أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 30th August,2000العدد:10198الطبعةالاولـيالاربعاء 30 ,جمادى الاولى 1421

مقـالات

منعطفات
وطأة ثلاثة آلاف عام!
د, فهد سعود اليحيا
من منا يعرف اسرائيل شاحاك ؟ أو ليكن السؤال: من من العرب يعرفه؟ بالتأكيد قلة قليلة، ولذا أعتب وألوم, أما من يجهله في الغرب أو يتجاهله، أن نذكر أن جريدة واشنطن بوست قد نشرت تقريراً قبل خمسة عشر عاماً، يحوي خبراً عن وفاته, فذهب بنفسه إلى الجريدة ليؤكد لهم أنه ما زال على قيد الحياة، ولكن تلك الجريدة الديموقراطية ، في ذلك البلد الديموقراطي لم تصحح الخبر حتى الآن!
هي اذاً خطة مدروسة لطمسه، وقد يشارك فيها بعض العرب الفلسطينيين عن عمد وارادة لأسباب تعود إلى اختلاف خطه عن خطوطهم, وتشارك الفضائيات العربية في ذلك الطمس والتهويش عن عمد أو عبط فعلى كثرة تلك الفضائيات وكثرة البرامج المباشرة والمسجلة والتي تناقش كل شيء مهم من حكاية كلينتون ومونيكا إلى الأسباب الخفية لهجرة سمك السلمون، لم تذكر شيئاً عن شاحاك، ناهيكم عن استضافته يوماً ما.
إسرائيل شاحاك يهودي إسرائيلي ولد في بولندا، ونجى بأعجوبة من معسكرات الاعتقال النازية، وفي نهاية الحرب العالمية الثانية هاجر إلى فلسطين, وكان يعمل استاذاً للكيمياء العضوية متقاعد الآن في جامعة القدس العبرية, وهو ما يزال رئيس رابطة حقوق الإنسان في اسرائيل وهي جماعة تؤمن بأن يكون لجميع البشر حقوقاً متساوية لا لليهود فقط.
وهو مناهض شرس للصهيونية، وللتطرف الديني اليهودي، وللحكومة أو الحكومات الإسرائيلية ! وكان طوال عمره يتأمل ما تنطوي عليه الصهيونية من تعصب وتطرف، ويرقب الممارسات اللا إنسانية لدولة اسرائيل, حتى بدأ نشاطاته السياسية علناً بعد حادثة معينة، فيقول عنها: لقد بدأت هذه النشاطات عام 1965 1966 إثر احتجاج تسبب آنذاك في فضيحة كبيرة, فقد كنت شاهداً على يهودي متعصب، لا يسمح باستخدام هاتفه في أحد أيام السبت، لاستدعاء سيارة اسعاف لانقاذ شخص غير يهودي صودف انهياره في الضاحية التي يسكنها في القدس, وعوضاً من ألجأ بكل بساطة إلى نشر نبأ هذه الحادثة في الصحف، طلبت اجتماعاً مع أعضاء هيئة المحكمة الحاخامية في القدس، المؤلفة من حاخامات تعينهم دولة إسرائيل, وقد سألت هؤلاء عما اذا كان هذا التصرف يتوافق مع تفسيرهم للديانة اليهودية، فأجابوني بأن ذلك اليهودي، موضوع البحث، كان مصيباً في تصرفه، بل ويعد تقياً صالحاً, ودعموا قولهم هذا بإحالتي إلى فقرة في مختصر معتمد للشرائع التلمودية، كتب في هذا القرن.
فما كان مني إلا ان كتبت تقريراً بالحادثة لليومية العبرية الرئيسية هآرتس وتسبب نشرها للقصة بفضيحة أخلاقية .
ومن ساعتها بدأ هجومه العنيف على الصهيونية، وتبنيه لقضايا الفلسطينيين في اسرائيل, بل واصبح يفضح السياسات الإسرائيلية ومنذ أكثر من خمسة عشر عاماً نشر وثائق سرية عن خطة اسرائيلية لتقسيم الدول العربية إلى دويلات طائفية كتبت عنها حينها في جريدة الرياض في باب سبعة أيام , وبلغ من احتجاج المؤسسات الصهيونية انها طالبت باسقاط الهوية الإسرائيلية عنه وترحيله, بيد أن هناك قانوناً اسرائيلياً مقدساً يمنع اسقاط الهوية الإسرائيلية عن أي يهودي إسرائيلي، ويمنع ترحيل أي يهودي خارج اسرائيل حتى ولو كانوا من طائفة ناطوري كارتا الصغيرة التي ترى أن قيام دولة اسرائيل معصية لله تعالى، وترفض الخدمة في الجيش الإسرائيلي.
وفي كتاب علمي بسيط في أسلوبه، مذهل في محتواه، بعنوان الديانة اليهودية وتاريخ اليهود: وطأة 3000 عام يقدم شاحاك معلومات مذهلة عن تاريخ اليهود، والديانة اليهودية التقليدية ان صح التعبير، أو بكلمة أخرى المذهب اليهودي المتطرف المتشدد العنصري، وهو السائد الآن، وهو المبنى الايديولوجي للصهيونية التي تقف عليها اسرائيل.
الرائع في هذا الكتاب ليس العقل العلمي التحليلي الذي يتمتع به شاحاك ولا القدرة البحثية الهائلة التي تبدو بين ثنايا هذا الكتاب، ولا الحس الإنساني العارم، ولا الموضوعية الشديدة, ولكنه الكشف المذهل عن صيرورة تاريخية تكشف عن حقائق لا نراها وان كانت أمام أعيننا, لن أستعرض هذا الكتاب الذي ترجم إلى العربية عام 1996م وفي 1997م كان قد طبع أربع مرات ولكني سأقتطف بعض المعلومات, وبداية أشير إلى مصطلح الأغيار الذي تحفل به الكتابات الدينية اليهودية ويعني ببساطة غير اليهود فكل سكان العالم ما عدا خمسة عشر مليوناً هم من الأغيار، وعندما يقدم شاحاك معلومة فإنه يقدمها محكمة موثقة:
اسرائيل أداة أساسية في المشروع الإمبريالي، ولكن هذا يقدم تحت غطاء ديني فالهيمنة الإسرائيلية والتوسع في مصادرة الأراضي والمستوطنات وعبر الحروب هو واجب ديني, واخفاق اسرائيل في غزو لبنان 82 85م كان عقاباً من الله لخطيئة اسرائيل برد صحراء سيناء إلى المصريين.
الديانة اليهودية لا تقوم على التوحيد كما هو شائع ولكن التعدد, فالإله الأصغر الوجه الصغير عليه أن يتحد جنسياً بالآلهة شيخنة ولكن الشيطان يمنع اتحادهما وعلى اليهود أن يصلوا ليوقفوا أعمال الشيطان الذي استطاع ذات مرة اغتصاب شيخنة !
عندما يمر يهودي تقي بقبر أحد الأغيار عليه وجوباً ان يشتم أم المقبور: إن أمك سترتبك على نحو موجع، إن التي حملت بك ستشعر بالخزي,, .
اضطهاد اليهود والمذابح التي جرت لهم في مختلف أنحاء أوروبا، باستثناء مذابح هتلر ، كانت جزءاً من ثورات اجتماعية ضد الطغيان، فقد كان اليهود أعوان لحكومات الطغاة وأدوات في اضطهاد تلك الشعوب, والكتاب بالرغم من صغر حجمه، فهو عمل تاريخي موسوعي لجذور اليهودية وممارساتها غير الإنسانية, واذا كنا نجهل ونتجاهل شاحاك في السابق فإن علينا أن نعرفه الآن خصوصاً بعد تصاعد نفوذ الفئات اليهودية المتشددة مثل شاس والتي تجهر علانية بما تسر به الفئات الأخرى.
فاكس: 4782781
fahads @suhuf. net.s

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved