أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 3rd August,2000العدد:10171الطبعةالاولـيالخميس 3 ,جمادى الاولى 1421

مقـالات

لا أدري,,!
4/ 5
د, فهد حمد المغلوث
كثيراً ما نكون في غاية السعادة أحياناً حينما تكون مع أقرب الناس إلينا، بل ان وجوده معنا وبيننا يُشعرنا بنوع من الأمان وبعدم حاجتنا للآخرين, ولكن هذه السعادة قد تعتريها لمسة حزن داخلية لا إرادية حينما نعلم انه سيغيب عنا لفترة, وليت الغياب وحده هو ما يحزننا اذن لهان الأمر لأن الغياب قد يكون وقتيا لا يلبث ان تكون له نهاية.
ولكن ما يحزننا رغما عنا هو شعورنا ان سفره (غيابه) سيكون مصحوبا بآخرين هم من سوف يحلّون مكاننا على المدى البعيد, أما نحن فليس لنا سوى ان نجتر آلامنا ونعيش على ذكرياتنا الحلوة معه حتى لو كنا لم نعرفه عن قرب سمعنا عنه وعن صفاته الحلوة ومآثره الجميلة وتأثيره الساحر علينا بحيث اصبح محور تفكيرنا.
وأمام هذه التصرفات لا تدري حقيقة لماذا نتصرف هكذا! لا تدري كيف تتعامل مع مشاعرك! بل لا تدري ان كان تصرفك وتفكيرك صحيح أم لا! وهل هو تصرف عادي ام مبالغ فيه!
فأحيانا وانت كبشر وتحت ظروف خاصة جداً وتحت تساؤلات معينة من غيرك,, يجف قاموسك اللغوي ولا تعرف منه سوى ان تقول لا أدري! يُكرر عليك السؤال: ما رأيك؟ ماذا تريد؟ ما هي مشاعرك؟ فلا تجد على لسانك سوى كلمة لا أدري! أو ما أدري! وحتى لو لم تبح بها صراحة لمن يسألك، إلا ان بداخلك شيء واحد اسمه لا أدري، لانك ربما تكون في صراع شديد بين الموقف الذي تعيشه وبين ما سوف تعيشه ولو بعد قليل أو سويعات قليلة أو بعد أيام!
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو لماذا نقول لا أدري ودون تردد ومن الوهلة؟ هل لكي تؤثر السلامة وتتجنب المشاكل لأن كلمة لا أدري سلامة كما يقولون في الامثال الشعبية؟ ولأنها تغنيك عن البحث في تفاصيل انت في غنى عنها؟
أم أنك تقولها لأن ليس لديك تعبير كاف يصف مشاعرك واحاسيسك في تلك اللحظات التي قد تكون لحظات سعيدة أو حزينة والتي ربما كانت أيضا تعبيراً عن العجز وقلة الحيلة؟!
أم أنك تقول لا أدري، تهربا من موقف محرج مثلا قد يغير رأي غيرك فيك للأسوأ سواء كان رأيك سلباً أو ايجابا؟!
أم أنك تقول لا أدري أحيانا حينما لا تستطيع ان تقول نعم مع حاجتك الشديدة جداً لقول نعم في وقت معين وتحت ظروف خاصة.
أنت نفسك أحيانا حينما تجلس مع نفسك لن تجد اجابات مقنعة ومرضية لتساؤلاتك المتزايدة والحائرة! فأنت تتمنى بحق ان تعرف لماذا أنت هكذا؟ لماذا لم تحقق ابسط احلامك وطموحاتك لماذا الناس رأي فيك بهذه الطريقة؟ ولماذا لا يفهمك الآخرون؟ لماذا أنا أشقى وأتعب من أجل الآخرين، بينما هم لا يقدرون ذلك؟ لماذا أحرم نفسي من أشياء كثيرة أتمناها بينما أنا أقدمها للآخرين برضا نفس؟ هل هو الايثار فعلاً ما أملكه أم هو العجز وقلة الحيلة؟
بل يزداد هذا الشعور بالحيرة وبالتالي لا أدري حينما تنظر لسنوات عمرك تمر وزهرات شبابك تذبل وأنت كما أنت لم تراوح مكانك!
تسأل نفسك ترى من هو السبب في ذلك؟ أنا أم المجتمع أم الزمن وحينما لا تملك سوى اجابة واحدة لا أدري ! أليس ذلك متعبا؟
أما الناحية الجمالية المخفية في عبارة لا أدري هو أنك تقولها أحياناً حينما تشعر انك مقصر في حق إنسان رائع تعرفت عليه واعجبت به وتريد ان ترد إليه بعض الجميل الذي أغدقه عليك وبعض الشكر تجاه الثقة التي منحك اياها من اول مرة التقاك فيها, تقدم له هديتك أياً كان نوعها وأنت تقول اعذرني لا أدري ان كان هذا يوفيك حقك أم لا! إن كان بالفعل قد عبر عما أكنه لك من حب أم لا! إن كان بالفعل قد أوصل لك حقيقة مشاعري نحوك أم لا!
وأحياناً من حُبك للطرف الآخر وخوفك من قلقه عليك تقول له لا أدري كأن تكون مسافراً ويسألك متى ترجع وحينها لا تستطيع ان تحدد موعداً قاطعاً خشية الا توفي به ثم يظل الطرف الآخر في قلق وحيرة وترقب، وما أصعب الانتظار حينما يكون طويلا وغير مؤكد ورغم شوقك انت ولهفتك لأن يعرف موعد عودتك بالساعة والدقيقة إلا انك تفضل ان يكون موعد العودة مفتوحا قليلا خشية ان تشغل بال من تحب وهذه ما نلاحظها مع قلب الأم والأب والحبيب.
أما الشيء الذي يغيظ بالفعل، فهو انك حينما تسأل الطرف الآخر العزيز على قلبك عن كل شيء متعلق بمشاعره نحوك فيقول لك ما أدري ولكن ليلعب بأعصابك وكأنه يقول لك نعم أنا أعرف انك تريدني اقول هذه الكلمة وتلك الكلمة ولكني مع ذلك لن أقولها رغم معرفته الاكيدة بحاجتك الماسة إليها بل الاكثر من ذلك انه يضحك من كل قلبه ويتفرج عليك وانت تهدده بأنك سوف تردها له فيما بعد ويضحك أكثر لانه يعرف انك غير قادر اصلا! فما هي مشاعرك الآن وفي هذه اللحظات ولا تقل لي لا أدري !
همسة
لا أدري,.
ماذا يمكنني أن أقول.
أأبارك لغيرك بك؟
أم أهنِّؤه بالحصول عليك؟
لا أدري!
***
أأقول له,.
حافظ عليه,.
إنه بين يديك؟
إنه غال.
فضعه في عينيك؟
***
من المؤكد أنه سيقوم بذلك,.
سوف لن ينتظر قولي!
سوف لن يلتفت لي!
لأن من يعرفك,.
لأول وهلة,.
لأن من يحدثك,.
لأول مرة,.
لأن من يتعامل معك,.
ولو مرة واحدة,.
سوف يعرف لا محالة,.
انك مميز!
سوف يدرك حتماً,.
انه محظوظ
وحينها,, لن يحتاج,.
لمن يوصيه عليك!
***
أما أنا فلا أعرف,.
لما أقول لا أدري,.
تجاه مشاعري نحوك!
تجاه رأيي فيك!
تجاه كل شيء يخصك!
***
ترى أهو الشعور بالهزيمة
ما يجعلني مكسور الخاطر؟!
أم هو الشعور بالغيرة,.
ما يجعلني أشعر بالقهر؟!
لأنك لست معي
لا أدري!
***
ترى أهو الشعور بالسعادة,.
ما يمنعني من اكمال حديثي معك؟!
أم هو الشعور بالحرج
ما يجعلني اصمت؟
سوى من كلمة:
لا أدري؟!
***
أم تراه حبك
هو ما يدعوني للبحث عنك؟!
أم أنه الشوق اليك,.
هو ما يدعوني للاطمئنان عليك؟
ولا أريد البوح به
لا أدري!
***
ليكن ما يكن,.
المهم ألا تسألني,.
عن مشاعري الآن,.
لا تطلب مني رأي الآن,.
لأنني بالفعل لا أدري
سوى انني في حيرة,.
***
فقط قل ما شئت!
افعل ما شئت!
أما أنا,.
فيكفيني أنني لا أدري!
حتى لو كنت أدري!

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved