أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 11th August,2000العدد:10179الطبعةالاولـيالجمعة 11 ,جمادى الاولى 1421

شرفات

هل يشهد القرن الجديد النهضة العربية الثالثة
هل نستطيع تحقيق نهضة عربية جديدة في ظل سيادة وهيمنة ظاهرة العولمة: أم أن ذلك ضرب من الأوهام؟! هذا هو التساؤل الرئيسي الذي يدور في أذهان العديد من المفكرين والمثقفين وتتوزع إجابته دائماً على:
اما أننا قادرون على تحقيق هذه النهضة المنشودة وخاصة أن لدينا الامكانات لذلك أو أننا لانستطيع تحقيق أي تقدم في ظل ما نعانيه من مشكلات والحديث عن هذه النهضة يكون أقرب للخيال منه للحقيقة.
حول التساؤل والاشكاليات التي يطرحها دارت واحدة من أهم ندوات معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته التي انتهت مؤخراً وحضرها لفيف من المفكرين والمثقفين منهم محمود أمين العالم وعبد الغفار شكر ومصطفى كمال فهيم وحسين عبدالرازق,بدأ الحديث محمود أمين العالم قائلاً ,, منذ عدة سنوات دعيت لالقاء محاضرة في قسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة دمشق، وطرح علي سؤال يكاد يكون هو محور ندوتنا اليوم بشكل أو بآخر وهو (ما هي امكانية الانتقال إلى نهضة ثالثة في الحياة العربية المعاصره؟!) وهل يمكن انجاز نهضة شاملة في ظل ظاهرة العولمة الرأسمالية التي تعني هيكلة العالم كله داخل نمط الانتاج الرأسمالي، مما يعني تنميط العالم أجمع وخاصة البلاد النامية تنميطاً سياسياً واقتصادياً وثقافياً لمصلحة الدول الرأسمالية الكبرى خاصة الولايات المتحدة الأمريكية.
وإذا كنا في هذا الاطار المعقد الشرس من الهيمنة، نتساءل (هل من سبيل لتحقيق نهضة عربية جديدة في ظل سيادة وهيمنة هذه العولمة الرأسمالية؟!) قال محمود أمين العالم اننا لانتطلع إلى إجابة سحرية بل إلى رؤية موضوعية تتيح لنا تأكيد خصوصيتنا الثقافية والقومية دون عزلة عن العالم بل بما تؤهلنا أن نكون قوة فاعلة في القرن القادم.
ثم تحدث الكاتب الصحفي عبدالغفار شكر قائلاً: نعم نستطيع إقامة نهضة عربية جديدة، لكن ما هي الشروط التي تستطيع أن تقوم وفقها هذه النهضة؟ قبل أن أجيب أوضح المعني الحقيقي لكلمة نهضة ، فهي تحول شامل في أوضاع المجتمع يقوم على قدرته على انتاج المعارف والمهارات التي تمكنه من تعبئة طاقاته البشرية والفكرية والمادية من أجل تحسين الحياة وتحقيق قدر أكبر من الاستقرار ورفع مستوى المعيشة وازدهار المجتمع في الجوانب الثقافية والفكرية والأدبية والسياسية.
بهذا المعنى نلحظ أن مصر بشكل خاص والأمة العربية بشكل عام كانت مهيئة للقيام بنهضة واسعة في أواخر القرن الخامس العشر وأوائل القرن السادس عشر، وكانت مصر بها نفس الظروف تقريباً التي مرت بها أوروبا قبل أن تقوم بنهضتها,فقد كان لدينا آنذاك صناعة يدوية مزدهرة وتجارة خارجية نشطة وتراكم أولي لرأس المال وعلاقات خارجية قوية مع الدول المطلة على البحر المتوسط وبعض دول آسيا.
الاحتلال العثماني
لكن جاء الاحتلال العثماني وأدى بمصر إلى هدم هذه النهضة والدخول في سبات عميق استمر إلى أن جاء محمد علي، فتكررت في عهده نفس النزعة للنهوض ثم عادت مرة أخرى لتتكرر في عصر جمال عبدالناصر بعد ثورة 1952، وفي كل مرة كانت هناك مؤثرات خارجية أدت إلى فشل المشروع النهضوي, فهل صحيح أن العوامل الخارجية هي السبب الرئيسي في افشال مشروع النهضة أم هناك أسباب أخرى وراء ذلك؟! وأضاف شكر,, في الحقيقة علينا البحث في صميم البنية الداخلية للمجتمع عن الأسباب الحقيقية لفشل المشروعات النهضوية السابقة!! وفي اعتقادي أن هناك ثلاث ظواهر أساسية مازالت تحول دون تمهيد الطريق ووضع قاعدة أساسية لنهضة قادمة، الظاهرة الأولى هي الاستبداد السياسي الموجود بدرجات متفاوتة في الوطن العربي, الظاهرة الثانية: هي انقسام الأمة حول هويتها, الظاهرة الثالثة: هي طبيعة القوى الاجتماعية حاملة المشروع النهضوي.
ويمكن ان يوضع كل هذا تحت سؤال رئيسي وهام هو كيف يدار المجتمع ومن يديره لتنفيذ مشروع النهضة؟! .
وإذا أردنا توضيح الظواهر السابقة في سبيلنا إلى الإجابة على هذا السؤال نجد أن الأمة العربية تعاني من انقسام داخلي حول الهوية؟ وحول تعريف الذات وعلاقاتها بالآخر, فهناك من يصل إلى حد انكار علاقاتنا بالآخر المعاصر ويصر على أن هويتنا تتبلور على محلية بحتة، وعلى الجانب الآخر نجد فريقا ينكر التراث بكلية ويدعو إلى هوية معاصرة منقطعة الصلة بالتاريخ وبالتراث, وهو انقسام قد يصل إلى حد الحرب الأهلية كما حدث في الجزائر ولبنان، وقد يؤدي إلى وجود العنف الشديد كما حدث في مصر من موجات متعاقبة في مرحلة التسعينيات، وهذا بالتالي يجعل طاقاتنا مهددة وامكانياتنا مهدرة.
وإذا أردنا أن نفكر بجدية في مشروعات نهضوية جديدة لأمتنا لابد أن نتغلب على الأسباب التي وأدت المشروعات السابقة.
فأولاً: نعلّي قيمة الديمقراطية، بمعناها الشامل الذي يجعلها نظاماً للحياة يقوم على قيم موجهة لسلوك الناس.
ثانياً: أن نحسم قضية الهوية، وذلك يتطلب جهدا فكريا شاقا وعملا ثقافيا مضنيا، ومساهمة حقيقية من أجهزة الدولة في بلورة هويتنا، على أساس دراسة نقدية للتراث يستوعب أفضل مافيه من قيم ومثل ويتم ربطها بقيم العصر.
ثالثاً: بالنسبة للعامل الاجتماعي الذي سيحمل المشروع النهضوي على اكتافه، لكن يكون الرأسمالية أو الطبقة المتوسطة سواء في مصر أو في الوطن العربي، لأن طبقة واحدة لن تستطيع القيام بهذا الدور منفردة، فهذا الدور لابد أن تقوم به كتلة اجتماعية تضم القطاعات التي من مصلحتها أن تحقق الأمة نهضتها ليرتفع مستوى معيشتها، وهذا التحالف الاجتماعي لابد أن يقوده المثقفون باختلاف أنواعهم سواء المثقف العضوي أو المثقف التقليدي بهذا تتحول امكانية القيام بنهضة عربية جديدة من مجرد امكانية الى واقع معيشة.
التعليم والاعلام
ثم تحدث اللواء الدكتور مصطفى كمال فهمي قائلاً: إن كل ماسبق ينبغي الالتفات إليه بشدة، لكن أود أن أضيف أن هناك ركيزتين لاتستقيم نهضة بدونهما، هما التعليم والاعلام وهم بكل أسف في حالة متأخرة في كل البلاد العربية بلا استثناء, ففي التعليم لدينا أمية في القراءة والكتابة، في حين نجد كثيرا من التصريحات الرسمية يشيد بالمعدل المرتفع لمحو الأمية الذي يصل إلى 10%، إذن هل لدينا أربعين عاماً ننتظرها للقضاء على الأمية ثم نبدأ بعدها مشروعنا التنموي؟! والكارثة الأكبر أن لدينا أمية ثانية أشد خطراً على المجتمع من الأولى هي الأمية الثقافية التي توجد في المستويات الاجتماعية المرتفعة, فنجد علماء واساتذة جامعة لم يأخذوا من العلم سوى القشور، ولم يعد لهم أكثر من وظيفة لكسب الرزق فنجد بكل أسف أستاذ للفيزياء يؤمن بالخرافات والأساطير, فالعلم بالنسبة له ليس أسلوب حياة وطريقة تفكير إنما هو فقط وظيفة, إذن في التعليم لدينا أمية، وعندما نريد أن نقدم تعليماً، لانقدمه بشكل حقيقي، والأهم من ذلك أننا نقدم علما نظرياً ونهمل التعليم العملي فنجد مدارس خالية من المعامل, إذن من المستحيل أن ننسى الحس العلمي لدى الطلاب وفق هذا المنهج.
سأركز في حديثي على ثلاث جوانب في الواقع العربي الحالي،
أولاً: علينا أن نتذكر أن اسرائيل وبعد 32 عاماً من عدوان 1967 مازالت تحتل 81,7% من أراضي الضفة الغربية ومازالت تحتل 40% من أراضي غزة, والجولان السوري كاملاً والشريط الحدودي في لبنان، وان سيناء المصرية مازالت منزوعة السلاح, الحصار الأمريكي على العراق مازال متواصلا منذ 9 سنوات الحرب الأهلية في السودان مستمرة دون انقطاع تقريباً منذ السبعينيات الصومال انتهت وتحولت إلى عصابات.
ترنيمة ياسين

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved