أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 16th August,2000العدد:10184الطبعةالاولـيالاربعاء 16 ,جمادى الاولى 1421

مقـالات

الخدمة الاجتماعية من منظور العمل الخيري
د, زيد بن محمد الرماني *
يقول الأستاذ حسين رشوان أستاذ علم الاجتماع في كتابه ميادين علم الاجتماع : الخدمة الاجتماعية هي علم أو فن تطبيقي، يهدف الى مساعدة الناس على حل مشكلاتهم، وتطبيق الوسائل العلاجية لاصلاح عيوب المجتمع.
وقد أصبحت الحاجة الى الخدمة الاجتماعية ملحّة لاسيما في العصور الحديثة حيث بدأت المدن تسوء حالتها نتيجة للثورة الصناعية والعصر الصناعي الجديد، الذي أدى الى ظهور مشكلات كثيرة منها: الاحتكار والاستعمار والحروب والاستغلال والبطالة والتشرد.
منذ أربعة عشر قرنا، دعا القرآن الكريم الفرد الى خدمة نفسه وعائلته وأمته بالطرق المشروعة والأساليب الشريفة وهدفه من ذلك تحقيق مجتمع قوي متحد يسوده النظام والعدالة والحق والخير.
اذ يحث القرآن على العمل وبذل الجهد والنشاط في سبيل كسب الرزق ويتيح الفرصة للفقراء لاستغلال مواهبهم في مختلف الأنشطة الاقتصادية.
واذا عجز الانسان عن العمل، فهناك ألوان من المساعدات الاجتماعية تؤمن حياته، كالزكاة والصدقة والاحسان، وكالملاجىء العامة التي تفتح الدولة أبوابها للعجزة والمساكين واليتامى والأرامل، وكأموال الأوقاف العامة للمسلمين التي تصرف في وجوه الخير والبر والاحسان ورعاية شؤون الفقراء.
ومعلوم ان من مصارف الزكاة الصرف على المصالح ذات المنفعة العامة وفي مقدمتها بناء الملاجئ للأيتام ودور العجزة للشيوخ وانشاء المستشفيات لمعالجة المرضى وبقية الخدمات العامة التي تعود على المجتمع بالخير.
ان الخدمة الاجتماعية في القرآن الكريم تشمل الناحيتين المادية والمعنوية فالناحية المادية تشمل مد يد المعونة للمحتاج واغاثة الملهوف واطعام الجائع وتفريج كربة المكروب الى غير ذلك من أعمال البر والاحسان قال تعالى: ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيرا,, الانسان/8.
اما الناحية المعنوية فتشمل التعاون المعنوي بالنصح والارشاد والتوجيه, وقد جعل القرآن الكريم هذا التعاون فريضة على كل مسلم.
ولتمرين المسلمين على عمل الخير وتوجيههم الى التراحم وجهة عملية تكون مجالا للتنافس الانساني، أوجب الاسلام على الأغنياء والموسرين مواساة اخوانهم الفقراء من فضول أموالهم وسمّى ذلك زكاة أو صدقة أو قرضا حسنا لله أو انفاقا في سبيل الله، وجعل ذلك من صفات المؤمنين، ووعد عليه بحسن الجزاء، قال تعالى: مَن ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً,, البقرة/245.
وقد لاحظ علم الاجتماع أخيرا ان الخدمة الاجتماعية الناشئة عن تطوع أو تبرع هي أفضل الخدمات لأنها ناتجة عن عقيدة وايمان يدفعان الانسان الى الاخلاص في أداء العمل، خاصة ان تقديم الخدمة للناس والسعي في قضاء حوائجهم عبادة ينال صاحبها أفضل الثواب, لكن في بعض الأحيان يضطر القائم بالخدمة الاجتماعية للحصول على أجر مادي لقاء خدمته، ومع ذلك فإنه ينال ثواب الله سبحانه اذا أدى واجبه بكل صدق واخلاص واستقامة.
وقد حذر القرآن الكريم القائم بالخدمة الاجتماعية عن مزج خدمته بالمنّ أو بجرح كرامة المحتاجين لخدمته قال سبحانه: قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم، يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمنّ والأذى,, البقرة/263 264.
فالانفاق في سبيل الله أشق الأمور على النفوس، لأن الانسان يسهل عليه الانفاق على نفسه وعائلته الا ما ندر, وهذا عائد الى ان الانسان فطر على الا يقوم بعمل لايتصور لنفسه فائدة منه، فمقابلة المحتاج بكلام يسره وهيئة ترضيه خير من الصدقة مع ايذائه بالفاحش من القول أو سوء المعاملة، والقاعدة الشرعية تنص على أن درء المفاسد مقدّم على جلب المصالح .
يقول الشيخ رشيد رضا في تفسيره المنار ان ترك المنّ والأذى شرط لحصول الأجر على الانفاق في سبيل الله, وان العدول عن الصدقة التي يتبعها الأذى الى قول وعمل آخر يكرم به الفقير أو تؤيد به المصلحة العامة خير من نفس تلك الصدقة في الغاية التي شرعت لها.
وهذا ما دفع بالمصلحين الاجتماعيين الى اختيار عناصر جيدة ذات مستوى عال من الكفاية لادارة مؤسسات الخدمات الاجتماعية, ففي كثير من مؤسسات الأحداث والشيوخ والعجزة ودور الأيتام، يفضل هؤلاء الجوع والعري في الشارع على دخول المؤسسة، مع انها تقوم بالانفاق عليهم لأنهم لا يجدون الصدر الرحب والقلب الواسع والكلمة الطيبة، والبسمة الحلوة والشعور الانساني النبيل الى غير ذلك من الأمور التي تندرج تحت عنوان أن يكون العمل خالصا لوجه الله الكريم.
لذا، ندب الذكر الحكيم المؤمنين كافة الى فعل الخير وافعلوا الخير,, الحج/77 وفعل الخير ميدان رحيب الأقطار، فياض بالرحمة والمودة والسماحة,
والواقع ان خدمة الانسان لغيره انما هي في الحقيقة خدمة له أيضا، فالخير عندما يعم يستفيد منه كافة الناس والمسلم لا يمتنع عن التعاون مع غيره في شؤون الحياة.
ان التكافل الاجتماعي لازم من لوازم الأخوة، بل هو أبرز لوازمها وهو شعور الجميع بمسؤولية بعضهم عن بعض وهذا أساس حياة الأمم وبقائها عزيزة كريمة, وصدق القائل: وتعاونوا على البر والتقوى,, المائدة/2.
ولا عجب، فإن هذا قانون اجتماعي راقٍ، وعنصر من عناصر الحياة الطيبة.
* عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
* عضو الجمعية الدولية للاقتصاد الاسلامي

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved