أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 17th August,2000العدد:10185الطبعةالاولـيالخميس 17 ,جمادى الاولى 1421

مقـالات

لكي نُصبح رائعين,.
د, فهد حمد المغلوث
حينما تعمل في مجال ما أو لهدف ما أو تتعامل مع شخص ما من واقع إنساني بحت وبتلقائية تعكس حقيقة شخصيتك الحلوة بعيداً عن الماديات والمصالح الشخصية والأغراض الدنيوية، فإنك ومع مرور الوقت تشعر بمن يفتح أمامك الدروب ويحبِّب فيك القلوب ويشعرك أنك بالفعل إنسان محبوب ومرغوب وتستحق تلك الدعوات الصادقة التي تلاحقك أينما ذهبت.
والإنسان منا إذا فكر بعمق في حياته، فإنه سوف يجدها باهتة لا طعم لها ما لم يكن له هدف سام وواضح ومحدد، وما لم يكن له أثر في نفوس الآخرين حتى بعد رحيله عنهم.
أما إذا فكر بجد في مدى ما حققه في حياته من طموحات ورغبات وما خرج به منها حتى ساعة تفكيره، فإنه سوف يلاحظ أنه مقصر جداً! أولاً في حق ربه وثانيا في حق نفسه وثالثا في حق مَن حوله، لأنه والحق يُقال في حالة لهاث مستمر حول ملهيات الحياة ومشاغلها الكثيرة ومتطلباتها التي لا تنتهي.
انظر للكثير من البشر يحملون اسم إنسان ولا شك، ولكن هل يستحقون هذا الاسم؟ هل هم أهل له؟ هل ينطبق عليهم؟ إن كل تصرفاتهم تدل على عكس ذلك! يتشدقون بالإنسانية أمام الناس، ولكنهم في قرارة أنفسهم يعرفون تماماً أنهم سوف يجنون الكثير من وراء هذا التظاهر, يحملون ألقابا تنم عن الحنان والعطف والرقة وهم أبعد ما يكونون عنها! بل انهم قد ينتمون إليك بحكم صلة الدم والقرابة ولكنهم بعيدون عنك بعد المشرق والمغرب! ولِمَ كل هذا؟ هل تملك أنت جواباً؟
تجد نفسك في موقف من المواقف وفي وقت من الأوقات ودون أن تشعر، بل ومن مجرد كلمات بسيطة صادقة من إنسان وتعامل راق منه تجد نفسك تُعجب به وتنجذب إليه رغم أنه بعيد عنك ويفصل بينك وبينه مئات بل آلاف الأميال!
والأكثر من ذلك، انك تجد نفسك لا تكتفي بهذا الإعجاب به، بل انك تشعر بصدق بأنك مشتاق إليه ومتلهف عليه، تشتاق لصوته الحنون وكلماته الرقيقة المريحة ولأسلوبه الراقي في التعامل، بل لذلك الأمان العاطفي الذي يحتويك به لمجرد أن تكون معه، أو قريباً منه, وهذا كله لأن هذا الإنسان هو الروعة بكل معانيها وأسمى صورها، وأقل ما يطلق عليه انه إنسان رائع!
وكل منا ولا شك يتمنى أن يكون رائعاً في كل شيء، في شخصيته، في ذاته وفي تصرفاته, بل حتى في تعامل غيره معه يود أن يكون هذا التعامل موازياً لروعة تعامله هو مع غيره.
ولا شك أن الروعة في حد ذاتها مطلب حيوي في هذه الأيام التي أضحت فيها العلاقات الإنسانية بين الناس فاترة ومبنية على مصالح شخصية، والتي أضحت فيها الابتسامة باهتة هي الأخرى ولم يعد لها بريق جذاب إلا لدى فئة قليلة.
وحتى هذه الفئة القليلة قد تواجه أحيانا بنوع من التذمر أو المضايقة من الآخرين كونها تملك قدرات جمالية ومقومات جاذبية لا يملكونها هم أنفسهم! وكونها تستحوذ على الأجواء وتكون محط الأنظار!
ولكن يبدو ان هذه الروعة كونها جميلة ورائعة مرتبطة بأشياء تدل على البراءة والطهر، بل حتى على البساطة وعدم التكلف، أما الأكثر من ذلك حينما ترتبط هذه الروعة بالشقاوة الطفولية، هنا يصبح الأمر مختلفاً تماماً!
فهناك أشخاص يُضفون بشقاوتهم روعة من نوع آخر! بمعنى أنك لا تستغني عن تلك الشقاوة التي تعودت عليها منهم والتي أصبحت جزءاً من شخصيتهم الحلوة الجذابة, وتخيل نفسك تمسك أذن طفل شقي وتهدده بأنك سوف تعاقبه إذا لم يكف عن شقاوته تلك ولا تتركه إلا حينما يَعدُك بذلك، أما هو في قرارة نفسه فيبتسم ولكنه بمجرد أن يتخلص منك حتى يعود لشقاوته الحلوة والتي تضفي طعماً مميزاً على الأجواء الموجودة.
بل الأكثر من ذلك، أنك تحن لشقاوته حينما يغيب عنك أو تفتقدها وتسأل عنه هنا وهناك لأنك تشعر أن الأجواء الحلوة التي تعودت عليها ناقصة! فهل شعرت بمثل هذه المشاعر مؤخرا؟ وماذا كان رد فعلك؟
ولكي تصبح رائعاً بكل ما تحمله كلمة الروعة من معنى، فلا بد أن تكون موهوباً في جوانب فطرية عديدة منها إحساسك بالآخرين والوقوف معهم دون أن يطلبوا منك ذلك, ومنها روحك الحلوة التي تعطيك جواز سفر للدخول لقلوب الآخرين بسهولة وبسرعة، بل وبتأشيرة دخول مفتوحة الإقامة وسارية المفعول.
ومن جوانب الروعة شفافيتك في فهم ما يريد الآخرون قوله أو التعبير عنه دون الحاجة لمقدمات طويلة أو اللجوء لمبررات لا داعي لها، لأنك تختصر لهم الطريق، وتضع على جوانبه وروداً وعلى امتداده شعوراً بالراحة والأمان يشجعهم على المضي قدماً في السير فيه, هذا السير هو عبارة عن التحدث والبوح بحرية وبراحة نفسية دون الاحساس بالخوف أو الخجل.
صحيح ان في غالبية كل منا جوانب معينة من تلك الروعة تختلف من شخص لآخر بحكم تكوين الشخصية وطبيعة التربية الاجتماعية ولكن أن تجتمع معظم جوانب ومقومات الروعة في أشخاص معينين، فهذا لا بد أن يعني أنهم مختلفون ومميزون، وبحاجة لمعاملة خاصة للتعامل معهم والمحافظة عليهم خاصة إذا ما أدركنا تماماً أن مثل هؤلاء الأشخاص الرائعين هم أشخاص متواضعون بطبيعتهم.
طبعاً الآن يمكن أن تقول ومن هم هؤلاء الأشخاص المميزون المحظوظون بهذا الإطراء الجميل؟ بل وما هي تلك الصفات المختلفة التي يمتازون بها ويختلفون بها عن غيرهم؟
وإن شئت أن تعرف الاجابة بصدق، فلِمَ لا تكون أنت واحداً منهم؟
قد تستغرب! ولكن لِمَ لا؟ فنحن عموماً لا نستطيع أن نطلق على أنفسنا صفة الروعة وإلا كنا بذلك نمدح أنفسنا، ولكن ما أقصده أن بإمكاننا أن نضع قائمة خاصة بنا بمقومات أو معايير الروعة ومن ثم نطبقها على أنفسنا, هل هي موجودة فينا بالفعل؟ وإن لم تكن كلها فما هي تلك الجوانب؟ فحتى تلك الجوانب البسيطة التي ربما نستصغرها تعد كبيرة ولا توجد لدى غيرنا,!
بل حتى حينما نُمتدَح من الآخرين ممن لنا مكانة في قلوبهم فلا بد أن تكون هذه المكانة معيارا للروعة لأن الإنسان حينما يحب إنساناً فلأنه وجد فيه جوانب جميلة ولو بسيطة.
بل الأكثر من ذلك حتى الخجل نفسه يحتوي على جوانب جمالية رائعة، يجب ان ينمى ويهتم به ويحافظ عليه ويُعتَز به أيضا خاصة بالنسبة للفتاة والمرأة بشكل عام لأنه جزء جميل من شخصية الأنثى.
إذن ولكي نصبح رائعين، فلابد أن نمتلك قدراً كافياً من الأخلاق السامية والقيم الراقية التي تجعلنا مختلفين عن الآخرين وإلا فما الفرق بيننا وبينهم؟!
لنبحث إذن عن مواطن الجمال والروعة وسوف نجدها بداخلنا لا محالة, صحيح أننا قد لا نكون راضين عن حجمها وكميتها ولكن بإمكاننا أن ننميها بأن نسقيها بالحب وصدق الإرادة وقوة العزيمة ونحن أهل لذلك، طالمنا كنا كذلك, المهم ألا نيأس أو نتوقف في منتصف الطريق.
* همسة *
أرأيت؟
بسبب روعتك,.
كل شيء أصبح رائعاً!
كل شيء أضحى مختلفاَ!
كل شيء غدا مميزاً!
* * *
ألا يكفي,.
أن تكون الروعة,.
هي السهام الحلوة,.
التي تخترق القلب,.
فتظل فيه للأبد؟
* * *
بل ألا يكفي,.
أن تكون الروعة
هي أنت
بجمالها العذري,.
وصدقها الفطري,.
لتكون الحياة,.
حياة أخرى؟
* * *
فما أجمل,.
أن تكون الروعة
روائع كاملة,.
متمثلة فيك!
* * *
وما أروع,.
أن يكون اسمك,.
أسماء مميزة
لا تصلح إلا لك!
* * *
بل ما أعذب
أن تكون الحياة
مع إنسان
بمثل روعتك!

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved