أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 20th August,2000العدد:10188الطبعةالاولـيالأحد 20 ,جمادى الاولى 1421

الثقافية

قراءة في ديوان أناشيد الفارس الصغير
بقلم/ يس الفيل
* من النادر الآن,, ان نحصل على ديوان تتحقق فيه الشعرية، تجذب انتباهنا الى ما صور الشاعر من عوالم، وما رسم لنا من مشاهد، لم يفسدها التقعر، ولا شوهتها النثرية، ولا وقعت فريسة المماحكة لفظية كانت أم معنوية وإنما هي الفطرة التي فطر الله الشعراء عليها.
* هذا هو النادر الذي يبهجنا، ويحقق لنا السعادة، إذا نحن وقعنا عليه في أحراش الابداع,, وبين غياهب المنظومات العديدة، لاسيما على يد الفلتات التي يجود الزمن بها علينا بين الحين والحين، مما يستثير دهشتنا، ويستفز اعجابنا، ويحرك العواطف المتبلدة من طول ما عايشت المألوف، واستمرأت المعتاد الذي لا يتغير ابدا.
* لا احسب اني ابالغ,, وانا ادخل محبا الى عالم هذا الشاعر الذي لم يستو عوده، ولا تفتحت وروده، ولا استكمل مقومات عطائه وإنما هو زهرة ماتزال تشرئب الى شمس الابداع وتتحرق شوقا الى دخول مملكته التي لا ترحب بمن كان على شاكلته، عمرا وخبرة وتحصيلا.
* يقول شاعرنا مستهلا ديوانه اناشيد الفارس الصغير 64 صفحة من القطع الصغير، سلسلة آفاق ادبية:


وحين علمت ان الموت آت
وباب القبر حتمي الدخول
قد استحييت من ربي يراني
أكون مجافيا نهج الرسول

* واتوقف مليا أمام كلمة علمتُ,, واتساءل: كيف؟ وهي تقود المتلقي الى الخبرة الطويلة، والى المعايشة المستمرة والى استكناه العوالم التي نحياها، والتي تعز على من كانوا دون البلوغ, وأكاد اتشظى عجبا، ممن شابوا، وما فكروا ان القبر حتمي الدخول ليستحوا من الله جل وعلا.
وعلى هذا النهج الإيماني نراه يحث امته الى المنهل الذي لا يغيض ويدفعهم الى الاغتراف من النبع السرمدي,, حين يقول:


فلتجعلي القرآن فينا منهجا,,
يا أمتي لنعيد مجد السابقين,,
يا رب حقق دعوة,, ما قلتها,,
الا سمعت الكائنات مؤمنين

* ان انحياز الشعراء الى دعوة الإيمان، كثيرا ما يجيء في المراحل المتأخرة من حياتهم هذا إن جاء وحسبنا ان نستقرئ عطاء من حلقوا بشعرهم في فضاء هذا الحب والدعوة الى السمو عن الدنايا,, لنرى انهم انما لجؤوا الى النقاء بعد ان غاصوا في الوحل ازمانا، خلال الرحلة الدامية قبل ان تتداركهم رحمة الله، وتهيىء لهم في البحر رشدا.
ان الموهبة الكاملة والفطرة السوية كثيرا ما تقود الى التفرد وتخطي الحواجز، دون ما تناقض مع المنطق، او صدام مع القياس,, واحسب ان الهام الفطرة ليس إلا,, هو الذي قاد هذ الفتى الذي يتنزى حكمة,, الى ان يقول في ديوانه:


ارى الدماء دواء حين نبذلها,.
كالماء ندفعه كي يطفئ النارا.

وان يقول كذلك:


من مات منتصبا لم يحن هامته
لا يستوي والذي قد عاش خوارا

وان يقول ايضا:


ليس يكفي الشوق في طلب العلا
او بعض ألفاظ بها نتشرق

* ان هذا الفتى لو توقف عند هذا الابحار وراء الظواهر لما اثار حفيظة او حرك شجنا,, لكنه في ديوانه هذا ينازع الكبار حبهم لله وحبهم للوطن، وكراهيتهم لمن يتجرؤون على الله ويتنكرون لوطن يتحقق ذلك في القصيدة الثالثة في الديوان,, حيث يقول:
اقول لأمتي حزنا الى ما
فساد الحال والوضع المرير
* كذلك في قصيدته الشجرة الطيبة التي يرمز بها للوطن يؤكد ان صمودها في وجه الأعاصير، انما يتحقق بالصبر والتضحية حسادها جهلا ارادوا قطعها,, فتقطعت عن غيظهم اوصال.
* ان قصائد هذا الشاعر الوطنية قصيرة كانت أم طويلة تشي بحب صادق لهذا الوطن، المتغلغل في وجدانه، المتحد بذرات كيانه، تقابل هذا الحب الجارف,, كراهية بغيضة للاعداء، محتلين او مساندين للاحتلال.
* ولعله حين يركز على القدس فما ذلك إلا لأنها المأساة والى ما لها من قدسية، كمهد للاديان وكمسرى لرسولنا العظيم صلى الله عليه وسلم.
* نظلم شاعرنا المتطلع الى البزوغ، لو قلنا: انه لم يزد على من سبقوه في حبهم لله وحبهم للوطن، لاسيما وان هذا الحب لم يسلم منه قلب، مع اختلاف في الدرجة,, ولعل الشاعر قد استشعر ذلك قبل ان يلحظه احد,, من هنا قدم إلينا عددا من القصائد التي تؤكد معايشته لمعطيات العصر,, من امثال: الشجرة الطيبة، والجهاد وأحلام السلام، وفي سبيل الحق، ورمضان.
* لا ينسى شاعرنا انه طالب علم، وانه مدين لاساتذته الذين سبقوه على الطريق، وكانوا قريبين منه مولدا ونشأة خاصة الشاعر المهندس وحيد الدهشان عضو رابطة الادب الإسلامي العالمية، فقد خصه ببيتين من الشعر يقطران عذوبة، يقول فيهما شاعرنا الشاب عبدالله عويس:


ما كل ما نطق اللسان بياني
لكن ربي فضله اعطاني
ان كنت في صنع القصائد حاذقا
فالفضل بعد الله للدهشان

* أخيرا: احسب ان نظرة الحب التي نظرت بها الى الديوان وهي كما نرى كليلة ربما تدفع البعض الى التساؤل المشروع: ألم يسجل على هذا الحدث الشعري خطأ,, او خطيئة واحدة في عشرين قصيدة ومقطوعة ضمها ديوانه؟ وردي على ذلك: ان الخطأ يتساوى مع الصواب,, ان لم يزد عليه,, لكنني,, وقد تأكدت من ميلاد الفتى 18/1/1983م واستوعبت ما ابدعه عام 1995 شاهدا على انه بدأ قبل الأوان,, ايقنت ان هذا المغامر قد سبق عمره,, ابداعا، وجرأة على نشر هذا الابداع.
* من هنا,, تجيء هذه الكلمات تحية اليه، حتى لا اكون ممن عناهم بقوله:


وكم رجل كسول,, كل صبح
بُعيد النوم يهتف: اضجعوني
ولو علمت بفعلته دوابٌ
لنادتنا البعير: ألا احملوني

عضو مؤسس باتحاد كتاب مصر

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved