أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 3rd August,2000العدد:10171الطبعةالاولـيالخميس 3 ,جمادى الاولى 1421

الاقتصادية

في الاقتصاد
استيراد الغذاء العربي
د,سامي الغمري
تقع معظم دول الوطن العربي جغرافيا ضمن النطاق المداري الحار الجاف, وهو موقع اقليمي متميز من حيث ارتفاع معدلات التبخر على مسطحاته مؤدية الى جفاف تربته وتفكك تكويناتها وانسجتها العضوية, ومما يزيدها صعوية في استثمارها الزراعي قلة وندرة كميات ومعدلات الأمطار الساقطة عليه سنويا, وقد يستثنى من قاعدة الجفاف في الوطن العربي بادية الشام والوادي الخصيب شمالا والمناطق الجنوبية في جوبا السودان, واصبح الجفاف وارتفاع درحات الحرارة الصفة الغالبة على معظم اراضي الوطن العربي (80%) طهرت فيها الصحاري الحارة والكثبان الرملية كعامل طرد رئيسي يحد ويمنع امكانية قيام نشاط زراعي استثماري واسع النطاق او حتى قيام توطن بشري ومراكز مدنية, ومع ذلك فقد اختلفت القدرات الموضعية في التكيف والتعامل مع الواقع الطبيعي القاسي من دولة عربية الى اخرى تبعا لقدرات كل دولة الاقتصادية والتي مكنت بعضا منها (السعودية ومصر) من استغلال وتحسين وتطوير اراض شاسعة تم بالمثابرة تحويلها الى اراض زراعية معطاءة, ويهمنا في هذا الصدد ان الوطن العربي يتعين عليه ان يوفر الامكانيات المشتركة لحل مشكلة استيراد الغذاء المتزايد مع تزايد عدد سكانه , فتشير الأرقام التي نشرتها منظمة الغذاء العالمية( فاو) الى انه يستورد حاليا ما قيمته خمسة مليارات دولار سنويا لسد حاجته الغذائية, وقدرت المنظمة بانه يحتاج الى اكثر من نصف حاجته الغذائية لاستيرادها من الخارج مما سوف يدفعه الى تسديد مبالغ ضخمة من برامجه التنموية( الصحية والتعليمية) في سبيل غذائه, واضافت الأرقام المقدمة من المنظمة بان الوطن العربي سوف ينفق ايضا ما قيمته مليار دولار اضافي على ما هو عليه الحال ولسد نفس الحاجة للأعداد السكانية المتزايدة المستقبلية, فمعظم دوله تتصف بالزيادات السنوية التي لا تقل عن 2-7 بالمائة حسب تقاليده وعرفه الشرقية مؤدية الى ان بلوغ عدد سكانه الى اكثر من 300 مليون نسمة, وبدوره يتطلب الانفاق المالي المستمر في استيراد الغذاء الضروري من الخارج وكاستجابة للزيادات السكانية ولاستمرارية نقص المياه وانتشار ظاهرة التصحر فيه, واذا ما اضفنا عوامل بشرية اخرى مثل عدم توفر التقنية الزراعية ذات المستوى العالي في الدول العربية غير البترولية وتراجع الرغبة في الارتباط بالنشاط الزراعي وزيادة الهجرات الريفية الى المدن (لتوفر الخدمات الحضرية) فان المحصلة النهائية تتطلب بالتأكيد زيادة الانتاج الزراعي كمّا ونوعا, وتؤكد الاحصائية ذلك, فقد استورد الوطن العربي خلال الفترة ما بين 1980 الى 1995 ما قيمته 380 مليار دولار ويتوقع ان ينفق من دخله مع نهاية العام الحالي الى اكثر من 320 مليار دولار اخرى , ومن الأرقام يتضح ان هناك اعتمادا متزايدا على سد احتياجات الوطن العربي الغذائية , وهنا تظهر ان اهمية اتخاذ التدابير والإجراءات الضرورية( ظهور المجاعة والتصحر والجفاف في الجزء الافريقي) له ما يبرره من التخوف, فالمبالغ المالية اعلاه كان من الممكن ان يستثمر جزء منها في زيادة الاستغناء عن المستورد فيما لو تم استصلاح الاراضي الزراعية بتقنيات حديثة متطورة , وقد يكون تعاون الدول العربية في تقوية السوق وتأمين حركة العمال واجراء مزيد من الاصلاحات الاقتصادية لجذب الاستثمار الزراعي دافعا جيدا لقيام نهضة زراعية في الوطن العربي وخير مثال ماحققته المملكة العربية السعودية من نهضة زراعية رغم التحديات المناخية القاسية فيها, فالأمة العربية تمتلك الفرصة لمواكبة عصرها اقتصاديا وتمتلك امكانات متنوعة لاستغلال وادارة مصادرها الغنية, وكانت وقعت في عام 1976م اتفاقية انشاء الهيئة العربية للاستثمار والانماء الزراعي بالرباط, وبدأت نشاطها بمقرها بالخرطوم العاصمة السودانية عام 1978م كمؤسسة مالية عربية مشتركة تختص بتمويل الاستثمارات في مجالات الفلاحة والصناعة الفلاحية وتربية المواشي وعمليات حفظ وتسويق المواد الغذائية عن طريق المساهمة في رأس المال وتقديم القروض لمشاريعها الى جانب القيام بدراسات الجدوى والترويج , ويمكن القول بأنها بداية جيدة الا انه اقتصر نشاط الهيئة على دولة عربية واحدة هي السودان ,
وقد يكون هناك ما يبرر السودان عن باقي الدول العربية ، فهي دولة ذات امكانيات زراعية كبيرة لتواجد الروافد المائية وحصولها على معدلات تساقط سنوية عالية بالمقارنة بالدول العربية المدارية الجافة المجاورة, الا ان ذلك الاقتصار المفروض منه ان يمدد الى دول عربية اخرى لها تطلعات في الاستثمار الزراعية مثل المغرب وتونس وسوريا، وهي دول عربية اصبحت في الوقت الحاضراكثر جاذبية للاستثمار المحلي والاجنبي من غيرها لما تتمتع به من احتماليات مرضية في قيام نهضة زراعية عربية مشتركة.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved