاة المتخصصين.
والقول بغير ذلك يعتبر بداية من الصفر وشطبا لتجربة طويلة رائدة ومثل هذا لو حدث لا قدر الله فإنه قد يهدد التوجه بصعوبات ومعوقات قد تجعل الناس يترحمون على ايام اللجان ذات العمل القضائي دون الصفة القضائية.
ان تفعيل قرار مجلس الوزراء في هذا الشأن يجب ان يهتم بضمان سير القضاء نحو انهاء مصالح الناس المدنية والتي ترتبط بالاقتصاد الوطني مثل حركة التجارة والايدي العاملة ومشاكل المرور, وما لم تتوفر الآلية الوظيفية السريعة القائمة على الخبرة التطبيقية لمعالجة هذه المصالح المتشابكة ضمن سوق عمل ضخمة ومتلاطمة فإن الاقتصاد الوطني قد يدفع الثمن.
نعم نحن في عصر الخصخصة والتخصص ولكن الاندفاع دون اساس قد تكون عواقبه وخيمة فإذاً نحن لا بقينا حيث نحن ولا تقدمنا الى حيث يجب ان نكون.

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved