أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 1st September,2000العدد:10200الطبعةالاولـيالجمعة 3 ,جمادى الثانية 1421

عزيزتـي الجزيرة

تعقيباً على د,علي القرني
نكأت الجرح,, ولكن من يبلسمه,,؟
عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
لقد اعتدنا نحن العربَ على التقليد، وندرة الابتكار والتجديد، بل اصبح ديدننا الغفلة، وعدم التنبّه لما يحدث حولنا، إلا بعدما يوقظنا غيرنا من سباتنا، ويكون الركب قد سبقنا بأميال، وتخلفنا بحيث لانستطيع اللحاق به.
وعندما يتناهى إلى اسماعنا في وسائل الإعلام ان فلاناً من علماء الغرب قد ابتكر نظرية ما في اللغة او الجيولوجيا او الفلك او الرياضيات، تُرانا نرفع اصواتنا بان هذا الكشف العلمي ليس جديداً، وأن جذوره موجودة وراسخة في كتاب احد العلماء العرب القدماء,,!! فهي لعمري محاولة للي اعناق الافكار، واستمراء النوم على البحث والجد في ميادين العلوم كافة,, والسؤال يطرح نفسه:
لماذا لم ننفض الغبار عما كتبه علماؤنا,, ونقدم افكارهم ونظرياتهم للعالم ونبهرهم بما لدينا من علوم,, ولماذا هم الذين يقدمونها لنا بروح العصر,,؟
والجواب: إنها المسافة بين النوم واليقظة فحسب.
إن ما اثار هذا الموضوع، وجعلني اسطر هذه الكلمات، مقال شيق نشر في جريدة الجزيرة عدد/10196 بقلم الدكتور علي بن شويل القرني، محذراً من محاولات البعض كتابة اللغة العربية بحرف لاتيني، ورموز وارقام تشوّه جمال حرفنا العربي، وتسيء إلى لغة القرآن العظيم وهي دعوة قديمة متجددة، لم يفلح مروجوها قديماً، ولم يستجب احد لنداءاتهم، فنواياهم واضحة، واغراضهم كذلك.
ولفت الدكتور علي النظر إلى استبدال اتاتورك الحرف العربي بآخر أعجمي، سعياً خلف بريق الحضارة وقشورها الزائفة، فبدلوا جلودهم، مما قطع الصلة بين اجيالهم والتاريخ، واصبحوا شعباً بلا ماضٍ ، ولم يستطيعوا الوصول إلى الحضارة المنشودة.
وقد شبه بعض الادباء المتنورين الاتراك هذه الحادثة بالغراب الذي حاول ان يصبغ ريشه ليصير بلبلاً، ولكنه لم يستطع تغيير صوته، فنفرت منه البلابل واستنكرت الغربان الوانه ، فعاش تائهاً وحيداً بين الصنفين,,!!
كما اشار الكاتب إلى محاولات تبديل حروف اللغة الفارسية بالحجة نفسها التي لجأ إليها اتاتورك واتباعه,, وكلها محاولات يروجها ضعاف النفوس والمغرضون، من قبيل تقليد المغلوب للغالب، كما نبه ابن خلدون إلى ذلك, ومن هنا فسيبقى حالنا بين مدٍّ وجزر، وتعلّق بأهداب الحضارة وقشورها،مادمنا مبهورين بالابتكارات المستوردة، مستهلكين لها، ولكن دون ان نتحرك فعلاً لاقولاً,, محاولين استيعابها،وفهم ماهيتها، وتطويعها لخدمتنا.
فالحضارة والعولمة والانترنت منجزات تشبه سلاحاً ذا حدين,, ولسنا ضد الاستفادة منها، ولكننا - في الوقت نفسه علينا الحذر من الضرر الذي سببته لنا ونتجرعه في كل يوم بحشوه في عقول ابنائنا.
فالكم الهائل من المعلومات الذي نطالعه على صفحات الشبكة العنكبوتية فيه الغث ومنه السمين, ومنه الذي لايتناسب قطعياً مع افكارنا ومعتقداتنا,, لقد دخل الى بيوتنا دون استئذان,, والسبب ان احداً لم يسأ لنا عن مناسبة هذه الافكار لنا اوعدم ذلك،وليس لنا خيار آخر؛ لأننا مستوردون ولسنامصدرين، مستهلكون ولسنا صانعين لهذه المنجزات والتقنية.
اقول: نعم,, لقد نكأت الجرح يادكتور علي ولكن مَن يبلسمه,,؟
فتحت الباب على مصراعيه، ولكن من يوصده,,؟والحق: اننا لن نحافظ على ثوابتنا وجذورنا، ولن نزيل هذه الغشاوة التي ارتسمت امام اعيننا,, ولن تنقشع سحابة الانبهار التي حطت فوق رؤوسنا إلا بالعلم,, ومشاركة العالم باختراعاته، وبذلك نصبح اعضاء فاعلين في هذه القرية الإلكترونية، التي تطالعنا بكم هائل من المعارف والعلوم والاكتشافات في كل يوم,وعندها إذا صدّر لنا غيرُنا مالايناسبنا نستطيع ابتكار التحصينات المناسبة لذلك,, لا أن نلجأ إلى مسبب العلة ونستجدي منه الدواء,, فيجتمع في شخصه الخصم والحكم,,!!
وفي النهاية,, اشكر كل قلمٍ ينبه إلى خطرٍ قادم اكيد ولاينوح على مجدٍ غابرٍ تليد.
والشكر موصول لعزيزتي الجزيرة والسلام.
حسين محمد الحسن

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved