أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 3rd August,2000العدد:10171الطبعةالاولـيالخميس 3 ,جمادى الاولى 1421

الثقافية

منازل
تداعيات على الماء (1-2)
علي بافقيه
في هذه المدينة الصغيرة بقبرص كتبت قبل بضع سنوات قصيدة عنوانها (إيقاعات على الماء), وها أنذا أقرأ الصحف العربية هنا فتتداعى إلى ذهني ومخيّلتي أمور كثيرة - بل كثيرة جداً - فاكتب بأعلى هذه الورقة (تداعيات على الماء) وذلك لأن الحبر يحنُّ للورقة ولأن البلبل لايتناسل في قفص حسب الجاحظ.
ومفردة تداعيات هذه استعملت كثيراً, إلا أنها نادراً ماتكون موفقة - ولكن لا شأن لنا في هذا - فأتذكر الآن عنواناً جميلاً لاحدى قصائد الشاعر المرهف محمد عبيد الحربي هو (تداعيات على الخشب الطويل) والخشب الطويل هو تلك الطاولة المستطيلة جداً والمشتركة, وهذه النقطة تذكرني بعدة مقاطع كتبتها في أسواق العقارية - بالرياض طبعاً - بعنوان (مرشوقاً في حديقة البلاط) وتذكرتها على الفور بأسواق الفيصلية الحديثة.
هذا يطلق العنان للخيال ليتصوَّر حديقة البلاط في أسواق برج المملكة التي ننتظرها جميلة وباسقة ومكتظّة بالماء والشجر والبشر والباحات الرحبة في أدوارها الخاصة بالتسوق والتنزه والتبصّر والتجارة والمعرفة.
لقد كانت العليا قبل ربع قرن فقط طليقة وشاسعة تتناوب عليها الفصول ويكسوها عراء الطبيعة حيث صبا نجد تردّ الروح إلى البدن.
إن التفاعل مع الطبيعة وتحويلها يستدعي إضفاء التوازن الذي هو ضرورة بيئية وإنسانية فالاكتظاظ والازدحام بدل السعة والانطلاق يستدعي التنوع والتسامح والارتقاء على دائرة الذات والانفتاح على المختلف, وكذلك وبنفس المعادلة فإن الاسفلت والمكيفات والاسمنت والسيارات بدلاً من الهواء الرحيم والكثبان الحميمة يستدعي مزيداً من الشجر والماء والكائن النابة إلى الآخرين (الملايين) في المكان الواحد.
وهكذا فإن مدينة شاسعة ومكتظة مثل الرياض لابد لها أن تستثمر الأموال في الجمال والفن وماينفع الناس ويرتقي بأذواقهم وعقولهم ونفوسهم فيتنوعون ويتفاعلون على تسامح, ولو أن برج المملكة يستثمر أموالاً فيكرس أحد الأدوار مثلاً للثقافات والمنتجات الأجنبية وخاصة الفنية والشعبية كأن نتعرف على السيريلانكيين وثقافتهم وأطعمتهم وخرافاتهم ومشاكلهم أيضاً التي ضاقت بيوتنا ذرعاً بها وكذلك الأمريكيين والصينيين والهنود, وتكريس دور كامل من هذا البرج لفن السينما والارتقاء بحاسة البصر لدينا ولدى أجيالنا القادمة فالمخ البشري - ولله الحمد - لم يتم استخدامه كافياً إلا جزءاً منه فقط, وهذا الفن يرتقي بأذواق الناس ومعارفهم وعلاقتهم بالطبيعة وتجلياتها وتقلباتها وبالكائن البشري وتناقضاته والتاريخ وماينطوي عليه من تجربة وحكمة فهناك طاقات تعبيرية وابداعية للفن السابع.
إن مبنى برج المملكة الرائع المرتقب يمكن أن تكون له مكانة تجارية وثقافية وشعبية عالية فيصبح بذلك رمزاً من رموز عاصمتنا الحبيبة.
ويبدو أن هذا التداعي ذهب بنا بعيداً عن قبرص وليماسول الجميلة المغمورة إلى خاصرتها بالماء, وربما تكون ليماسول: روح الليمون أو مسلة الليمون, هذا ما سأبحث عنه (وفيه) بعد حين.
قبرص 28 /4/1421هـ

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved