أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 24th August,2000العدد:10192الطبعةالاولـيالخميس 24 ,جمادى الاولى 1421

عزيزتـي الجزيرة

قف للمعلم!
في مطلع الثمانينيات الهجرية كنت أسير برفقة والدي في أحد شوارع حارتنا القديمة على سواحل الدمام,, كان والدي ذو هيبة هظيمة ,, وكنت إلى عهد قريب حتى بعد أن رُزقت بأولاد وأصبحت أنا أباً لا أستطيع رهبة منه ان انظر طويلا إلى وجهه أو أحاول أن أتحدث معه,.
وبالرغم من هيبته وخوفي منه,, إلا أنني سارعت في الاختباء من معلمي بالمدرسة حينما رأيته مقبلاً, وكان قد قال لي إنه يلزم أن أقلم أظافري فخشيت ان يسلم على والدي ويرى ما أوصاني بعمله,, فسكت والدي على ما لاحظه وحينما وصلنا المنزل,, سألني ماالذي اقترفته في المدرسة لكي أختبئ عن معلمي ولم أتشرف بالسلام عليه.
فأقسمت له الأيمان بأنني لم أقترف ذنبا,, وبعد الحاح حينما رأيت ان المسبب الحقيقي أخف من التهم الموجهة لي قلت لوالدي الحقيقة,, فما كان منه إلا أن عاقبني بأشد مما كان قد يعاقبني به المعلم,, وكان سبب عقاب والدي انني لم أنفذ ما قاله لي المعلم فور عودتي للمنزل,,!
أما اليوم فان أيا من أبنائي قد لا يرد التحية التي يباشر المعلم بها للطالب لسببين خشية من اساءة أدبه أو لأمر آخر وصدق من قال (من أمن العقاب ,, أساء الأدب,).
إن الفصل الذي ندرس فيه لا يتجاوز العشرين طالباً أحفظ أسماءهم عن ظهر قلب منهم اليوم رياضيون وصحفيون ومسؤولون مشهورون.
كان معلم اللغة العربية يشتري لنا القصص القصيرة للأطفال من حسابه الخاص ويوزعها علينا ويوصينا بقراءتها وفي اليوم الثاني كان يصطنع الدهشة والإعجاب وهو يأمرنا ان نسرد له ما استوعبناه من قصص نقرؤها ونقصها عليه وهو يستمع لنا دون مقاطعة أو تصحيح ونحن نقص عليه مضمون تلك القصص, وكان احيانا يطلب منا ان نكتب بعض عبارات القصص التي نستطيع كتابة مضمونها,, فكانت نتائج ايجابية لكثير من طلابه في تفوقهم بالتعبير والاملاء.
كان ضرب المعلم رادعا لأخطاء حقيقية نرتكبها اما باهمال الواجب او عدم حفظ نص أو مشاغبة,.
خلقت للمدرس الهيبة وللمدرسة القيمة,, وللزمالة الذكرى الرائعة والتشوق لكل زميل كانت المدرسة حينها حرما نحترم اركانه ونقدس فصوله ونحافظ على مقتنياتها,.
يوم أمس الأول رأيت مدرسة ثانوية أنشأتها وزارة المعارف وكلفتها مئات الملايين في طبرجل ولم يدخلها إلى اليوم طالب تهيئة للعام الدراسي الحالي,, رأيت جدرانها مليئة بالكتابات التي حولتها إلى منظر مزر,,!؟ فما هو مصيرها حينما يدخلها الطلبة,,؟؟!
كانت المناهج بسيطة سلسة يكاد رجل الشارع العادي لو تمعن بها لفهمها واستوعبها بالرغم من عظمة وقيمة مضمونها,, فالحاصل على الابتدائية في الثمانينيات الهجرية باعتقادي وأظن الكثير سيؤيدني على هذا الرأي بأنه أكثر غزارة معلومات ونضج تعليمي وعلمي من الحاصل على الثانوية اليوم في نواح كثيرة، الإملاء والتعبير والتاريخ ونواحي التعليم الأدبي.
نحن بحاجة إلى أن تعيد وزارة المعارف النظر من درجة الصفر ترتيب أوراقها,, في المجال التعليمي, فوطننا الغالي بحاجة ماسة إلى جيل قادم أكثر اختلافا فلهذا الوطن تاريخه وقيمه ودولتنا العظيمة القدوة دائما في كل شيء لم تقصر بشيء بشتى أنواع التشجيع والدعم وبذل كل غال من أجل المواطن ولأجل الوطن, وطننا الغالي بحاجة إلى جيل يفهم معنى المواطنة والوطن وحب الوطن.
وطننا الغالي بحاجة إلى جيل يتفهم ان افتداء الوطن والتضحية له ليس فقط ببذل الروح بل بالعمل الجاد النافع,, بالخدمة الطيبة,, بالخطوة الإيجابية الخيرة في التكافل من أجل الخير.
أن يتفهم الإنسان فيه أنه لبنة هامة لها دورها في العمل السلبي والإيجابي.
سليمان الأفنس الشراري
طبرجل

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved