أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 6th September,2000العدد:10205الطبعةالاولـيالاربعاء 8 ,جمادى الثانية 1421

محليــات

لما هو آتٍ
ثمَّة فجرٌ
د, خيرية إبراهيم السقاف
وتأتي كما تأتي تلك الطيوف,,.
وترسل شلالاتها، حتى إذا ما عَبَرَت على البلُّورة كلِّها,,, غَسَلَتها كما تُغسَلُ الطيوفُ في كُنهِ الغيب بين حافتي الخيال، وأصداف الحلم,,.
هذا القادم مع رهجة القطرة في كَنَف السُّموم,,, تُزيح عنها وقدةَ الموسم,,,، وتحملُ عنها غصَّة الأتون,.
تهمي,, تهمي بارقات الكلام الجميل,.
والكتب تُطل برؤوسها من باطن الخزائن,.
ومن أحشائها يخرج الكلام,.
في الليل المبهم تخرج من بطون هذه الكتب أيقونات تتحرك في فضاء الحلم، وفي فضاء المكان تتمثَّل شخوصاً من البشر، تنطق أفكارهم، تُحدِّث أخبارهم، تغني على مزاميرهم، ترسم الطيوف,,, تُرسل الودق، ترمم دروباً كانت بعدُ لم تمهَّد,, تعتلي القمم، تنزل للسفوح، تغسل وتغتسل، تفض ما في الكنه، ينزل الخيال وقد حمل الحلم طفلاً وديعاً بين يديه,.
يستوي الليل رطباً,,, وصدى حشرجة الصمت تتعالى,, ورنين يأتي من بين سيقان الأشجار الضخمة التي انتصبت في صدر الفسيح من المسافة خلف زجاج النوافذ وكأن خلف فروعها يكمن مارد الرهبة كي تبوح الحروف,, وتصرخ الكلمات، وتهمس المعاني,,.
للَّه درُّكَ من وقتٍ سَحَرِي,,, مزونُه شلالاتٌ تهطل في المكان,,, وتتحول الرؤوس النائمة تحت الثرى، وتلك التي فوق الوسائد عند مشارف أغلفة الكتب إلى ألسنةٍ تنطق,, وأصواتٍ تقول,, وأيدٍ تتحرك,,, وأقدامٍ تعبر,,.
ويزدحم المكان,,.
وتتحوَّل رهبةُ الليل إلى احتفائية بصدى القول,,.
هذا القول القادم مع رهجة القطرة في كنف السُّموم,, تزيح عن الصمت غطاءه، وعن الغصة حشرجتها، وعن الأتون لهيبه,,.
ولا يصمت الكلام,.
طيوف الحروف أجسادٌ تتناثر في الأجواء,,, تملأ كل الأمكنة,, تلوِّن كافة المساحات,,, تقول,,, وتقول,,,, وتتهامس في حين، وتتجادل في آخر,,, لكنها لا تصمت,,, ويدُكُّ صوتُ التطهير الآذانَ دكّاً,,.
حومات الفكر تتباهى,,.
وأيقونات الكلام تتباهى,,.
والليل يتباهى,,.
وثمَّة خيط أبيض يلوحُ في المدى,,,.
لكن السوَاد يعمُّ,,, والسكون يفرش رداءه,,.
وكل شيء يصغي إلى ما خرج عن الكتب، واندسَّ في مسامات الفراغ,,, حتى خيِّل أن الخزائن فرغت من الكتب، وأن الكتب تحولت إلى شخوص واضعيها,,.
وعلى بعدٍ كان جهاز تلفاز ينتصب صامتاً في ركنه,,, وقد وُضعت مفاتيحه فوق طاولة بعيدة عنه,.
ناظرته الكتب,,.
ثمَّة صوت اعتلى,,.
هنا من داخلنا خرجت الحروف,,, عمّرت الأنحاء,,, تحولت إلى شخوص,,.
لكنك تنفصل عن مفاتيحك,,.
فيما لا يحدث ذلك معنا,,.
ويتحرك زجاج النوافذ,,, تبتهج الستائر,,.
يأتي من هناك,, مثلما تأتي الطيوف,,.
من بين سيقان الأشجار الفارهة,,.
ومن خلف الأسوار,,.
ومن وراء الحروف,,.
ثمَّة ضوء يعبُر,,, بصمت
لكنه يقول,,, يقول,,, يقول,,.
فيما تعود الحروف إلى باطن الكتب,,.
وتستوي الخزائن معمَّرةً بها,,.
و,,, الله أكبر,,, فقد شعشع الفجر.
وفيما تصمت الأجواء,,.
ويتوغّل الهدوء,,.
وتنفُض الرؤوس أخيلتها لتحلِّق,,,
وتحلِّق ترجع مفاتيح الحروف إلى جوف الرؤوس,,,، فيما تظل فوق الطاولة مفاتيح التلفاز!!,
والله أكبر,,, فقد شعشع الفجر,,.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved