أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 20th August,2000العدد:10188الطبعةالاولـيالأحد 20 ,جمادى الاولى 1421

مقـالات

شدو
ما كل قناعة (بكنز!)
د,فارس الغزي
إذا علمنا بأنه حتى فضيلة إبلاغ الآخرين عن (الثوابت) الربانية تتطلب شروطا يجب على المبلغ التقيد بها، فهل من حق الكاتب الاجتماعي إذن أن (يملي) على الآخرين ما تمليه عليه قناعاته الشخصية؟ حسنا: قبل أن ألج في صلب الموضوع دعوني أولا أقول شيئا (لا يهم أحدا!) ألا وهو قناعتي (الذاتية) بأن عدم اتخاذ الفرد موقفاً ما تجاه شيء (ما) هو في الحقيقة موقف بحد ذاته؛ (بالضبط!) وعلى غرار نهج الجدليين القائل بأن عدم اتخاذك لموقف معين تجاه ايديولوجية معينة هو في الحقيقة ايديولوجية بحد ذاته, بل دعوني أضيف إلى ما سبق قوله، (قولي!) بأن في انتفاء الخيارات أمام الكاتب خيار بحد ذاته: بمعنى آخر: إن ما يكتبه هذا الكاتب عن (غير قناعة) هي قناعة (مقنعة!) بحد ذاتها وللأسباب التالية:
إن في اعتراف الكاتب بأنه لا يكتب قناعاته مراعاة منه لنسبية مفهوم القناعة,, لمطاطيتها,, لقابليتها (حسب زمانها ومكانها) للانكماش إلى درجة التجمد تارة والتمدد إلى درجة الغليان تارة أخرى,.
إن في (اقتناع) الكاتب بعدم جدوى قناعاته احتراماً للقارىء: من حيث ان هذا الكاتب قد ترفع ونأى بنفسه عن مثلبة اقحام قناعاته فرميها على الآخرين (اسقاطيا)؛ وما ذلك إلى لأنه يعلم علم اليقين بأن ما يبدو (قناعة) لديه قد يفسر من قبل الآخرين (بشاعة!)، والعكس صحيح أيضا.
إن تجاهل الكاتب لقناعاته الشخصية فيما يكتب لتقيد منه بمبدأ: ما كل ما يعلم يقال : بل وعلى الرغم من أهمية مبدأ كهذا، فإن كتابة (كل ما يعلم) أخطر بمراحل ومراحل من قول (كل ما يعلم!).
إن احتفاظ الكاتب بقناعاته (الشخصية) لا يعدو كونه تطبيقا للمثل القائل: كل مما يعجبك والبس مما يلبس الناس ؛ وهنا وبما ان قناعاتك ليست سوى الغذاء (الفكري/ السلوكي) الخاص بك,, فلا يحق لكل اذن فرضها على الآخرين؛ بل ان عليك الانطلاق إلى الاخرين من خلال (ما يلبسون) من ثياب: أقصد (قناعات) شريطة وجود قاسم مشترك بين قناعاتك وقناعاتهم.
إن (كاتب قناعاته) لا يعدو أن يكون صريحا فيصطدم مع الواقع بسبب (لا عقلانيته) هذه؛ أو مسايرا للواقع (على علاته!) فيغش نفسه ويغش غيره، بل إن الصنف الأخير هذا غالبا ما يبدو مكشوفاً وهو يسعى بدأب في سبيل تقليص مساحات (الأفضل) لديه ,, مساحات تحسن الأداء,, مساحة المفترض من أن (القادم أحلى),, إنه بالعربي غير الفصيح! : (يغرز!) في كثبان رمال الماضي غير المتحركة,, فتجمد أفكاره وتفلس ملكاته، فيلوك ويلوك (ليلوك عيشا!) حتى (يلاك ويلاك!) فيلفظ!
إن الكاتب يستطيع، في الحقيقة، كتابة (جميع) قناعاته طالما كتبها لنفسه فقط؛ بل إن بإمكانه كتابة (جميع) قناعاته لمن يشاء شريطة أن يعيش على كوكب لا يعيش به غيره! بمعنى آخر وكما ذكرت آنفا للكاتب الحق وعليه (الحق!) في أن يوظف من قناعاته ما يمس فقط (الأرضية المشتركة)، أو القواسم المشتركة بين قناعاته وقناعات الآخرين: إن عليه أن يتقصى ويتقمص قناعات الآخرين (فيمزجها) مع ما يناسب (الآخرين) من قناعاته؛ ولم لا؟!: هل يفعل أمام الآخرين ما تمليه عليه قناعاته (هو؟!),, بل هل يفعل أمامهم ما يفعله في أروقة بيته,, بل هل يفعل كل ما يشاء في أروقة بيته؟
,, إنه الواقع: فمن ذا الذي يريد أن يصطدم بالواقع؟,, إنها ازدواجية الحياة؛,, إنها القول المأثور: خذ قولي ولا يهمك عملي ,,, أو ما يناسب هذا (القول) من قولهم: Do as I say,not as I do!

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved