أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 1st September,2000العدد:10200الطبعةالاولـيالجمعة 3 ,جمادى الثانية 1421

مقـالات

الضغط النفسي
بين المقاربة الثقافية ومرجعيات التقييم العقلاني
علي الصباح
إن لنشأة الانسان والمحيط الذي ينتمي إليه كشبكة من العلاقات البسيطة أو المركبة في إطار متفاوت من الشدة والضعف وبموازاة تلك العوامل من موضوعية التي تشكل اشتراطاً عاماً أو مثيراً مشتركاً، علاقة في حراكه النفسي والاجتماعي والوجداني والمادي وفي تكوين استجابته وفقاً للاستعدادات التي اوجدها هذا المثير البيئي، الاجتماعي، الاقتصادي، وما له من أثر ناظم في إبراز كيفية من العلاقة الاستجابية ومن التطورات والسياقات والتراكمات ضمن سيرورة ادراكية تستهدف تشكيل سلوك حاد في إطار بنيته التقييمية لذلك المثير وخلق الاستعدادات البيئية والنفسية والتنظيمية والاجتماعية وذلك من أجل مواجهته، وهذا الجانب الذي يبين الكيفية العامة للتأثيرات التي يمكن ان تكون نتيجة لأنماط الممارسات وما ينشأ عنها من إنتاج هذه السيرورة من النشأة الاجتماعية، يعكس في أغلب الأحيان ما يشبه العلاقة الميكانيكية بين الانسان والمحيط الذي يتأثر به في سياق تفاعله مع أنظمة الخطاب الممارس وما تفرزه هذه الانظمةأي الاعراف الاجتماعية من أثر وردود أفعال تحدد كيفية الاستجابة وإيجاد شكل من الآلية لطبيعة تلك العلاقة وبخاصية نمطية تفرضها خلفيات الخطاب الاجتماعي.
ومن زاوية هذه المقاربة يبرز (السترس) لا لكونه مجرد اضطرابات مرضية وبالتالي اللجوء للتعرف إليه باستخدام قياس علامات السترس مستوى الأدرينالين والنور أدرينالين وسيتوستيرويد 17 والتريغليسريد والحوامض الدهنية الحرة في البول , 1 بل النظر إليه باعتباره إطاراً من الاحداث والتطورات والوقائع التي تشترك في تحفيز العوامل المضمرة أساساً فيه والتي تظهر في شكل المثير والاستجابة وتوظيفها كخبرة تنعكس على هذا النسيج وتؤثر على انتظاماته واتساقاته من داخلية وخارجية وتترك أثراً على مستقبل هذه السيرورة من الانبناءات الوشائجية في داخل هذه الشبكة من العلاقات وما تؤدي إليه من إفرازات على مستوى الروابط بين الانسان والمحيط واظهار ماهو استرجاعي وسيكولوجي على المستوى الانساني والاجتماعي, فحصول السترس ليس أيضاً نتيجة لحدث عفوي، فالحدث البسيط والذي لا يكون ضمن الاشتراطات التبادلية التي تؤثر على علاقة الانسان بتنظيمه الثقافي وببيئته ومحيطه الاجتماعي والسياسي قد لا ينتج عنه إلا ردود من الاستجابات المتناسبة وفي حجم تلك العلاقة البسيطة والمرهونة بظرف محدود فاقد للقدرة على تطوير دينامية تتجاوز إمكانات ذلك الحدث الصغير بتوازناته الهشة على الصعيد الداخلي أو الخارجي, إلا إذا كانت العلاقة بين الانسان/ وذلك الحدث الذي لا يرقى في علاقته التنظيمية بأي قيمة من الناحية الموضوعية، عبارة عن كينونة جامدة تعكس اللحظة اللاعقلانية التي يجسدها ذلك التقييم ووضعه في سلسلة من السيرورات التي لا تحتمله, هذا راجع إلى طبيعة الاستعداد والعوامل الذاتية والفطرية للانسان التي تسبب استجابة غير ملائمة أو متساوية مع مستوى ذلك الحدث، فالاخفاق والوصول إلى مرحلة اللاتوازن ضمن دائرة شرط المثير تكون النتيجة وخيمة وتؤثر على مجرى حياة الانسان، وتقلب توازنه المعنوي والمادي وبالتالي يصعب الرجوع إلى الحالة الطبيعية التي تعبر عن استجابة موضوعية لا تكون خارج آليات التقييم ومرجعياته المنطقية ولا تصبح العملية إسقاطية وفي دوائر شديدة التقاطع والتداخل مما تجعل من عامل (السترس) مدمراً، الامر الذي يجعل من الصعوبة بمكان التفريق بين الشروط التي تنطلق أساساً من طبيعة الشروط الموضوعية المترتبة من علاقة الانسان بالمحيط وتلك الشروط التي تنتجها الاستعدادات الذاتية والفطرية، ولا يعني هذا ان تزال عوامل (السترس) وتختفي نهائياً من حياة الانسان، أو توجد فئة من الناس لا تتعرض للضغوط او لا تواجه منغصات نفسية أو اجتماعية وانما الموضوع يتعلق بالاليات المتبعة للتقليل من أثره النفسي والاجتماعي والحصول على نتائج أكثر إيجابية، تجنب الانسان الاعراض التي تؤثر على صحته وتترك أثراً سلبياً على حياته، فطريقة التفاعل بين الانسان/ المحيط لها علاقة في تقليل النتائج المرضية أو زيادتها، فالامر يتعلق في حسن إدارة التوتر وفي مواجهة الازمات، وفي كيفية التغلب على عواملها وأسبابها التي تؤدي إلى حدوث السترس وما يخلفه من اثر صحي على الجسد والنفس.
من هنا كلما كان الانسان أكثر وعياً كان أكثر قدرةً على التكيف واختيار الاستجابة المناسبة، وتحويل المثير إلى قوى خلاقة تعيد التوازن وتكون في مجال التنظيم الذي يدعم الشبكة التبادلية بين الافراد وعلاقتهم بالمحيط على نحو تكون كاشفة لأنمطة الخطاب وممارساته وتعزيز البنية الذهنية الايجابية للتقليل من تلك التعزيزات التي يمكن أن يحدثها المثير نتيجة لشحناته ولسياقه الايديولوجي والبنية التي يتركز عليها.
هوامش:(1) جريدة السفير، منى فياض 18/8/2000م

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved