أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 4th September,2000العدد:10203الطبعةالاولـيالأثنين 6 ,جمادى الثانية 1421

مقـالات

من الضروري,, تصحيح المسار المروري,.
حمّاد بن حامد السالمي
* مع انطلاقة هذا الاسبوع تشهد المملكة مناسبتين كبيرتين في وقت واحد، الاولى: عودة الطلاب والطالبات الى مقاعد الدراسة، وهذا معناه، المزيد من الحركة والنشاط في الوسط الاجتماعي بصورة عامة, والثانية: انطلاق الحملة الوطنية الشاملة للتوعية الأمنية والمرورية.
* ففي المناسبة الأولى، تتجدد صور الحياة الاجتماعية النشطة، التي تتطلب المزيد من التفكير والجهد في استخلاص النتائج، وتوفير سبل الراحة والاطمئنان والأمن لكل طالب وطالبة، ولكل أسرة ودار ينتمي إليها الطلبة والطالبات، وهذه مهمة أمنية أولاً وقبل كل شيء، وفي أبرز صورها في سنواتنا الأخيرة، تتجلى اشكالية المرور، وهي اشكالية معقدة الى حد مخيف ومؤسف، وجاءت هذه الاشكالية، نتيجة اجراء اداري تنظيمي غير موفق,,! كلفنا عشرات القتلى ومئات المصابين والمشلولين والمعاقين ومعظم هؤلاء الذين توفاهم الله أو قبعوا في مصحات للمعاقين والمشلولين، هم من الطلاب والطالبات، والمعلمين والمعلمات، حتى أصبحت السيارة شبحا مخيفا يتراءى أمام أعين الآباء والأمهات فلا تقرّ الا بعودة فلذات أكبادهم.
* تقول الاحصاءات الرسمية التي عرضها الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية أمام مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة يوم الاثنين 21 من شهر جمادى الأولى الفارط، بأن المملكة تفقد سنويا 4000 قتيل في موقع الحادث ,,! أي وفاة واحدة في كل ساعة واحدة على مدار العام,,! وان مجموع الخسائر البشرية خلال السنوات العشر الفارطة، وصل الى 35037 قتيلا، و284869 مصابا,, أي ان بلادنا تخسر 9 أشخاص كل ساعتين، شخص يقتل، وثمانية أشخاص تلحق بهم اصابات,,!
معظم هذه الاصابات، يؤدي الى الشلل والاعاقة، اضافة الى ما تتكلفه خزينة الدولة نتيجة ذلك ويصل الى 7 آلاف مليون ريال سنويا.
* لقد أحسن سمو وزير الداخلية وهو يقدم للمجتمع في بداية هذه الحملة، صورة واضحة ودقيقة عن الوضع المتردي للمرور في البلاد، فمهما كانت هذه الصورة بشعة وقاتمة، فان المكاشفة في هذا الوقت بالذات تكتسب أهميتها، لأنها تأتي متزامنة مع صدور التنظيمات المرورية الجديدة، ومع قرب ظهور المحاكم المرورية التي تبدأ بمحكمتين في كل من الرياض وجدة.
* ان الخطاب التصحيحي الذي تقوده وزارة الداخلية لتقييم وتقويم الوضع المروري، وتصحيح مساره في البلاد، لم يغفل تداعيات الدمج الذي أنهى جهاز المرور، وقضى على مؤسسة لها من الامكانات والخبرة والدربة، ما كان كافيا للحؤول دون الوصول الى ما نحن فيه اليوم من نتائج مؤسفة، الأمر الذي دعا سمو وزير الداخلية للقول: بأن عدد ضحايا حوادث المرور في المملكة يفوق عدد ضحايا بعض الحروب التي تنشب بين بعض الدول,,! وهذه الوضعية المرورية اليومية الشاذة، تشكل معاناة كبيرة للمواطنين، نتيجة الأخطار التي تتربص بهم، جراء المظاهر المرورية السلبية التي تمارس في الشوارع والطرق، وما يجري من مخالفات وخروج صريح على القواعد والنظم المرورية التي يفترض التعامل معها بكل حس ومسؤولية وتحضر.
* في هذا الاتجاه فإن الأمر يتطلب السرعة في حزم وعزم لتحقيق سيطرة حقيقية وقوية على السلوك المروري في الميدان، وهذا الأمر لن يتحقق بضبط المخالفات، وردع المخالفين والخارجين على الأنظمة فحسب,, بل ينبغي العمل على اكثر من مسار، حتى نصل الى نتيجة مرضية تعيد الأمور الى نصابها، فالى جانب وضع آلية مرورية تكفل التطبيق والردع معاً، فنحن أمام معضلة تخص الهيكلة التي تقوم على التخطيط والتدريب والإعداد، وما لم يكن لدينا أفراد مدربون ومؤهلون للقيادة الميدانية الواعية المنضبطة والمنسجمة مع ذاتها أولا، ومع النظم التي تعمل على تطبيقها، فلن يكون لدينا مجتمع يقدر ويحترم هذه النظم، ويتعامل مع القائمين عليها باحترام ومسؤولية, وما لم يكن لدينا منهج علمي واضح لتأطير الحركة المرورية في الشوارع والأسواق والطرق والميادين العامة، فسوف يظل بيننا من يعكس الشارع، ويقطع الاشارة، ويقف في المكان الممنوع على طريقة: مكره أخاك لا بطل ، ذلك ان الشبكة المرورية الميدانية في كل المدن، تعاني من سوء التخطيط، الذي افتقد الرؤية المرورية المدربة منذ سنوات خلت.
* وحقيقة الأمر، فنحن اليوم أمام معضلة اسمها لا مرور ,, فالجهاز يعاد ترتيبه وتنظيمه، والشارع فقد شيئا كبيرا من نكهته وهيبته المرورية التي كانت، والمركبة تحتاج الى رقابة قياسية توصيفية من المصنع الى يد السائق، والتخطيط المروري الذي تتولاه البلديات، يفتقر الى رؤية رجل المرور المتعلم المدرب، الذي يعرف بخبرته نقاط وخطوط السير التي تكفل للجميع الأمن والسلامة.
* نرحب كثيرا بهذه الحملة التوعوية التي ترفع خطاباً أمنياً مرورياً، وتتوجه الى كافة شرائح المجتمع الذي اكتوى بنار الماضي، ولا شك انه سوف يتجاوب مع هذا الخطاب، خاصة وقد وضِع والمشكلة المرورية وجهاً لوجه، لكن حملة كهذه ليست سوى جرعة من جرعات ينبغي ألا تتوقف، وألا نتوقف بالعمل عندها، فهناك الكثير مما يجب إنجازه وبأقصى سرعة ممكنة.
* يجب ان يكون بيننا مؤسسة مرورية قوية، تسير بعيون مفتوحة ليلاً ونهاراً، لأن الأمر لا يحتمل تجزئة المسؤولية بين السائق والمركبة والشارع,, هناك رجل المرور أولاً، وهو الرقيب الذي يضبط ايقاع الثلاثة، فلا يكون في سير هذا الايقاع نشاز أبداً.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved