أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 2nd August,2000العدد:10170الطبعةالاولـيالاربعاء 2 ,جمادى الاولى 1421

مقـالات

رؤى وآفاق
العبث بالمال
د, عبدالعزيز بن محمد الفيصل
المتتبع لما يصرف على السياحة خارج المملكة يقف على أرقام تتجاوز آلاف الملايين، ويجزم أن نصف تلك المبالغ يصرف في السياحة العبثية التي قد يعود ضررها ماديّاً وصحيّاً على الافراد العابثين ثم على مؤسسات الدولة, إن كل إنسان عاقل يعرف أن الريال الذي يصرف داخل البلاد يستثمر مرة أخرى في نفع المواطن، وأن الريال الذي يصرف خارج البلاد لن يعود إليها مرة ثانية، والعبث بالمال له اضرار كثيرة، فقد يوقع الأفراد في المخدرات، وفي أمراض يستعصي علاجها بالإضافة إلى جلب الفقر وحرمان الشاب من تكوين نفسه وبناء مستقبله، وأمر السياحة العبثية واضح وجلي للذين يشتغلون في المطارات، فالشاب الذي اشترى سيارته بالتقسيط ومنزله بالإيجار يجمع مبلغاً من المال للسياحة العبثية، فذلك النهج الذي سار فيه هذا الشاب نهج مخالف للصواب، لأنه يدفع الشاب إلى الفقر والعوز، فهو بحاجة إلى صرف مبلغ معين عندما تحين إجازته في كل عام، على الرغم من الديون الأخرى التي تثقل كاهله، أما الضرر الذي يعود على مؤسسات الدولة فيتمثل في الأعداد الكبيرة ممن يرتادون المستشفيات للعلاج بعد عودتهم من تلك الرحلات السياحية العبثية، ومؤسسات الدولة الصحية أقيمت باموال، والعلاج الذي تصرفه اشتري بمال الدولة، والأطباء المعالجون تُصرف لهم مرتبات من مال الدولة، والدولة أقامت مرافقها الصحية من أجل علاج المحتاجين وليس من أجل العابثين, فالمريض الذي وضع في قسم العزل يحتاج إلى مال، والمريض الذي يعالج نفسه من سموم المخدرات تُصرفُ عليه أموال من الدولة، وكل ذلك بسبب السياحة العبثية، وهناك أضرار اجتماعية متعددة يجلبها العابثون بالمال في السياحة العبثية بعد عودتهم إلى أرض الوطن، وحفظ المال وصرفه في مصارفه واجب إسلامي، فالاسلام نهى عن تبذير المال، أو صرفه في الحرام، والرجل المسلم يراقب ربه في جميع شؤون حياته ومنها السياحة، فالبحث عن الراحة، والبعد عن العمل من الأمور المباحة، وكل إنسان يسعى إلى مايريحه ولكن بالطرق المشروعة للمسلم، من حفظ المال، وسلامة الجسم، وصيانة العرض,
إن تنمية المال وحفظه تتيح للمسلم أن يسهم في وجوه الخير، فهي كثيرة ومتعددة، فالذين وفقهم الله إلى تنمية أموالهم نراهم اليوم يدعمون الأعمال الخيرية، من شراء وحدات غسيل كلى للمستشفيات، إلى بناء مستشفيات كاملة أو الإسهام فيها، ومنهم من يتجه إلى حفر الآبار لتوفير الماء للمسلمين، سواء كان ذلك داخل المملكة أو في الصومال، والحبشة من البلاد التي تحتاج إلى الماء، فبذل المال في مصارفه المشروعة اقتداء بالسلف الصالح، فعثمان بن عفان رضي الله عنه ذو مال وفير وعندما قدم المدينة اشترى بئر رومة، وتصدق بها على المسلمين، وذلك أن المسلمين عندما هاجروا إلى المدينة استنكروا ماءها، وكان رومة الغفاري يملك بئراً عذبة الماء، فأخذ يبيع القربة بِمُدّ، فشقَّ ذلك على المسلمين، ولما رأى عثمان ذلك اشترى نصفها بمائة بكرة، ثم اشترى نصفها الآخر، فعثمان رضي الله عنه تمتع بماله، فبنى الدور الواسعة، وشيدها بالحجر، وجعل أبوابها من الساج، فهذا من الصرف في المباح، فالتمتع بالمال مباح للمسلم، وكثير من الصحابة نموا أموالهم واستمتعوا بها، فسعد بن أبي وقاص من أصحاب الأموال وقد استمتع بها في حياته، والزبير بن العوام يمتلك أموالاً طائلة، ومثله عبدالرحمن بن عوف، الذي يملك من الإبل والأغنام الأعداد الكبيرة، فهؤلاء من الصحابة الذين استمعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخذوا عنه، وقد تمتعوا بأموالهم في حياتهم، وتصدقوا بما ينفعهم في اخرتهم، فلم يعبثوا بالمال مع كثرته، وانما كانوا يصرفون منه بقدر معلوم، وإذا تصدق أحدهم نظر في ماله كيف يحتمل، فلا يتصدق به كله، إن لنا أسوة في سلفنا الصالح، فالاقتداء به هو الطريق الموصل إلى النجاة، في حفظ المال وغيره من أمور حياتنا وآخرتنا.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved