أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 2nd August,2000العدد:10170الطبعةالاولـيالاربعاء 2 ,جمادى الاولى 1421

الثقافية

المستشرق الإيطالي فرانشيسكو لاجيو
أهم صعوبات اللغة العربية الازدواج بين العامية والفصحى
** القاهرة مكتب الجزيرة شريف صالح
الباحث والمستشرق الايطالي فرانشيسكو لاجيو,, من أبرز الباحثين في الثقافة العربية والاسلامية والملمين بتفاصيلها، قدم عدداً كبيراً من الدراسات وترجم عدداً مهماً من الروايات إلى اللغة الايطالية للطيب صالح ونجيب محفوظ وغيرهما، ويؤكد ان الثقافة العربية والاسلامية ثقافة حاضرة وفاعلة قديما وحديثا، ربما تعاني أحيانا من التغييب الاعلامي او ظلم بعض ابنائها لها، لكنها تبقى دائما شامخة متأبية.
يرفض لاجيو كلمة مستشرق ويفضل بدلا منها كلمة دارس وفي حواره لالجزيرة يضع العديد من النقاط فوق الحروف فيما يخص دعم انتشار الثقافة العربية على مستوى العالم.
اللغة العربية صعبة على فرانشيسكو
* في البداية,, ما الصعوبات التي صادفتك في تعلم اللغة العربية؟
مصاعب اللغة العربية كثيرة ومعروفة لدى الجميع ولكن الأجانب أمثالي يواجهون مصاعب اكبر وأقسى لان كل جانب من جوانب اللغة العربية يمثل لغزاً ومحنة على المتعلم الأعجمي فالنطق مشكلة وكذلك الكتابة وبخاصة تصريف الافعال, ولكن أكبر الصعوبات على الاطلاق تكمن في الثروة المعجمية للغة العربية وفي الازدواج بين الفصحى والعامية وفي تعدد اللهجات المحلية، مما يجعل العربية فسيفساء لغوية حية تفرض على دارسها الانكباب على الكتب والتعامل اليومي مع اللغة الحية في نفس الوقت.
* رغم هذه الصعوبات,, لماذا أقبلت على دراسة اللغة العربية دون غيرها؟ وهل تهتم بجوانب معينة فيها؟
إنني من مواليد مدينة باليرمو بجزيرة صقلية، وهي ارض قديمة الصلة بالحضارة العربية الإسلامية كما يشهد لنا بذلك الرحالة العربي الكبير ابن جبير كاتبا عن اقامته بالجزيرة لمدة اربعة اشهر, وكما تدل عليه الالفاظ العربية الكثيرة الباقية في لهجتنا المحلية, ولئن كان هذا ما دفعني إلى الاقبال على الثقافة العربية، فقد اكتشفت بعد شيء من الدراسة ان الحضارة العربية قادرة على الانتاج الثقافي القيم حتى في يومنا هذا, كما اكتشفت أن في اللغة العربية سحراً لا أدري هل هو موجود في غيرها من اللغات, ولذا اخترت الأدب المعاصر والأدب المغاربي المعاصر على وجه الخصوص، باعتبار ان هذا الأدب في ازدهار ملحوظ وان فيه من الجمال والجودة والقيمة الفنية مالا يقل عن سائر الآداب العالمية.
مراجع في أكثر
من عشرين دولة
* بعد إجادتك للغة إلى حد كبير ما المشكلة الرئيسة التي تصادف عملك كمستشرق؟
في الحقيقة لا يعجبني مصطلح مستشرق لما فيه من ايحاءات استعمارية أو شبه استعمارية, وكذلك بعيد كل البعد عن موقفي من الثقافة العربية, وأفضل بدلا منه تسمية دارس لانها مجردة عن اي تلوين سياسي وحضاري وعن أي فكرة مسبقة, والمشاكل التي تصادفني لا تختلف عما يعترض غيري من الدارسين في هذا الميدان وتكمن المشكلة الكبرى في العثور على المراجع لأنها موزعة أو مبعثرة في منطقة ثقافية تضم اكثر من 20 دولة وكثيراً ما تكون النصوص لا تتجاوز الدولة الواحدة مما يجبر الدارس على الرحيل في طلب العلم والنص, إلا اني أرجو ان يساعد تطور المعلوماتية وانتشار وسائل التواصل الحديثة على تبادل المعلومات في الميدان الثقافي ايضا، حتى تكون ظروف الدارسين للثقافة العربية أكثر راحة وسهولة.
* باعتبارك شاهداً على ثقافتين,, هل ثمة تأثير للثقافة العربية على الإيطالية؟ وما مدى اقبال الإيطاليين على تعلم اللغة العربية؟
بدأت الثقافة الايطالية تتأثر بالثقافة العربية تأثراً بعيدا عن المجلوبية السائدة بين أواخر القرن الماضي وأوائل هذا القرن, فقد أصبح هناك فنانون من مختلف ضروب الفن ينظرون إلى الثقافة العربية على انها من احدث وأروع ما أتى به القرن العشرون, وذلك واضح في الفنون التصويرية وفي الموسيقى وفي الادب ايضا، فتصور ان أندريا كاميللري وهو من أكبر الكتاب الايطاليين شهرة وجودة وانتشاراً قد صرح بأنه استلهم مباشرة من مسرحية أهل الكهف لتوفيق الحكيم في كتابة روايته الكلب الفخاري .
أما بالنسبة لمدى اقبال الايطاليين على تعلم اللغة العربية فمازال محدوداً لو قارناه بعدد من يتعلم الانكليزية أو الفرنسية, وبسبب كون العربية ليست لغة التواصل التجاري أو المالي، وكذلك بسبب كون مراكز تدريسها الجامعي قليلة, فمن يريد ان يدرس العربية مضطر إلى الرحيل والاقامة في المدن الكبرى حيث توجد الجامعات التي تُدرس فيها العربية, فأنا مثلا اضطررت للانتقال من باليرمو إلى نابولي وبينهما مسافة تقدر بنحو 800كم براً و400كم بحراً من أجل دراسة اللغة العربية.
التعاون الثقافي ممكن
* ألا يعني هذا,, الحاجة الماسة إلى التعاون الثقافي العربي الإيطالي؟
أظن أن امكانات التعاون الثقافي غير متناهية او تكاد تكون كذلك على المستوى النظري, وأما على المستوى العملي فيتوقف الامر على شرطين: أحدهما حسن النية والآخر هو الإيمان بأن الثقافة قيمة إنسانية مطلقة ومشتركة تفيد الجميع على اختلاف المواقف والانظمة,, وفي اعتقادي تمثل الترجمة اول أشكال هذا التعاون لكنه ليس الوحيد فالثقافة لا تقتصر على النصوص المكتوبة بل تعم اشكالا وألوانا شتى من الابداع الفني والحضاري، قد لا تستخدم الكتابة جزئيا او كليا, وأرى ان هناك حاجة إلى انشاء مؤسسات ثقافية وعلمية مشتركة بين ايطاليا والعالم العربي على اسس جيدة وجدية (أي برعاية علمية وتمويلات كافية) تمثل شكلا من التعاون الفعال, وذلك ما قام به مسرح ماسيمو بباليرمو منذ زمن قريب عندما اشرف على مبادرة تأسيس مدرسة موسيقية عالية مشتركة بين ايطاليا ومصر والولايات المتحدة الامريكية.
الكاتب العربي,.
والكتاب العربي
* وإلى أن يحدث هذا التعاون الفعال,, إلى أي مدى ينتشر الكتاب العربي في إيطاليا حالياً وهل يقبل عليه القارئ الإيطالي العادي؟
ليس للكتاب العربي في ايطاليا ما يليق به من انتشار! فالكتب المترجمة لا تمثل إلا عينة من الانتاجية الادبية العربية ولكن الوضع في تحسن اكثر, وهو على كل حال احسن من ذي قبل، فلو سألتني السؤال نفسه منذ خمسة عشر عاما لرددت عليك بأن الكتاب العربي مجهول الهوية تماما, أما الآن وبفضل ما بذله الدارسون من جهد، وبعد فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل فقد اصبح الادب العربي يطرق ابواب دور النشر الايطالية بقوة, فتم نشر عدد لا بأس به من الروايات والاقاصيص لكبار الكتاب المعاصرين امثال: بهاء طاهر وإميل حبيبي وغسان كنفاني وهدى بركات,, بالاضافة إلى الطيب صالح ونجيب محفوظ, كما صدرت منتخبات روائية عربية في مجلدين اشرفت عليها الاستاذة ايزابيلا كاميرا دافليتو, وهناك ايضا اهتمام بالادب العربي القديم فصدرت ترجمات لاعمال الجاحظ وبديع الزمان الهمذاني.
أما مدى اقبال القراء الايطاليين على الادب العربي فلا يمكن تقديره حاليا لأن هذه الاسماء الغريبة على آذانهم تحتاج إلى شيء من التمهل قبل ان تصير اسماء معروفة ومعتادة.
* هل تعتقد أن من بين الأسماء التي ذكرتها من يستحق جائزة نوبل؟
لا أعتبر جائزة نوبل معياراً مطلقا للجودة الفنية والجمالية والعلمية بقدر ما تسلط الاضواء وتركز الانتباه العالمي على شخصية معينة وبالتالي على ثقافة معينة, فقد انتبه العالم إلى الادب العربي من خلال شخصية نجيب محفوظ,, ولا داعي الآن إلى اعادة نفس العملية بعد سنوات قليلة، فالمهم في رأيي ان تكون كتب نجيب محفوظ وغيره من الادباء والشعراء والفنانين العرب متوفرة في سوق النشر العالمية وان يقبل عليها جمهور القراء.
أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved