أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 20th August,2000العدد:10188الطبعةالاولـيالأحد 20 ,جمادى الاولى 1421

مقـالات

المثقف,, وفتوحات العولمة
منى عبد الله الذكير
لم يعد بوسع المثقف، في عصر الوسائط، ان يتصرف كوصي على القيم العامة المتعلقة بالحقيقة والحرية، والعدالة أو بالأمة والهوية والثقافة, المطلوب منه فقط بلورة معايير مفهومة تتيح قراءة الأحداث ووعي المشكلات، بقدر ما تهم في استبعاد لغة العنف.
بهذا المعنى لم يعد دور المثقف الدفاع عن الحرية، لأنه موقف مشترك مع سواه,, لذا فإن الأهم هو ابتكار طرق جديدة للتفكير والتعبير ان يبتعد عن مفهوم المثقف النخبوي، الذي ينظر بعين العداء والاستعلاء، الى المنتجين في عالم الأعمال والاقتصاد, انه أي المثقف في المحصلة النهائية يصبح فاعلاً اجتماعياً وبذلك يتساوى مع الآخرين كل في قطاعه الانتاجي الخاص، ويقيم الجميع من حيث القدرة على العمل والانتاج، سواء كان المنتج فكرة أو معلومة أو سلعة أو خدمة، الكل يساهم هنا في صناعة الواقع الى الأحسن والى فائدة الانسان والوطن.
هناك حقائق تبدو واقعية أكثر في حياتنا,, فالمثقف النخبوي الذي كان يدعو الى القيم والابداع، لم يعد وثيق الصلة بتلك الادعات، على العكس يبدو الآن العاملون في عالم المال ودنيا الاعلام أكثر فاعلية، وذلك بقدر ما يستخدمون فكرهم في مجالات عملهم بصورة حية خصبة.
وفي حين ينشغل الحالمون من المثقفين في الدفاع عن تقنياتهم المطلقة والانشغال بحراسة أفكارهم الخاصة جدا, نجد أن رجال المال والأعمال يسعون دوما الى ابتكار الجديد، الفعال أو الملائم، في مجالات العمل وحقول الاستثمار، أو من وسائل الاتصال وأساليب التنمية.
أعرف أن هذا الكلام قد يصدم الكثيرين، ولكنه ليس من بنات أفكاري، ولا يعبر عن قناعات داخلية، ولكنه يحمل نوعا من الاقتناع بما جاء فيه, في الواقع الكلام السابق هو مقتطفات من كتاب حديث النهايات الذي يعتبر أن هناك أفكاراً اجتماعية وصناعية جديدة بدأت تزدهر في عصرنا الحالي، تلامس ادارة العالم والأشياء، ان كم التقنيات والمعلومات المتزايد، صار يتزامن مع ظهور عامل بشري,, أي انسان جديد يفكر ويعمل بأساليب متطورة، ليستطيع مواجهة فتوحات العولمة وتحدياتها, يقول المؤلف علي حرب : اليوم تنفتح مع ثورة المعلومات امكانات هائلة أمام الانسان، تتجسد في قدرات خارقة على الفعل والتأثير انه يستخدم طرق الاعلام السريعة والمتعددة ويتعامل مع شبكات الاتصال المعقدة والفائقة انه الانسان التواصلي الذي تتيح له الأدمغة الآلية والتقنيات الرقمية التفكير والعمل على نحو كوكبي، وبصورة عابرة للقاءات، والمجتمعات والثقافات.
نتساءل هنا ما هو دور الأفكار في ظل الانفجار التقني لوسائط الاعلام؟ وما مستقبل الهويات الثقافية في عصر المعلومة الكونية؟.
يجيب المؤلف: أن أصحاب المشاريع الثقافية يتعاملون مع حداثة العولمة، بفتوحاتها ومتغيراتها، بشكل السلب والنفي.
في حين ان الأمر يتعلق بوقائع وأحداث علمية وتقنية، تتجسد في انتاج سلع معرفية ومادية على السواء انها المنتجات الالكترونية من الصور والنصوص والأرقام وسواها من العلامات الضوئية السيالة على مدار الساعة عبر الشاشات والشبكات وهكذا نحن ازاء فتح كوني يتغير معه سير العالم سواء في عصر المصنع أو عصر الحقل، حيث كان التعاطي مع الواقع يتم عبر المصنوعات المادية، أي السلع والآهات، أو عبر النتاجات الذهنية الأساطير والنظريات.
ومع دخول عصر الحاسوب، أصبح التعامل مع انسان المعلومات وأنظمة الأرقام, لقد أصبحت المعلومة متاحة أمام الجميع لكي يساهموا في انتاجها واستثمارها، أو في نقلها وتداولها, وبذلك يصبح بالامكان أن يتعامل الناس كوسطاء بعضهم لبعض، بدلا من أن يكونوا وكلاء بعضهم على بعض ولعل هذا ما يثير فزع أو قلق المثقفين الذين طالما تعاملوا مع الواقع بوصفهم الصفوة التي توجه الناس وتنصحهم وتضع لهم الأفكار والايدولوجيات الجاهزة.
أخيرا يبدو ان خلاصة ما يدعو اليه بحمل الكتاب الذي نتناوله الى جانب حديث العولمة، والتقنيات الحديثة، وثورة المعلومات، هو التركيز على دور المثقف العربي بشكل خاص الذي يجب ان يكسر طوق العمل الثقافي العربي الروتيني، وأن ينفتح على كل القطاعات والميادين، كالمصارف والشركات والأسواق العالمية المالية، أو العمارة والصناعة وعالم التقنية.
ان انفتاح الفكر يساعد في انتمائه وتجدده لأن العالم المتقدم لا يصنعه المثقفون وحدهم وانما تصنعه كل القوى الفاعلة، بمعنى ان الحضارة تشارك في صنعها كل القطاعات المنتجة.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved