أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 10th August,2000العدد:10178الطبعةالاولـيالخميس 10 ,جمادى الاولى 1421

الثقافية

عودة الغائب، وبوح الشباب/ والشاعر عبدالله الصالح العثيمين(1)
*دراسة تحليلية : محمد الزينو السلوم
يصعب على القارئ أو الدارس أن يقرأ أو يدرس قديم وجديد الشاعر معاً بعد أن درس ما بينهما دراسة مستقلة وهذا ما حصل معي فيما يخص الدكتور الشاعر عبدالله الصالح العثيمين (وبالمصادفة حيث أول ما توفر لدي ديوانه: لا تسلني) والذي يتضمن قصائد نظم أغلبها ما بين الثمانينيات والتسعينيات، بعدها أعود من جديد لدراسة مجموعتيه: عودة الغائب، وبوح الشباب (بعد أن توفرتا لدي) حيث نظمت قصائدهما بدءاً من الستينيات والسعبنيات,, بالاضافة لبعض القصائد التي نظمت في نهاية التسعينيات,, ومع ذلك فإن رحلة الشاعر الطويلة جديرة بالاهتمام والدراسة، ولا بأس من بذل بعض الجهد من أجلها,.
* ديوان عودة الغائب: تتضمن القصائد التالية: عودة الغائب مكبوت فجر النصر دعاة الصمت أنا عالة نبضات يائسة - ماذا يريد المستغيث مذكرات ثائر جزائري الحل السليم رسائل من الجبهة الأساطير سهاد يقينا كما كنا .
في قصيدة: صوت الغائب يتحدث عن ذكرياته ومسرح طفولته بعد عودة الشاعر من دراسته إلى بلدته عنيزة عام 1972م، يقول في مطلعها:


طربتُ,, ماذا على المشتاق من أن طربا
لما دنت لحظاتٌ نحوهنَّ صبا؟

ويختم القصيدة بالاعتذار عن وصفه المقتضب لها فيقول:


حبيبتي أنت يا فيحاء معذرةً
إن جاء وصفي لما في النفس مقتضبا
في مهجتي الود أصفاه وأعذبه
لسحر عينيك ضاق النطق أم رحبا

في قصيدة: مكبوت (ص12) يصور لنا الشاعر الآلام والكبت والهم والأسى، يتجلى في القصيدة الانسجام ما بين الصورة الشعرية والموسيقى والقافية، يقول في مطلعها:


وتطفر في عينه دمعةٌ
تُصور آلامه الدامية
وتمسحها كفهِ خلسةٌ
فتطفر في إثرها ثانية
يحاول ان تستكن الدموعُ
وتأبى محاجره القانية
وفي صدرهِ جذوة من لهيب
تفجرها روحه الباكية

لقد وفق الشاعر باختيار البحر والقافية، فجاءت القصيدة معبرة من خلال عاطفتها الصادقة ومشاعره الجياشة وصوره الرائعة,.
في قصيدة: فجر النصر (ص16)، تتجلى الوطنية والحب الصادق لأمته ووطنه، يقول في مطلعها:


ماذا؟ أيذنف روحك السقمُ
ويهيج في أعماقك الألمُ
كفكف دموعك في محاجرها
فالفجر لن تغتاله الظلمُ

يطرح الشاعر أسئلته الحيرى منذ البداية,, ويزرع الأمل والتفاؤل في نهاية القصيدة بقوله:


يا للمنى والفجر في أفقي
مُتموج الإشراق محتدمُ
أرنو فابصر في طلائعه
حمماً تفجَر نارها حممُ

وإذا كثرت عند الشاعر قصائد المناسبات القومية فهي دليل وعي فكري ناضج وإيمان راسخ بعروبته وإسلامه فلو عدنا لتاريخ القصيدة (1961) لأدركنا، ان تجربة الشاعر تبدو ناضجة منذ القديم,.
في قصيدة : نبضات (ص30)، نجد الأسى والكمد والحزن لا تفارق الشاعر,, من خلال ما يفعل وما تفعله الأيام,.


مالي وللأيام أغمرها
حبا ويلهب سوطها جسدي؟
أأظل أرسم حبها بيدي
فتظل تدمي بالقيود يدي؟

إلى أن يقول:


يا للأسى أردت مخالبه
قلبي الجريح ومزقت كبدي
يا للفؤاد الغضَ ما خفقت
فيه سوى نبضات مضطهدِ
أترى الهموم السود تبرحه
أم سوف تنهكه إلى الأبدِ؟

إنه يسأل، ويسأل,, ويترك الأمر للايام,.
في قصيدة : مذكرات ثائر جزائري (ص40) وهي من قصائد التفعيلة، مؤلفة من/5/ مقاطع، يقول في المقطع الأول:
ذات مرَة,,: كانت الأرض التي أحيا عليها/ وأروي من شذاها/ قلبي المفعم اشواقاً إليها/ وهيافا بثراها/ غير حرّه
تحس بالايقاع الهادئ والقافية المتبدلة والمنتظمة: فاعلاتن/، (مرَه حرَه)، (عليها إليها)، (شذاها ثراها),.
وهذا ينسحب على باقي المقاطع (إيقاعاً وانتظام قافية بدقة تماماً)، (في كل مقطع تنتظم الجمل الشعرية والقافية المتبدلة والايقاع)، والملفت للانتباه أن القصيدة كتبت عام 1965,, أي أن محاولات الشاعر في الخروج على الأوزان الخليلية قد جاءت مبكرة,.
في : رسائل من الجبهة (ص46)، تتضمن /4/رسائل: في الرسالة الأولى يتحدث عن ذل الصمت (ما قبل 1973)، وفي الرسالة الثانية عن الكفاح والقتال الذي أنهى الصمت على الجبهة المصرية، وفي الرسالة الثالثة، يتحدث عن حرب تشرين التحريرية 1973، ويذكر بالحرب على الجبهتين المصرية والسورية وعبور القوات على الجبهتين,,، في الرسالة الرابعة: يعود الأسى ليخيم من جديد (دخان الحزن) حيث يعود إلى مجاهل الصمت,, يقول فيها:


ماذا أقول؟ دخان الحزن يخنقني
يغتال في شفتي النطق والكلما
بالأمس حدثت عن نصر أحققهُ
وعن سنا أملٍ من حولي ارتسما
والآن ماذا أرى؟ وضعٌ يمزقني
يبثَ في مهجتي الأحزان والألما

والرسائل موجهة إلى أمه من مقاتل يشارك في الحرب,, (هكذا يبدو من خلال الرسائل) في قصيدة: بقينا كما كنا (ص66) وهي آخر قصيدة في المجموعة (الديوان) يقول في مطلعها مشيراً إلى التخلف وعدم التقدم والجهل المطبق الذي يلف العرب:


بقينا على مرّ الليالي كما كنا
فلم نستفد منها ولا غيرت منا

إلى أن يقول في ختامها:


تمر بنا الأيام دون توقف
وتمضي لياليها ونحن كما كنا

ومن خلال رحلتنا مع الشاعر (مع الأخذ بالحسبان لتاريخ كتابة القصائد) تجد الشاعر يلجأ إلى المباشرة التي تخلو من الشفافية الشعرية، ومن خلال صور جميلة، ودلالات فكرية سامية بمضامينها الوطنية والقومية والإنسانية، محافظا على الاصالة التي يدخلها بعض التجديد، وقد جاءت من خلال عاطفة صادقة وحسٍّ رقيق,,.
* مجموعة بوح الشباب: تتضمن القصائد التالية: في ليلة القدر حسرات أي ذنب جنيت خطرات ظل ينحسر لم لا تأمل كلما فكرت قل لهم خلجات فلاح فتى الوطن الجندي ترنم هزار الدوح ثابر وجد تجدد أحزان شيخ في الطريق لا تظلموه هبت طلائعنا يوم الجزائر رغم الخطوب باسمك اللهم يا ربوع المجد,,, .
في قصيدة : ليلة القدر، يتجلى لنا بوح الشاعر الوجداني والايماني والإنساني، والقصيدة تتضمن /8/ مقاطع تتبدل القافية في كل مقطع منها، وكل مقطع يتألف من /6/ أبيات شعرية مشطورة، يقول في المقطع الأخير:
يارب والآفاق تنذر بالتعاسة والحِمَام
والناس هاموا باقتراف الإثم وارتكبوا الحرام
وتفشت الأحقاد لا حبِّ يسود ولا وئام
إلى أن يقول:
فانزع بذور الحقد والبغضاء من مهج الأنام
وانشر على الآفاق رايات المحبة والسلام
إنها دعوة إلى المحبة والسلام كما نرى,.
في قصيدة : حسرات (ص9)، يقول في مطلعها:


مهج تذوب وأنفس تتحسر
ولظى على كل القلوب تسعر

نجد الشاعر يلجأ في قصائد المناسبات غالباً إلى ما يسمى ببيت القصيد ويكون عادة بيت حكمة في القصيدة يخرج من الخاص إلى العام كما في قوله:


كل امرئ في الكون غايته الردى
والموت حتم للأنام مقدر
كتب الفناء على الخلائق كلِّهم
سيان منهم فاجر ومطهر
لكن من تخذ الصلاح شعاره
تفنى الخليقة وهو حيّ يذكر

وكما رأينا فبيت القصيد هنا (ثلاثة أبيات) وقد يكون أقل أو أكثر,.
وفي قصيدة: ظل ينحسر (ص17)، تبرز الصور الشعرية عند الشاعر (العثيمين)، وهي عدة مقاطع، كل مقطع يتألف من /6/ أبيات وقافية، والقوافي متبدلة في كل مقطع,, في المقطع الأول يقول الشاعر:


وبدت تباشير الصباح على أسارير الحياة
قدسيةٌ رفافة القسمات باسمة الشفاه
وتنبه الورد الندي وذاب مؤتلقاً نداه
وتمايست تلك الغصون اللدن من ريا شذاه

فالشاعر في القصيدة يصور لنا تباشير الصباح قدسية، رفافة القسمات، باسمه الشفاه (ضاحكة) وكيف يتنبه الورد الندي ويذوب مؤتلقا نداه، وتتمايس الغصون اللدن من ريا شذاه وعطره,, إنها صورة تظهر مقدرة الشاعر على رسم الصباح بريشة مبدع فنان,.
في قصيدة : لم لا؟(ص19) نرى الشاعر يلجأ الى السوداوية في بعض الأحيان للحزن والأسى الذي كثيراً ما أصابه فنجده يقول:


والليل أشباحٌ تلفُّ خواطري
فأبثها سوداً كلون مدادي
شبحٌ يغيب ليستقر مكانه
شبحٌ ويقفو المستكن البادي

في قصيدة: تأمل(ص21),, يطرح اسئلته الحيرى منذ البداية فيقول:


حتام أسبح في الأسى المهتاج
وأهيم في ليل الشقاء الراجي

فالليل يفعل بالشاعر الرقيق الاحساس، فيقول:


حتى إذا جن الظلام وجللت
أثوابه السود المحيط الساجي
وغفا الأنام فكل شيء هادئ
أوقدتُ في بيتي القديم سراجي
وجلست أستوحي النجوم مناجياً
ليلي الرهيب وعالي الأبراج
تعبأ أدوّن في الطروس خواطري
وأدق للاسرار كل رتاجِ

يتبع

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved