أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 4th September,2000العدد:10203الطبعةالاولـيالأثنين 6 ,جمادى الثانية 1421

منوعـات

يارا
يارا بعد الإجازة
عبدالله بن بخيت
أتذكر عندما نعود إلى المدرسة بعد الاجازة كان الموضوع الأول الذي يطرحه علينا مدرس الانشاء هو كيف قضيت الاجازة؟ ,, ولأننا لم نتعود الاكثار من الصدق ولم نتعود أن نقول ما في داخلنا بايمان, كنا نقول كلاما نردده كل عام وجيلا بعد جيل لقد قضيت الاجازة في استذكار دروسي للعام القادم وقضيت الاجازة في مساعدة والدي في الدكان رغم أن والدي ليس لديه دكان .
هل أسير على المبدأ الذي تعلمته في المدرسة أليست المدرسة تعلمنا كيف نكون في المستقبل؟ وأقول الكلام الذي يكسبني علامات أم أقول الكلام الذي يدور في ضميري, هل أقول اني قضيت الاجازة خارج المملكة وليتني قضيت الاجازة في ربوع بلادي ثم أنزل بكل ما أوتيت من كلام على هؤلاء الناس الذين يقضون اجازاتهم خارج المملكة.
المدرس في ذلك الزمان يعرف أننا قضينا الاجازة نرجم بعض الجاليات بالحصى في عز الظهر، ونؤذي البعض الآخر في شارع الوزير، ونضايق الباعة في قيصرية آل وشيقر، ونركض حافين في كل الطرقات,, ولا يمر يوم دون فلقة في الجبهة وصعرور في الرأس وجرح نازف في باطن القدم من جراء الدعس على عظم أو شظية زجاجة، ومع ذلك لا يناقشنا بل يعطينا أفضل العلامات لأننا قضينا الاجازة نساعد آباءنا في الدكان ونستذكر دروسنا استعدادا للعام القادم.
أعرف واحدا من عيال حارتنا داشر كلاب أي داشر بكل ما في الكلمة من معنى وصل الى رتبة سربوت ركن .
من أبسط مآثره أنه كان يتضارب مع أبيه يوميا,, وعلاوة على شرب الدخان وشفط البنزين توج انجازاته بأن هرب في احدى الصيفيات من منزل والديه وهو لم يتجاوز الحادية عشرة من العمر, وقضى حوالي شهرا كاملا لا يعرف عنه أحد شيئا.
وعندما عاد عرفنا أنه هرب مع سائق خطوط وقضى معه شهرا كاملا في جدة, ولكنه كتب نفس النص الذي نكتبه يساعد والديه في الدكان ويذاكر دروسه للعام القادم .
ان كثيرا مما نكتبه في المدرسة أو نكتبه في الجرائد لا علاقة له بالحياة بل هو كلام محفوظ يجب أن يعاد, وليس دور المشرفين مدرسين، رؤساء تحرير إلخ سوى الحفاظ على استمرار هذا الكلام وعدم الخروج عليه, ولا نأخذ الدرجات وجزيل المكافآت إلا على الكلام المحفوظ.
أكان بمقدور ذلك الطفل المتمرد أن يقول تجربته عن الهروب من البيت، ويصف ما كان يحدث له في جدة, ويصف ما يدور في رأسه عندما يشفط البنزين ويتحدث عن الصراع الذي كان يدور بينه وبين أبيه, أي كيف قضى اجازته بصدق.
حتى هذه اللحظة رغم مرور عقود على تجربة ذلك الطفل لا استطيع أن أقول ما حدث له وأن أصف تجربته كما سمعناها لأن الحقيقة ما زالت بعيدة عن كتاباتنا سواء في المدرسة أو في الشارع.
إذا عماذا أحدثكم بعد الاجازة؟ عن الكلام المعاد الممل المكرر الذي نقوله كل عام وأقدم لكم نصائح طفشتوا من كثرة ما سمعتموها.
أرى والرأي لكم أن أفضل شيء يمكن أن يقال في هذا المقام هو كل عام وأنتم بخير .
لمراسلة الكاتب yara4me@yahoo.com

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved