أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 8th September,2000العدد:10207الطبعةالاولـيالجمعة 10 ,جمادى الثانية 1421

مقـالات

السياحة البيئية في دول مجلس التعاون ما لها وما عليها
د, فهمي حسن أمين العلي *
السياحة من القطاعات الرائدة لإحداث التنمية في الدول، وذلك لما يمكن ان توفره من فرص جديدة للعمل وتنوع في مصادر الدخل وزيادة في الناتج المحلي الاجمالي, حيث تعتبر السياحة من أكبر الأنشطة نموا في العالم، وذلك بمعدل نمو يبلغ 5,6 سنويا خلال السنوات العشر الماضية, ووفقا لتقديرات المنظمة العالمية للسياحة WTO فان الدخل الذي تحققه السياحة يضاهي الدخل الناتج من بيع المنتجات النفطية.
ومع هذا كله فان اسهامات السياحة في العالم العربي وبالذات في دول مجلس التعاون متواضعة جدا قياسا الى ما تولده السياحة في دول أخرى فهي لا تتعدى 3% من الناتج المحلي الاجمالي GDP حين ان هذه النسبة تبلغ 11% في المتوسط وتزيد في ذلك في الدول المتقدمة سياحيا ندوة السياحة والبيئة الجامعة العربية .
ان السياحة البيئية تعني بمفهومها العام الخروج من روتين العمل اليومي أيا كان الى الراحة والاستجمام والاستمتاع وقد تكون في أبسط صورها كشتة للبر أو ارتياد الصحراء للتمتع بجمالها وطبيعتها بما فيها من حياة فطرية نباتية وحيوانية وممارسة كافة الأنشطة المعتادة فيها أو للسياحة في المدن الساحلية والمناطق الأثرية أو المناطق الجبلية لجمال طبيعتها ولبرودة طقسها واعتدال مناخها، وقد تكون السياحة للبحر للنزهة والاستمتاع بالصيد وللكشف عن ما في أعماقه من كائنات بحرية فريدة وشعاب وأحجار مرجانية نادرة قلما توجد في بحار أخرى, والسياحة بمفهومها الشامل هي عبارة عن تفكر وتدبر في هذا الكون العظيم، يقول المولى سبحانه وتعالى: ان في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون .
لقد سخر الله عز وجل الكون وما فيه لمنفعة البشر دونما اسراف أو افساد أو اهلاك للحرث والنسل وأمر سبحانه الخلق بالتفكر والتدبر في عظيم الخلق وصنع الاتقان وتوازن وتنوع للأحياء وتعدد للأنظمة البيئية التي هي جزء لا يتجزأ من حياة تلك المخلوقات قال الله تعالى: صنع الله الذي أتقن كل شيء .
مقومات السياحة في دول المجلس
ان امكانات السياحة في دول مجلس التعاون والجزيرة العربية بشكل عام متنوعة وهائلة فضلا عن سياحة الآثار فهناك سياحة روحانية اما مفروضة أو واجبة أو سنة هي زيارة الحرمين الشريفين لأداء فريضة الحج والعمرة في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة أو زيارة لمسجد المصطفى محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم في المدينة المنورة.
ودول مجلس التعاون تزخر ولله الحمد بالعديد من المناطق سواء كانت البرية أو البحرية المؤهلة للسياحة البيئية والتي تلبي الاحتياجات السياحية لكل سائح من دول المجلس أو خارجها يبحث عن الراحة والاستجمام والترويح عن النفس والرياضة والفروسية والصيد في الحدود المعقولة فدول مجلس التعاون تتميز بالتنوع الفريد في خصائصها الطبيعية والتاريخية والثقافية والتراثية ما يكفي لعامل جذب أساسي للسياحة حيث تتميز بنظم بيئية متنوعة فهناك الحافات الجبلية الرائعة وقمم الجبال الشاهقة والسهول الرحبة والغابات الجبلية في جبال السروات في المملكة العربية السعودية وجبال ظفار في سلطنة عمان والوديان والشعاب والينابيع الطبيعية والافلاج دائمة الخضرة والكثبان الرملية والتي تزخر بالعديد من اشكال الحياة النباتية والحيوانية التي تمثل تراثا اقليميا هاما, هذا بالاضافة الى الشواطئ والجزر الساحلية ذات الطبيعة الساحرة والغنية بالشعاب المرجانية وأشجار المانجروف الشوري والأشكال المتنوعة من الأحياء البحرية, كما ان هناك العديد من المحميات الطبيعية والمنتزهات الوطنية في معظم دول مجلس التعاون كمحمية الشيخ زايد وجزيرة صير بني ياس والتي تتكون من 250 غابة في الامارات العربية المتحدة ومحمية العرين في دولة البحرين ومحميات حرة الحراسيس ورأس الحد والسلاحق البحرية وعرائس البحر في سلطنة عمان ومحميات المها العربي في قطر ناهيك عن عشرات المحميات في المملكة العربية السعودية كمحمية حرة الحرة، محمية الخفنة، محمية الطبيق، محمية الوعول، محمية محازة الصيد ومحمية بني معارض عليها وهناك من الجزر ذات الطبيعة الجمالية وتنوع الحياة الفطرية مثل جزيرة فرسان والسقيد ومحمية أم القماري وغيرها.
اذا كانت السياحة في جوهرها تقوم على حتيمات الموقع والتضاريس وامتداد الحدود ساحلية كانت او برية، الا انها في الجانب الآخر منها تمثل حوار الطبيعة والامكانات المتاحة وكيفية التعامل الانساني معها ليستفيد منها ويستمتع بها دون الاضرار بها، ودول مجلس التعاون تمتلك موقعا استراتيجيا ودينيا بالغ الأهمية للجذب السياحي.
كما ان تباين المناخ وتنوع البيئات والتضاريس في دول مجلس التعاون يشكل أيضا مميزات جوهرية للتنمية السياحية فيها اذ تعمل المناطق الباردة وذات الطبيعة على جذب الزوار والسواح سواء أكان للمناطق الجنوبية من المملكة العربية السعودية او في صلالة في سلطنة عمان وغيرها من دول المجلس.
كيف نحقق سياحة آمنة بيئياً
وفي الوقت الذي يجب فيه الاهتمام والعناية بالسياحة بشكل عام والسياحة البيئية بشكل خاص كمورد واعتبارها وسيلة للتنمية المستدامة في دول مجلس التعاون يجب ان لا يكون على حساب البيئة بشكل خاص كمورد واعتبارها وسيلة للتنمية المستدامة في دول مجلس التعاون يجب ان لا يكون على حساب البيئة وان لا يمتد أثرها ليؤثر على مواردها الطبيعية والتاريخية والجغرافية وذلك بعدم الافراط في استخدام تلك الموارد وخاصة الماء والغذاء والطاقة ومواد البناء الطبيعية.
ان التنوع البيولوجي ونقاء البيئة الطبيعية، وبقاء الأنواع النادرة والمهددة بالانقراض عاملان أساسيان في تنشيط السياحة البيئية ولذا يجب ان يؤخذ بالحسبان على ان السياحة وحماية البيئة أمران مترابطان ومتكاملان اذ لا تصلح السياحة في بيئة متدهورة كما ان تدهور البيئة يحد من فرصة تنمية السياحة.
كما يجب ان لا تؤدي تلك السياحة الى الزيادة في المخلفات الصلبة والصرف الصحي غير المعالج في البحار ومصبات المياه الطبيعية، والى ارتفاع نسبة تلوث الهواء نتيجة الاستخدام المكثف لوسائل النقل، بل يتطلب الامر الحد من مصادر التلوث والتحكم بمعدلاته والادارة البيئية السليمة لكل تلك المخلفات، ولاشك ان المشاكل البيئية جميعها من تدهور وتلوث التي تعاني منها مناطق كثيرة في العالم لها بالطبع تأثيرها السلبي على مستوى وحجم التدفق السياحي, وقد أثبتت الدراسات ان للسياحة آثارا بالغة في الأنظمة البيئية الحساسة، حيث نص جدول أعمال القرن الحادي والعشرين في البند 19 17 الخاص بحماية البيئة البحرية وكذلك محاور برامج العمل العربي للتنمية المستدامة على ان الأنشطة السياحية هي واحدة من أسباب تدمير البيئة البحرية، جنبا الى جنب مع التلوث البحري والعمراني والسكاني والمنشآت الاقتصادية والصناعية على السواحل, حيث ليس من السهل بمكان اعادة تأهيل وحماية التنوع البيولوجي في المناطق الساحلية حيث تزداد أنشطة الانسان التنموية التي تؤدي الى زيادة الرسوبيات والمخلفات السائلة والصلبة من اليابسة.
ان تطوير السياحة وتنميتها بكافة أشكالها في دول مجلس التعاون لابد وان تكون ضمن اطار التنمية الشاملة المستدامة, ولذا لابد بل يجب مراعاة المردود البيئي للأنشطة السياحية حيث لكل نشاط تأثيره على الأنظمة البيئية وبالذات عند اقامة المنشآت السياحية التالية:
1 بناء الوحدات الترفيهية الرياضية مثل مواقع اليخوت والسفن البحرية والألعاب البحرية بأنواعها.
2 تشييد المجمعات السكنية على الشواطئ مع ما يتبعها من مرافق وخدمات.
3 انشاء وحدات النقل ومحطات توليد الطاقة والمياه، ومحطات استقبال المخلفات الصلبة أو السائلة.
ومن هذا المنطلق فان وضع السياحة في مسار التنمية المستدامة في دول مجلس التعاون سيشكل تحديدا كبيرا للأجهزة المعنية بالسياحة فيها وحتى تحقق سياحة آمنة يتطلب الأمر ما يلي:
1 ان تكون السياحة وبرامجها ونشاطاتها نابعة ومبنية على تعاليم وأخلاقيات الدين الاسلامي الحنيف وقواعده، كما يجب ان تكون مستقاة من المبادئ والقيم الاجتماعية ومحافظة على العادات والتقاليد الموروثة لدول المجلس.
2 تضافر الجهود والمشاركة الفعالة لقطاع السياحة مع الاجهزة الحكومية في تنمية سياسات وبرامج حماية البيئة، والمبادرة في الحد من تولد الملوثات والمخلفات وترشيد استخدام الموارد الطبيعية والطاقة في المنشآت السياحية، حتى لا تطغى السلبيات على الايجابيات وبالتالي تؤدي هذه النشاطات الى تدهور للبيئة ومواردها التي هي الأساس في السياحة مما سيكلف الكثير بعد ذلك لاعادة تأهيل البيئة.
3 ايجاد الآليات العملية والفعالة لمتابعة تنفيذ البرامج والانشطة التي تعمل على بناء وتنمية السياحة الخليجية المستدامة, في اطار المحافظة على البيئة ومواردها.
4 تحقيق مستوى عال من التنسيق والتعاون والمشاركة بين كافة الجهات المعنية سواء الحكومية أو القطاع الخاص ورجال الأعمال واجهزة الاعلام بما في ذلك السياح أنفسهم.
5 تكثيف برامج التربية والتوعية البيئية على كافة المستويات واعداد الكتيبات والنشرات التوجيهية الخاصة بذلك، وهذا يتطلب مشاركة قطاع السياحة للاجهزة الحكومية والجمعيات الأهلية على المستوى الوطني والاقليمي في دعم تلك البرامج في مختلف مراحل التعليم وبين كافة فئات المجتمع.
6 حصر المناطق السياحية والمناطق المحمية والاعلان عنها واعداد الضوابط لصونها وادارتها.
7 اتباع استراتيجية سياحية خليجية تراعي الحد من تأثير الأنشطة السياحية في البيئة وتعالج أية أضرار قد تنتج عنها وذلك على ضوء ما جاء في السياسات والمبادئ العامة لحماية البيئة التي اعتمدها قادة دول المجلس في مسقط 1985م مع الاسترشاد والاستفادة من مبادئ الاعلان العربي عن التنمية لعام 1986م والبيان العربي عن البيئة والتنمية وآفاق المستقبل لعام 1991م ومحاور برامج العمل العربي للتنمية المستدامة 1992م ومحاور برامج عمل المجلس الوزاري العربي للسياحة وما جاء في جدول أعمال القرن الحادي والعشرين لعام 1992م المنبثق عن مؤتمر البيئة للأمم المتحدة، هذا بالاضافة الى ميثاق أخلاقيات السياحة الذي أقرته الجمعية العامة لمنظمة السياحة العالمية في سانتياجو في سبتمبر 1999م.
8 وضع الأنظمة والقوانين والضوابط والمعايير التي تنظم الانشطة السياحية وايجاد الآلية الفعالة لمتابعة تنفيذها والتنسيق في ذلك اقليميا وفيما بين دول مجلس التعاون.
* مدير حماية البيئة بالأمانة العامة لمجلس التعاون

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved