أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 26th August,2000العدد:10194الطبعةالاولـيالسبت 26 ,جمادى الاولى 1421

حوار

الرئيس أمين الجميل في حديث لـ الجزيرة عن همومه وهموم لبنان
لهذه الأسباب عدت إلى لبنان بعد 12 عاماً من التهجير القسري
كلامي عن المملكة أقوله بعمق الضمير اللبناني وبعمق ضميري,, ومسعى الملك فهد في اتفاق الطائف يندرج ضمن هذا الإطار
أسرة آل جميل مقارنة بأسرة آل سعود نقطة في بحر
* ** كتب رئيس التحرير:
اثنا عشر عاماً قضاها الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل مهجراً خارج وطن شهد مولده وقمة السلطة فيه مروراً بكل مراحل حياته على تراب هذا الوطن، اثنا عشر عاماً عاشها الرجل مكرها خارج لبنان وحنينه إلى هذا الوطن الذي أحبه عاشقاً لم يتوقف، لأنه حنين العاشق المحب المهيم بعاطفة لم تخبُ أبداً نحو هذا الجزء الغالي من العالم العربي، أجل اثنا عشر عاماً قضاها متنقلاً من دولة إلى أخرى وكلها فناء فسيح متاح له أن يزورها ويستقر بها باستثناء لبنان وطنه ومسقط رأسه ومرتع صباه الذي ظل محروماً وممنوعاً من أن يعود إليه ثانية وإلا فقد حياته.
***
منذ أقل من شهر وفيما كان يقضي إجازته في ربوع فرنسا جاء إليه عبر الهاتف وبصورة مفاجئة وغير متوقعة من يدعوه إلى العودة إلى لبنان آمناً معززاً ومكرماً، ليقطع كل التزاماته وارتباطاته ويحزم حقائبه ويعود مسرعاً فرحاً إلى لبنان وهو غير مصدق أن تكون الهجرة القسرية قد انتهت واختصرت على هذا النحو وبهذه الصورة الدراميكية العجيبة.
***
أجل لقد عاد الرجل إلى بيروت إلى بكفيا إلى بيت آل جميل بين ومضات الفلاشات وملاحقات وسائل الإعلام في استقبال حاشد شارك فيه الآلاف من مناصريه الذين رشّوه بالأرز والورد مع ترقيص الخيل، فيما بدا عليه التأثر الكبير وهو يقبل والدته العجوز والأقرباء والمقربين وكأنه قد طوى صفحة مؤلمة له وحزينة وموجعة من حياته.
***
وحين كنت في بيروت الأسبوع الماضي رأيتها مناسبة أن التقي الرئيس الجميل لأسأله عن رحلة ال 12 عاماً وما تخللها من أحداث ومواقف، وأن أتعرف منه على برنامجه السياسي القادم، وكان لي ذلك خلال زيارتي لبيت آل الجميل في بكفيا حيث يقيم الرئيس العائد من الغربة، تحدث لنا كثيراً على مدى ساعتين وبوضوح وصراحة، ور اح يتغزل في لبنان من الشرفة التي تم فيها هذا اللقاء حيث نطل منها على أجمل المناظر الطبيعية وأحلاها، أترككم مع أمين الجميل وحديثه لالجزيرة ,.

* فخامة الرئيس,, نريد في بدء هذا اللقاء أن نضع قراء الجزيرة في أجواء عودتكم الى لبنان، ما الذي تغير حتى عاد أمين الجميل من غربته الى لبنان,,؟
هناك عدة عناصر تحكمت بعودتي منها عناصر نفسانية سيكولوجية ومنها عناصر موضوعية، العناصر السيكولوجية هي أن غربتي كانت غربة قسرية وكانت على الصعيد الشخصي معاناة كبيرة وحنان للعودة لم ينقطع، إضافة الى أنه على الصعيد اللبناني والنفساني العام وعلى صعيد الشعب أن لبنان لم يتعود على هكذا تصرفات تعسفية تمنع أي مواطن من دون أي سبب أو مبرر أن يهاجر عن وطنه، وهناك أجواء عامة في الجو اللبناني تتألم مع الغائبين قسرياً عن هذا الوطن، وعلى الصعيد النفساني أيضاً فقد استفدت من الغربة بمراجعة سياسية ومراجعة شخصية، كانت مناسبة لنوع من المراجعة لمرحلة ما قبل الحكم وخلال فترة الحكم، دائماً الهجرة مؤلمة وأحياناً قد تكون مدمرة للإنسان نظراً لأنها تخلق نوعاً من اليأس والتشاؤم العميق أو فقدان الأمل أو فقدان المستقبل في كثير من الأحيان، الهجرة القسرية تحطم الإنسان وتحطم المعنويات وتعطل البنية الصحيحة، حاولت بكل الطرق أن لا أسمح لهذا الشعور أن يصلني، أول ما تركت لبنان حاولت أن أنسى السياسة المحلية وكل مجريات الأمور وبقيت على تواصل مع جامعة هارفرد وكانت مناسبة لتحقيق هذه المراجعة في جو اكاديمي برفقة كبار الأساتذة والطلاب اللبنانيين الذين احاطوني خلال هذه الفترة، وكان عندي شعور عاطفي قوي تجاه لبنان وشعب لبنان وكان الأمر الرابط في ذلك هو الاستمرار في التفكير بمستقبل لبنان، وهذا الصرح الجامعي جامعة هارفرد أتاح لي بكل ما يتمتع من طاقات فكرية كبيرة ومكنني من أن أضع مشروعاً جديداً وهو عبارة عن كتاب يخدم مصلحة لبنان عند تطبيق ما ورد فيه، وكان هذا هو الرابط الأساسي في الجامعة، والكتاب انكب على دراسة أكاديمية عميقة لنظام لبناني جديد، وأمين الجميل يعرض من خلال هذا الكتاب تجربته كنائب وكمسؤول سياسي ورئيس جمهورية وأزعم أنه يمكن أن يكون للبنان من خلال هذه التجربة مرجع وأن أمين الجميل يتقدم بمشروع بديل يخدم مصلحة لبنان والأجيال القادمة ويعزز عروبة لبنان ويساهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وفي الواقع وبالتعاون مع أساتذة جامعة هارفرد وضعت كتابي الذي نشرته جامعة هارفرد تحت اسم (الرؤية المستقبلية) وهذا الكتاب حقيقة يشكل في نظري ورقة عمل عندما تستقر الأوضاع تماماً ويصبح من الممكن التفكير في مشروع التغيير، على ما أعتقد ان هذا المشروع سيكون ورقة عمل جدية وموضوعية وأكاديمية وتقنية للنظام اللبناني، أذكر هذا الأمر لأنه طيلة هذه الفترة بقي هناك رابط عميق بيني وبين لبنان ودائماً كان هاجسي العودة الى لبنان، وعلى الصعيد النفساني والصعيد الشخصي دائماً أتحضر للعودة ولم تكن هذه العودة عودة مفاجئة أو عودة بعد انقطاع، لأنه حقيقة لم يحصل هذا الانقطاع طالما كان دائماً الرابط جد عميق بيني وبين لبنان على مستوى القضية اللبنانية ولم يكن على مستوى زواريب السياسية، واستمررت طيلة فترة إقامتي خارج الوطن محاضراً في بعض الجامعات والمراكز الأميريكية وألتقي بالمسؤولين، أفكر بالقضية اللبنانية وقضية الشرق الأوسط وموضوع السلام، لأن لبنان في نظري يجب أن يكون له الدور الطليعي في هذا الإطار، لقد عملت أيضاً خلال تجربتي كاستاذ (استاذ زائر) في جامعة ميرلاند في واشنطن، وهذه التجارب جعلتني اتعمق أكثر وأكثر في مجريات الأمور السياسية على المستوى العالمي والاستفادة من طاقات الجامعات الأمريكية، هذا على الصعيد النفساني الشخصي، اما على الصعيد الموضوعي خلال هذه الفترة من الغربة القسرية (12 سنة) فقد حصل خلالها تطورات كبيرة منها متغيرات في العالم ككل مثل سقوط الاتحاد السوفياتي ومن ثم ما تم من اتفاقات بين الدول العربية واسرائيل، كل هذا خلق أجواء جديدة على الساحة اللبنانية، فضلاً عن العهد الجديد في سوريا وقد أظهر أكثر من مرة الرغبة في الانفتاح وتطوير العلاقات السورية مع الخارج ولاسيما في خطاب الرئيس بشار الأسد الذي صرح بتطوير العلاقات السورية اللبنانية وقد ألمح اليها بأنه يشوبها بعض العثرات، وعزز كلام الرئيس الدكتور الشاب الأسد اكثر من تصريح في بيانات صحافية من المقربين جداً منه يذهبون الى أبعد من النقد الذاتي في ما يخص العلاقات السورية اللبنانية مما أقنعني بأن هناك فرصة يجب استغلالها لتطوير العلاقات السورية اللبنانية ، بعد ذلك جاءتني دعوة للمشاركة في أربعين الرئيس الراحل حافظ الأسد وما نتج عنها من منع ثم ردة فعل، وأهم ما ورد في ردة الفعل أنها وردت من بعض الخصوم السياسيين الذين استغربوا هذا التصرف ضد أمين الجميل ومن هؤلاء وليد جنبلاط الذي استنكر علناً منعي من العودة الى البلاد وكذلك الكتلة الوطنية مع انه لا تربطنا علاقات ود معهم، ثم لحق هذا الموقف حملة من المجلس النيابي وكانت صارمة تستنكر ما حصل وحتى الرئيس (نبيه بري) سجل في محضر المجلس النيابي استنكاره، ومن ثم استنكر د, سليم الحص رئيس الحكومة ثم وزير العدل الذي استغرب الأمر واكد انه لا يوجد مانع قانوني يحول دون عودتي وكل هذه القضايا من جوانب نفسانية وموضوعية وتطور للأحداث في لبنان اقنعتني انه آن الأوان لأن اعود فحسمت امري وقررت العودة مباشرة من خلال هذه القراءة الشخصية.
اتصال مباشر يتعلق
بسلامتي سبب هجرتي
* ماذا تعني فخامة الرئيس بالهجرة القسرية عن لبنان وأنت تحمل كل هذا الحب للبنان وكل هذه الرغبة في أن لا يطول الغياب,, من الذي دفعك الى ذلك,,؟
الهجرة القسرية تمت بعد نهاية ولايتي الرئاسية وبسبب الفراغ الذي حصل نتيجة لعدم انتخاب المجلس النيابي لرئيس جديد للبلاد فقد حصل نوع من الخصامات الشديدة في الساحة اللبنانية بسبب التشنجات العميقة بين الأطراف اللبنانية ولاسيما على الساحة المسيحية، ولهذا فقد تألمت وشعرت من جهة أخرى انه لا يمكنني أن ابقى خارج هذه الأحداث مع قناعتي أنه لا مبرر اطلاقاً لبقائي خارج لبنان ولكن الظروف لم تسمح لي أن ابقى داخل لبنان فقد وردني اتصال مباشر يتعلق بسلامتي وسلامة أسرتي رأيت أنه من الأنسب ان اغادر البلاد لفترة لحين استقرار الأمور، وحقيقة فقد كنت بحاجة لراحة نفسية وجسدية واستقرار نفسي من اجل العودة الى لبنان برؤية جديدة للامور وبصفاء ذهن وكان قراري المغادرة، وبعد ذلك حصل ما حصل من صدامات وتطورات ساعدت سوريا على وضع يدها على البلاد بشكل لم أكن مشجعاً له، كنت أعتبر دائماً أنه من مصلحة لبنان أن يقيم أطيب العلاقات مع سوريا مع احترام الثوابت اللبنانية والسورية وكنت في حينه من القلائل الذين يقولون هذا الكلام إنما يسرني أن ألاحظ الآن وبعد سنوات عدة أن هذه القناعة اصبحت عند الشارع اللبناني المسلم والمسيحي وحتى المقربين من سوريا والقيادات المسؤولة في لبنان تعترف بما كنت أقوله، اذاً هذه تبريرات الهجرة القسرية التي فرضتها على نفسي، وكذلك قراءتي للوضع الذي شجعني للعودة الى لبنان طالما ان الوضع قد استقر الى حد ما، وها هي القيادات التي كانت تخالفني الرأي حول تقييمي للوضع ها هي أصبحت تشاركني هذا الرأي وهذا ما يفسر تعاطف الناس مع الوفاق الوطني، هذا الوفاق الوطني الذي لقيته عند عودتي من خلال ماصرح به أغلبية القيادات السياسية التي اعتبرت أن عودتي عاملا مشجعا للحوار السليم المتوازن وعلى الوفاق الحقيقي، وهو ما يسرني إلى أقصى حد لأني أعتبر دوري وإن لم يفهمه البعض منذ البداية قبل رئاستي وأثناء رئاستي إنما هو مشجع للوفاق والمصلحة الوطنية ولتسوية دور لبنان الطبيعي ضمن الاسرة العربية والدولية.
عون لم يكن السبب
* فخامة الرئيس، تحدثتم عن تهديدات سابقة لمغادرتكم لبنان,, هل لتكليفكم العماد ميشيل عون بتولي السلطة علاقة بهذه التهديدات,,؟
لا أعتقد ذلك انما كانت الأجواء تتحضر في تلك الفترة من أجل دفع لبنان الى الوراء، وأياً كانت الحلول فأحلاها كان مراً، وبالتالي فقد كان أي حل سوف يعرضني لنفس التهديدات، نتكلم الآن اذا اردتم عن الحقبة التي عين فيها ميشيل عون، إذ من المعلوم عند نهاية ولايتي أن التشنجات لم تكن فقط ذات بعد لبناني وإنما كانت مرتبطة بوضع المنطقة ككل، كانت الساحة اللبنانية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بأزمة الشرق الأوسط ككل جنوب لبنان الوجود السوري في لبنان تورط ايران على الساحة اللبنانية كل ذلك جعل هذه التراكمات تؤجج الوضع في لبنان، وعندما وصلنا الى الاستحقاق الرئاسي كانت هذه العوامل هي السبب الذي منعنا من أن نحقق انتقالاً طبيعياً لرئاسة الجمهورية فوجدت نفسي امام خيارات صعبة جداً حاولت حسب الدستور أن أشكل حكومة قيادية انتقالية تمسكاً بنص الدستور، إذاً كان علينا أن نشكل حكومة انتقالية اذا حصل فراغ سياسي، ومهمة هذه الحكومة هي تأمين انتخاب رئيس جديد للجمهورية فهذه هي المهمة الاساسية للحكومة وليس لها أي دور آخر سوى تأمين انتخاب رئاسي، وانطلاقاً من هذه البنود الدستورية حاولت أن اشكل حكومة وفاق وطني لكي تمسك بزمام الأمور على الساحة اللبنانية ومن ثم تتفاهم فيما بينها على انتخاب رئيس جديد للبلاد، لكن للاسف لم نتمكن من تشكيل هذه الحكومة فاتجهنا الى تشكيل حكومة موظفين اي حكومة عدة مؤسسات، والمؤسسة المثلى في هذا الأمر هي المؤسسة العسكرية طالما أن وزارة موظفين ليس بإمكانها أن تحمي نفسها بينما الحكومة العسكرية مثلا عندها من القدرة العسكرية ما يضمن حمايتها وحماية الشعب لذلك أوكلنا تسيير امور البلاد الى حكومة عسكرية والحكومة العسكرية لم تكن حقيقة حكومة عسكرية انما حكومة تكونت من المجلس العسكري تحديداً والمجلس العسكري هو هيئة رسمية يجمع كل الفئات باعتبارها ممثلة في هذا المجلس العسكري، بالاضافة الى ذلك وقبل أن أترك السلطة للحكومة العسكرية حصل اتصال بيني وبين الدكتور سليم الحص بواسطة المرحوم داني شمعون الذي كان في قصر بعبدا الذي كان صديقاً مشتركاً لي وللدكتور الحص وعرضنا على الدكتور سليم الحص قبل أن نتبنى الحكومة العسكرية تشكيل حكومة اتحاد وطني لتجنب التدخل العسكري وحاولت مع الدكتور سليم الحص وهذا ما أعترف به في مجلة (المجلة) منذ سنوات، طرحنا على د, سليم الحص أن يشكل الحكومة على هذا النحو مؤكدين له أنه لمصلحته ولمصلحة البلاد أن تكون هذه الحكومة متوازنة لكي يتمكن من أن يحكمها لأنه لايمكنه ان يحكم خارج اطار الوحدة الوطنية، خاصة وأنه في الوسط المسيحي هناك قوات على الأرض منها العماد ميشيل عون قائد الجيش الذي كان يطمح لأن يلعب دوراً سياسياً والدكتور سمير جعجع قائد القوات اللبنانية والاثنان يملكان مايكفي من القوات الميدانية ليمنعا الدكتور سليم الحص خارج اطار المصلحة أو الوفاق أو حكومة اتحاد وطني بأن يعترضوا على حكومة د,سليم الحص وبالتالي أكون شخصياً قد دفعت الى تقسيم البلاد فطلبت من د,سليم الحص أن يشكل حكومة وطنية طالما أنه يصرّ على مشاركة قيادات الشارع الإسلامي في الحكومة منهم (وليد جنبلاط والرئيس نبيه بري) وطلبت أن يكون هناك توازن في الحكومة من الجانب المسيحي وأن يشارك العماد ميشيل عون ود,سمير جعجع لأن أي حل غير ذلك كنت أنتظر أن ينتفض جعجع وعون على الحكومة ويكونا حكومة انفصالية في المنطقة الشرقية وهذا لايكون لا في مصلحة د,سليم الحص ولا في مصلحتهما، كان هناك استحالة لدى الدكتور سليم الحص لقبول التعاون مع ميشيل عون وسمير جعجع وقد أجاب بأنه لا يمكنه على الإطلاق التعاون مع الاثنين فعندئذٍ لم يكن في مصلحة لبنان ان أشكل حكومة من لون واحد وأمام هذه المعضلة (المشكلة) اضطررنا الى حل الحكومة وقد اتصلت شخصياً قبل تأليف الحكومة العسكرية بالوزراء المسلمين وأعضاء المجلس العسكري للتأكد من جاهزيتهم للمشاركة في هذه الحكومة فلم يرفضوا الدعوة، عندئذ ارتاح ضميري خصوصاً وأن هناك مؤسسة وطنية شُكلت في عهد الرئيس رشيد كرامي وهي مؤسسة جامعة وكل الفئات ممثلة بهذه الحكومة، كذلك معظم أعضاء هذه الحكومة تربطهم علاقة ودّ مع سوريا ورأيت أن المجلس العسكري هو الحل الأفضل لتسيير أمور الحكومة وهذه التجربة تتفق مع إصراري على احترام المؤسسات الدستورية والتقاليد اللبنانية، وهذه التجربة لم تكن فريدة من نوعها في تاريخ لبنان فقد حصلت سنة 1958 عندما أقال رئيس الجمهورية اللبنانية الشيخ بشارة الخوري رئيس الحكومة وكلّف قائد الجيش فؤاد شهاب بتشكيل الحكومة.
حكومتان في لبنان
لقد كنت حريصاً على التقاليد والدستور وكان ضميري مرتاحاً على الصعيد الوطني وعلى صعيد احترامي للدستور من تشكيل هذه الحكومة من جانبي، إنما لسوء الحظ بعدما شكلنا الحكومة في اليوم الأخير من ولايتي سمعت في الإذاعة أن هذه الحكومة لم تتمكن من أن تلتئم بكامل أعضائها وتتحمل المسؤولية وأن رئيس الحكومة السابق سليم الحص سوف يستمر في مهامه الحكومية ودخلنا في نفق الحكومتين حكومة ميشيل عون في المنطقة الشرقية وحكومة الحص في المنطقة الغربية وهذه هي حقيقة الأمر، وبالنسبة لي، ضميري مرتاح لأني احترمت الدستور والتقاليد واحترمت بشكل خاص روحية الوفاق الوطني طالما أن الحكومة العسكرية تمثل كل الأطراف وليس تحدياً لأحد، والظروف التي لحقت تشكيل هذه الحكومة هي التي أججت الصراع ودفعت الفريقين الى هذا الموقف التصادمي، ولا شكّ أن العديد من الأطراف صبّ الزيت على النار مما ساهم في تأجيج الصراع لأسباب معلومة وهي تتعلق بمسار كل الأزمة اللبنانية منذ بدايتها وحتى الآن.
التاريخ هو الحكم
* عفواً فخامة الرئيس هل تعتقد أن ميشيل عون أدار حكومته بشكل أمين ومتوازن وبما يتفق مع الدستور أم أنه استمر في إدارة البلاد كما لو كان رئيساً لحزب وليس رئيسا لحكومة,,؟
كانت ضمانتي التوازن ضمن المجلس العسكري بوجود الوزراء المسلمين والمسيحيين، وفي هكذا اطراف تتخذ كل القرارات بالتصويت وهذه هي الضمانة الأولى أي أن التوازن في مجلس الوزراء سيمنع أي جنوح، الضمانة الثانية كانت علاقة (العماد ميشيل عون) مع سوريا بوجود عدة أشخاص ووزراء كانوا يقومون بهمزة الوصل بين العماد عون وسوريا، والضمانة الثالثة الاتصالات التي اجريتها مع د, سمير جعجع وموقفه الايجابي من حكومة العماد ميشيل عون، كنت في ذلك الوقت رغم قلقي على الوضع لأن الفراغ الدستوري يؤدي الى اضطرابات أحاول أن اطوق الأمر لكن تبين لي فيما بعد خاصةً بعدما استقال الوزراء وهو ما عطّل دور الحكومة ودفع العماد ميشيل عون الى موقف الفريق الذي يلعب دور الرجل الواحد وبعد ذلك دخل في صدام مباشر مع القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع ومع سوريا، ونترك للتاريخ أن يحكم على هذه المرحلة وأن يحدد من هو المسؤول، هل ميشيل عون بمفرده هو المسؤول عما حصل أم أن الظروف دفعت الجميع الى الهاوية والمجهول والى هذا الانفجار، أما بالنسبة لي فضميري مرتاح فقد حاولت أن أجمع عون مع سمير جعجع كي نتفادى الصدامات ومن جهة ثانية حاولت أن أجمع عون مع القيادات الإسلامية لكي نكوّن حكومة وفاق وطني (اتحاد وطني) وقناعتي بأن كل الوزراء كانت تربطهم علاقات طبيعية إن لم تكن علاقات وديّة مع سوريا لأن سوريا كانت عنصراً أساسيا على الساحة اللبنانية، ومرة أخرى أقول ان ضميري مرتاح لأنني على الأقل سعيت ضمن المعطيات التي ذكرت لتحقيق الوفاق وهذا ما حصل بعدما تركت البلاد.
أين العدل,,؟!
* هل أنتم مع عودة العماد ميشيل عون وهل هذا بنظركم يساعد على الوحدة الوطنية وعودة الوفاق بين مختلف الشرائح في المجتمع اللبناني,, هل أنتم أيضاً مع من يطالب باطلاق سراح سمير جعجع من زنزانته؟
أنظر الى الأمر من ناحيتين: الناحية الأولى: هي المبدئية وجود ميشيل عون في الخارج هو شيء غير قانوني وخارج عن تقاليد لبنان، لا يوجد في القانون اللبناني عقوبة اسمها المنفى وهذا يتناقض مع جوهر المؤسسات والتقاليد اللبنانية طالما كان لبنان يتمسك باحترام مبدأ القانون، على صعيد د, سمير جعجع لن أدخل في تطبيق الأحكام القضائية التي صدرت بحق سمير جعجع انما الذي أقوله ان هناك من ارتكب تجاوزات أقوى من التجاوزات التي حوكم سمير جعجع من أجلها ولازالوا طليقين وهذا ما يتناقض مع مبدأ العدل والعدل يتحقق ويكون بالتساوي هذا من الناحية المبدئية، أما من حيث الواقع فيجب أن يشارك الجميع في مسيرة الوفاق دون استثناء خاصة عندما يكون الاستثناء قسريا فهذا يعطل منطق الاتفاق الحقيقي والوفاق الشامل، ولبنان بحاجة لتضميد الجرح بشكل نهائي، الجرح الذي خلفته الحرب اللبنانية، نحن بحاجة الى أن يعود الجميع تحت سقف القانون وعلى الدولة أن تفتح هذا المجال للجميع بأن يستظل منطق المؤسسات الوطنية والقانون والدستور والذي لا يريد أن ينضم الى هذه المسيرة يكون هو قد اختار أن يبقى خارجها ولا يلام اذا هو اختار ذلك، على الدولة أن تفتح هذا المجال أمام الجميع، برأيي أن لبنان والنظام اللبناني يجب أن يفتح الباب أمام الجميع لأن يقوموا بدورهم السياسي مع احترام القوانين المرعية.
موقفي من اتفاق الطائف
* كنتم معارضين لبعض بنود اتفاق الطائف، عودتكم هل تعني أن موقفكم من اتفاق الطائف قد تغير ايجابيا خصوصا وأن الوضع قد تغير في لبنان الى الأفضل مقارنة بما كان عليه قبل تجمع اللبنانيين بالطائف ووصولهم لاتفاق وافق عليه من حضر من اللبنانيين؟
عندما حصل اتفاق الطائف أصدرت بياناً معلناً ومنشوراً في كثير من الصحف يتضمن وجهة نظري بهذا الاتفاق ، يمكنني الآن أن أجملها بما يلي:
أولاً: شكرت خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز الذي استضاف الوفد اللبناني وبذل الجهود الخيرة للوصول الى حل كي يجتمع اللبنانيون,.
ثانياً: ذكرت في هذا البيان بأن هذا الاتفاق يشكل مرحلة مهمة للبنان وعلى الجميع أن ينضموا حوله حرصاً على وحدة البلاد والاستقرار.
ثالثاً: ذكرت بأن هناك ثغرات في هذا الاتفاق يجب معالجتها من أجل تطوير هذا الاتفاق لما هو أفضل ليخدم المصلحة اللبنانية وهذه النقاط الثلاث هي التي ذكرتها في بياني، وبعد عشر سنوات من توقيع الاتفاق ماذا حصل؟ الشيء الذي حصل هو أن الثغرات التي تكلمنا عنها لم تعالج، وعند صدور بياني اذ ذاك قامت نقمة علي اعتراضاً على ذكري لهذه الثغرات، ويسرني أن ألاحظ بأنه منذ اسبوع وفي حديث تلفزيوني للرئيس الياس الهراوي أحد اركان اتفاق الطائف يعترف هو بنفسه بأن هناك ثغرات في اتفاق الطائف وأنه يجب معالجتها، فإذاً الذي كنت أقوله شخصياً في حينه أصبح اليوم رائجاً والجميع يعترف بأن هناك ثغرات في هذا الاتفاق يجب معالجتها، من ناحية ثانية وهذا مؤسف فبدلاً من أن نعمل على تصحيح تلك الثغرات التي يلاحظها الجميع وكل المراقبين فقد أسيء تنفيذ البنود الخيرة في هذا الاتفاق، فالثغرات لم تعالج والبنود الايجابية أسيء تنفيذها منها ما يتعلق بقانون الانتخابات فأتت قوانين بعكس ما نص عليه اتفاق الطائف وهناك مجموعة أمور أخرى منها قضية اعادة تمركز القوات السورية التي كان يجب أن تتم منذ أكثر من ثماني سنوات ، وأنا حقيقة ضميري مرتاح لهذه الجهة لأن تقويمي لهذا الاتفاق كان تقويماً سليماً في ذلك الحين، مجمل الفريق السياسي الذي شارك في اتفاق الطائف بات يعترف أن موقفي كان صحيحاً في ذلك الوقت، هذا الموقف كما ذكرت لكم أيده اخيراً الرئيس الهراوي في مقابلة تلفزيونية على art كما وافق عليه في مجموعة تصريحات الرئيس حسين الحسيني الذي كان رئيساً للمجلس النيابي في ذلك الوقت كما وافق عليه مجموعة من النواب والقياديين السياسيين.
إذاً موقفي من اتفاق الطائف الخصه بأن الاتفاق كان مدخلاً للوفاق انما لسوء الحظ لم تعالج بعض الثغرات التي نبهنا اليها في حينه كما ان بعض البنود الايجابية طبقت بشكل مخالف لنوايا النواب اللبنانيين وهذا ما ندفع ثمنه الآن على الساحة اللبنانية، ويتضح ذلك فيما يحكى عن احباط أو قلق أو هجرة الأدمغة أو هجرة الشباب من لبنان، كل ذلك بسبب عدم تصحيح اتفاق الطائف وعدم تصحيح بعض الشوائب فيه ، وكانت نوايا خادم الحرمين الشريفين الملك فهد نوايا صادقة ومشاعره محبة للبنان وجهوده مشكورة وعملية وفعالة، انما لسوء الحظ أن خادم الحرمين الشريفين لم يتمكن وليس منتظراً منه أن يتابع تصرفات الحكم بشكل يومي في لبنان وكيفية تطبيق هذا الاتفاق مما أوصل البلاد الى نوع من القلق وعدم الاستقرار وهوما تعبر عنه يومياً كل القيادات السياسية على شاشات التلفزيون، والان هناك مجموعة من القيادات اللبنانية الصادقة والمخلصة والمعنية بمستقبل لبنان تحزن معي في هذا الامر ونعمل معاً من خلال الاتصالات والمشاورات من أجل إيجاد مخرج لهذا الوضع يحمي مصلحة لبنان ويعزز الوفاق ويصلح النظام اللبناني بشكل يخدم مصلحته.
البديل إصلاح الاتفاق
* أسألكم يا فخامة الرئيس، هل كان هناك خيار آخر في ذلك الوقت ومع تلك الظروف والحرب الاهلية كانت في أوجها، هل كان هناك خيار آخر لاتفاق يكون بديلاً لاتفاق الطائف,,؟
أنا أتصور ان مجرد اقناع اللبنانيين بالالتقاء مع بعضهم والسفر الى الطائف من أجل الوصول إلى اتفاق في ذلك الوقت حتى ولو وجدت بعض الثغرات فقد كان ذلك من المستحيلات، هل كان هناك امكانية لغير هذا الاتفاق؟ أنا كرئيس للدولة أثناء توقيع هذا الاتفاق ماذا كان يمكنني أن أعمله من أجل تعديل هذا الاتفاق لاسيما وأن الاتفاق ليس نهاية المطاف، الاتفاق كما تفضلتم خطوة جيدة وخطوة متقدمة لكن كان ينبغي اصلاحه من خلال التجربة، اصلاحه بمرور الوقت وتطبيق الجوانب الايجابية الجيدة تطبيقاً صحيحاً يفيد اللبنانيين ويحقق الغرض الذي من اجله اعطى البعض تنازلات من اجل هذه النقاط الايجابية.
فهد رجل المواقف
* عودة إلى اتفاق الطائف، على من تلقون اللوم إذاً في عدم تطبيقه تطبيقاً صحيحاً؟
لقد جاوبت على معظم الملاحظات، وقلت وأصر على أن خادم الحرمين الشريفين كعادته في قلبه الواسع ومحبته العميقة للبنان كان له الفضل الأكبر وله شكر كل اللبنانيين على ما توصلوا إليه من اتفاق، فالجهود التي بذلها في حينه بفضلها توقف النزاع العسكري على الساحة اللبنانية واستقرت الأوضاع بشكل ملموس وكل هذا بفضل مساعيه بفضل اللقاء الذي حصل في الطائف وهذا ليس بجديد فقد عودنا الملك فهد وأشهد بذلك على أن يكون السند الأساسي لنا والداعي الى الوفاق والمصلحة الوطنية اللبنانية، وأذكر بأنه أوفد في أحلك الظروف الأمير بندر بن سلطان والأمير بندر خاطر بحياته وأتى الى لبنان بطوافة عسكرية بينما كان القصف على قدم وساق في لبنان من أجل الوصول الى لبنان والمساهمة في إيجاد حلول للمشكلة اللبنانية والتوسط بيننا وبين سوريا وبيننا وبين الأمريكان، لا يمكن أن أنسى هذا الموقف ولا يمكن أن ينساه الشعب اللبناني لأن الإنسان الذي يضحي بحياته من أجل شقيق فهذا قمة التضحية وقمة المحبة فماذا كان يجبر الأمير بندر وهو ينعم بكل خيرات الدنيا والسلامة المطلقة في بلاده لولا حبه للبنان وحرصه على أمن لبنان، هذا ليس كلام مجاملة أو كلاما عاطفيا هذا الكلام أقوله بعمق الضمير اللبناني وبعمق ضميري، ومسعى الملك فهد في اتفاق الطائف يندرج ضمن هذا الإطار، وكانت ردة الفعل من قبلي توجيه الشكر للملك فهد، هذا موضوع محسوم وليس كلاما عاطفيا وإنما هو كلام موضوعي تثبته الأحداث على الأرض والجهود العقلانية التي بذلها المسؤولون في السعودية من أجل لبنان.
لو بقي الرئيس معوض
الآن عودة الى اتفاق الطائف، على ما اعتقد ولا اريد أن أوجه اللوم الى أحد بأنه لو بقي الرئيس رينيه معوض على قيد الحياة لما وصلنا الى ما وصلنا إليه الآن، المؤسف أن معوضاً اغتيل بعد انتخابه رئيسا للجمهورية على اثر اتفاق الطائف وكان قبل اغتياله قد بعث الأمل في نفوس اللبنانيين لانه كان الرجل على ما اعتقد الذي بإمكانه ان يصحح الثغرات التي تكلمنا عنها في اتفاق الطائف ومن جهة أخرى كان بإمكانه ان يؤمن تطبيقاً سليماً ومتطوراً وإيجابياً لاتفاق الطائف، فالمرحوم رينيه معوض لديه تجربة واسعة في ممارسة المسؤولية على الساحة اللبنانية كنائب ووزير وهو معروف بقلبه وسعة نظره وطيلة باله وكأنني لمست من هذا الاتفاق أنه وضع بذهنية رينيه معوض الذي شارك في صياغة الاتفاق وكان هو المميز والمرشح في حينه والأقدر على تحمل هكذا مسؤولية ليضع تصورا لكيفية تطوير هذا الاتفاق وطريقة تنفيذه،
وعلى ما أعتقد انه بمقتل رينيه معوض قتل اتفاق الطائف بالذات ولربما هذه هي المرة الأولى التي يقال فيها هذا الكلام.
نقيض روحية اتفاق الطائف
فيما بعد جنح المسؤولون في لبنان في طريقة تطبيق هذا الاتفاق فأتت الظروف اللاحقة على نقيض روحية اتفاق الطائف وهدف هذا الاتفاق وأتت الممارسة الخاطئة لتعطل البنود الايجابية في الاتفاق ولا تعالج الثغرات السلبية وهذا هو سبب تعثر هذا الاتفاق، لاشك ان الاتفاق حقق تحسناً على الساحة اللبنانية انما طموح رينيه معوض كان طموحاً ابعد، كان يبغي منه طي صفحة الماضي نهائياً على ما سمعت من أوساط رينيه معوض وكان في اولوية اهداف الرئيس معوض جمع شمل اللبنانيين وتحقيق الوفاق الحقيقي وهو عنوان اتفاق الطائف وهو وثيقة الوفاق اللبناني، وكان موضوع الوفاق هو مفتاح الاتفاق لأن موضوع الوفاق كان من شأنه ان يعيد الثقة للبنانيين وثقة الناس والعالم بلبنان، الاتفاق كان مفتاحاً ورينيه معوض هو الرجل الذي تفهم هذا الموضوع وأول ما كان يسعى إليه بناء المصالحة الحقيقية، وعلى حد علمي أنه أرسل موفدين إلى ميشال عون وإلى سليم الحص وإلى وليد جنبلاط وإلى نبيه بري وإلى كل القيادات الميدانية وزعماء الميليشيات من اجل حثهم على السير في مشروع الدولة ومشروع المؤسسات بهدف الالتقاء على أساس من التوازن والوفاق الحقيقي، فهل يا ترى اغتيال رينيه معوض هو من فعل وتصميم المتضررين من اتفاق الطائف لربما هذا هو الجواب ولربما ان علينا أن نفتش عن قاتل رينيه معوض ومن هو المتضرر من اتفاق الطائف.
الاستقبال الكبير نوع من الترضية
* خلال استقبالكم الجماهيري الكبير وجه اليكم أحد المستقبلين نداء (لا تخذلنا يا أمين)، سؤالي أولاً ما تفسيرك لهذا النداء وثانياً ما مشروعك القادم للعمل السياسي خصوصا ان نجلكم من ضمن المرشحين للانتخابات النيابية؟
ألخص سؤالكم في ثلاث نقاط، الجواب على الاستقبال الشعبي الذي لقيته في مسقط رأسي كان مؤثرا جدا في نفسي ومشاعري منبعه 12 عاما من الهجرة القسرية، الانسان يتأثر بأن يشاهد أن الناس ما تزال متعلقة بهذا البيت وبشخصه وهي نوع من الترضية لي بوجه كل الافتراءات والمزاعم التي عانيت منها في السنوات الأخيرة، اذاً فهي نوع من الاقرار بأن ممارستي السياسية والوطنية كانت هي الممارسة الصحيحة والدليل ان الغربة لم تبعدني عن الناس ولم تؤثر على عاطفتها تجاهي بدليل تمسكها بالثوابت التي طالما ناديت بها، النقطة الثانية الذي قال: لا تخذلني هذا ما سمعته من قبل أحد المستقبلين، وأنا فهمت ماذا كان يعني بذلك وقد ذكرت ما سمعت أمام الاعلاميين، أمين الجميل صاحب مشروع وطني والمدافع عن الثوابت الوطنية اللبنانية وتلك الثوابت هي: عروبة لبنان السيادة الحقيقية للبنان، نظام الحرية والديمقراطية، قضية القرار اللبناني بأن يلعب لبنان دورا طليعيا ضمن الأسرة العربية ضمن العالم، بهذه الثوابت التي طالما دافعت عنها طيلة فترة عملي الوطني خشي البعض أن تكون عودتي قد تمت من خلال مساومات على تلك الثوابت، فالشعب استقبلني على اني أجسد طموحاته وقناعته المتمسكة بالثوابت التي ذكرت، فلذلك صرحت في موقف اعلامي لتطمين الناس بأنني أتيت الى لبنان من أجل الاستمرار بالدفاع عن هذه الثوابت وانني متمسك بها حتى آخر رمق في حياتي وأولادي الذين يسيرون على هذا الخط سوف يستمرون في حمل المشعل والدفاع عن تلك الثوابت التي بدونها لا يمكن أن يبقى لبنان وأن يستمر، هذه هي اجابتي حول لا تخذلني يا أمين وآمل أن يعطيني الله القدرة والمناعة والحكمة من أجل تحقيق هذا الهدف لأن هذا الهدف هو هدف وطني يلتقي حوله السواد الأعظم من اللبنانيين وبتحقيقه تتحقق أمنيات كل الناس لكل الفئات والطوائف لأني لا أعتقد بأنه يوجد أي لبناني لا يريد الحرية ولا يوجد أي لبناني لا يريد الديمقراطية بل لا يوجد أي لبناني لا يريد للبنان دورا طليعيا لا يوجد أي لبناني لا يريد للبنان السيادة والكرامة ولذلك مشروعنا هو مشروع وطني كامل وليس مشروعا حزبيا أو شخصيا أو فئويا أو طائفيا الى ما هنالك خصوصا أن مجموعة من التيارات السياسية أو الايديولوجية أو المادية أو الفئوية، هذه التيارات تعصف ليس فقط بلبنان انما المنطقة بأسرها وهذه التيارات تتحدى مجموعة من الأنظمة سواء أكان هذا النظام هو اللبناني أو أي نظام آخر في أي دولة مجاورة، لذلك التزامنا بالثوابت هو الجواب ضد هذه التيارات التي تتعارض مع المصلحة اللبنانية والمصلحة العربية ككل لأن معظم هذه التيارات تنادي بعقائد متزمتة وتريد أن تعيدنا الى أزمان ولت الى أزمان كانت تحملنا الى ويلات في منطقة الشرق الأوسط وعالمنا العربي ونرجو أن تكون قد ولت، ولذلك فإن مسؤولية الأمن والاستقرار مسؤولية عربية وليست فقط لبنانية فحسب، ومن هذا المنطلق نشعر بامتنان لدعم ومساعدة معظم الأصدقاء للبنان أثناء المحنة لكي لا تتفشى هذه التيارات في لبنان ولا تنتشر العدوى الى الدول المجاورة، أما النقطة الثالثة حول هذا الاستقبال فهو حقيقة يحملني مسؤولية وكأن هؤلاء الناس وضعوا آمالهم بشخصي بسبب الفراغ السائد في الساحة اللبنانية في الوقت الحاضر، رأوا في عودتي وكأنني المحاور الذي يحمل أمانيهم وتطلعاتهم الوطنية ويحاور باسمهم في المحافل اللبنانية والعربية والدولية، وهذه مسؤولية كبيرة واني على استعداد لأن أتحملها وقلت لهم سترون النجاح على أن يستمر الالتزام في دعم هذه المسيرة لأن الانسان اذا كان بمفرده لا يحقق شيئا الا اذا حصل على محبة الناس وتأييد الناس ودعم الناس، من جهة أخرى فلبنان عنده القدرة على تجاوز الذات بتجاوز كل العقبات وبالنظر الى مستقبل لبنان بمساعدة جيل الشباب بأن يتحملوا وأن يشاركوا في اعادة المسيرة وبناء الوطن، أمنيتي أن يعطيني الله القوة والحكمة والقدرة على تجاوز الذات والأنانية من أجل تحقيق هذا الهدف فهو هدف وطني وانني بعد ثلاثة أسابيع من عودتي الى لبنان واجتماعي على هذه الشرفة في منزلي والاستمتاع بالمناظر الخلابة في بيروت التي تساعد الإنسان على الاستقرار النفسي أقول انه من الضروري ان نتعاون مع الذين يريدون الخير للبنان من أجل تحقيق الوحدة الوطنية.
هذا هو مشروعي الوطني
مشروعي الوطني يتلخص في كلمتين وفاق وثقة ثقة اللبنانيين بوطنهم وثقة العرب والعالم بلبنان، ونحن اذا حققنا هاتين الكلمتين الوفاق الثقة لم نعد بحاجة الى أي شيء، في هذه الحالة الشعب اللبناني يبني وطنه بقدرته ويتشجع أكثر أما اذا فقد لبنان الوفاق والثقة فإن لبنان سوف يظل يتخبط في مستنقع يهدد أمنه ومستقبله.
حظوظ ابني كبيرة
* هل لكم أن تضعونا في أجواء الانتخابات النيابية؟ وماتعليقكم على ترشيح ولدكم في هذه الانتخابات,, هل له حظوظ للفوز بمقعد في المجلس النيابي في دورته القادمة؟
نحن الآن موجودون في بيت آل جميل وابني بيار من هذا البيت الذي شيد في عام 1530م بدأ أولاً بالطابق الأرضي وتخطيط البيت هو هندسة معمارية قديمة وقد ورثناه على مدى الأجيال حتى ورثته أنا وفي المستقبل سيرثه ابني بيار، ذكرت هذا الأمر للتأكيد على أن هناك تقاليد, أسمح لنفسي بأن أقول إن هذه العائلة كانت دائما تتمسك بالقيم الروحية والوطنية العريقة وكانت هذه القيم هي التي تربطنا بالوطنية وبمسلكنا الشخصي وهي ما يجمعنا مع الأسرة السعودية، وطبعاً نحن مقارنة بأهمية الأسرة السعودية نقطة في بحر إنما هذه النقطة هي موضوعنا، بعدما عانيت أنا مما عانيت منه خلال الحقبة الماضية اضطررت لمغادرة لبنان وغادر معي ابني بيار في ظرف من أصعب ظروف العائلة وبعد حين جاءني بيار بقرار قال لي يا أبي أرغب في العودة إلى لبنان لأن أوروبا لا تتلاءم مع تربيتي ولا مع أخلاقي ولا مع قيمي وإذا كان هناك عوائق حول عودة والدي فلا شيء يمنع من عودتي وبعد تردد اضطررت لأن اوافق بشرط أن يعيش مع جده والد زوجتي تحسباً لأي طارئ فأتى بيار إلى لبنان في ظروف صعبة جدا كان التيار السائد في لبنان الفوضى وحملات التشنج والافتراء والهجمات الشرسة ليس فقط على أخي بشير وعلي بل وعلى والدي، فقد حاولوا أن يمسحوا كل دور من خلال حملات الافتراء والتجني والاشاعات، إذاً بيار جاء في هذه الحقبة بالذات بينما كل أبناء الزعماء اللبنانيين ينعمون بالرخاء والأمن وطبيعة العمل السياسي، وكان بيار بمفرده يواجه أصعب مرحلة مر بها آل الجميل منذ خمسين سنة وحتى الآن، وهنا فقط في معزل عن مشاعري العائلية والأبوية لا يمكنني إلا أن أقول رغم كل هذه الظروف تمكن من أن يواجه كل هذه الصعاب وحقق له موقعاً شعبياً مهماً في الساحة اللبنانية وحاول أن يحافظ على الإرث الوطني لآل جميل والتقاليد التي طالما تمسكنا بها، وبمحبته للناس وبمحبة الناس له وثقتهم به تمكن من أن يوجد موقعاً شعبياً له انطلاقاً من إرث العائلة الوطني، وعندما أتت مرحلة الانتخابات رأوا الشباب الذين تمحوروا حوله وتجمعوا حوله بأنه من الأنسب أن يترشح للانتخابات وذلك لتجميع تلك القوى ولإظهار أن هناك قوى ولو أنها كانت متواضعة جداً لكن تلك القوى موجودة ولا تزال متمسكة بالثوابت اللبنانية التي نادى بها بيار الجميل وأمين الجميل وبشير الجميل، كان الترشيح في حينه فقط من أجل تجميع القوى ومن اجل طرح خطاب وطني مميز، البعض يقول ان الظرف ليس ظرف آل الجميل وأن الترشيح لايمكن ان يؤدي حقيقة إلى فوز، نظراً للأوضاع السائدة في البلد ونظراً للحملات الشرسة التي لم نزل نتعرض لها، لكن مع الوقت، جمهور كبير من الناس اعتبروا ان عودة بيار هي عودة للعائلة,, رافق ذلك حدوث متغيرات كثيرة على الساحة اللبنانية وعلى صعيد العلاقات اللبنانية/ السورية مما عزز وساهم في رفع هذه الديناميكية الى الامام كما أن عودتي إلى لبنان أعطت بُعداً جديداً ودفعاً أكبر من كون هذا الترشيح بدلاً من أن يكون فقط ترشيحاً مبدئياً وبادرة متواضعة بأن جعل منها خطوة نوعية على الساحة اللبنانية، وسريعاً اصبح ترشيح بيار هو حجر زاوية على الاقل في الوضع الانتخابي في هذه المنطقة ويؤثر على مناطق أخرى في لبنان، وأصبح هذا المنزل منزل آل جميل محوراً للتحالف الانتخابي في مناطق أخرى في الشمال والجنوب, هذا ما نلمسه الآن من اتصالات من كل الأطراف، بعض المرشحين يزورنا هنا من أجل التأكيد على تضامنهم معنا وبالتالي كسباً لعطف مناصرينا في مناطق أخرى وكل يوم يأتي أكثر من سياسي لزيارتنا على هذا الأساس، إذاً تحول هذا الترشيح من ترشيح مبدئي إلى بُعد وطني خاصة عندما ترافق مع عودتي إلى لبنان، وقد طرحت عودتي ضمن إطار المصلحة الوطنية تجاوزاً لكل سلبيات الماضي وطي صفحة الماضي,, هكذا أفهم ظاهرة ترشيح ابني بيار.
لا علاقة بين عودتي وترشيح ابني
* ولكن تزامنت عودتكم مع الفترة الانتخابية,, فهل قدومكم في هذه الفترة يعني دعمكم لترشيح ابنكم بيار في هذه الانتخابات؟
أقولها بكل صراحة، إن عودتي إلى لبنان لم يكن لها أي علاقة بترشيح بيار للانتخابات النيابية، فقط الصدف زامنت عودتي مع ترشيح بيار ولا علاقة لي بكل ما يجري على الساحة الانتخابية، وقبل مجيئي إلى لبنان لم يكن مجيئي متوقعاً على الاطلاق فقد جاءتني دعوة للمشاركة في أربعينية الرئيس الراحل حافظ الأسد في هذه المرحلة، والذي حصل هو منعي من العودة للمشاركة في هذه المناسبة ثم الضجة الوطنية والاستقبال الوطني والاستنكار والتضامن الوطني معي وتصريحات المسؤولين الكبار ومنهم رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ووزير العدل وجميعهم دعوني بشكل مفاجئ إلى العودة، ومن الواضح أنني لم أكن على الاطلاق وراء الدعوة التي تبدلت ولا وراء منع تلبية الدعوة ولا وراء الضجة الوطنية التي قامت بسبب المنع ولم أكن وراء كل ذلك ولم أكن أتوقع خلال أسبوع ان شيئاً كهذا سيحصل، كنت في جنوب فرنسا على موعد مع العديد من الاصدقاء أثناء قضاء عطلة الصيف مع زوجتي بانتظار أن يلتحق بي بعض أولادي، في تلك الفترة إذا بي أفاجأ بدعوتي إلى العودة إلى لبنان فقطعت اجازتي وعدت إلى لبنان مباشرة، لربما كان هناك عناية إلهية، لربما كان هناك صدف، لا أملك تفسيراً لكل هذه التراكمات من الاحداث التي حصلت كالعودة وتطابقها مع الظروف التي نحن بصدد الحديث عنها، سأسعى بكل جهدي بألا أتورط في كل الخزعبلات الانتخابية وأنزلق في الازمة الضيقة للسياسة المحلية، بل سوف أسعى لأن أكون فوق كل ذلك، أما ابني فهو يتحمل مسؤولية قرار الترشيح بمعزل عن موضوع عودتي وهو قسم في هذا الاتجاه، ولكن عودتي تشكل دعماً مهماً له ولربما تشكل خطوة نوعية في مسار المعركة الانتخابية ولربما تعزز حظوظه، على صعيد المعركة الانتخابية لم أقم حتى الآن بأي زيارة لصالحه أو بأي مسعى مباشر لصالحه، من جانبه يستشيرني حول أمور عديدة فبالطبع أنا والده أبارك ترشيحه وأكون سعيداً إذا هو نجح وإذا لم ينجح أعتقد أنه حقق الآن نجاحاً وإن لم يكن هذا النجاح هو الفوز بالانتخابات لأني أعتقد أن الفوز حققه الآن بفضل تجمع القوى حوله وأصبح الرقم الصعب في المعادلة الانتخابية وإذا لم يحالفه الحظ يوم إعلان النتائج الأحد القادم (غداً) فلن آسف على ذلك لأنه كما تعلمون ترشح منفرداً رغم كل النداءات من قِبل أغلب اللوائح لينضم للائحة من اللوائح لكنه فضل ان يترشح منفرداً تأكيداً على خطابه الوطني والتأكيد على امكانياته ورغبة منه بألا تنخرط معركته بإطار صحفي، إذاً الذي يميز هذه الحركة أنها تميزت بالطابع الشخصي عند الطروحات الوطنية والسياسية على أنواعها، هذه المعركة في سنة 2000م ذات طابع شرس في النزاعات الشخصية والنزاعات العائلية على أنواعها لذلك فضل بيير وهو على حق أن يترشح منفرداً على الدخول في طابع المعارك الشخصية وتصفية الحسابات العائلية والفئوية وهذا ليس من مصلحته فهو يترشح منفرداً وعندما تترشح منفرداً تكون الحظوظ بالنجاح أقل بكثير على عكس التحالفات التي تكون حظوظها أقوى في النجاح، إذاً نحن نعتبر ان النجاح بات واقعاً وحقيقة بفضل الالتفاف الشعبي حول العائلة لما ترمز إليه من معانٍ وطنية وهذا هو النجاح الحقيقي وليس النجاح بتعداد الاصوات بيوم النتائج.
موضوع الجنوب
* مع انتخاب الدكتور بشار الأسد رئيساً للجمهورية السورية,, نريد ان نعرف وجهة نظركم بشخصية بشار الأسد من جهة وما تتوقعونه بالنسبة للعلاقات المستقبلية السورية/ اللبنانية في ظل المتغيرات في سوريا من جهة والانسحاب الاسرائيلي من الجنوب من جهة أخرى؟
لست الآن بمعرض تحليل هذا الموضوع، فخلال معرفتي العميقة للرئيس حافظ الأسد واللقاءات المتكررة المتعددة لم أجتمع بالدكتور بشار الأسد من قبل ومن السابق لأوانه الحكم سلباً أو إيجاباً على العهد الجديد، وكل ما يمكن ان نقوله إننا نتمنى له الخير لأن خير سورية يمتد على لبنان, أريد له الخير لأنه من مصلحتنا ان نقيم أطيب العلاقات مع سورية، العلاقة بيننا علاقة ود وتعاون يخدم مصلحة البلدين الشقيقين، أما موضوع الجنوب فإنه مستقل عن هذا الأمر، إنني أثق بأن الدولة اللبنانية سوف تبسط سلطتها بشكل كامل على الجنوب ومن مصلحة لبنان أن يقفل ملف الجنوب نهائياً، ودور الجيش ان ينتشر على منطقة الحدود وهذا من واجبه وإذا لم ينتشر الجيش اللبناني على الحدود فأين ينتشر ، على الجيش اللبناني ان ينتشر وأن نعود إلى اتفاق الهدنة وإلى الاستقرار على تلك الحدود، وطالما أن إسرائيل انسحبت من كامل الارض اللبنانية فعلينا ألا نترك أي ثغرة، لأن تلك الثغرات المتبقية تشكل خطراً على موضوع الوفاق، على الدولة ان تبسط سيادتها وأمنها على تلك المنطقة وتمارس دورها الحقيقي، والمصالحة الحقيقية لا يمكن أن تتم حقيقة إلا في ظل الأمن الحقيقي والأمن الحقيقي لايمكن ان يكون إلا من خلال الاجهزة اللبنانية الشرعية الرسمية، نأمل أن يتم ذلك وأنا أثق بالرئيس إميل لحود وتربطني به علاقة وقمت بزيارة حميمة له وأرجو ان تبسط الدولة سيادتها بشكل كامل لأن هذا يطمئن الجميع لكي يعودوا إلى قراهم وبيوتهم.
حزب الكتائب ضرورة وطنية
* حزب الكتائب ارتبط تاريخيا بآل جميّل، لكن ما يحصل الآن هو تنازع بين كثير من الفئات المسيحية على زعامة الحزب، ما الذي تفكرون فيه الآن لتجميع قوى الحزب ليعود الى ما كان عليه من الناحية السياسية خصوصاً بعد ان بدأ لبنان يتعافى ويستقر فيما الحزب يهمش نفسه، بماذا تفكرون، ما المعالجة المناسبة حتى يرجع حزباً سياسياً مؤثراً وقوياً وفاعلاً؟
أريد أن ألفت النظر إلى أن حزب الكتائب ضرورة وطنية قبل أي شيء آخر، ضرورة وطنية لأنه إذا عدنا إلى تاريخ الحزب فإن بعض الأطراف يختصرون تاريخ الحزب بفترة سلبيات الحرب وهذا شيء غير منصف، وبقراءة سريعة للحزب نشاهد أن سنة 43 ما كان للبنان أن يحقق استقلاله لولا حزب الكتائب، في ذلك الوقت كان الجمهور المسيحي ملتفا حول إميل إده الذي كان يتخوف من أن تيارات أخرى يمكن أن تهدد الوجود المسيحي لذلك تمسك بفرنسا وبالامداد الفرنسي، ولكن بيار جميل تعاون مع رياض الصلح وهذا ما دفع الشعب المسيحي للتضامن مع الشارع الإسلامي لرفع راية الاستقلال، وكان الثنائي رياض الصلح وبيار الجميل هما حجر الزاوية في مسيرة الاستقلال، لأن بشارة الخوري -وكان رئيساً للبلاد آنذاك - وإن كان له فضل ودور في المسيرة بصفته رئيساً للبلاد، ويوقع على كل الأمور، إنما الشارع المسيحي كان متخوفاً من بشارة الخوري وكانت ثقته أكبر ببيار الجميل، وموقف بيار الجميل هو الذي شجع المواطن المسيحي على السير في هذا التحدي الكبير وأعني تحدي الاستقلال، لذلك قامت علاقات طيبة ومميزة بين رياض الصلح والشيخ بيار الجميل وبقيت هذه العلاقة حتى استشهاد رياض الصلح وبقيت علاقة الوالد مع آل الصلح وحتى بعد وفاة الشيخ بيار الجميل بقيت العلاقات مستمرة حتى اليوم، إذاً حزب الكتائب هو حجر الزاوية في معركة الاستقلال، ثم في سنة 1952 والأزمة التي حصلت في تلك السنة عندما انتشرت الظاهرة الناصرية ظاهرة جمال عبدالناصر وبداية ثورة 1958 فقد دعا الرئيس جمال عبدالناصر الشيخ بيار الجميل إلى مصر ومنحه أعلى وسام مصري اعترافاً بوطنية الشيخ بيار وعندما لم يتمكن الشيخ بيار من زيارة مصر أوفد الرئيس عبدالناصر وزير الاقتصاد القيسوني إلى لبنان حتى يمنحه وسام الوشاح الأكبر اعترافاً بوطنية الشيخ بيار الجميل وعروبته، وبفضل دور الكتائب في المصالحة الوطنية وتجاوز كل المحن فقد كان الشيخ بيار محاوراً دائماً مع سورية ومحاوراً مع العالم العربي ومحاوراً مع مصر إذاً فحزب الكتائب هو حزب الحوار الحوار اللبناني والحوار العربي فحزب الكتائب عنده دائماً الجرأة لأن يتجاوز معاناة الشارع المسيحي من أجل لبنان وعلاقات لبنان بالعالم العربي، من هنا أعتقد بأن حزب الكتائب هو في النهاية ضرورة لبنانية، بل ضرورة عربية، وما يعطي لبنان هذا الطابع المميز هو هذا التعايش بين الأديان والطوائف في اطار الأسرة العربية تحت الخيمة العربية, والمشاعر العربية العريقة.
مساهمون في النهضة العربية
ونحن بيت الجميل لنا تاريخ في هذا الأمر بمساهمتنا في النهضة العربية بفضل انطون باشا الجميل الذي كان في العشرينات رئيساً لتحرير جريدة الأهرام المصرية وأصبح فيما بعد عضواً في المجلس النيابي المصري ورئيس لجنة برلمانية وقد منحه الملك فؤاد لقب باشا وأصبح يطلق عليه انطوان باشا الجميل رئيس تحرير جريدة الأهرام وكان مكتبه ملتقى لكل أركان النهضة الثقافية العربية ورواد القضية العربية والشعور القومي العربي ومن هنا لعب دوراً أساسياً في تعزيز التضامن العربي والعمل على نهضة ثقافية مع قومية عربية، والوالد هو مؤسس حزب الكتائب وقد حاول دائماً ان يعزز هذا الشعور للناس وخاصة في مواجهة التيارات المتعددة,, فهناك تيارات متزمتة في الأوساط اللبنانية وذلك لتعزيز الشعور العربي، والكتائب كانت ضحية لهذا الزلزال الذي خلخل العديد من المؤسسات اللبنانية سواء كانت المؤسسات العسكرية أو الاقتصادية أو الدينية أو الفكرية أو النقابية والحزبية، وكان حزب الكتائب من ضحايا هذا الزلزال حيث تقاذفته المصالح والتدخلات والافتراءات والشوائب والكوارث التي ألمت بلبنان في ذلك الوقت، وهناك أمل جديد وهو أمنية عدد من اللبنانيين والعرب في اعادة الروح الواحدة إلى تلك المؤسسة لأننا لو تمكنا من ذلك فإن هذه المؤسسة سوف تساهم مساهمة مباشرة في دفع عملية الحوار المتوازن وبالتالي الوفاق الصحيح ويمكن من خلال ذلك أن تتصحح مسيرة الوطن ككل، هذه باختصار اجابتي على سؤالكم وهذا هو جوهر حزب الكتائب، الحزب عانى كثيراً من المؤامرات التي حاولت أن تفككه كما تفكك كل الأسر في الساحة اللبنانية.
فلسطينيو لبنان هم الأصعب
* يجري فخامة الرئيس الحديث عن توطين اللاجئين الفلسطينيين في الدول التي يقيمون فيها وبحكم وجودكم الطويل في بلدان أجنبية كثيرة تتداول فيها المعلومات وتصنع القرارات الدولية في عواصمها,, ما حقيقة هذا الأمر وكيف تتم معالجته؟
لبنان يتخوف كثيراً من هذا الأمر، لأنه من الواضح أن معظم اللاجئين الفلسطينيين في لبنان هم من فلسطين بالذات وليسوا من الضفة الغربية فإذاً من الصعب جداً أن يعودوا إلى فلسطين وهذا موقف اسرائيلي ثابت، وهذه معضلة كبيرة أعتقد ان التضامن العربي هو الذي يعالج هذا الأمر، فالتعاون فيما بين العرب هو الذي سيشكل ضغوطاً على اسرائيل وعلى أمريكا من أجل أن نصل إلى حل عادل، لأنه لا يمكن للبنان أن يستوعب هذا الحجم من الفلسطينيين على الأرض اللبنانية ولا أعتقد ان هذا يرضى به حتى الفلسطينيين، وعلى ما أعتقد فالتضامن العربي حول هذه النقطة بالذات سوف يساهم في حل المشكلة وليس بمقدور لبنان على الاطلاق حل المشكلة وليس باستطاعته ان يعالجها إنما بالتضامن العربي يمكن حلها، ولا أريد الآن الخوض في هذا الجدل، لأن القضية في الواقع معقدة للغاية وصعبة وأعتقد ان الحكومة اللبنانية مقصرة إلى حد ما في طريقة طرح هذه المشكلة على الأسرة العربية لأن الحكومة اللبنانية تحجم عن مواجهة هذه المعضلة، وهناك أمور كثيرة تتراكم أمام أبو عمار وبينها قضية اللاجئين، موضوع اللاجئين طرح في وادي عربة وفي المباحثات السورية الإسرائيلية، على ما أعتقد من المفروض أن تقوم الدولة اللبنانية بجهد خاص وأن يكون هذا الموضوع موضوعاً وطنياً ونقاشه يتم على صعيد وطني.
* خلال زياراتكم للمملكة قبل وأثناء وبعد الرئاسة حدثنا عن العلاقات السعودية اللبنانية، ودور المملكة في تضميد الجرح اللبناني الغائر؟
ذكرت في اجابة سابقة ان الحكومة السعودية تعطي لبنان دائماً دون مقابل وتضحي من أجل لبنان وكأن لبنان جزء من المملكة، يعني التضحيات التي بذلتها المملكة تجاه لبنان أعتقد انها لم تبذلها حتى في بعض المناطق السعودية، وذكرت لكم ان علاقتنا بالسعودية تعود إلى عهد الملك عبدالعزيز، وأذكر أن الملك فيصل كان يقول للوالد ان لبنان ضرورة عربية واذا لم تكن موجودة علينا أن نوجدها لأن لبنان يشهد للعرب وللإسلام بروح التسامح والتعايش الإسلامي المسيحي وشهادة للعزة العربية والأصالة العربية، وحقيقة نحن دائماً فخورون بهذه العلاقة التي امتدت مع جميع ملوك المملكة العربية السعودية وأمرائها، فالملك فهد أطال الله في عمره خاطر بحياة الأمير بندر بن سلطان والانسان لا يضحي بحياته إلا عندما تكون عنده عاطفة قوية ومحبة خاصة لهذا البلد وبقي الملك فهد طوال هذه الفترة وما زال داعماً أساسياً لمفاوضاتنا، كان في مفاوضاتنا مع الأمريكان موجوداً وكان في مفاوضاتنا مع سورية موجوداً وفي حوارنا الداخلي كان موجوداً وكان الموضوع يعنيه مباشرة وكان مطلعاً على حقائق الحياة اللبنانية، نحن لا ننسى هذا الأمر وهذا ليس مجاملة اطلاقاً، ولا يمكن للانسان ان يوفي السعودية بأي شكل من الأشكال حقها بالمقارنة مع ما قدمته دون أي مقابل، ما عمله الملك فهد والمملكة السعودية يتناقض مع كل العلاقات الدبلوماسية بين الدول لأن العلاقات بين الدول تقوم على مصالح فأين مصلحة السعودية في لبنان سوى حب قادتها وشعبها للبنان ولشعب لبنان، ولبنان بالمقابل مرتاح بكل فئاته وطوائفه وأحزابه إلى موقف المملكة تجاهه، وهذا إقرار وليس كلام مجاملة ولا كلام مناسبة، بل هذا هو الشعور الحقيقي وهذا ما نجده في الممارسة على الأرض.

أعلـىالصفحةرجوع





















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved