أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 7th August,2000العدد:10175الطبعةالاولـيالأثنين 7 ,جمادى الأول 1421

الثقافية

د, فاطمة موسى أستاذ الأدب المقارن بجامعة القاهرة
المشروع القومي للترجمة تشوبه العشوائية وينقصه الكثير من التعاون
نقلنا عيون الأدب الغربي إلى القارئ العربي ,,ولم نستطع الاتفاق على ترشيح أديب عربي لنوبل
* القاهرة مكتب الجزيرة سامي القمحاوي:
تخرجت من قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب جامعة فؤاد الأول (القاهرة) عام 1948م بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى وحصلت على درجة الماجستير في اللغة الإنجليزية وآدابها من جامعة القاهرة عام 1954م وواصلت دراستها العليا لتحصل على الدكتوراه في ذات المجال عام 1957م من جامعة لندن، وواصلت مشوارها الأكاديمي إلى جانب مشاركتها في المجال الثقافي، نالت جائزة الدولة التقديرية عام 1998م، أما مساهماتها في الترجمة فهي كثيرة أهمها إشرافها على إصدار الأجزاء الخمسة لقاموس المسرح والذي يعتبر أهم مرجع عربي في هذا المجال وقد اعتمد في مادته الأجنبية على الطبعة الأخيرة لقاموس أكسفورد، هذا بخلاف ترجمتها لبعض مسرحيات وليم شكسبير كما ترجمت رواية (ميرامار) لعميد الرواية العربية نجيب محفوظ إلى الإنجليزية.
نحاول في هذا الحوار الاقتراب من الدكتورة فاطمة موسى محمود الأستاذ المتفرغ بكلية الآداب جامعة القاهرة ومقررة لجنة الترجمة بالمجلس الأعلى للثقافة والرئيس التنفيذي لنادي القلم المصري:
* كيف التحقت بالمدرسة في وقت لم يكن فيه إقبال على تعليم الفتيات خصوصا من جانب الطبقة المتوسطة التي كنت تنتمين لها؟
فعلاً أنا كنت محظوظة بدرجة كبيرة لأن ابي وأمي كانا في منتهى الذكاء والتفتح وأدركا أهمية التعليم، كما كانت عائلتي عائلة مكافحة فأبي كان يعمل تاجرا للموبيليات في العتبة وكان يعرف القراءة ويتابع الجرائد وأمي رغم أنها لم تكن متعلمة إلا أنها رفضت في يوم ما أن تنقطع أختي عن المدرسة وعاقبتها على هذه الرغبة، ببساطة كانت عائلتي واعية ولم تكن لديها أفكار رجعية ولا أحكام مسبقة ولم تتأثر بالجو المحيط بها، حتى عندما اخترت كلية الآداب وافقوا دون اعتراض أو محاولة لإكراهي على دخول كلية أخرى.
التعريب أفضل
* الترجمة والتعريب مصطلحان,, ما الفرق بينهما، وأيهما أكثر أمانة في نقل النص من لغته الأصلية؟
في بداية حركة الترجمة أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين وحتى منتصفه كان المترجمون غير متخصصين فمنهم الصحفي والمحامي كما كانت المعرفة باللغات الأجنبية بدائية وكان هؤلاء المترجمون لا يريدون نقل العمل الأدبي كما هو وكانوا يترجمونه بتصرف حتى يناسب ذلك العمل القارئ العربي وهذا ما سمي بالتعريب، كما كان هناك نوع آخر من التعريب من خلال أن يشترك شخصان في عملية الترجمة بحيث ينقل أحدهما المعاني إلى اللغة العربية ثم يصوغها الآخر صياغة أدبية، ولدينا أعمال كل من حافظ إبراهيم والمنفلوطي وقد كانت لهذه الطريقة ميزة كبيرة في أنها عملت على تقريب النص الأجنبي للقارئ العربي، الذي كان محتاجا لأن يعرف شيئاً عن الأدب العالمي وهؤلاء المعربون وفوا تماما بسد هذا الاحتياج.
أما الترجمة فهي النقل الحرفي الأمين دون محاولة التدخل في شكل النص من جانب المترجم.
* هل اختلفت طرق الترجمة الآن؟
الترجمة بحر واسع جداً ولم تعد كالعقود الأولى من القرن حينما كنا نريد إعلام القارئ العربي ان هناك روايات روسية وفرنسية أما الآن فهناك ترجمة علوم ومسرح وشعر وكتب تاريخ واجتماع وأشياء كثيرة إلى جانب ترجمة الأدب وهناك ترجمة موجهة للقارئ العادي وأخرى موجهة للطالب المتخصص، إضافة إلى أن الترجمة الآن تقوم على نظريات وضعت بعد أبحاث كثيرة، فبينما كنا نترجم في الخمسينات على أساس حكمنا على النص الأجنبي من حيث سلامة لغته وأن تكون هذه اللغة مفهومة لم يعد المقياس كذلك الآن وأصبحت هناك الترجمة التوصيلية والترجمة المعرفية وأنواع أخرى كثيرة وما يلزم لغرض قد لا يناسب غرضا آخر.
* من وجهة نظرك هل الترجمة عملية إبداعية أم هي مجرد نقل؟
كأي عمل جيد في أي مجال من المجالات، الترجمة تحتاج إلى جانب إبداعي وجانب معرفي بجانب الذكاء، فلا يوجد مبدع ليس لديه ذكاء وقدرة على ابتكار شيء جديد، إذن فالترجمة بها درجة من الإبداع ولكن يجب أن يكون على أساس كبير جداً من المعرفة والبحث بمعنى أنني رغم عملي بالترجمة وتدريس الإنجليزية منذ أكثر من خمسين عاماً إلا أنني استخدم القاموس ولا أستطيع العمل إلا وبجواري مجموعة كبيرة متخصصة من المراجع اللغوية ويجب على كل مترجم أن يفعل هذا لأنه وحتى إن كان ملما بمعنى الكلمة فقد يكون هناك معنى آخر ملائم أكثر، وهنا يأتي دور الإبداع الذي يجعلني أختار المعنى الأكثر ملاءمة.
نحو تعاون عربي
* تكتنف العشوائية والفردية عمل المترجمين من حيث اختيارهم للنصوص حتى أننا قد نجد ترجمات متعددة لنفس النص، بصفتك مقرر لجنة الترجمة بالمجلس الأعلى للثقافة في مصر ما الذي يمنع قيام مشروع ينظم عمليات الترجمة على نطاق الوطن العربي؟
لكي نخرج بمشروع قومي يلزم تعاون هيئات كثيرة على مستوى العالم العربي لأن الترجمة لا تقتصر على مصر فقط فهناك ترجمة في تونس والمغرب والخليج ولبنان، ومن المفروض أن اليونسكو العربي يحاول ذلك، ولكننا ما زلنا في احتياج لهيئة كبيرة تضم كل مشروعات الترجمة في البلاد العربية المختلفة، هذا بالإضافة إلى أن لدينا مشاكل فنية فهناك ترجمات لبعض الزملاء المغاربة غير مفهومة لنا في مصر لأن تدريبهم يعتمد على الفرنسية ولهم مصطلحات غير شائعة بيننا لأنها مبنية في الأصل على اللغة الفرنسية وأنا لا أقول إنهم على خطأ أو أننا على صواب ولكن المفروض أن يكون هناك اتفاق على المصطلحات من خلال مجامع اللغة العربية، وكذلك يجب الاتفاق على المحافظة على البنية الأساسية للجملة العربية ففي اللغات الأجنبية فعل القول يأتي في نهاية الجملة بينما يأتي في بداية الجملة العربية، فليس من المستحب أن أقول ( اذهب هناك تقول أمك) صحيح ممكن أن يعتاد البعض ذلك ولكنه غير مستحب لأنه يهدم بنية الجملة العربية الصحيحة، وهناك أشياء أخرى مماثلة يجب أن يتم الاتفاق على تثبيتها أولا، كما أن هناك إشكالية أخرى تتمثل في كمية الممنوعات التي تختلف من دولة لأخرى وتتحكم فيما يترجم وما لا يجب أن يترجم وقد تؤثر على طريقة الصياغة.
* أشرفت على إصدار الأجزاء الخمسة لقاموس المسرح فما أهميته للعاملين في مجال المسرح ومتى بدأ التفكير فيه؟
قاموس المسرح يعتبر أهم مرجع في مجاله على مستوى الوطن العربي وبدأ التفكير فيه من خلال مشروع للترجمة في السبعينات وتوقف لبعض الوقت، ثم عدنا للعمل فيه وأخرجنا الجزء الأول منه لحرف الألف في عام 1995م وتوالت الأجزاء حتى الجزء الخامس الذي صدر العام الماضي، ورغم أن هناك قاموس مسرح خرج في لبنان منذ عامين إلا أنه يعتمد في الأساس على الأصل الأجنبي، بينما اعتبرنا نحن قاموس أكسفورد بالنسبة لنا مجرد نواة دعمناها بمعلومات موثقة من المسرح العربي وقمنا بجمعها من خلال المؤلفات المختلفة والنقابات المتخصصة وكان جهداً كبيرا اشترك فيه العديد من الأساتذة منهم بصفة رئيسية سيد عوض وسمير سرحان الذي أشرف على إصداره أيضاً من خلال الهيئة المصرية العامة للكتاب ليكون توثيقا للمسرح العربي.
* في رأيك ما هو أهم ما ترجم للعربية في القرن الماضي وما ترجم منها للغات الأخرى؟
هناك أعمال كثيرة مهمة تمت ترجمتها للعربية بداية من الأوديسا سنة 1905م والكوميديا الإلهية في الأربعينات وترجمة المسرح العبثي الجديد وترجمة تشيكوف، فالأدب العالمي وصل للقارئ العربي بصورة جيدة لأنه كان هناك مترجمون جيدون يلبون حاجة، فأنا حينما كنت صغيرة قرأت ترجمات عبدالعزيز عمر أمين وكانت أعماله تثير الشغف للقراءة، قد يكون للمتخصصين بعض التحفظ على ترجمات مثل ترجمة خليل مطران لشكسبير لكن يحسب له أنه عرف العرب بشكسبير وقدمه لهم إلى أن أصبح شكسبير قوة حاضرة على المسرح العربي.
بينما الترجمة من العربية لم تقدم نفس القيمة للقارئ الغربي فيما عدا (ألف ليلة وليلة) الذي ترجم إلى الفرنسية، ورغم أن تلك الترجمة لم تكن دقيقة تماماً إلى أنها كانت بمثابة فتح وترجمت بعدها من الفرنسية إلى اللغات الأخرى وأصبحت حاضرة في الضمير الأوروبي، إذن فما ترجم للعربية أحدث أثرا أهم بكثير مما ترجم منها.
* ما سبب هذا التفاوت؟
يعود ذلك لسببين أولهما عدم الدقة في اختيار النصوص العربية التي يجب أن تترجم من خلال معرفة ماذا وكيف يقرأ الأوروبي وما يناسبه فهناك نصوص يتم ترجمتها رغم أنها غير جديرة بذلك، وثانيهما عدم الدقة في الترجمة والذي يضر بالمعنى ويشوهه، ولنضرب مثلا بترجمة إحدى المستشرقات لثلاثية نجيب محفوظ فهناك جملة تقول (إن أمينة كانت خائفة فقرأت المعوذتين) وحينما ترجمتها هي قالت (سورة رقم كذا) وهي بذلك لم تفهم المعنى فالنص لم يذكر الآيات وإنما أجمل أنها قرأتها فقط وبالتالي كانت الترجمة بعيدة عن النص الأصلي.
* أيهما تفضلين الترجمة من العربية أم إليها؟
بالنسبة لي لا يوجد فرق بين الاثنين المهم أن أكون معجبة بالنص ويجذبني لكي أترجمه.
* بوصفك الرئيس التنفيذي لنادي القلم المصري,, ما الذي حال دون ترشيح أديب عربي لجائزة نوبل رغم أن المركز الرئيسي لنادي القلم بلندن طلب منكم ذلك؟
الأديب الكبير نجيب محفوظ رئيس نادي القلم المصري يترك لنا دائما تحديد اسم مرشح، لكن ما حدث أننا اجتمعنا ولم يكن الحضور كبيرا وكل الأسماء التي كانت مطروحة لم يصلني أكثر من أربعة أصوات ترشحها وكان الاقتراع سريا ووصلتني بعض أوراق التصويت بيضاء ولم أفهم السبب وهل أصحابها يرشحون أنفسهم أم أنهم ممتنعون، وفي النهاية قررنا عدم ترشيح أي اسم وقد تزامن ذلك مع قانون الجمعيات الأهلية وشغلتنا قضية هل ينطبق علينا أم لا وبناء على ذلك قررنا أن نعلن نادي القلم من جديد كجمعية أهلية حسب القانون الجديد.
* ماذا عن آخر أعمالك في مجال الترجمة؟
أنا أقوم الآن بترجمة رواية أهداف سويف الأخيرة (خريطة الحب) التي صدرت في يونيو الماضي وستصدر الترجمة خلال شهور قليلة, بالمناسبة أهداف سويف هي ابنة فاطمة موسى.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved