أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 24th August,2000العدد:10192الطبعةالاولـيالخميس 24 ,جمادى الاولى 1421

عزيزتـي الجزيرة

تعقيب على عاشق القطار
نريدها شبكة تربط كل مناطق المملكة
سعادة رئيس تحرير صحيفة الجزيرة,, الموقر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,.
قرأت ما كتبه الكاتب الأديب حمد بن عبدالله القاضي في هذه الجريدة تحت عنوان القطار,, ملاحظات عاشق,,! وقد ذكرني هذا المقال القيِّم بحلم يحلم به كل عاشق للقطار وكل مواطن في هذه البلاد ومنذ زمن طويل وهو إنشاء شبكة للخطوط الحديدية امتداداً للقائم ولا شك ان هناك جدوى من انشاء السكة الحديدية,, ولكن وزارة المواصلات ظلت لسنوات تنفي ذلك فكيف لا يكون هناك جدوى اقتصادية,, ونحن نرى طرقنا تتلف في كل سنة ويذهب تكلفة لصيانتها مئات الملايين من الريالات التي تذهب هدراً فهل هناك جدوى اقتصادية من استنزاف هذه الأموال والجهود وكل سنة,,!! وهل يرضي وزارة المواصلات أن تسكت امام هذه الطوابير من الشاحنات التي تغص بها طرقنا وتتلفها بحمولتها الزائدة وتسبب حوادث شنيعة تزهق الأرواح والممتلكات والسيارات,, بمجرد وجود شبكة من السكك الحديدية بتكلفة تقل عن هذا الهدر والاستنزاف وقد قدرت الاحصائيات الرسمية في المملكة أن الخسائر نتيجة هذه الحوادث ستتجاوز 21 مليار ريال سعودي سنوياً ولنفترض أن الخسائر بسبب حوادث الشاحنات هي 10 مليارات ريال سعودي سنوياً فإن تكلفة إنشاء شبكة من السكك الحديدية تقل عن هذا الرقم,,!!
إن إنشاء شبكة من الخطوط الحديدية اصبح حلماً عزيزاً يراود كل ابناء هذا الوطن الذي يشبه قارة مترامية الأطراف بمدنه العامرة وصحاريه الجميلة وواحاته الخضراء الرائعة,, لكم ان تتصوروا رحلة بالقطار السريع تبدأ من الساحل الشرقي حيث مياه الخليج الدافئة ومنابع النفط التي زرعت التطور في بلادنا,, تبدأ هذه الرحلة بقص الكوبونات من محطة الدمام وتنطلق الرحلة عبر القطار هادئاً يمخر عباب حقول النفط وانابيبه الممتدة فيصل واحة الاحساء ويشرف عليها من بعيد بنخيلها التي تشبه غابة خضراء سامقة ممتدة ثم يدخل القطار إلى هذه الواحة اليانعة وبعيون مياهها السائلة كالأنهار ويتوقف قليلاً ثم يواصل الرحلة إلى رياض المجد عبر صحراء الدهناء برمالها الحمراء وشجيراتها وربيع خزاماها الفواح بالعطر والرياحين وقطعان الإبل الحمراء التي تتساوى مع حمرة رمالها وكثبانها الذهبية,, تلال بعد تلال كموج البحر ثم يصل القطار بعد 3 ساعات إلى مشارف الرياض حيث مساحات عمرانية هائلة وناطحات سحاب تعانق عنان السماء والعمران يمتد كأذرع الأخطبوط مع كل ناحية وبعد استراحة قصيرة نواصل الرحلة الى قصيم التاريخ عبر جبال طويق التي تعرض وتتمخر كأسياف بأيدي مصلتينا فنمر في المجمعة وشقراء والزلفي ثم عبر رمال نفود والثويرات التي تبدو بمنظر أخاذ لامع تحت أشعة الشمس وزرقة السماء كثبان بعدها كسبان ورمال دونها رمال وقمم كالأسياف والأهلة بمنظر بديع أخاذ,, هذه الجبال الرملية السهلة الممتنعة تبدو مناظرها كمناظر جبل الألب شتاء هذه التي تبدو كأجمل منظر طبيعي في الشتاء هي التي تلتهب حرارة في الصيف,, ثم تشرف الرحلة على القصيم من بعيد فنرى أشباح مدنها تسبح في الفضاء اللامتناهي وواحاتها الخضراء تبدو كجنان معلقة في الأفق عقوداً خضراء من اشجار النخيل وبساتينها اليانعة تزخر بقنوات دانية كحبات اللؤلؤ الملون بالاصفر والأحمر والذهبي,, نخيل اخضر يحمل حبات اللؤلؤ بين كثبان رمال ذهبية وجداول ماء عذبة رقراقة,, واحات بعدها واحات ونخيل على امتداد البصر وحقول تموج بالسنابل الذهبية والطيور المغردة,, بريدة ثم عنيزة ثم البدائع ثم الرس وعن اليمين واليسار مدن عامرة كالبكيرية والخبراء والمذنب والاسياح مدن تحكي عبق التاريخ وكثبان رملية تحكي فصولاً من البطولات والأمجاد,, وكثبان تغنى بها الشعراء وكلفوا بها حتى قرأناه معلقات وسيلاً من الاشعار لاينقطع اوصفه لشعراء العربية في جاهليتهم وإسلامهم هذه المرابع والمراعي الغناء والكثبان الرملية والتلال الجبلية التي تبدو كمناظر طبيعية خلابة,, تحكي سيلاً من القصص والأمجاد التي لا تنتهي فهي كتاب تاريخي مفتوح,, ثم يسير القطار متهاديا عبر نفود والغميس، وعن جنوبه كثيب رامة الذي سحر الشعراء وألهمهم قصائد رنانة عذبة,, ويتهادى القطار لنرى عن يسارنا وادي الرمة هذا أكبر أودية جزيرة العرب فنرى مياهه قد سالت للتو,, هل هذا واد أم نهر؟ انه نهر جار نرى على ضفافه كثبان الرمال وبساتين النخيل وقد انعكست صورها في مياهه,, فكأننا نسير في أوروبا ومروجها وانهارها,, ثم يسير القطار متهاديا عبر عالية نجد وغربها ماراً بمدن القصيم وقراها,, ثم يمر بمرابع شعراء الجاهلية,, والاسلام التي نظموها قصائد رنانة تردد حتى وقتنا الحالي فهذا قطن,, وهذه طخفة,, وهذه رمال العريق (اللوى),, وهذه دارة جلجل,, وهذا طريق الحاج البصري,, وهذا طريق الحاج الكوفي,, حتى نصل إلى المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام,, من هنا شع نور الإسلام ليعم الكرة الأرضية,, من هذه المدينة انطلق رسول الهدى عبر جزيرة العرب وصحاريها إلى غزوات الإسلام الفاصلة في تاريخ البشرية,, من هنا ارتعدت فرائص ملوك الفرس والعجم والروم وانهدت عروش الطغيان لتقوم مكانها دولة اسلامية خالدة امتدت من اقصى المغرب الى اقصى المشرق بهدى رباني وكتاب حكيم,,!!
وتراءت لنا منارات المسجد النبوي تتلألأ في الأفق بنور ينطلق إلى عنان السماء,,!!
يا الله ما أطهر هذه البقاع وما أعظمها,, وبعد الإستراحة في هذه المدينة المشرقة والصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم تنطلق الرحلة الى مهبط الوحي ومهوى أفئدة المسلمين التي تحتضن البيت العتيق مكة المكرمة المدينة التي غيرت وجه التاريخ وغيرت وجه العالم كله حين نزل في جبل من جبالها كتاب رب العزة والجلال على محمد عليه أفضل الصلاة والسلام وبعد الطواف بالبيت العتيق تنطلق الرحلة الى جنوب المملكة حيث مصائفها وجنانها وجبالها في عسير (أبها),, مناظر خلابة رائعة,, ضباب يلفه ضباب وسحب تنهمر بالمطر وجبال تزهو بالخضرة,, ثم تنطلق الرحلة عبر ساحل البحر الأحمر الى شمال المملكة حيث تبوك وضباء وأملج,, أمواج البحر تنكسر متلألئة تحت اشعة الشمس ومناظر ساحرة على شواطئ مدن الساحل,, ثم الى مدن شمال المملكة كلها,, القريات,, عرعر,, سكاكا,, الجوف,, حائل,, هذه رحلة هي حلم بل حلم عزيز يحلم بها كل مواطن في هذه البلاد,, ولكن متى تعمل وزارة المواصلات على تحقيق هذه الرحلة الحلم,, انها تشجيع للسياحة,, تشجيع عظيم جداً,, وخدمة لحركة الاقتصاد ونقل البضائع بين مناطق المملكة ومدنها ففواكه الجنوب يحول دون نقلها التكاليف الباهظة للنقل إلى شمال يحول دون تسويقه تكاليف نقله عبر الشاحنات وتلفه,, وتمور القصيم يحول دون توزيعها عدم وجود وسائل نقل للتسويق.
واخيراً أورد مقطعاً من مقالة لعبدالله فلبي ترجمها الدكتور محمد آل زلفة في العدد 9977 من جريدة الجزيرة حول السكك الحديدية بالمملكة حيث يقول حول تخطيط الملك عبدالعزيز رحمه الله حول إنشاء اول سكة للحديد بالمملكة (لم يكن هناك سبب معقول للاعتراض على قيام السكة الحديدية لكن اعترضته بعض آراء الخبراء الاقتصادية ضد مشروعه العالق بذهنه (يقصد الملك عبدالعزيز) وهي ان خط السكة الحديدية لن يتمكن من تغطية تكاليفه قط وان البلد لم تكن قادرة على تحمل هذه الرفاهية وغير ذلك ولكن وضع كل ذلك جانبا (الملك عبدالعزيز) وأصر على إعطاء الأسبقية المطلقة للمشروع وفي أكتوبر 1951 كان على قناعة تامة عندما ترأس شخصياً الاحتفال الرسمي بافتتاح الخط (550كم) وعليه فقد تم التحقق بكل نجاح من سلامة رؤيته المستقبلية,, وانا أهدي هذه الاستراتيجية إلى وزارة المواصلات التي تضع الجدوى الاقتصادية عائقاً أمام الحلم الكبير,وبالنسبة لمقال الأستاذ حمد القاضي في العدد (10121) (ملاحظات عاشق) فهذه الملاحظات ملامحظات سديدة غابت عن أذهان المسؤولين عن القطار وخصوصا ترفيعه المقاعد ونظافة دورات المياه,, والى عدد من الاضافات حول هذه الملاحظات.
1 بالنسبة لما ذكره في (ثانيا) وهو أخذ التذاكر قبل يوم او يومين وليس في نفس سعة السفر, هذه الملاحظة هامة وقيمة جداً ويجب النظر لها آخذين بعين الاعتبار ان هناك مسافرين من خارج مدينة الرياض أو الدمام أو اي محطة يمر بها القطار فلكي يسافر الراكب من القصيم أو غيرها مثلا فليس هناك وسيلة للحجز بالتلفون بل لابد من حضوره إلى الرياض,, ولكن إذا حضر ولم يجد مقعداً فالحل,, ان الحل هو بيد إدارة السكة الحديد وهو إفساح المجال للحجز من مدن أخرى وذلك بوضع مكاتب حجز,, واذا لم يكن ذلك مجديا فبالتعاون مع مكاتب الخطوط السعودية أو مكاتب النقل الجماعي فالطائرة أخت القطار وأخت الحافلة,,!!
2 يجب الاهتمام بتوزيع الصحف اليومية على الركاب ووضع أكشاك لبيع الكتب الثقافية المفيدة على الركاب في القطارات,, فالرحلة في القطار متعة لا تعادلها أي متعة بدون أي ضجيج أو مطبات هوائية او صناعية.
3 يجب الاهتمام بالمطعم والبوفيه في القطارات وتقديم وجبات مناسبة وساخنة ولو مجانا على الركاب,, أو وضع درجة أولى كما ذكر الاستاذ حمد أو زيادة سعرها مع وضع خدمات أرقى.
4 يجب الاهتمام بصيانة عربات القطار فبعضها قديم وبعضها قد تآكل البلاستيك الذي يغلف مقاعده وطاولات المطاعم تغطيها (أغطية بلاستيكية مثقبة وقديمة), وعموما فإن الواجب هو الاهتمام بالتجديد والنظافة.
هذه بعض الآراء التي ذكرني بها مقال الأستاذ حمد (عاشق القطار) ونتمنى ان يزداد هذا العشق حتى نرى شبكة سكك الحديد تربط بين مدننا لنقوم برحلات رومانسية لا تنسى,,!!
عبد العزيز بن محمد السحيباني
البدائع

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved