أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 25th August,2000العدد:10193الطبعةالاولـيالجمعة 25 ,جمادى الاولى 1421

شرفات

حتى لا تخبو نار الحب المتأجج وتتحول إلى رماد
اختيار الزواج السعيد,, من أين يبدأ ,,, ؟
كان النقاش ساخناً بين الزوجين,, كل منهما يعد للآخر نواقصه، سارداً بالتفصيل الأخطاء التي تشيع المتاعب في حياتهما الزوجية، طلبت منهما التوقف وعرضت عليهما أن يقوما بتجربة صغيرة يعاودان بعدها حربهما الكلامية, قلت: أريد أن يقضي كل منكما خمس دقائق في الحديث عن الأشياء التي تعجبه في الطرف الآخر .
وكان شرطي الوحيد، الاستدراك في حديثهما,, من طراز هو كذا ولكن,, والحق أنه كذا، الا,, وقد جاءت نتيجة هذه التجربة أو اللعبة مثيرة لدهشة الزوجين.
يقول أحد خبراء المشاكل الزوجية,, عندما يتبادل الزوجان ذكر ما يعجب كل منهما في الآخر، فإن هذا في حد ذاته يدخل بسرعة تطورا ايجابيا في حياتهما الزوجية، وذلك لأن كل طرف يتبين العديد من الجوانب الإيجابية في الطرف الآخر، التي يتجاهلها أو يتناساها,, وغالبا ما يسمع أحد الطرفين من الطرف الآخر عن جانب من الجوانب يبدي إعجابه به لأول مرة في حياتهما الزوجية.
ويقول الخبراء: إن القاعدة الأساسية في هذا، هو أنه متى أظهر الطرفان تقديراً لبعضهما بعضا، وبدأ كل منهما في استشكاف النواحي الإيجابية في الطرف الآخر، أصبح الطريق سهلا أمام نمو العلاقة نموا صحيحا متزايداً,, والخطوة الأولى في هذا السبيل هي معرفة كل طرف الآخر معرفة أصدق وأدق والوسيلة الأفضل في التعرف إلى الطرف الآخر هي أن تسأل وتنصت، حتى لو كان زواجكما قد مضى عليه أكثر من عشرين عاما,.
عليكما أن تتجاوزا الدردشة السطحية التي غالبا ما نعتمد عليها بديلا للحوار الحقيقي.
الأعذار الجاهزة
ونحن نكون أكثر ميلا إلى أن نتحدث بأمانة وصراحة عن أنفسنا، عندما نجد من يسمعنا فعلا,, فكل منا لديه حاجة ماسة إلى أن يتبادل مكنونات نفسه مع الآخرين ونحن نكون أقدر على كشف مشاعرنا الأعمق، عندما يتوفر لنا الأليف الموثوق به، الذي يكون قادراً على التقبل والتفهم والملاحظ أن الكثير من الناس يقاومون رغبتهم الطبيعية في الانفتاح على الآخرين، وتكون لديهم في هذا الصدد عدة أعذار جاهزة منها:
الأفضل أن نترك للطرف الآخر مجالا للتخمين.
إذا ما كشفت أوراقي للطرف الآخر، فإن العلاقة بيننا تفقد الكثير من الإثارة.
من ا لصعب أن تكون حبيبا وصديقا في الوقت نفسه.
أمي كانت تقول لي دائما لا تكشف كل أوراقك للآخرين.
لن يسيء الطرف الآخر أن يجهل عني بعض الأشياء.
ويقول خبير العلاقات البشرية جيري جيل إن الكثير من الناس يخشى البوح بأسراره وخفايا نفسه لاعتقاده بأن هذا سيفقد الطرف الآخر لذة الاستكشاف مما يشيع الملل في العلاقة وهو يرى أنه على العكس من ذلك، عندما يعمد الزوجان المتآلفان إلى توسيع وتعميق شبكة الاتصال والتفاهم المتبادل بينهما، فإن هذا يؤدي إلى اتساع آفاق العلاقة بينهما.
كشف الخفايا
في بداية العلاقة غالبا ما يتجنب الطرفان الدخول في أسئلة عن المسائل الحساسة، كما يعمد كل طرف إلى رسم صورة جذابة لنفسه عندما يتقدم إلى الطرف الآخر,, وهو يحرص أن تبين هذه الصورة كل المعلومات السارة عن مركزه المالي، وأخلاقه، وخلفيته العائلية، ودرجة تحصيله العلمي وعلاقته الاجتماعية ومكانته العلمية, مثل هذه الصورة المرسومة بدقة، قد تطمئن الطرف الآخر لكنها تعطل تحقق الألفة.
ويعمد الرجل والمرأة، في بعض الأحيان، وعند مرحلة التعارف الأولى، إلى تجنب تبادل المعلومات الشخصية، بهدف الحد من تورطهما, وفي أحيان أخرى يستبعد الأزواج جانبا واسعا من مجالات النقاش والتفاهم، وهم بهذا يخدعون أنفسهم إذا ظنوا أنهم نجحوا في إقامة علاقة طيبة واتصال وثيق.
مثال ذلك، السيدة سعاد، المتزوجة منذ تسع سنوات، تقول بصفتي زوجة حديثة العهد بالزواج، كنت أقضي معظم وقتي مع طفلي الصغير,, أشعر طوال الوقت بالوحدة، وبأنني غير مفهومة، وكان أكثر ما يسيئني هو شعوري أن زوجي لا يشغل باله بأحاسيسي وبوحدتي، ويتصور أنه ليس في الإمكان أفضل مما كان، كنت أحاول أن أطمئن نفسي وأريحها قائلة: هذا هو الزواج على أي حال,, وفي جميع الأحوال، أين هو الإنسان الذي يشعر بالسعادة؟ كنت أفعل هذا حماية لبيتي وأسرتي وحتى لا أتهم بنكران الجميل، ولم أجد في نفسي الشجاعة يوما لكي أطرح مشكلة وحدتي على شريك حياتي,, ولعل مرجع ذلك أنني نشأت، على عقيدة مفادها أنه كلما قل الكلام عن شيء سهل إبعاده عن حياتنا، ولما كنت أبذل كل جهد ممكن لإخفاء تعاستي، ظل زوجي لسنوات طويلة يظن أني أشعر بالسعادة نفسها التي يشعر بها هو، وكان هو الذي شعر أولا بأن حياتنا يمكن أن تحمل لنا ما هو أكثر، فبدأ يسألني عن شعوري الحقيقي والعميق، وكان هذا بداية لانفتاحنا الكامل على بعضنا، وبداية للثقة المتبادلة بيننا وبالطبع، كانت عملية اخراج خفايا نفسي إلى الضوء عملية مؤلمة,, لكننا وجدنا في آخر الأمر المفتاح السليم للثقة الكاملة والارتباط العميق المتبادل,, وهكذا بدأت السعادة تغمر حياتنا.
سلبية الشكوى المتواصلة
لكن هناك من الأحاديث ما يسيء أشد الإساءة للعلاقة الزوجية ويضر بها أبلغ الضرر,, ذلك هو حديث الشكوى المتواصلة فالشخص الدائم الشكوى تسبب لدى الطرف الآخر حالة عدوانية مما يؤدي إلى انفصام العلاقة، وخير دليل على هذا تلك الأمثلة التاريخية التي يسوقها الباحث الاجتماعي الدكتور ديل كارنيفي يقول عندما وقع نابليون الثالث، ابن أخ نابليون بونابرت في حب ماري أوجيني، أجمل امرأة عرفها التاريخ وتزوج منها، قال له مستشاره إنها لا تزيد عن كونها ابنة كونت إسباني غير ذي مكانة، كان يرد عليهم وماذا في هذا؟ لقد وقع أسير شبابها وجمالها وسحرها، فقال في حديث رسمي للشعب الفرنسي: لقد فضلت الارتباط بامرأة أحبها واحترمها على الارتباط بامرأة لا أعرفها,, وقد تمتع نابليون الثالث وعروسه بالصحة والثراء والقوة والشهرة والجمال والحب,, كل ارتكازات العلاقة الكاملة لكن للأسف، سرعان ما خبت نار ذلك الحب المتأجج، وتحول إلى رماد,, كان بإمكان الإمبراطور نابليون أن يصنع من أوجيني امبراطورة,, لكنه بكل سلطانه، وبكل قوة حبه، لم يكن باستطاعته أن يضع حدا لإلحاحها الدائم بالشكوى,, لقد استولى عليه شيطان الغيرة، واشتعلت داخلها نيران الشك فسخرت من قراراته، وأنكرت عليه كل محاولته للاختلاء بنفسه، كانت تندفع إلى مكتبه أثناء إنهماكه في شؤون الدولة، وتقاطع أهم اجتماعاته، كانت تخشى أن تتركه لحاله فيقضي وقته مع امرأة أخرى، ولكن لا المكانة الملكية ولا الجمال يمكنهما أن يبقيا على حياة الحب، عندما تتسلط عليها الأبخرة السامة للشكوى الدائمة الملحة.
أشواك النشوز الزوجي
ويواصل الباحث كارينغي حديثه فيقول: إن المأساة الكبرى في حياة إبراهام لنكولن (أشهر رئيس جمهورية أمريكي والمعروف بمحرر العبيد والذي قضى اغتيالا) زواجه، اغتياله عندما أطلق بوث الرصاص عليه,, وقد مات لنكولن على الفور فلم يتعذب، لكنه بقي لمدة 23 سنة يحصد أشواك النشوز الزوجي، كانت زوجة لنكولن دائمة الشكوى، كثيرة الانتقاد لزوجها,, لم يكن فيه ما هو معقول أو مقبول في نظرها، كانت تقول إنه يمشي وقد انحت كتفاه، ويخطو بطريقة سخيفة ويحط قدميه على الأرض بغلاظة ودون أي رشاقة، كما لم يكن يعجبها خروج أذنيه في زاوية قائمة، بل كانت تقول له دائما ان أنفه ليس مستقيما، وإن شفته السفلى تبرز إلى الأمام بطريقة مضحكة,, كما كانت تسخر من التناقض بين كفيه وقدميه وصغر رأسه.
ولكن هل أدت هذه الشكوى الدائمة، والانتقادات الجارحة إلى ان يتغير شيء في لنكولن ,,, ؟
الشيء الوحيد الذي لم يتغير كان بالطبع شعوره نحوها,, أصبح يندم على زواجه التعس بها ويتجبنها بقدر ما تسمح الظروف.
من هنا فإنك إذا أردت أن تعرف مدى قدرتك على ارادتك مزايا الطرف الآخر، ومدى إدراكه هو لمزاياك وجوانبك، أجب على هذه الأسئلة؟
1 ما الذي يعجب كل منكما في الآخر؟
2 ما هي المشاكل السابقة التي أمكنكما معالجتها بنجاح
3 ما هي الخبرات الطيبة والسعيدة التي مرت بكما؟
4 ما الذي يعجبك في العلاقات القائمة مع الطرف الآخر؟
5 ما هو النشاط السار المشترك الذي تستمتعان به؟
6 ما الذي يفعله كل منكما على مدى اليوم لإظهار اهتمامه بالطرف الآخر؟
7 ما هي أحلامكما المشتركة للمستقبل؟
بامكان طرفي العلاقة التآلف أن يؤكدا على مزايا كل منهما، ويقدر كل منهما لذاته عندما يلتزم الطرفان بالفهم والتقدير والاهتمام فإنهما سيشعران بدفعة من الحيوية والتجدد وبأن ارتباطهما قد يصبح وثيقا.
اختيار الزواج السعيد
قد ندرك أهمية الاتصال المتبادل بين الطرفين، لكن صعوبة ذلك قد تظهر عند التطبيق فالمجتمع يقدم نماذج جاهزة للأحاديث الاجتماعية اليومية السطحية التي يتبادلها الناس، لكن المفروض أن يتجاوز طرفا علاقة التآلف هذا إلى حوار أكثر عمقاً وحساسية، يتبادلان خلاله التعرف إلى مشاعرهما وتوقعاتهما وآمالهما ومخاوفهما واحتياجاتهما الشخصية.
وكخطوة أولى يمكن أن تجرب مع الطرف الآخر التدريب التالي: اكتبا كل على حدة، بعض المجالات في علاقتكما التي يتحقق فيها الاتصال والتفاهم الجيد، ثم اكتبا بعض المجالات التي يكون فيها الاتصال ضعيفا ثم أعطيا أنفسكما ساعة لمناقشة القوائم,, وعلى كل طرف أن يحاول أن يسمع وأن يتفهم وأن يتبادل المشاعر وأن يركز على الفهم وليس على اللوم,, أو الدفاع على النفس.
وفي دراسة حول وسائل الاتصال والسعادة الزوجية توصلت ليسلي نافاران إلى أن الذي يفرق بين الزيجات السعيدة والتعيسة، موقف العلاقة من النقاط التالية، وبترتيب أهميتها:
1 المزيد من الحديث المتكرر حول الأحداث السارة التي جرت خلال العام.
2 الشعور الغالب بأن الشخص مفهوم من الطرف الآخر، وأن الحوار النفسي متصل.
3 الإكثار من مناقشة الأشياء التي تقع في دائرة الاهتمام المشترك.
4 ضعف احتمال تبدد التفاهم أو قطع الاتصال أو كبته باللجوء إلى مط الشفتين، إظهار لعدم الرضى.
5 تبادل الأحاديث عن المشاكل الشخصية، بشكل متكرر ودائم.
6 الإكثار من استخدام بعض الكلمات التي يكون لها معناها الخاص بينهما.
7 الاشتراك غالبا في الحديث عن معظم المسائل.
8 حساسية كل طرف بالنسبة إلى مشاعر الطرف الآخر، ومحاولة كل من الطرفين التكيف مع مشاعر الطرف الآخر، وأخذ هذه المشاعر في الاعتبار عند الحديث
9 قدرتهما على المناقشة الحرة في الموضوعات الحميمة بلا قيود أو حساسيات.
10 القدرة على معرفة ما مر بالطرف الآخر خلال يومه، دون إلحاح بالسؤال عن التفاصيل.

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved