أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 1st September,2000العدد:10200الطبعةالاولـيالجمعة 3 ,جمادى الثانية 1421

شرفات

يبحثون عن الاستقلال في عالم متشابك
مقهى ريش التاريخي هل يعيد أيامه ,,, ؟!
جماعة المثقفين المستقلين دعوة جديدة أم فكرة قديمة
على مقهى ريش التاريخي الذي اعيد افتتاحه مؤخرا بوسط القاهرة والذي كان احد الملامح الرئيسية في المشهد الثقافي المصري والعربي في حقبة الخمسينات والستينيات يلتقى مجموعة من المثقفين كل مساء يطلقون على انفهسم جماعة المثقفين المستقلين يبحثون امور الثقافة فيما بينهم ويصدرون البيانات ويطالبون كافة المثقفين والكتاب والفنانين الانضمام اليهم ليكون لهم الصوت المؤثر على الساحة الثقافية.
مثل دوامات النهر الناتجة عن القاء حجر فيه احدث الاعلان عن هذه الجماعة تأثيرات مختلفة ومتعارضة لدى بقية المثقفين وخصوصا في ظل تفاعلات وقضايا اخرى انشغلت بها الساحة الثقافية مؤخرا مثل قضية اتحاد الكتاب وازمة رواية وليمة لاعشاب البحر فأثار البعض ان الفكرة ليست جديدة وقد سبق ان شهدت الساحة الثقافية مثل هذه الافكار ولكنها باءت بالفشل وشكك آخرون في مغزى فكرة الاستقلال وعن اي شيء يستقلون وسط عالم معقد متشابك تحدث فيه التطورات والتغيرات مزيدا من التعقيد والتشابك.
الفكرة والمغزى
بدأت فكرة تكوين جماعة المثقفين المستقلين عقب ازمة اتحاد الكتاب وتقديم عدد من المثقفين استقالاتهم من الاتحاد بعد ان انتقدوا دوره في خدمة الثقافة والمثقفين وعدم فاعليته واسهامه في التفاعل مع قضايا المجتمع فتجمع كل من الاديب ابراهيم منصور والشاعر احمد فؤاد نجم والاديبة رضوى عاشور والكاتبة صافيناز كاظم واعلنوا عن تشكيل جماعة المثقفين المستقلين واتخذوا مقهى ريش مقرا لهم وطالبوا بقية المثقفين والمفكرين والفنانين الانضمام اليهم ومشاركتهم تجمعهم على المقهى وبالفعل بدأ عدد من الكتاب والمثقفين بالتوافد عليهم حتى بدأ مقهى ريش وكأنه عاد بهم الى اكثر من اربعين عاما للوراء ايام كان له مجده وملمحه الثقافي البارز وظهور المواهب الجديدة بين مقاعده واقداحه المليئة بالشاي وانطلاق العديد من الاحداث الثقافية الهامة منه قبل اغلاقه لاكثر من ثلاثين عاما مضت حتى قام وريثه الشرعي اللواء طيار مجدي عبدالملك بافتتاحه مؤخرا ولان الايام دول كما يقولون فها هو المقهى يعود من جديد ويحتل مكان الصدارة في تجمعات المثقفين وليكون اول منبر يشهد ظهور جماعة المثقفين المستقلين.
وتهدف هذه الجماعة كمااعلن اصحابها انها تأتي لمحاولة كسر العزلة المفروضة على المثقف والعبور الى رجل الشارع في ظل قنوات الاتصال المغلقة امامهم كذلك تحديد العلاقة بالاحزاب والاجهزة والمؤسسات الرسمية والانشغال بأمور الثقافة وجعل السياسة في المرتبة الثانية بعد الثقافة وتقديم الرأي بعيدا عن اي تنازعات حسب المصالح والاهواء.
وهذه الاهداف ذاتها احدثت كثيرا من التناقضات والاختلافات في الآراء رغم أن اصحابها يدافعون عنها ويرون انها تجربة خاصة وتجمع ثقافي جديد من نوعه فهو يضم الى جانب الكتاب ممثلين ومسرحيين وفنانين تشكيليين غير ان الآراء الاخرى ذهبت الى هدم الفكرة من اساسها مؤكد.
ان تحديد علاقات المثقف وسط خضم التطورات والاحداث الجارية من الصعوبة بمكان والا جعله معزولا يعيش في برج عاجي بعيدا عن مشاغل وهموم المجتمع وغير مرتبط به على الاطلاق يتفق مع هذا الرأي الكاتب الصحفي صلاح عيسى الذي يؤكد ان التاريخ الثقافي قد شهد العديد من هذه الافكار المتشابهة وجميعها باءت بالفشل ففي عام 76 تم استبعاد بعض الكتاب المنتمين للتيارات السياسية من اتحاد الكتاب فقرروا انشاء جمعية مستقلة كبيرة وبدأوا يقضون اللقاءات في مقهى ريش ايضا والا تيليه لكن معظم هذه الاجتماعات كانت غير منتظمة لعدم المواظبة على الحضور وفشلت في النهاية.
وقبل ذلك تم انشاء جماعة امين الخولي التي كانت تسمى لجنة الامناء ولم تستمر طويلا وفي عام 1974م ظهر مشروع دار نشر تعاونية تضم مائة مثقف تقوم على نشر ابداعهم ولكن كان كل منهم يريد الدار وفق رغباته ومقاسه فباءت الفكرة بالفشل واتهم عيسى المثقف المصري بانه اناني وانفعالي وغير صبور لا يخدم قضايا عامة على نطاق استراتيجي.
دور جديد
في المقابل ترى الاديبة رضوى عاشور ان المحاولة الجديدة تعد تجربة طموحة في طريق بروز دور جيد له لا يخدم مصالح خاصة تمليه عليه المؤسسة التابع لها ولكن لخدمة مصالح عامة, وتذكر رضوى تجربة لجنة الدفاع عن الثقافة القومية التي استمرت تؤدي دورها لفترة كبيرة من الزمن بنجاح وكان يشارك فيها العديد من المثقفين المصريين والعرب وقامت بدور كبير في التصدي لمحاولات التطبيع مع اسرائيل وساهمت بشكل كبير في جعل الجسد الثقافي محصنا ضد اختراقات التطبيع.
وتضيف رضوى بأن المتتبع للحياة الثقافية في السنوات الاخيرة يرقب متغيرات عديدة قد جرت في النهر اهمها ان المثقف لم يعد مستقلا في ابداء رأيه.
وعن فكرة الاستقلال يقول الاديب ابراهيم منصور انه ليس بمعنى العزلة كما يعتقد البعض ولكنه البعد عن مؤثرات ناتجة عن كون هذا المثقف او ذاك تابعا سلطة او مؤسسة تنادي بالرأي الحر المباشر الذي يصب في خدمة المجتمع والثقافة والمشاركة في فعاليات وقضايا هذا المجتمع بدليل اننا عقدنا عدة مؤتمرات بصدد الازمات التي شهدها الواقع الثقافي المصري مؤخرا منها ازمة رواية وليمة لاعشاب البحر ومساندة المثقفين المهتمين فيها وارجو ان تتسع هذه الجماعة لتشمل الى جانب الادباء الفنانين والممثلين والفنانين التشكيليين والمفكرين وغيرهم حتى نعيد صورة المثقف الحقيقية ودوره المطلوب تجاه مجتمعه.
يبقى القول ان مقهى ريش هو المكان المختار لهذه الجماعة وللمقهى مكانة هامة في حياة المثقفين فقد تأسس عام 1864 وهو امتداد لمقهى ريش الصغير الذي تأسس في نفس العام بباريس في فرنسا وفي عام 1890 باشر المقهى نشاطه بموجب تصريح من قسم الضبط بوزارة الداخلية لمحل عموم مقهى يربط العوائد على نفس المكان باسم هنري ريزنيه الفرنسي الجنسية وفي عام 1916 تقدم ميشيل نقولا اليوناني بطلب الى فتونلو مأمور قسم عابدين آنذاك لانتقال الملكية اليه ومواصلة النشاط فمنح رخصة برقم 109 وفي عام 1918 انتقلت الملكية الى جورج واسيلي اليوناني ثم الى المصري عبدالملك عام 1960 وقد آل المقهى الى احفاده حاليا وكان يرتاده طه حسين والعقاد والمازني ويوسف ادريس ومحفوظ وشهد العديد من الاحداث الثقافية والسياسية الهامة فجلس عليه الرئيس جمال عبدالناصر وغنت السيدة ام كلثوم في حديقته التي كانت ممتدة في ميدان طلعت حرب كما شهد ريش عصر الادباء الصعاليك وفي مقدمتهم الشاعر احمد فؤاد نجم وبخيت سرور وقد كتب عليه سرور ديوانه بروتوكولات حكماء ريش مستوحيا شخوصه من المقهى كما كتب عليه الراحل امل دنقل اجمل قصائده ومن عمق ريش نبع مقهى زهرة البستان كامتداد للدور السياسي والثقافي وواصل الادباء جلساتهم بجانب ريش المغلق لمدة ثلاثين عاما حتى قام الوريث الشرعي اللواء طيار مجدي عبدالملك باعادة افتتاحه مؤخرا فهل يعود لريش عصره الذهبي مع جماعة المثقفين المستقلين هذا التساؤل رهن الايام القادمة.
عثمان نور

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved