أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 7th August,2000العدد:10175الطبعةالاولـيالأثنين 7 ,جمادى الأول 1421

مقـالات

الخلية المتمردة
منى عبدالله الذكير
إن آلاف بل ملايين البشر في كل العالم يفقدون رباطة جأشهم خوفاً ورعباً، حين يقرأون أو يسمعون بها يلحقه السرطان من أضرار جسدية ومعنوية بالناس، ولن يزيح سيف هذا المرض المسلط على الرقاب غير هزيمة حقيقية للسرطان نفسه، ومن أجل تحقيق هذه الهزيمة تدفقت الأموال من الجهات الحكومية والخاصة في الدول المتقدمة، مما كان له أثر بارز في تنشيط البحث العلمي في مجال السرطان، وتمكن العلماء بذلك من فهم بعض أسباب المرض وكيفية انتشاره وعلاجه, وقع بين يدي كتاب صادر عن مؤسسة الكويت للتقدم العلمي حول السرطان والاورام قام بترجمته مجموعة من الدكاترة المتخصصين، والكتاب أصلاً يتحدث فيه أربعة وعشرون عالماً من قادة البحث العلمي في الولايات المتحدة وأوروبا، ليوضحوا لنا آخر ماتم الوصول إليه من معلومات في هذا المجال، ويحتوي الكتاب على قدر من المعلومات الكيميائية وآليات نمو وانتشار الأورام، ويلقي الضوء على الكيماويات والأشعة والفيروسات التي تسبب السرطان، ويوضح البدائل المطروحة للجراحة، كالأشعة والعلاج الكيميائي, إن هذا المرض قديم في البشرية ولكن بدأ ينتشر بكثرة مما لفت أنظار الباحثين لمحاصرته والقضاء عليه, كما إنه بشكل هاجساً للكثيرين منا، إذ إنه لا يميز بين صغير وكبير ولا غني وفقير ولا ذكر أو أنثى، وأنه يضرب في أي مكان من جسم الانسان، ويصيب أي فرد من أفراد الأسرة الواحدة فيجلب معه الآلام والأحزان، ونجده كذلك عند كل شعوب الأرض.
أول من حدثتني عن هذا المرض بشكل موسع ومليء بالحماس والرغبة بالمساعدة فتوح الزياني وهي مديرة في شركة استثمارات واسهم أي أن تخصصها اقتصادي بحت، وهي خريجة بريطانيا ولكن لها اهتمامات إنسانية اجتماعية عديدة وتعتبر نفسها إحدى اصدقاء السرطان بحيث تخصص وقتا من يومها لمساعدة الجمعيات الأهلية المهتمة بهذا المرض ومكافحته، أو تقديم يد العون للمرضى أنفسهم.
فتوح الزياني الموظفة منذ سنوات عديدة تشغلها تقلبات السوق وارتفاع وهبوط الأسعار العالمية، إلى جانب أنها أم لأبناء متفوقين ولله الحمد وزوجة ناجحة، إلا أنها تحاول قدر طاقتها المساهمة في فعل الخير والقيام بمساعدة الآخرين وهي بذلك نموذج يتحذى للعديد من سيدات خليجنا العربي وجزيرتنا العربية ممن وهبهن كل طاقتهن للمساهمة في بناء الوطن ومساعدة الإنسان، وتخفيف معاناة المعانين، وفتوح عضوة نشطة في جمعية أمريكية تسمى الجمعية الامريكية للمتبرعين للنخاع الشوكي الاسم قد يبدو غريباً,, ولكنها جمعية أهلية لا تهتم بأي مردود تجاري بل كل اهتماماتها إنسانية صرفة، وهذه الجمعية نشأت في الولايات المتحدة من أجل رعاية المرضى من الملونين والأقليات العرقية في أمريكا من أصول كوبية وهندية وعربية وغير ذلك، لأن الامريكان أصلاً لديها المراكز الحكومية التي تهتم بهم كمواطنين أصليين، أما هؤلاء المهاجرون والأقليات يعانون إلى جانب المرض الشديد أي السرطان قلة الأجور وبساطة الوظائف وضيق ذات اليد التي لا تجعل بمقدور أي مريض الحصول على العلاج الجيد، لذلك تكونت تلك الجمعية وتحاول أن تجعل لها فروعا في كل دولة بالعالم بحيث تصبح شبكة معلوماتية مرتبطة, الزياني تقول إن المباحثات جارية معنا في البحرين لإنشاء نواة ترتبط بالجمعية الأمريكية، وماهي أهداف هذه الجمعية؟ تجيب الزياني أن العديد من الناس مصابون بأمراض الدم السرطانية ويحتاجون إلى نقل نخاع شوكي من إنسان سليم اليهم,, حيث إن النخاع الشوكي يساهم في إنتاج كريات الدم الحمراء والبيضاء وصفائح المناعة الطبيعية في جسم كل إنسان التي تزيد مناعته في مهاجمة المرض وعادة أمراض الدم مثل اللوكيميا وسرطان العظام تقوم بتقدير كريات الدم الحمراء وبذلك يحتاج المريض إلى تعويض تلك الخسارة.
وعندما سألنا الدكتور عبدالرحمن غريب أمين جمعية البحرين لمكافحة السرطان، والدكتور غريب ايضاً استشاري أمراض الأنف والأذن والحنجرة في مجمع السلمانية الطبي، أكد أن الجمعية تقوم بدور فعال في مكافحة هذا المرض، ودورهم مساند لوزارة الصحة، وقد تبرعوا قبل فترة بشراء مختبر كامل الفحص وزرع النخاع الشوكي، أيضاً تقوم الجمعية بدور توعوي من خلال ماتطرحه في أدبياتها ونشراتها التثقيفية، كما ترسل ممرضة لبيت أي مريضة لمتاعبة العلاج، وشراء أجهزة وآلات علاجية متطورة، ويقول بأن المتبرعين من فاعلي الخير والمؤسسات والشركات الوطنية وبما يقدمونه من مبالغ نقدية، تساعد الجمعية كثيرا في شراء واقتناء تلك الأجهزة إن الجمعية تسعى الى تبادل الخبرات مع الجمعيات مثيلاتها في أي دولة أخرى، تقوم عن طريق وسائل الاعلام المختلفة بنشر الوعي الصحي بين الناس حول المرض وكيفية التعامل معه حين الإصابة وحتى الوقاية منه، والجمعية تقوم بدور فعال على مستوى شعبي وأهلي.
وما رأيك بالجمعية الامريكية لمتبرعي النخاع الشوكي؟
أجاب أنها تقوم بعمل إنساني كبير وهناك اتصالات ومباحثات فيما بيننا للتعاون وإن تلك الجمعية اتحذت البحرين واحدة من المحطات العديدة حول العالم ليرسوا بها(اليخت) المجهز التابع للجمعية الامريكية ويحمل على متنه فريقا كاملا من الباحثين وممن يجرون فحوصات مخبرية للمتبرعين والمهتمين بذلك المرض، ايضا يسعون إلى إيجاد بنك للمعلومات حول النخاع والمتبرعين وكل المعلومات الصحية عن المرض والتبرع ونوعية النخاع ولتدرج تلك المعلومات في الكمبيوتر والانترنت، وبذلك يسهل الوصول للمتبرع في حالة احتياج اي مريض في أي بقعة في العالم لزراعة النخاع إلى جانب كونها حملة إنسانية أيضاً هي عملية تقنية بالدرجة الأولى وفنية طبية.
فتوح الزياني شديدة الحماس لهذا المشروع وتتمنى مساهمة ذوي الخير في التبرع لإنشاء بنك المعلومات وتوفير تكاليف نقل المتبرع أو نقل النخاع في حالة التبرع به,, الملاحظ ان النخاع ليس مثل الدم الذي قد يظل في الثلاجات لأشهر عديدة قبل نقله لأي مريض محتاج، بل إن النخاع الشوكي سريع العطب خارج الجسم الانساني لذلك يفضل نقله مباشرة من المتبرع إلى المريض، أو على الأقل نقل النخاع بأسرع وسيلة ممكنة، الى بلد المريض وهذا يحتاج إلى تكاليف,, أيضاً تتمنى أن ينتشر الوعي بين أكبر قطاع من الناس في كل دولنا العربية ليتقدم القادر منهم والراغب في التبرع بجزء من النخاع الى اضافة اسمه ومعلومات عنه الى بنك المعلومات المزمع تكوينه، وتقول: إن الأمر لايدعو للخوف حين التبرع بجزء صغير من النخاع لأن العظام السليمة تعوض ذلك بسرعة كبيرة، وفي نفس الوقت تساهم في إنقاذ انسان بحاجة الى الشفاء,, لقد كانت الأستاذة فتوح الزياني مقنعة جداً بحماسها وإيمانها لدرجة أنني عرضت، رغبتي في التبرع بجز من نخاعي,, مادمت قوية وصحيحة البدن حتى الآن ولله الحمد رغم إنني خوافة كبيرة.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved